حديد عز يسجل ارتفاعًا جديدًا.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    تفاصيل مران الزمالك استعدادًا لمواجهة دريمز الغاني    برلماني: ما يتم في سيناء من تعمير وتنمية هو رد الجميل لتضحيات أبناءها    مساعد وزير التعليم: 8236 مشروعا تعليميا ب127 ألف فصل    نائب رئيس جامعة حلوان يقابل الطالبة سارة هشام لبحث مشكلتها    ساعة زيادة لمواعيد غلق المحال التجارية بسبب التوقيت الصيفي.. لهذا السبب    مشروعات سيناء.. عبور إلى الجمهورية الجديدة    مزاد علني لبيع عدد من المحال التجارية بالمنصورة الجديدة    رئيس COP28: على جميع الدول تعزيز طموحاتها واتخاذ إجراءات فعالة لإعداد خطط العمل المناخي الوطنية    نادر غازي يكتب: الصمود الفلسطيني.. و"الصخرة" المصرية    خبير علاقات دولية: مواقف مصر قوية وواضحة تجاه القضية الفلسطينية منذ بداية العدوان    مسؤول إسرائيلي: بلينكن يزور إسرائيل الأسبوع المقبل لبحث صفقة جديدة    تعرف على أهداف الحوار الوطني بعد مرور عامين على انطلاقه    كلوب: سأكون الأكثر ثراء في العالم إذا تمكنت من حل مشكلة صلاح ونونيز    الغيابات تضرب الاتحاد قبل مواجهة الجونة    علاقة متوترة بين انريكي ومبابي.. ومستقبل غامض لمهاجم باريس سان جيرمان    النصر يتعادل مع اتحاد كلباء في الدوري الإماراتي    بسبب سوء الأحوال الجوية.. حريق 5 منازل بالكرنك    بالإنفوجراف والفيديو| التضامن الاجتماعي في أسبوع    كانت جنب أمها أثناء غسيل المواعين.. غرق طفلة داخل ترعة الباجورية في المنوفية    السينما العربية يكشف عن ترشيحات النسخة 8 من جوائز النقاد للأفلام    ملخص فعاليات ماستر كلاس بتكريم سيد رجب في «الإسكندرية للفيلم القصير» | صور    وسائل إعلام إسرائيلية: سقوط صاروخ داخل منزل بمستوطنة أفيفيم    حياتى أنت    شركة GSK تطرح لقاح «شينجريكس» للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    صحة دمياط تطلق قافلة طبية مجانية بقرية الكاشف الجديد    الأوقاف تعلن أسماء القراء المشاركين في الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سرفيس على صحراوي قنا    السينما الفلسطينية و«المسافة صفر»    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    نائبة تطالب العالم بإنقاذ 1.5 مليون فلسطيني من مجزرة حال اجتياح رفح    تعرف على أعلى خمسة عشر سلعة تصديراً خلال عام 2023    وكيل وزارة الصحة بأسيوط يفاجئ المستشفيات متابعاً حالات المرضى    مجلس أمناء العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة 2025    ميار شريف تضرب موعدًا مع المصنفة الرابعة عالميًا في بطولة مدريد للتنس    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    «مياه دمياط»: انقطاع المياه عن بعض المناطق لمدة 8 ساعات غدًا    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    يحيى الفخراني: «لولا أشرف عبدالغفور ماكنتش هكمل في الفن» (فيديو)    استقالة متحدثة أمريكية اعتراضًا على حرب إسرائيل في قطاع غزة    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي شرقي لبنان    الأمم المتحدة للحق في الصحة: ما يحدث بغزة مأساة غير مسبوقة    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    بداية من الغد.. «حياة كريمة» تعلن عن أماكن تواجد القوافل الطبية في 7 محافظات جديدة    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    سويسرا تؤيد خطة مُساعدات لأوكرانيا بقيمة 5.5 مليار دولار    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية :‏
الديمقراطية لا تعني الانفلات الأمني‏..‏ ونؤيد نظام الحكم البرلماني

بكثير من البساطة والتلقائية تحدث ومزيد من السماحة والعقلانية تكلم‏,‏ هادئ الطباع‏,‏ واسع الثقافة‏,‏ متقبل للنقد‏,‏ متفهم لاختلاف الرأي‏,‏ منفتح علي الغير‏,‏ هكذا بدا لي الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة في تونس . الذي أصبح الرقم الصعب في المعادلة ببلاده. حيث لا يمكن الحديث عن العملية السياسية وفترة الانتقال الديمقراطي في تونس دون الحديث عنه ومعه, فالرجل الذي يسبح وسط أمواج متلاطمة وتيارات عاتية ورؤي مختلفة, وأفكار متنوعة ما بين اتفاق واختلاف, استقبلني ببشاشة واضحة وابتسامة صافية, ونظرات ممزوجة بالحزن والقلق, وملامح نحتت تضاريسها آثار سني النضال والكفاح والغربة.
محاور كثيرة, وموضوعات عديدة, وهواجس دفينة, وتساؤلات مثيرة طرحتها علي مائدة حوارنا الذي استمر أكثر من ساعتين في مكتبه بالدور الخامس بمقر حزب النهضة بالعاصمة التونسية, تحدث الرجل بطلاقة سهلة بغير تعال أو تشديد وبساطة متناهية بغير تعقيد أو تكليف, وبدا وكأنه موسوعة فكرية وحياتية متنوعة يحمل هموم وتاريخ وطنه وأمته, عزف علي أوتار التاريخ والسياسة, وتحدث عن الاصلاح والديمقراطية وتكلم عن المواطنة والدولة المدنية, ودعا الي المصارحة والمصالحة والتسامح, ولم أنس أن مخاطبي استاذ جامعي ومفكر اكاديمي درس الفلسفة وواصل دراسته بالسربون لذلك حاولت أن استوضح رؤيته فيما يعرف بالاسلام السياسي وما علاقته بالسلفية وكيف هي نظرته للمرأة والاقتصاد والسياحة, وماذا عن دور الجيش في ثورته التي يؤمن بأنها فتحت آفاقا جديدة للإصلاح والديمقراطية والحرية في العالم العربي.. والي تفاصيل الحوار:
خلال الأيام الماضية احتفلتم بالذكري الأولي لثورة الياسمين كيف تري المشهد التونسي الراهن؟
دعنا نتتبع محطات الثورة خطوة بخطوة بداية من شرارة انطلاقها في سيدي بوزيد علي اثر حرق الشاب محمد البوعزيزي لجسده, وحتي الآن كانت هناك صحوة شعبية عارمة وواعية بضرورة القطع مع نظام الحكم البائد القائم علي الاستبداد والقمع والفساد, لقد نجحنا في حل مؤسسات الحكم البائد ووضع البلاد علي سكة الانطلاقة نحو بناء نظام حكم ديمقراطي, وتنظيم أول انتخابات حرة تعددية نزيهة وشفافة في تاريخ البلاد تشكل علي اثرها المجلس الوطني التأسيسي الذي سينكب علي إعداد دستور في ظرف عام, وانبثقت عن المجلس حكومة شرعية, لقد تمت انتخابات أذهلت العالم, وضرب الشعب التونسي مرة أخري موعدا مع التاريخ بعد أن شارك بحماسه في وضع أولي لبنات بناء الديمقراطية المنشودة واستعادة سيادته الفعلية.
ربما لم ينعكس النجاح السياسي علي الجانب الاقتصادي والاجتماعي بماذا تفسر ذلك؟
الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للثورات لا تتحقق في مدة زمنية قصيرة, ثم إن الحكومة لم يمض علي تشكيلها سوي اسابيع قليلة ولديها برنامج اقتصادي واجتماعي حصلت به علي ثقتها من المجلس الوطني التأسيسي, هناك الكثير من الأفكار التي من شأنها ان تسهم في إثراء موضوع التنمية علي غرار كيفية جعل النموذج الحالي للنمو نموذجا يستجيب للتحديات المطروحة وكيفية تفعيل مساهمة الجهات الداخلية في خلق الثروة الوطنية والانتقال من اقتصاد يقوم علي المناولة الي اقتصاد يستهدف المتوقع في شبكات الانتاج والتوزيع شرطا أساسيا إن تونس تحتاج الينا جميعا أكثر من أي وقت مضي سواء كنا مسئولين سياسيين أو شركاء اجتماعيين أو اقتصاديين, لأن خطورة الوضع الحالي تستدعي منا جميعا وحدة الصف, وعلي الجميع أن يعي أن الأسس السياسية المتينة يمكن ان تنهار اذا لم تعزز بحد أدني من الدعامات الاقتصادية والاجتماعية.
لكن الحكومة الجديدة تجر عربة ثقيلة علي متنها قرابة مليون عاطل وهناك اعتصامات واحتجاجات وتظاهرات ومطالب مشروعة للعاطلين عن العمل والفقراء وابناء المناطق المهمشة.. كيف التعامل مع هذه الملفات؟
هناك ما هو أخطر من الاعتصامات والاحتجاجات وهو قطع الطرق وعمليات الحرق والتخريب والتدمير والاجرام في مواقع حساسة كالمصانع والسكك الحديد, وهو أمر لا يقبله الشعب الذي أثق في أنه سيتحرك وسيوقف الاعتصامات الفوضوية والاضطرابات العشوائية حماية لمصلحته وثرواته وثورته إن قطع الطرقات والاعتداءات علي حقوق الغير مرفوض قانونيا وشرعيا واخلاقيا, نعم نحن نتفهم كل المطالب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المشروعة.. لكننا جزء من هذا الشعب الذي قدم تضحيات هائلة خلال السنوات الماضية ونجح في انجاز ثورة عظيمة ولن نقبل أن تسرق ثورة شعبنا من قبل أقلية تريد شل البلاد وجرها الي العنف وإثاره نعرات جهوية وفئوية وطائفية, شعبنا معتدل وواع ومثقف.
البطالة قفزت من14% الي18% لتكون واحدا من مسببات الانفلات الأمني.. الشباب يريد أن يري الضوء نهاية النفق.. لماذا لا يتم التعامل مع الملف الأمني بسيف القانون العادل؟
الشعب الذي تجرع الحيف الاجتماعي والحرمان والاضطهاد والتهميش والاقصاء وسرقت أحلامه فصرخ طالبا للشغل والعمل والكرامة والحرية, الحكومة ملزمة بتوفير مطالب الشعب التي من أجلها انتفض وثار, والتشغيل مطلب رفع خلال الثورة, لكننا الآن أمام أعداد رهيبة من المعطلين عن العمل تتزايد يوما بعد يوم, والمطلوب توفير أسواق شغل تراعي التوزيع العادل بين الجهات وتراعي العدالة التنموية وتعطي الأولوية للمناطق المحرومة, أما الملف الأمني فهو يمثل مفتاحا لايجاد الحلول لبقية الملفات, ولا يمكن ان نتحدث عن تنمية اقتصادية أو اجتماعية في غياب الأمن والسلم الأهلي أو الشعور بالأمان, والديمقراطية لا تعني الانفلات الأمني, والحرية والمسئولية وجهان لعملة واحدة والجميع يريد اعطاء الفرصة للحوار بحكم الصبغة الاستثنائية التي تمر بها البلاد وحجم المشاكل الاجتماعية والمطالب الشرعية والمظالم الموروثة عن العهد السابق.
دعنا نعود قليلا الي انتخابات المجلس الوطني التأسيسي والذي فاز فيه حزب حركة النهضة بأكثر من40% من مقاعده.. هل كنتم تتوقعون هذا النجاح.. وهل هددتم بنزول انصاركم الي الشارع ان لم تحصلوا علي الأغلبية.
انتخابات المجلس التأسيسي هي حدث تاريخي في تاريخ تونس والأمة العربية والنجاح كان للشعب التونسي والدولة التونسية والشعب الذي صنع الثورة كان حريصا علي بناء الديمقراطية لان مقياس نجاح الانتخابات لم يكن حصول النهضة علي أعلي الأصوات بل ان تتم العملية بشكل سليم ونظيف وقد تمت بحمد الله, الشعب التونسي كله فائز وكنا سنقبل بأي نتيجة وسط هذا العرس الديمقراطي والنهضة التي حدث لها أوسع هجرة واشرس هجمة من النظام السابق انتفضت مثل طائر الفينق من تحت الرماد تملأ الساحات وتستقبلها الجماهير بفيض عارم من الحب والولاء حينما حلقت في أرجاء البلاد فارضة نفسها معطية اساسيات تاريخ تونس الحديثة وخاضتها رفضا لسياسات تهميش الاسلام والعروبة المعتمدة من دولة الاستقلال
هل كانت النهضة مضطرة إلي عقد تحالفات وقد أعطاها الصندوق الأغلبية المرجوة.. وهل تعتقد أن تركيبة هذه الحكومة التي تتعدد فيها المرجعيات الفكرية يمكن أن تسير في انسجام وتناغم؟
نحن لا ننظر إلي هذه القضايا بمقياس الحسابات السياسية الضيقة, ولكننا نغلب المصلحة الوطنية علي كل الاعتبارات الأخري, وقد أعلنا قبل وأثناء الحملة الانتخابية وبعد الاعلان عن النتائج تمسكنا بالتوافق خاصة في هذه المرحلة الحرجة الدقيقة من تاريخ تونس, رغبتنا في التحالف تنبعث أساسا من هذا مداولات مشروع التنظيم المؤقت ومشروع القانون الداخلي للمجلس, وأثناء مداولات المجلس التأسيسي قدمنا ما قدمها أطراف الائتلاف وغيرهم في المجلس الوطني التأسيسي, هذه الحكومة يجب أن تكون منسجمة فيما بينها وأنها حكومة تونسية بدرجة أولي وليس حكومة النهضة ولا المؤتمر ولا التكتل وليس بها خيار سوي أن تكون منسجمة مع بعضها البعض ومتوحدة في أهدافها للمصلحة الوطنية وتحديات المرحلة واستحقاقات الثورة.
لكن البعض يري أن مستقبل التحالفات السياسية في تونس محكوم عليه بالفشل.. هل تعتقد أن حليفي النهضة حافظا علي خصوصيتها الفكرية والايديولوجية؟
ما نعيشه اليوم في تونس هو تأسيس لممارسة سياسية جديدة تعتمد علي المقترحات العملية بدل الشعارات وتركز علي البرامج بدل الصراعات الفكرية والايديولوجية, هذه الممارسة تقتضي وجود حوار بين مختلف الأطراف كما تفترض قدرة الأطراف المشاركة علي ايجاد التوافقات الضرورية القادرة علي بناء أرضية للعمل المشتركة, اعتبر أن المثال الذي قدمه الائتلاف الثلاثي هو سابقة جيدة في تاريخ تونس في هذا المجال.
لا اعتبر التحالفات السياسية فضاء للذوبان الفكري أو لفقدان المرجعية والتصورات, الائتلاف أفاد الأحزاب الثلاثة من خلال توفير الفضاء الملائم للاستفادة من هذه الأفكار والبرامج المختلفة من أجل بلورة مقترحات أكثر وأعمق وأشمل تخدم البلاد.
تتحدثون عن البرامج والأفكار وبلورة الاقتراحات.. البعض يري أن المشاعر قد انقسمت بين متوجس يخشي أننا أمام حركة أصولية متسلطة ترتدي ثيابا إسلامية, وبين مستبشر يري أننا أمام تاريخ جديد لنظام سياسي معتدل تقوده حركات إسلامية منفتحة ومتسامحة.. أين يقع مشروع حركة النهضة؟
من المفارقات أن ترث بعض الأطراف الضائعة التي أدمن عليها النظام المخلوع وهي الاستخدام المكثف والدؤوب للفزاعة الإسلامية مستخدمين سلاح التخويف والتهويل والتلويع ليلا نهارا بهذه الفزاعة.. لماذا يستمرون في الحملات ربطا بالسلام حينا وبالنهضة غالبا بالخطر علي الحرية وحقوق الإنسان وعلي الفنون والاقتصاد, النهضة مشروع اجتماعي اقتصادي يطلق طاقات الابداع ويخطط روابط الأخوة الوطنية ويصون البيئة واستقلال البلاد ويوفر الضرورات الحيوية لكل مواطن وحقوقه وحرياته الأساسية, لا يمكن تصور تناقض بين الإسلام ومصلحة الإنسان نكمل ما فيه مصلحة للإنسان ويحقق العدل فهو من الإسلام وإن لم يأخذ اسم الإسلام.
كيف هو شكل الدولة التي تصبون إليه.. هل ستسمرون في النظام الليبرالي العلماني أم لديكم توجهات أخري؟ وما هي علاقة الدولة بالدين؟
أكدت النهضة وتؤكد مجددا فيما يتعلق بعلاقة الدولة بالدين التزامها بمقومات الدولة المدنية الديمقراطية التي لا سند لشرعيتها غير ما نستمده من قبول شعبي تفصح عنه صناديق الاقتراع عبر انتخابات تعددية نزيهة, كما أكدت قاعدة المواطنة والمساواة بين الجنسين أساسا لتوزيع الحقوق والواجبات كتأكيدها لمبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان, وما يبعث علي التفاؤل بمستقبل تونس وجود أرضية واسعة وصلبة مشتركة بين أوسع التكوينات السياسية التونسية اقرارا بالهوية الإسلامية وبمقومات النظام الديمقراطي والعدالة الاجتماعية الدولة التونسية ليست دولة علمانية بل دولة عربية إسلامية وفق ما هو مدرج في الدستور السابق وسيدرج في الدستور الجديد, نحن لا نحتاج إلي العلمانية من أجل التسامح والتعددية والديمقراطية فليست العلمانية والديمقراطية قرينتين لا تنفصلان, ولا تنقاض بين الإسلام والعقل ولا تناقض بين الإسلام والعلم والحداثة والديمقراطية.
المتابع للوضع في تونس يقول إن خطابكم السياسي المعتدل ما هو إلا قناع لفتح الطريق نحو السلطة, سارعتم بالقفز علي رئاسة الحكومة والاستحواذ علي الحقائب الوزارية الحساسة.. كيف تري شكل النظام السياسي, هل تميل إلي البرلماني أم الرئاسي؟
إن الاتهام بازدواجية الخطاب يحتاج إلي اثباتات تدين صاحبه, والأصل أن الإنسان بريء حين يثبت العكس لا وجود لمخاوف مشروعة من النهضة, وكتب وأدبيات النهضة موجودة وبامكان الجميع الاطلاع عليها دون صعوبة.
إن حزب النهضة حصل علي90 مقعدا من أصل217 من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي أي ما يعادل أكثر من41% من اجمالي المقاعد, إن نحو3.7 مليون ناخب تونسي أدلوا بأصواتهم ضمنهم1.5 مليون صوتوا لفائدة النهضة, ومن الطبيعي في جميع الديمقراطيات أن الحزب الحاصل علي الأغلبية هو الذي يشكل الحكومة, ونحن نجدد تمسك الحزب بالنظام البرلماني لقطع الطريق علي الاستبداد والديكتاتورية والانفراد بالسلطة, وهذا النظام لا يسمح بتمركز السلطة لدي شخص واحد أيا كان ميوله وانتماؤه, تركة العهد البائد أثقل من أن يتحملها حزب واحد ولو كان النهضة بثقلها الشعبي.
تميلون إلي النظام البرلماني في ظل الانتقادات الموجهة لكم وعدد من رفاقكم في قيادة حزب النهضة بانكم تلعبون دورا سياسيا ودبلوماسيا موازيا لعمل الحكومة.. ما هي طموحاتكم في ظل تنامي المد والحركات الإسلامية في شمال إفريقيا؟
ستظل حركة النهضة خادمة لشعبها بمختلف أفكاره وأحزابه وجمعياته ومحافظاته, وقادة المجتمع المدني والأحزاب في خدمة شعبهم وحكومته المنتخبة ومطلوب من نشطاء كل التيارات والأحزاب والجمعيات أن تنخرط في مسار توظيف علاقاتهم العربية والدولية لخدمة مصالح البلاد, وفي هذا الإطار تأتي جهودنا ضمن الدبلوماسية الشعبية دعما للدبلوماسية الحكومية لم نطلب يوما ما منصبا أو جاها أو سلطانا, ليس لنا طموح في رئاسة أو امارة أو خلافه.
والحركات الإسلامية تعمل في إطار دول قطرية وليس في إطار دولة خلافة, هي ملتزمة بالإطار القانوني والدستوري لهذه الدول, نعمل علي ترسيخ مشروع وحدوي في إطار مؤسسة المغرب العربي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي, هذه ليست جريمة في زمن الوحدة الأوروبية والآسيوية واللاتينية.
تؤكدون عدم ترشيحكم مستقبلا لأي موقع قيادي في حركة النهضة ولا في الدولة التونسية ما هي مبررات قراركم.. وكيف نري الانتقادات الموجهة لكم من البعض, انكم تقدمون غطاء سياسيا للسلفية بسبب غياب مواقف واضحة للتجاوزات التي يقومون بها؟
لم ولم أغير رأيي وقناعتي في ذلك شغلت بما فيه الكفاية من دورات قيادية, وهناك جيل جديد من القياديين مؤهل للقيادة, وإذا غادرت هذا الموقع فلا يعني أنني سأغادر الحركة, أري أن تونس هي جزء صغير من عالم أوسع هو الأمة وأنا اتحرك في أفق الأمة كأمين مساعد لاتحاد علماء المسلمين.
والسلفيون هم جزء من أبناء تونس تعرضوا لما تعرضت له كل الفئات وكان نصيب هذه الفئة النصيب الأوفر من القمع بعد النهضة, والسلفيون في تونس ليسوا تيارا واحدا بل هم تيارات ونحن نتوقع أنه بغياب القمع وتوافر مناخات الحوار وحرية الدعوة فإن ظواهر التشدد ستخف وأن التدين التونسي بما عرف به من اعتدال هو الذي سيسود في النهاية والمجتمع سيضم كل منتوجاته ضمن وحدة وطنية رحيمة, ونحن ندين كل أسلوب لفرض أمر واقع يتحدي القانون سواء فعله هذا أو ذاك.
تدعو الي مجتمع به وحدة وطنية رحيمة متسامحة, ما هو موقفك من شركاء السلطة السابقة مسئولين واحزابا, والموقف من الاحزاب التي لم توفق في الانتخابات, كيف ستتعاملون مع المعارضة القادمة.. وما هي رؤيتكم للمطالبين بالمصالحة الوطنية, وماتصوركم لتجاوز مظالم الماضي؟
تونس بعد الثورة تدخل مرحلة جديدة قوامها الاعتراف بجميع القوي احتراما لمبادئ الديمقراطية وفي كنف احتراف الجميع للقانون وبالنسبة لبقايا الحزب المنحل فقد حسم الشعب امور هؤلاء بإسقاطهم في الانتخابات, أما قوي المعارضة الجادة فسنعمل معها من اجل مصلحة البلاد في اطار الاعتراف بحقها في ممارسة المعارضة.
ونحن طالما دعونا إلي المصالحة بين الدولة والمجتمع, والدولة والدين, بين بلادنا وتاريخها ومحيطها المغاربي العربي والاسلامي ولابد أن تسبق المصالحة مصارحة ومحاسبة لابد من الاعتراف بالحقوق لاصحابها ثم اعادتها لهم ولابد من وضع النقاط فوق الحروف مثلما حدث في جنوب افريقيا وشيلي وبلدان اخري حصلت مصالحة بعد أن تم الاعتراف بالحق لاصحابه, يمكن ان تحدث المصالحة عوضا عن التشفي ويمكن أن يتم الاعتزار, أن نفتح الجرح بكل قبحه ومساوئه وأن نقوم بعملية تنظيف وتطهير جدية ونلم ذلك الجراح ونحقق المطلوب لما فيه الخير للجميع.
عندما تتصدر النهضة المشهد السياسي تؤكد أن لها برنامجا واعدا.. هل تعتقد أن حصارا ماسيكون للاقتصاد التونسي عربيا ودوليا, وهل تمتلك الحركة افكارا واعدة لتطوير الاقتصاد في ظل الموارد الطبيعية واعتمادها علي السياحة بشكل مباشر.. هل هناك تضييق علي المنظومة السياحية؟
لا اعتقد أن احدا من دعاة الديمقراطية في العالم يفكر في محاصرة اختيار الشعب التونسي لانه يكون بذلك لاديمقراطيا ومعاديا لإرادة الشعب, وعلي جميع القوي الدولية المساعدة في إنجاح هذه التجربة الديمقراطية, لقد تحدد منوال التنمية للحركة في برنامجها الاقتصادي الذي تقدمن به في حملتها الانتخابية وعلي اساسه رشحها الشعب لقيادة المرحلة المقبلة, وقد بين البرنامج اهمية القطاع السياحي بالنسبة للاقتصاد وضرورة تطويره بما يرفع من مردوديته, السياحة تمثل موردا اساسيا من مواردنا الاقتصادية وتونس دولة مفتوحة للخارج واسلامنا ليس دين انغلاق بل انفتاح علي العالم, لن نلزم المجتمع التونسي أو ملايين السائحين الغربيين الذي يقضون عطلاتهم علي شواطئ المتوسط بقواعد اخلاقية معينة.
خلال تشكيل الحكومة حدث لغط حول وزارتي التربية والثقافة لماذا ابدي البعض تخوفا من ترؤس النهضة إحدي الوزارتين؟ ماهي رؤيتكم للمنظومة التعليمية؟
هذه ببساطة احدي حلقات مسلسل الفزاعات التي يصر بعض الاطراف علي رفعها للتشكيك في جدية برنامج النهضة وفي اختيار ومراهنة شريحة واسعة من الشعب عليها وهذا في اطار الحكم علي النوايا ومصادرة الحق في أن نكون شركاء في الانجاز والبناء, فيما يخص وزارة التربية نطمئن الجميع بأننا لن نقوم بأي تحويرات ولا تنقيحات في البرامج التربوية بشكل فردي لاننا نعي أن ذلك يستوجب تشاور عدد من التربويين والمختصين والطلبة والاولياء والاحزاء والمنظمات, والتعليم يجب أن يكون المنطلق والمحور والدينمو في عملية النهضة وبناء منظومة تعليمية قوية لن يتحقق من دون استقلالية اقتصادية وثقافية وسياسية لايكون فيها اي شكل من اشكال الوصاية, كذلك بالنسبة للشأن الثقافي فنحن لن نفرض ايديولوجيا خاصة بنا ولا نمطا ثقافيا معينا بل سنراعي التوازنات الثقافية في البلاد ونكون اقرب لنبض الشارع التونسي ولإرثه ومخزونه الثقافي.
نساء العرب يحسدن المرأة التونسية التي حصلت علي مكاسب جيده خلال العقود الماضية.. البعض يخشي مع التشريعات الدستورية الجديدة أن تصاب هذه المكاسب بانتكاسات.. هل نري أنها هواجس ومخاوف فقط؟! هل ستفرضون الحجاب بالقوة؟
للمرأة مكانة خاصة في المشروع الحضاري لحركة النهضة لن نمس حقوق المرأة والدليل التصويت الواسع لصالح الحركة رجالا ونساء ووجود24 امرأة من النهضة في المجلس التأسيسي من مجموع94 بما يدل علي أن المرأة التونسية رأت ضمان حريتها هو مع النهضة وليس خصومها لن نفرض الحجاب علي المرأة التونسية لأن كل محاولات الدول العربية لفعل ذلك باءت بالفشل. نلتزم تجاه نساء تونس لتعزيز دورهم في اتخاز القرار السياسي لتفادي اي رجوع الي الوراء في مكتسباتهن, انتهي زمن التسلط علي الناس سواء باسم الحداثة او باسم الاسلام لانريد أن نحول التونسيين الي منافقين عبر تظاهرهم بمالايفعلون نسير وفق مبدأ الحرية في الفكر والعقيدة واللباس والتعبير.
هل ستلتزم النهضة بكل الاطروحات التي نادت بها خلال الحملات الانتخابية لتأكيد مصداقيتها في مواجهة تحديات المرحلة المقبلة ما هي الضمانات؟
إن الشعب التونسي الذي ارتقي الي مستويات الشعوب المتمدينة وعبر عن حس وطني راق لانجاز اهداف الثورة بطريقة سلمية, وللمرة الأولي في تاريخ تونس, بكل حرية عن اختيار حركة النهضة التي يعرفها وقد خبرها علي مدي ثلاثة عقود ويعرف مدي صدقها والتزامها بتنفيذ وعودها ولديها مواقفها المبدئية والتي عبرت عنها عام1891 حينما سئلت عن مدي قبولها باختبارات الشعب اذا اختار حزبا شيوعيا فأجابت آنذاك بانها ستحترم خيارات الشعب وستعمل بالطرق السلمية للوصول الي الحكم, ولذلك فان الحركة تجدد اليوم موقفها بأنها اذا خسرت في الانتخابات القادمة فإنها ستنزل عند حكم الشعب, فالضامن هو الشعب التونسي الذي ابدع ثورته ولديه حس يقظ ولن يرضي بان يحكمه ديكتاتور جديد تحت اي لون سواء كان اسلاميا أو علمانيا.
الم يكن الجيش حاميا للثورة وهو الضمان ايضا للاستقرار ومراقبة العملية الديمقراطية.. ألا تخشون الانقضاض منه للحكم.. البعض يري انكم تسيرون علي خطي تركيا.. هل يروق لكم هذا النموذج؟
القوات المسلحة كان لها شرف حماية الثورة عند هروب بن علي كما امنت البلاد من الانفلات الامني عند انهيار الامن, كما كان لها شرف حماية صناديق الاقتراع, ليست لها اطماع في الحكم وهي علي مسافة واحدة من كل التيارات, وتركيا استطاعت أن ترسي تجربة تنموية وديمقراطية رائدة عبر حزب العدالة والتنمية الاسلامي الذي استطاع ان يعيد لتركيا مكانتها التاريخية في المنطقة, نحن نرتبط مع التجربة الاسلامية في تركيا بعلاقات وطيدة منذ السبعينيات, وهناك تبادل للتأثير بين التجربتين التونسية والتركية ويبقي لكل منهما خصوصياته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.