الإسلاميون الان فى اختبار حقيقى يتعلق بقدرتهم على تحقيق امال الشعب فى نهضة حقيقية للبلد ، وفى تنمية شاملة تعوض سنوات الفقر والحرمان ، وتقيم دولة القانون والمؤسسات ، عندما اختار الشعب القادة الجدد لم يفعل ذلك إلا لعلمه المسبق بطهارة أيديهم وصدق نواياهم تجاه بلدهم وأهلهم. هو يعلم أيضا أنهم أكفاء قادرون على انجاز المهمة وتحقيق الهدف ، ذلك أنه بين الطرفين علاقة قديمة وطويلة من الخدمة العامة والعمل المنظم الذى أتى ثماره حينها بتخفيف الام الشعب المسكين ، وأتى ثماره لاحقا بالثقة الغالية التى أولاها نفس الشعب لأبنائه البررة. الثقة وحدها لا تكفى ، لابد من بذل المجهود للقيام بالمسئولية وأداء الأمانة ، مهم أيضا أن يفطن الإسلاميون للتحديات التى تواجه المشروع القومى ، والعقبات التى تعترض قيام البناء الجديد. دراسة متأنية للواقع كفيلة بإنتاج خطة ملائمة للنهضة ، وتخطيط مبدع ومدروس جدير بتحويل الامال إلى أعمال ، وتنفيذ متدرج دؤوب يحقق لا ريب أهداف المشروع الوطنى ويدفع عنه التدهور والفشل. على ذكر الفشل ، كثيرون يسعون لإجهاض التجربة الإسلامية فى الداخل والخارج ، سيعمل هؤلاء على تثبيط الهمم ، وسيجتهدون فى إقناع الناس بأن اختيارهم كان خاطئا ، وأن وعود الإسلاميين محض كذب ودجل لم يقصدوا بها إلا مجرد السطو على السلطة ، سيساعدهم فى ذلك بعض الإخفاقات البسيطة هنا أو هناك ، وقد يتطور الأمر لأبعد من ذلك فتحدث أزمات خانقة تهدد المشروع برمته بسبب المكر الذى يمارسه الكارهون ، وتؤخر الإنجازات بسبب العقبات التى يصطنعها الحاقدون والأعداء. سيكون مطلوبا من الشعب حينها أن يقف صفا واحداً خلف القيادة الشرعية ، وأن يدافع عن اختياره الحر وعن انجازاته وأهدافه. ولا يليق به بأى حال أن يتخلى عن أحلامه مع أول أزمة ، ولا أن يشارك المرجفين فى نشر روح الهزيمة والفشل ، ولا أن يتبرم أو يتذمر ممن اختارهم بمحض إرادته بسبب تأخرهم فى تنفيذ وعودهم لأسباب لا ذنب لهم فيها إلا المكائد والمؤامرات. قوة الإرادة الشعبية ستدفع المتربص لأن يخنس وأن ييأس من الوقيعة بين الشعب وقيادته ، وستجبر العدو على التوقف عن الاستمرار فى افتعال الأزمات ومحاربة وطن متلاحم ومتماسك. نحن أمام عقد بين طرفين ، شعب يطمح إلى دولة حديثة وديموقراطية ، وإلى تنمية وحياة رغيدة ، وقيادة منتخبة ومكلفة بتحقيق طموحات الجماهير. الاتفاق ينص على أن يقوم كل طرف بدوره فى إنجاز المشروع الوطنى. القيادة بالعمل الدؤوب ، والشعب بالدعم والمساندة والصبر ضد المؤامرات والمكائد. أما أن تتراخى القيادة وتعبث بامال وأحلام الجماهير ، أو يستسلم الشعب للتحديات والعقبات فلا نهضة ولا تنمية ولا داعى لثورات جديدة. [email protected]