تُخفي أديس أبابا نياتها التى انعكست مؤخرًا فى قيامها بتغيير اسم سد النهضة للتعتيم على الحقيقة، رغم المحاولات التى تبذلها الدبلوماسية المصرية لتجنيب المنطقة أى توترات قد تؤدي إلى مزيد من الصراعات فى ما يخصّ العلاقة مع إثيوبيا، وتحديدًا بشأن سد النهضة الذي يُهدِّد الثروة المائية لمصر. أوضح الدكتور أحمد قدري مختار، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الزقازيق، الحيلة الإثيوبية الجديدة بقوله إن أديس أبابا بدأت بتسمية السد ب«سد الحدود» ثم «سد إكس»، ثم غيَّرت اسمه إلى «سد الألفية»، والآن تُطلق عليه «سد النهضة الإثيوبى»، محذرًا من نية إثيوبيا لتسمية السد الإثيوبى ب«السد متعدد الأغراض»، خصوصًا مع التوسع فيه لأغراض الزراعة المرويّة. وقال مُختار إن الكارثة المُروعة - حسب تعبيره - تكمن في امتداد آثارها إلى مصر والسودان، كما حذّر أيضا من قيام إثيوبيا بمساومة مصر من خلال مطالبتها بمبادلة المياه بالبترول، بحجة أن كليهما مورد طبيعى، وخاصة إن دول الخليج العربى البترولية، ومعها الهند والصين، تستثمر زراعيًا الآن خارج حدودها فى بلدان مثل السودان وإثيوبيا لتأمين المنتجات الزراعية لشعوبها مع صيانة الموارد المائية النادرة جدًا فيها، مع الوضع فى الاعتبار أن إثيوبيا دولة فقيرة فى الطاقة وغنية فى المياه. ويُحذر الخبير الاقتصادي، من التعاون الإسرائيلى- الإثيوبى، والذي يمكنهم من الضغط على مصر بسلاح المياه، ومطالبة القاهرة ببيع مياه النيل من خلال مصر إلى إسرائيل لتحصل على الأموال، مما يجر مصر إلى مشكلة نقل المياه إلى خارج حوض النهر، وهو ما سيترتّب عليه مشكلات مع باقى دول الحوض، وتابع مختار القول بإن «ذلك هو أحد أسباب التعاون الإثيوبى- الإسرائيلى، واهتمام الولاياتالمتحدةالأمريكية بإنشاء السدود الإثيوبية منذ الستينيات، وخاصة مع إنشاء السد العالي بأسوان»، منوهًا بأنه بعد فشل إسرائيل في الحصول على مياه النيل من خلال مصر، بدأت فى اتباع استراتيجية الاستثمار الزراعي الخارجي في إثيوبيا، وبالتالي سيحصلون على مياه افتراضية من خلال كميات السلع الزراعية التي سيحصلون عليها، وسيستفيد الجانب الإسرائيلى من السيطرة على الموارد المائية التى تسقط على الهضبة الإثيوبية. جاء ذلك خلال الندوة التى عُقدت اليوم بنادي الزراعيين، تحت عنوان «سد النهضة الإثيوبي من منظور التخطيط الاستراتيجي لحوض نهر النيل الشرقي»، بينما أشار الخبير الزراعي والأستاذ المُتخصص بجامعة الزقازيق، إلى وجود خلاف تاريخي قائم بين مصر وإثيوبيا، ترى فيه مصر أن نهر النيل له صفة النهر الدولي لصلاحيته للملاحة، فى الوقت الذى تتمسك فيه إثيوبيا بعدم اعتباره نهرًا دوليًا، لأنه غير صالح فى جميع أجزاء مجراه، وتحاول من خلال هذا المفهوم التهرب من الالتزام بالحقوق المكتسبة لكل دولة من دول حوض النيل، خصوصًا مصر والسودان، بما فى ذلك اتفاقية عام 1959، أي أن الموقف الإثيوبى يرتكز على محورين، هما رفض اعتبار نهر النيل دوليًا، والرفض المطلق لاتفاقيات تقاسم مياهه القائمة، لافتًا إلى أن إثيوبيا اعتمدت على دراسة أمريكية صدرت عام 1958، اقترحت إنشاء 26 سدًا على النيل الأزرق لتوفير مياه الري والطاقة الكهربائية، كما تعاونت إثيوبيا مع إسرائيل منذ عام 1990 للحصول على مساعدات لبناء مجموعة من السدود، مقابل السماح ليهود «الفلاشا» بالهجرة إلى إسرائيل. ويتفق الخبير العالمي في مياه النيل ضياء القوصي، مع ما سبق بتأكيده أن هناك نية إثيوبية مبيّتة لخنق المصريين من خلال سد النهضة لصالح إسرائيل، لافتًا إلى أن المكتب الأمريكي لاستصلاح الأراضي خطط لبناء 3 سدود للتعدي على حصة مصر المائية، منوهًا بأن هذه الخطة تنوي بناء 3 سدود أخرى بخلاف سد النهضة الإثيوبى، وهى: «سد كارادوبى»، و«مندايا»، و«بيكو»، بسعة تخزينية تصل إلى 200 مليار متر مكعب، وهذه المساحة هي ضعف الإيراد الطبيعي للنيل الأزرق، وإثيوبيا بهذا السد تستطيع أن تمنع المياه عن مصر والسودان لمدة 4 سنوات متتالية، مشيرًا إلى أن مصر تعاني عجزًا مائيا يصل إلى أكثر من 10 مليارات متر مكعب.