أضحت حقوقهم مهضومة، وكرامتهم مهدورة، بعد أن تحولوا إلى مجموعة من الموظفين يعملون تحت رحمة صاحب العمل الذى استبد به الأمر لطردهم كيفما شاء وفى الوقت الذى يريد، وعلى المتضرر اللجوء للقضاء، فلا حماية لهم ولا ضمان لمستقبلهم، إنهم الاعلاميون، الذين يدافعون عن حقوق المظلومين، لا يجدون الآن من يدافع عن حقوقهم، وهذه نتيجة طبيعية لعدم وجود نقابة تحمى العاملين فى القنوات الفضائية من بطش أصحابها الذين يمارسون أشكالا وألوانا من التحايل عليهم، بعد فصلهم من وظائفهم وتجريدهم من جميع حقوقهم المالية والوظيفية، ويبقى التهديد والتخويف مصير كل من يحاول أن يسترد حقه المسلوب، فهى دائرة من الفساد، وسلسلة مُحكمة من المؤامرات يديرها مجموعة من الموظفين المرضى عنهم داخل القناة، للإطاحة بزملائهم تنفيذًا لتعليمات الادارة. قناة «الغد العربى» نموذج لما سبق شرحه، وهى قناة حديثة تبث على القمر الصناعى نايل سات وهوت بيرد، بتمويل من دولة الامارات، ويديرها ويساهم فيها رجل الأعمال الفلسطينى «محمد دحلان»، وتتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرًا رئيسيًا فضلًا عن مكاتب أخرى لها بالقاهرة وبيروت وعواصم عربية، وأُسندت مهمة إدارتها مؤخرا للاعلامى ورئيس قطاع الأخبار سابقا باتحاد الاذاعة والتليفزيون «عبداللطيف المناوي» الذى يعتبر بدوره محورًا أساسيًا فى الأزمة التى ألمّت بالقناة مؤخرا، والتى تتلخص فى قرار أصدرته الإدارة بالفصل التعسفى لمجموعة من المذيعين والمذيعات، بالاضافة إلى عدد من الموظفين العاملين فى قسم التواصل الاجتماعى دون سابق انذار، فضلًا عن حرمانهم من كامل مستحقاتهم المالية، الأمر الذى أدى إلى نشوب أزمة حادة بين المفصولين «تعسفياً» وبين الإدارة التى مارست معهم أسلوب التهديد بترتيب من «المناوي» وشركة الإعلانات الوسيطة التى تبيّن فيما بعد أنها تتحايل على القناة وتُهدر الملايين دون مقابل، وهو ما كشفته لنا المذيعة «منال السعيد» احدى ضحايا الفصل فى تصريحات خاصة ل«روز اليوسف». بدأت «السعيد» بسرد وقائع الأزمة التى نشبت بعد علمها هى وعدد من زملائها الاعلاميين والعاملين بقسم التواصل الاجتماعى بقرار فصل أصدرته بشأنهم ادارة القناة، بعدما طالبوا عقب تولى «المناوي» منصبه الجديد بعمل عقود رسمية لهم بدلا من العقود المؤقتة التى تشرف عليها احدى الشركات الوسيطة المجهولة التى اُكتشف فيما بعد أنها تبعث بكشوف الرواتب إلى ادارة القناة بالامارات مغايرة للقيّم الحقيقية، فوافق «المناوي» ولكنهم فوجئوا فى اليوم التالى ببريد إلكترونى من مكتب القناة بلندن يخبرهم فيه بعدم الذهاب للعمل صباح اليوم التالى، الأمر الذى دفعهم للتساؤل عن حقيقة موقفهم الوظيفى داخل القناة، فى الوقت الذى توقفت فيه جميع البرامج، بينما يجرى مديرها الجديد مقابلات سرية ليلاً مع عدد من الاعلاميين على رأسهم «أحمد شوبير» و «إسلام بحيرى»، متجاهلًا تماماً التحدث معهم عن تصوير حلقات للبرامج المتفق عليها أو مناقشتهم فى أفكار جديدة للحلقات كما هو الحال دائما. وأضافت متابعة: «فى صباح اليوم التالى أخبرتنى مديرة الإتش آر أن قرار الفصل يشمل 15 مذيعًا ومذيعة بالاضافة إلى 13 من العاملين فى السوشيال ميديا وإللى أنا بتولى رئاستها أيضا وطالبتنى بأن أبلغهم بالقرار»، وهو ما رفضته المذيعة خاصة بعدما أخبرتها المديرة بأن المكافأة المخصصة للمفصولين فى القسم هى شهران فقط، بينما تُجرى محاولات لصرف خمسة أشهر لها، فاعترضت المذيعة على ذلك وأصرّت على صرف باقى المدة المحددة فى العقد وهى تسعة أشهر على أنا يتساوى الجميع فى ذلك، لافتة إلى أنها كانت تخشى مصير ما حدث مع المفصولين من احدى القنوات الكبرى مؤخرا، فى اشارة منها إلى قناة «سى بى سي» التى حرمت موظفيها المفصولين من كامل مستحقاتهم أيضا، فتعهدت لها المديرة بعرض الموضوع على «عبد اللطيف المناوي» فور عودته من الامارات، وأوصتها بعدم اخبار زملائها المفصولين لحين البت فى القضية. استكملت المذيعة بأنه فى اليوم ذاته ليلا فوجئت باغلاق جميع حساباتها الالكترونية الرسمية بالقناة من جانب ادارتها فى لندن دون سابق انذار، فاعترضت على ذلك معتبرة اياه «شغل عصابات» وطالبت باحترامها وابلاغها مسبقا بهذا الاجراء من خلال بريد رسمي، فكان الرد: «مش هنبعت حاجة والعرض المقدم هو عقد بخمسة أشهر وقدامك فرصة تفكرى ليوم الحد»، فتوجهت على الفور لمكتب التأمينات التى اكتشفت فيه أن القناة لم تؤمن على أى من المفصولين، بما يعنى أنهم غير معترف بهم كعاملين فى القناة من الاساس، فهى فقط من تحمل اثبات رسمى ينسبها للقناة. وهنا بدأ موقف القناة يرتعش بعدما أرسل مكتب التأمينات لجنة إلى مقر القناة لتقصى حقائق الواقعة، وفى هذا اليوم أخلت الادراة المقر من جميع الموظفين، واحتجزت المفصولين الذين أصرّوا على التواجد أثناء التفتيش فى غرفة باستخدام القوة مُستعينين باثنين من «البودى جارد»، فنشب شجار كلامى بين الطرفين، مما لفت انتباه اللجنة التى ذهبت إليهم واستمعت للشكوى، وهو ما ترتب عليه فصل فورى لكل من أدلى بمعلومات للجنة مع حرمان من أية مستحقات مالية، فلجأت المذيعة مع زملائها إلى طلب النجدة التى حضرت بعد مدة، فقامت بتحرير محضر قدمته المذيعة فى كل من «محمد دحلان» و«المناوي» متهمة تتهمهما بالتحريض ضدهم واحتجازهم تحت تهديد القوة من جانب الحراس، لكن ادارة القناة اتخذت خطوة مسبقة، حيث قدمت بلاغًا تتهم فيه المذيعة بسرقة جهاز «لاب توب» و«كاميرا» بما يعنى بطلان بلاغها على اعتبار أنه بلاغ كيدي. وأشارت إلى أن محامى القناة قدم مستندات تدعى أن مالك القناة هو شخص انجليزى فى حين أنها مملوكة لمجموعة من أمراء دولة الامارات، كما تم كشف سر جديد عن القناة، وهو أن الأوراق المقدمة بها تقول إنها مكتب يضم خمسة أفراد و ليست قناة تحتوى على أكثر من مائة موظف، كما ادعت الادارة للتأمينات أن الصادر بشأنهم قرار الفصل يعملون بالقناة منذ أربعة أشهر، فى حين أن المذيعة تُقر بأنها فى عامها الثانى داخل القناة وهو ما يثبته موقع «يوتيوب» من خلال وجود أرشيف كامل لحلقاتها عليه، موضحة أن الموضوع برُمته يعد قضية فساد كبرى وتهربًا من الضرائب والتأمينات بما يستدعى فتح ملفات التحقيق فى أصول القناة وعلاقتها بالشركة الوسيطة.