منذ بداية حكمه وينتقد الرئيس عبدالفتاح السيسي، سياسات خصخصة الشركات الحكومية والمرافق العامة التي اتبعها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بداية من عام 1991. وانتقد "السيسي" لجوء نظام "مبارك" إلى خصخصة المؤسسات الحكومية بعد تعرضها لخسائر اقتصادية، مشيرًا في خطاب له عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية صيف 2014، إلى أن الدولة في حينها لم تحاول معالجة أزمات تلك المؤسسات؛ لأن المشكلة في كيف ومن يأخذ القرار، مؤكدًا أن التجارب السابقة ليست مطمئنة. وبعد 3 سنوات من حكمه أعلن نظام "السيسي" توجهه إلى طرح المرافق العامة للاكتتاب العام، وهو ما أدى إلى التخوف من نتائج ذلك خاصة مع تجربة مصر مع الخصخصة من قبل في عهد "مبارك". وزيرة التعاون الدولي سحر نصر، أعلنت أن الحكومة لديها خطط لطرح جزئي لعدد من الشركات المملوكة للدولة فى اكتتاب عام. وقالت "نصر" فى مقال نشرته، أمس الخميس، بجريدة "وول ستريت جورنال الأمريكية" إنه "للمرة الأولى سيشمل الاكتتاب شركات المرافق العامة التي كانت مستثناة من تلك الإجراءات كقطاع استراتيجي"، معلنة عن "مسار اقتصادي جديد لإطلاق طاقات البلاد عبر قيادة القطاع الخاص للنمو متخففاً من تدخلات الدولة". وكانت المرة الأولى التي طبقت الحكومة فيها سياسة الخصخصة عام 1991، حيث تم بيع 407 شركات قطاع أعمال عام بين عامي 1991 و2009، وفقًا لدراسة للباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني، معتمدة على بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المنشورة نقلًا عن وزارة المالية. وبلغت حصيلة البيع آنذاك أكثر من 57.3 مليار دولار, 9% منها في عهد وزارة عاطف صدقي، و21% في عهد وزارة كمال الجنزوري، و21.6% في عهد عاطف عبيد، و48.4% في وزارة أحمد نظيف. وامتدت الخصخصة، حينها إلى الهيئات العامة التي خرجت من الموازنة العامة للدولة، وتحولت بعضها إلى شركات مثل الاتصالات والمياه والصرف الصحي والكهرباء والنقل العام والسكك الحديدية ومصر للطيران. وانتشرت المدارس الخاصة ثم الجامعات الخاصة وتوسع العلاج الاقتصادي والمستشفيات الخاصة، وشملت الخصخصة كل القطاعات الاقتصادية. وتسببت الخصخصة في غضب العمال الذين تشردوا بعد بيع الشركات التي يعملون بها للمستثمرين الأجانب، حيث تم إحالة أكثر من 500 ألف عامل إلى المعاش المبكر، وهو نفسه التخوف الحالي بعد إعلان الحكومة عن خصخصة الممتلكات العامة. وارتفعت أسعار الكهرباء بدءًا من مايو 1990، إلى أن وصلت إلى 80% من الأسعار العالمية عام 1992، كما تم تغيير شرائح الاستهلاك، رغم عدم زيادة الأجور. وتم فرض رسوم على التعليم إضافة إلى التوسع في إنشاء المدارس التجريبية الحكومية، فضلاً عن استحداث رسوم الانتساب الجامعي بنسبة تتراوح بين 265 إلى400 جنيه في السنة، وتراوح التدريس باللغات الأجنبية في الكليات من 1850 إلى 4000 جنيه. شركات مهددة تعتزم الحكومة الآن تخصيص شركات الحديد والصلب، وممفيس للأدوية، والعربية للشحن والتفريغ، والقومية للأسمنت، وراكتا للورق، بعدما أعلنت بلوغ خسارتها 750مليون جنيه. وأرجعت الحكومة خسارة الشركات سالفة الذكر إلى تقادم الآلات وتهالكها بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة وانخفاض الإنتاج وانخفاض جودته وانخفاض المبيعات وارتفاع الأجور واحتياج الشركات للتحديث وارتفاع قيمة الحوافز المقدمة للموزعين. أيضًا من الشركات التي أعلنت الحكومة خسارتها تمهيدًا لعرضها للاكتتاب العام، الشركة العربية لتصنيع الزجاج الدوائي بالسويس، وشركة إدفو لاب الوراق التي تقوم للأوراق، وأبو قير للأسمدة بالإسكندرية. ومن الشركات التي تنوى الحكومة التنازل عن حصص تقترب من 50 في المائة منها، 5 شركات تتبع لوزارة البترول، و4 شركات تابعة لوزارة الكهرباء والطاقة، و3 بنوك حكومية كبرى. وانتهي برنامج طرح الشركات من فحص 3 بنوك حكومية هي القاهرة، والمصرف المتحد، والبنك العربي الأفريقي تمهيدًا لطرحها في البورصة قبل نهاية العام الجاري. وتستحوذ الحكومة على كامل أسهم بنك القاهرة، إضافة إلى أن لديها مساهمتين رئيسيتين في كل من المصرف المتحد بنسبة 99 في المائة، والبنك العربي الأفريقي الدولي بنسبة 49 في المائة. وقدمت وزارة البترول إلى وزارة الاستثمار قائمة تضم 5 شركات بترول وبتروكيماويات هى موبكو وميدور وأموك وإيثيدكو وسيدبك. وتقوم شركة "أن آى كابيتال" إحدى شركات بنك الاستثمار القومي والمنسق العام لبرنامج الطروحات، بتولي طرح الخمس شركات السابقة وتوسيع ملكيتها في البورصة خلال الفترة المقبلة. فيما قدمت وزارة الكهرباء والطاقة 4 شركات حكومية كبرى متخصصة في إنتاج الكهرباء سيتم طرحها للاكتتاب العام في البورصة في البرلس بكفر الشيخ، والعاصمة الإدارية الجديدة، وبني سويف، وشركة لمشروعات الخطة العاجلة للكهرباء. وأسست وزارة الكهرباء شركات جديدة بحصص تمتلكها لا تقل عن 50 في المائة وسيتم طرحها أيضًا للاكتتاب في البورصة خلال الفترة المقبلة. وبدوره أكد القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، مدحت الزاهد، القيادي بالتيار الديمقراطي، أن معالجات النظام الحالي للأزمات أسوأ من معالجات "مبارك". وأشار "الزاهد" في تصريحات خاصة ل"المصريون" إلى أن المؤسسات التي تعتزم الحكومة بيعها هي عصب الدولة ولو استولى عليها المستثمرين سيكون لذلك عواقب وخيمة وستزداد الأحمال على ظهور الفقراء والطبقات الفقيرة التى تنتفع بمثل هذه الخدمات والمرافق. وأوضح أن "مبارك" لم يفكر في عرض أسهم البنوك ولا المرافق العامة كالكهرباء والسكة الحديد وأسهم شركة مصر للطيران للبيع كما انه لم يسمح بدخول الخصخصة لأصول يمتلكها المواطنون بينما حاليا تسعى الحكومة لطرحها في البورصة. ومن جانبه، قال رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، هاني توفيق، إن طرح عدد من الشركات الحكومية للاكتتاب في البورصة العالمية والمحلية بات سبيل النظام لتقليل عجز الموازنة. وفي تصريحات خاصة ل"المصريون"، قال "توفيق" إن مصر تحتل المركز الثاني عالميًا في عجز الموازنة، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي السيئ، فضلاً عن أن الدين العام تعدى الناتج القومي الإجمالي. وأشار رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر إلى خطورة أن يكون الهدف من طرح المرافق العامة للاكتتاب العام من أجل تقليل عجز الموازنة فقط، موضحًا سوء إدارة الدولة للمؤسسات الحكومية، مؤكدًا أن هدف ذلك الإجراء الاقتصادي هو تغيير الإدارة الحكومية إلى إدارة أكثر كفاءة.