على ما يبدو فإن جماعة "الإخوان المسلمين"، لم تتعلم بعد من فشل تجربتها الإعلامية، التي كانت أحد أسباب انهيار حكمها بعد عام واحد، عجزت خلاله عن مجاراة الإعلام المضاد لها، والذي استخدم كرأس حربة في الإطاحة بها من السلطة بعد عام واحد من وصولها إليها. فعلى الرغم من تعدد فضائياتها، إلا أن الجماعة لم تربح الكثير، في المعركة الإعلامية ضد السلطة بعد أن فقدت أهم منابرها "الجزيرة مباشر مصر"، والتي كانت صوتًا للجماعة في مرحلة ما بعد الإطاحة بها من السلطة في يوليو 2013. ومع نهاية 2014 أغلقت القناة على خلفية اتفاق جري بين أمير قطر تميم بن حمد، والعاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وجرى الاعتماد بشكل أكبر على قنوات الجماعة التي تبث من تركيا، لتحل محل "الجزيرة"، بمرور الوقت تعرض بعضها للإغلاق نتيجة تعرضها لأزمات مالية ولم يتبق منها الآن سوى "وطن"، "مكملين"، "الشرق". وبينما الوضع كذلك، لاحقت اتهامات بالفساد المالي والإداري إحدى قنوات الإخوان وتحديدا ب"وطن" التي تبث من تركيا، والتي ظهرت في البداية بوجوه "ليبرالية" لتوسيع دائرة المعارضة واستقطبت عددًا من الفنانين والمنسحبين من المعسكر الداعم للسلطة، لكن سريعًا دب الشقاق بين شباب الإخوان الذين يديرون القناة والعاملين فيها. ضمت القناة مجموعة من الوجوه الإعلامية الجديدة منهم الفنان هشام عبدالله، والذي يقدم برنامجًا بعنوان "ابن البلد"، والشاعر عبدالرحمن يوسف، والكاتب محمد طلبة رضوان، وأثارت فور انطلاقها ضجة واسعة، وخاصة أنها تضم فئات متنوعة من الليبراليين، والإسلاميين، إلا أن الأزمة الأخيرة أطاحت بهذه الآمال. ونشرت "المصريون" في وقت سابق، تفاصيل أزمة تتعلق بتسريح ما يقرب من 45عاملاً بالقناة، بعد عجز الإدارة عن دفع مرتبات الموظفين. وقالت المصادر التي طلبت عدم نشر اسمها لحساسية الوضع، إن الأزمة تعود إلى ما قبل شهور، إذ أنه "منذ 10 أشهر خفضوا المرتبات العاملين وقالوا لهم استحملوا معانا الأزمة لمدة 3شهور؛ لكن الوضع ازداد سوء فتم فصل العاملين". وبحسب المصادر، فإن الأزمة تتعلق بما يسمى "المجلس التنفيذي" للقناة الذي يتكون من إسلام عقل (مدير)، والمذيع محمد جمال هلال (نائب)، مقدم برنامج من الآخر -قبل أن يستقيل الأخير منذ فترة لكن ظل له دور في الإدارة على حد قول المصدر- وعمر رجب مدير الحسابات. ووفقا للمصادر، فإن المجلس ساهم في إهدار ما يقرب من 300 ألف دولار لسوء الإدارة واختفاء الرقابة، لأنهم يتملقون ل "القيادات العجوزة" بشكل مبالغ، واصفًا إدارتها بأنها فاشلة بامتياز وتقوم على الاعتماد فقط على أهل الثقة وليست الكفاءة أو الخبرة، فهي مفتوحة فقط على إعاشة الإخوان "كل من ليس له صفحة يشغلونه والخبرة الوحيدة أنه يكون مطبل للقيادات القديمة". على خلفية ذلك، تم تشكيل لجنة تقصى حقائق لبحث هذا الفساد المالي والأخلاقي في القناة، تتألف من أربع أشخاص يترأسها مختار عشري محامي جماعة "الإخوان"، وتتولى التحقيق مع أعضاء المجلس التنفيذي، ومن بينهم إسلام عقل وعمر رجب وباقي الفريق الإداري بالقناة". وقالت المصادر ل"المصريون"، إن أحد العاملين السابقين بالقناة قدم استقالته منذ شهرين دون أن يحصل على مستحقاته، فوجئ بأن إدارة القناة توقع أمام اسمه على أنه مازال يعمل ويحصل على راتبه، على غير الحقيقة. وبحسب مصادر "المصريون"، فإن من قاد الثورة ضد الإدارة هو المذيع أيمن جاد المعروف بمناصرته لزملائه، بينما قاد جبهة المجلس التنفيذي المذيعة دينا زكريا والمذيع محمد جمال. وقال: "عندما طالب أيمن جاد بحقوق زملاءه صرخ محمد جمال ودينا زكريا في وجوههم وقال لهم أنتم كلكم كلاب". وأضاف أن بعض المصادر كشفت عن حوار متبادل على "واتس آب" بين أعضاء باتخاذ قرار التسريح لزملائهم للإبقاء على مناصبهم، وخوفًا من إغلاق القناة بسبب أزماتها المادية. وتابع المصدر ناقلاً جانب من الحديث الذي دار: "قال إسلام عقل لن أسمح بأن يقال إني فشلت في أول تجربة إدارية لي، بينما ذكر محمد جمال أنه يجب التخلص من هشام عبد الله لأن برنامجه يحقق أعلى نسبة مشاهدة، وهو ما يضر برنامج محمد جمال، كما يجب تقليص مساحة الأخبار لأنها تحقق أعلى أرقام في المشاهدة أيضًا، وهو الأمر الذي كان قد صرح به رئيس مجلس الإدارة بأنه لن يسمح لأي برنامج أو أي مذيع أن يعلو على محمد جمال لأنه الابن المدلل له"، على حد قوله. وأردف: "أما عن المذيعة دينا زكريا فظهرت غيرتها من بعض زميلاتها المذيعات وهو ما دفعها لدعم أي قرار يجعلها الوجه النسائي الوحيد على الشاشة. قائلاً: "لا يخفى عن أحد خلافاتها المتكررة مع المذيعة سلمى أبو خليل". أما الوجه النسائي الأقوى بحسب المصدر، فهي (آ. ز) والذي تصارعت عليه قناة "وطن"، لانتزاعه من "مكملين"، بعد أن تقدمت باستقالتها مرات عدة لشعورها بعدم الارتياح في العمل داخل قنوات الإخوان، بعد واقعة فساد طالتها لكنها لم تفضل ذكرها أو إقحام نفسها في صراعات الموضوع لأمور شخصية ذكرها المصدر. وكتبت الإعلامية المذكورة على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" عقب نشر الموضوع: "تم الزج باسمي دون موافقة مني على ذلك في تصفية حسابات شخصية لا علاقة لي بها". في المقابل، رد أحد العاملين في القناة على ما ذكرته المصادر ل"المصريون" موضحًا بأن "دينا زكريا ليس من بين مجلس التنفيذي ولا من بينهم محمد جمال، فالأخير كان نائب قبل سنة والآن ليس له أي صفة إدارية، غير أنه مقدم برامج وليس هناك سوى لجنة واحدة تجلس مع جميع المفصولين بشكل يومي". وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن "اللجنة القانونية المشكلة الآن، مكونة من عضوين بمجلس إدارة والمستشار القانوني وهدفها البحث في مستحقات العاملين الذين تم الاستغناء عنهم وإثباتها لهم وجدولتها". وأوضح أنه "ليس من بين ما يطرح الآن أي شبهات فساد مالي، وإنما شكاوى من تعنت الإدارة في بعض الأمور، من وجهة نظرهم.. ومحاولة لإثبات كل زميل لحقه".
وفي آخر تطورات للوضع، تم منع عمر جادو أحد الموظفين المفصولين من الاجتماع مع اللجنة ولم يحصل على حقوقه بعدما كتب منشورًا يهاجم فيه الإخوان، حسب المصدر وتابع: "بعض العاملين يحتفظون بأوراق وتسجيلات وشات لإسلام عقل مدير القناة وعمر رجب المدير الإداري تثبت تورطهم في فساد مالي وإداري كبير وتزوير بعلم رئيس مجلس الإدارة وبعض أعضاء المجلس". جدير بالذكر أن من بين المفصولين الفنان هشام عبد الله، مقدم البرامج بالقناة، ولم تمنحه القناة بقية مستحقاته، وهدد بتصعيد الأمر للقضاء التركي، في حال عدم حصوله على مستحقاته المتأخرة منذ 3 أشهر. وكتب هشام منشورًا عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" قال له: "سأعمل دائما على أن أكون صوتًا للحق وصوت المستضعفين وصوتًا للحمة ووحدة المصريين ونصرة الإسلام والمسلمين".