فى الوقت الذى يطالب فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، وهى الخطوة التى تواجه صعوبات كثيرة على الأرض يواجه الشعب الفلسطينى كارثة إنسانية مع اشتداد البرد والأمطار والسيول والعواصف التى حولت حياة أهالى قطاع غزة إلى جحيم وهو ما اعتبره البعض بمثابة "حرب إبادة ممنهجة" بجانب الخطط العسكرية للاحتلال الصهيونى التى تستهدف تهجير الفلسطينيين . وتشهد المرحلة الجديدة تداخلًا كبيرًا بين القضايا الأمنية والسياسية والإنسانية، وسط اختلاف واضح في مواقف جميع الأطراف المعنية، من حكومة الاحتلال إلى حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى. وأكدت مصادر دبلوماسية أمريكية، أن الرئيس ترامب يعتزم الإعلان رسميًا عن بدء المرحلة الثانية قبل عيد الميلاد 2025، بالتزامن مع زيارة مرتقبة لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الولاياتالمتحدة . كان البيت الأبيض قد وجه رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس وزراء الاحتلال احتجاجا على اغتيال القائد العسكري رائد سعد من قبل قوات الاحتلال واعتبر ذلك انتهاكًا صريحًا لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يزيد من تعقيد المفاوضات حول المرحلة الثانية. وأكد مسئولون أمريكيون أن التوترات بين الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال تتصاعد بسبب سياسات الاحتلال ورفضه الالتزام الكامل بخطط ترامب.
سبع نقاط فارقة
وفقًا للخطة الأمريكية، تتضمن المرحلة الثانية من اتفاق غزة سبعة بنود رئيسية من شأنها إعادة تشكيل المشهد السياسي والأمني في القطاع: إنشاء مجلس السلام الدولي مع ذراعه التنفيذية، وهي قوة حفظ السلام الدولية، وفق قرار مجلس الأمن رقم 3803. وقد أثارت خطوة اختيار أعضاء المجلس جدلًا واسعًا، بما في ذلك استبعاد توني بلير من الترشيحات بسبب اعتراض بعض الدول العربية والإسلامية. انسحاب جيش الاحتلال إلى الخط الأحمر، بحيث تقل نسبة المناطق الخاضعة لسيطرته إلى نحو 20% فقط من مساحة القطاع. حظر الاحتلال أو الضم الدائم للقطاع، بما يضمن عدم تكرار ممارسات سيطرة صهيونية مستقبلية. خطة التعامل مع سلاح المقاومة، والتي تشمل تدمير الأنفاق المتبقية والمواقع العسكرية المستخدمة في العمليات السابقة. إقامة نظام حكم ما بعد الحرب عبر المجلس التنفيذي المكون من شخصيات دولية محايدة، لضمان استقرار القطاع سياسيًا وإداريًا. تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية لتولي الإدارة المحلية والإشراف على الخدمات الأساسية، بما يشمل الصحة والتعليم والبنية التحتية. بدء خطة إعادة الإعمار وإزالة الركام، بهدف توفير بيئة آمنة ومستقرة للمدنيين وإعادة الحياة الطبيعية إلى القطاع بعد سنوات من الصراع.
حكومة الاحتلال
تسعى حكومة الاحتلال إلى تقييد المرحلة الثانية ومحاولة حصر الاتفاق في مرحلته الأولى فقط، كما شكك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قدرة قوة السلام الدولية على تنفيذ مهامها، مستندًا إلى مخاوف تتعلق بالسيطرة الأمنية والإشراف على الفصائل الفلسطينية. وترفض دولة الاحتلال أي انسحابات أوسع أو تقليص نطاق السيطرة العسكرية، بالإضافة إلى رفضها لتشكيل حكومة فلسطينية مستقلة داخل القطاع.
الفصائل الفلسطينية
في المقابل، أكدت حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية تمسكها بتنفيذ جميع بنود الاتفاق بمراحله المختلفة، مع استعدادها لمناقشة تجميد الأسلحة أو تخزينها أو إبعادها تحت ضمانات فلسطينية، وعدم استخدامها إطلاقًا خلال فترة وقف إطلاق النار، بما يعكس رغبتها في حماية المدنيين وتعزيز الاستقرار الأمني والسياسي.
حل الدولتين
من جهة آخرى حذر رامز الأكبروف نائب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، من تصاعد خطر وفاة المدنيين في قطاع غزة نتيجة موجات البرد القارس المصاحبة للمنخفضات الجوية، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية ونقص مقومات الحياة الأساسية. وأكد الأكبروف، فى تصريحات صحفية أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ما زال هشًا، داعيًا إلى الوقف الفوري لهجمات الاحتلال المستمرة، ومحاسبة المسئولين عن الانتهاكات بحق المدنيين. وأعرب عن قلقه الشديد إزاء تزايد حالات الاعتقال التعسفي التي تطال المدنيين، بما في ذلك الأطفال، دون محاكمة، إضافة إلى ما يتعرض له المعتقلون من تعذيب وسوء معاملة، مطالبًا دولة الاحتلال بوقف هذه الممارسات والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي. وأكد الأكبروف التزام الأممالمتحدة بدعم السلطة الفلسطينية في جهود الإصلاح الاقتصادي، باعتبارها عنصرًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار، مشددًا على أن حل الدولتين يظل السبيل الوحيد لضمان السلام والأمن في المنطقة.
حرب إبادة
وحذر عاكف المصري، المفوض العام للهيئة العليا لشئون العشائر، من تداعيات الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي يعيشها قطاع غزة، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني يتعرض ل"حرب إبادة ممنهجة" تضاعفت قسوتها مع دخول فصل الشتاء وغرق خيام النازحين. وقال المصري في تصريحات صحفية إن مشهد غرق الخيام المهترئة بمياه الأمطار والوحل يمثل جريمة مضاعفة بحق آلاف العائلات النازحة التي باتت بلا مأوى أو وسائل تدفئة، مشيرا إلى أن انعدام الملابس والأغطية والأدوية ينذر بكارثة صحية وشيكة ستحصد أرواح الفئات الأكثر ضعفاً من الأطفال وكبار السن. وشدد على أن ما يجرى ليس مجرد تداعيات عسكرية، بل هو "مخطط صهيوني واضح" يهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني عبر تدمير كل مقومات الحياة، بدءاً من استهداف المنظومة الصحية وصولاً إلى منع دخول المساعدات الإنسانية الأساسية، واصفاً ما يحدث بأنه "قتل مع سبق الإصرار". وانتقد المصري حالة الصمت الدولي المطبق، محذراً من ظاهرة "اعتياد العالم" على مشهد الموت اليومي للفلسطينيين. وقال : لقد تحول الدم الفلسطيني في نظر المجتمع الدولي إلى مجرد أرقام يومية، وهو ما يمثل سقطة أخلاقية وقانونية كبرى للمنظومة الدولية التي تقف عاجزة أمام غطرسة الاحتلال . ووجه المصري نداءً عاجلاً إلى الأممالمتحدة والدول العربية والإسلامية والضمائر الحية في العالم، بضرورة التحرك الفوري لكسر الحصار وإدخال البيوت الجاهزة (الكرفانات) والخيام المقاومة للظروف الجوية بشكل فوري. وأكد أن شعب غزة سيبقى صامداً على أرضه رغم محاولات الاقتلاع، محذراً من أن التاريخ لن يغفر لكل من خذل الفلسطينيين وهم يواجهون آلة القتل وقسوة البرد والجوع بمفردهم.