بيان هام من نقابة المحامين حول الإضراب العام بشأن أزمة الرسوم القضائية    استرداد 5 حالات غير مستوفية لشروط وضوابط التقنين بمدينة الطود    عندما يبدع القطاع الخاص    "أوبك+" يرفع إنتاج النفط في أغسطس 548 ألف برميل يوميا    باريس تأمل في التوصل لاتفاق تجاري مع واشنطن خلال نهاية الأسبوع    لافتة رائعة من ديمبيلي| احتفل بهدفه في شباك بايرن على طريقة الراحل جوتا    البنك الأهلى يقترب من التعاقد مع محمود عماد صانع ألعاب فاركو    ثلاثي منتخب مصر يتأهل لنهائي رجال الخماسي الحديث في كأس العالم 2025 بالإسكندرية    تأجيل محاكمة «لص الموت».. سرق ضحيته ثم أزهق روحه بالخصوص ل أغسطس    تأجيل اولي جلسات محاكمة 5 رجال أعمال متهمين بتمويل الإرهاب ل 9 سبتمبر    محمد أبو داوود يكشف كواليس مشاركته في «برشامة»    محمد فؤاد خلال كواليس زفاف ابنته: «خلاص كدة مش عاوز حاجة من الدنيا» | شاهد    رفع درجة الاستعداد القصوى بمستشفيات جامعة المنوفية لاستقبال «مصابي الإقليمى»    مستشفيات جامعة بنى سويف تعيد الأمل لطفل أصيب بانفجار فى العين اليمنى    الإسماعيلية تتوسع في زراعة عباد الشمس.. 1271 فدانًا لدعم الاكتفاء الذاتي من الزيوت    أمينة الفتوى: "مقولة على قد فلوسهم" تخالف تعاليم الإسلام والعمل عبادة يُراقبها الله    أسماء الفائزين فى الموسم الرابع من المسابقة العالمية للوافدين والأجانب بالأزهر    وزير الخارجية يجري اتصالات دولية وإقليمية لدعم الأمن وخفض التوترات في الشرق الأوسط    الأمين العام للأمم المتحدة يُحذّر من خطر نووى فى زابوريجيا    أيمن الرقب: ترامب وإدارته جزء من المقتلة الكبيرة ضد المدنيين في قطاع غزة    «خفاف على القلب» 3 أبراج روحهم حلوة.. هل أنت واحد منهم؟    تأهل ثلاثي مصري لنهائي الرجال بكأس العالم للخماسي الحديث    أمريكا.. مقتل 27 شخصًا جراء فيضانات مفاجئة وسط ولاية تكساس    غدًا.. النواب يستكمل مناقشة قانون المهن الطبية    تأييد حكم السجن 7 سنوات للمتهمين بقتل جارهم في الوراق    الهلال الأعلى والأهلي يتساوى مع فريقين.. كم حصدت الأندية العربية في كأس العالم 2025؟    بي إس جي ضد البايرن.. التشكيل الرسمى للقمة النارية فى كأس العالم للأندية    وزير المالية: تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري الثنائي مع دول "البريكس"    المالية: بنك التنمية الجديد يمكن أن يلعب دورًا فى سد فجوات تمويل التنمية لأعضاء "بريكس"    إجتماع تنسيقي بين «الرعاية الصحية» و«التأمين الصحي الشامل» في أسوان    استمرار تلقي تظلمات الإعدادية بكفر الشيخ حتى 13 يوليو الجاري    سحب 659 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين في حادث مروري بدمياط    وفاة رئيس قطار أثناء تأدية عمله بأسيوط.. و«النقابة» تبدأ نقل الجثمان إلى طنطا    لمرشحي مجلس الشيوخ 2025.. «الصحة» تطلق منظومة إلكترونية لخدمات «الكشف الطبي» (تفاصيل)    «المونوريل والبرج الأيقوني».. المشروعات القومية رموز جديدة ب انتخابات مجلس الشيوخ 2025 (فيديو)    قانونية مستقبل وطن: مصر تواصل الاستحقاقات الدستورية وسط التحديات التي تشهدها المنطقة    شريهان تعود للأجواء الفنية بزيارة خاصة لمسرحية "يمين في أول شمال"    «الصمت أحيانًا يعني أننا تعبنا».. حنان مطاوع توجه رسالة غامضة في أحدث ظهور لها    بمشاركة طلاب صينيين| بالصور.. تنظيم أول مدرسة صيفية بجامعة القاهرة    "بدأت بموقف محرج".. قصة تعارف أمير صلاح الدين وزوجته ليالي    "بقت إدمان".. رئيس تحرير مجلة الزمالك السابق يثير الجدل بشأن صفقة جديدة للأهلي    وزير الرياضة يفتتح منشآت جديدة بمركز التنمية الشبابية بالساحل    فضل صيام عاشوراء.. هل يجوز صيامه منفردًا؟    أحمد نبوي: الأذى النفسي أشد من الجسدي ومواقع التواصل تتحول لساحة ظلم    محافظ أسيوط يعتمد الخطة السكانية لتحسين الخصائص السكانية    جمعية الإغاثة الطبية تحذر: تفشي الأوبئة يلوح في الأفق بغزة المنهارة    «محتوى البرامج الدراسية» في ندوة تعريفية لطلاب علوم الحاسب بجامعة بنها الأهلية    طبق عاشوراء يحسن صحتك.. فوائد لا تعرفها    الصحة: 10 كوادر يشاركون ببرامج تدريبية في الصين    محافظ بني سويف يستقبل وزير الإسكان والمرافق في بداية زيارته للمحافظة    طقس الأحد شديد الحرارة وشبورة ورطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة والإسكندرية 31    استقرار أسعار السكر اليوم السبت بالسوق المحلي    وظائف خالية اليوم ... 153 فُرصة عمل بمحافظة المنوفية    3 وديات.. في الجول يكشف تفاصيل معسكر الأهلي في تونس تحضيرا للموسم الجديد    ترامب "غير راضٍ" عن موقف بوتين بشأن أوكرانيا: يريد الاستمرار في استهداف الناس    اختيار ناصيف زيتون لحفل افتتاح مهرجان جرش بالأردن.. وأصالة في ختام الفعاليات    الجار قبل الدار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلامة عمارة: الحارس اليقظ في الجمع النائم
نشر في المصريون يوم 14 - 03 - 2017

قل لي بربك: من يكون "الحارس اليقظ في الجمع النائم" في أيامنا هذه، في أمتنا هذه؛ إن لم يكن هو العلامة محمد عمارة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف؟!.
أتذكر أنني قرأت للشيخ محمد الغزالي، وسمعته أيضاً؛ يقول مداعباً العلامة عمارة في لقبه: أنت لست "عمارة"؛ أنت قلعة حصينة شامخة شديدة البأس؛ تكر منها على أعداء الإسلام وشانئيه، ولا ترضى الإياب إلا بعد أن تتركهم صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية. أو هكذا كتب وقال الشيخ الغزالي رحمه الله.
العلامة محمد عمارة(أنا أكره لقب "دكتور" لهذا لا أضعه أمام اسمه؛ لأنه لقب مستورد من تراث التعليم الكهنوتي الكنسي، وكأن تراثنا ليس فيه ما هو أشرف وأجل من هذا اللقب الذي يشعرك كل لحظة بالتبعية وفقدان الاستقلال الذاتي). يرابط على ثغور الإسلام الفكرية منذ سبعين عاماً على الأقل، حفظه الله بحفظه، يرد عادية المعتدين، ويدفع غارات المغيرين بحول الله وقوته وكده وسهره إلى حد يجعل أمثالنا من صغار تلامذته يخجلون من أنفسهم. في بعض أحاديثه الشفوية يبادر محدثه بروح الأسد الهصور حفظه الله: تعرف فلاناً(ويذكر اسم احد العلمانيين، أو الشانئين للإسلام، أو الكارهين لأمته وتراثها في مصر أو خارجها) فيقول: نعم. فيرد: لقد كتب كذا وكذا، وتهجم على ثوابت الأمة في كذا وكذا،...ثم يقول: "بس إيه... أنا مسبتوش...إلا بعد ما "وضبته". وما أن يسمع أحد من أهل مصر كلمة "وضبته"(عامية تعني: أدبته وبالغت، فأحسنت تأديبه) حتى يفهم كل مقول القول، ولا يبقى إلا الاسترسال في الضحك معه والاستماع إلى حلو حديثه.
قبل يومين فقط، صدر له عن "دار البشير للنشر" كتاب جديد بعنوان " ظاهرة الإسلاموفوبيا: الجذور التاريخية، والنهايات المنتظرة". وصفحاته لا تتجاوز مائة صفحة من القطع المتوسط. ولكن ما أن تشرع في كتابته حتى تهب واقفاً إن كنت جالساً ليس فقط لأهمية موضوعه(رغم قدمه)، ولا فقط لخطره الراهن على أمتنا الإسلامية، وإنما لأنك تشعر من أول سطوره أن العلامة عمارة قد جمع هذه المرة حشداً هائلاً من كارهي الإسلام وشانئيه من: المستشرقين، وأذيالهم في بلادنا، ومن السياسيين وكبار الإعلاميين الغربيين، وأذيالهم في بلادنا وتهيأ "لتوضيبهم"، وليس بالقطاعي. يعرض اتهاماتهم وينقل بأمانة العالم "أقوالهم" التي تطعن في: القرآن، وفي الرسول، وفي الرسالة، وفي تاريخ الأمة، وفي حاضرها، ومستقبلها(معاً)، ثم يتناولها نقداً وتفنيداً ودحضاً، ولا يترك أحداً منهم إلا بعد أن يسوي معه الحساب كاملاً غير منقوص. فلا تملك بعد أن تنتهي من القراءة إلا أن تقول مع الحطيئة: "لقد دَيَّنْتَ أمرَ بنيك حتى... تركتهمُ أدقَّ من الطحينِ" (استبدل أنت "الشانئين" مكان "بنيك" ليتضح الاستدلال في هذا الحال).
يكشف العلامة عمارة في هذا الكتيب عن ظاهرة الإسلاموفوبيا(هستيريا الخوف من الإسلام والعداء له) أنها ظاهرة قديمة عند الأوربيين؛ وأنها ليست مرتبطة فحسب بالإسلام؛ وإنما هي نزعة كراهية متجذرة لديهم نحو الشرق وشعوبه، ورغبة محمومة في السيطرة عليه ونهب خيراته منذ ما قبل الميلاد(!) فقط ما تغير هو "عنوانها". وأن التاريخ المعروف لنا والبالغ خمسة وعشرين قرناً، قد شهد سبعة عشر قرنا منه غزواً عسكرياً وفكرياً وثقافياً من الغرب للشرق، بهدف السيطرة على شعوب الشرق وإخضاعها بالقوة وإذابتها ومحو هويتها الذاتية. وكانت البداية كما يقول العلامة عمارة: بإحلال ثقافة الغرب الهلينية محل الثقافة الشرقية قبل عشرة قورن من ظهور الإسلام(ص7).
وفي سياق دحضه لافتراءات المستشرقين، وطحنه لادعاءاتهم الكاذبة بالموضوعية؛ يستحضر العلامة عمارة ويستشهد بالأعمال الأخيرة لعبد الرحمن بدوي(1335ه 1423ه / 1917 2002م)، ويقول عنه إنه:" من أكثر العلماء والمفكرين العرب المعاصرين خبرة بالفكر الغربي، ومن أكثر هؤلاء العلماء والمفكرين إحاطة بما كتبه المستشرقون عن الإسلام، وقد توج معارفه وخبراته بالاستشراق والمستشرقين، بالموسوعة التي نشرها عنهم(موسوعة المستشرقين)، وكتابه (دفاع عن القرآن ضد منتقديه)، وكتابه( دفاع عن محمد ضد المنتقصين من قدره). ويتخير ثمانية افتراءات كبرى لهم ويشرحها واحدة تلو الأخرى. وهي: زعم عدد من المستشرقين أن محمداً كان مصاباً بالهستيريا وحتى الصرع ودعوى حسية الرسول وشهوانيته وموقف الرسول من يهود المدينة المنورة ودعواهم حول علاقة الرسول بالمسيحية وزعمهم أن الرسول لم يف بالعقود والعهود وطعنهم في أصالة العبادات الإسلامية من صلاة وصوم وحج ودعواهم عدم صحة رسائل الرسول للملوك والرؤساء في زمنه.
بعد أن ينقشع غبار المعارك على جبهة المستشرقين، ينتقل العلامة عمارة منتصراً مظفراً، إلى جبهة أخرى هي جبهة: الغرب السياسي وعداؤه للإسلام. ويرصد كم الحقد في تصريحات وأقوال بعض قادة الدول الغربية وكراهيتهم للإسلام(وليس فقط للمسلمين)، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي. ويذكر من بين ما يذكر ما قاله ريتشارد نيكسون(1913/1994) من "ضرورة إجماع العالم لمحاربة الأصوليين الإسلاميين المصممين على استرجاع الحضارة الإسلامية، والذين يهدفون إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وينادون بأن الإسلام دين ودولة"، ويقول نيكسون عن هؤلاء أيضاً" ورغم أنهم ينظرون إلى الماضي، فإنهم يتخذون منه هداية للمستقبل، فهم ليسوا محافظين، ولكنهم ثوار"(نيكسون: الفرصة السانحة، ترجمة أحمد صدقي مراد، طبعة دار الهلال بالقاهرة 1992، ص140).
ويتتبع العلامة عمارة تصريحات السياسيين الغربيين الشانئين ويوثقها بالأسماء والتواريخ والبلدان، ومنها أنه "في سنة 2008م عرضت في هولندا أفلام مسيئة للقرآن ولرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ومنها فيلم "فتنة القرآن" وفيلم "هتلر".(ص74). ويشير أيضاً إلى تصريحات بابا الفاتيكان السابق بندكتوس السادس عشر التي قال فيها إنه يخشى أن تصبح أوربا جزءاً من دار الإسلام في القرن الواحد والعشرون(ص73). وتصريح المستشارة ميركل في 16 أكتوبر 2010م أن تجربة التنوع الثقافي في أوربا فشلت، ومطالبتها المهاجرين في ألمانيا بالتزام القيم المسيحية.!
ولكن: هل لهذا العداء من آخر؟ وهل لهذا الظلام القادم من الغرب من نور يقشعه؟. يجيب العلامة عمارة بنعم، مؤكداً أن كل هذا الضغط، وكل هذه الخشونة التي يتعامل بها الغرب مع أمتنا في الفكر وفي الإعلام وفي الحروب والدماء التي تغطي عالم الإسلام؛ هذا كله هو المؤذن إن شاء الله بطي صفحة هذه الظاهرة "الإسلاموفوبيا" التي لا تزال تحكم العلاقة بين الغرب والشرق على امتداد قرون التاريخ المكتوب. ويأتي بجملة من الإحصاءات الموثقة عن تعداد المسلمين في أوربا، وتطوره، وارتفاع نسبة الذين يدخلون في الإسلام من أبناء المجتمعات الأوربية . ومن ذلك ما تتضمنه تقارير وزارات الخارجية: الأمريكية، والدنمركية والبلجيكية في سنة2008/2009م من أن أوربا وأمريكا واليابان ستصبح "دار مسنين" بحلول سنة 2050م. وأن الجنس الأبيض الذي قاد الإسلاموفوبيا لعقود طويلة مقبل على الانقراض؛ إذ كان يمثل في سنة 1915م 28% من سكان العالم، وتراجع في سنة 2015م إلى 18% فقط. وأن أوربا سيزيد عدد المسلمين فيها من 52 مليوناً إلى 104 ملايين خلال عشرين عاماً؛ أي بحلول سنة 2030م. ويختم العلامة عمارة كتابه بقوله: "علينا ونحن في قمة الاستضعاف أن نتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان في لحظة استضعاف: "والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه". ويقول "علينا أن نأخذ بالأسباب ونتدبر قول الله تعالى:" ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيماً"(النساء:104). بارك الله في العلامة "عمارة" وأمده بمدد من عنده؛ فقد فهمت من كتابه هذا أموراً كثيرة، من أهما أن: مقصد مقاصد الإسلام هو: أن تنعم بلادنا وينعم العالم كله شرقه وغربه، شماله وجنوبه؛ بالحرية والأمن والعدل والسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.