كان جيدا أن يبادر المتحدث باسم رئاسة الجمهورية السيد علاء يوسف إلى نفي الأخبار المتداولة في الصحافة الروسية عن موافقة مصر على إنشاء قاعدة جوية روسية على أراضيها في منطقة سيدي براني قرب الحدود الليبية ، حيث أكد يوسف أن هذه الأنباء لا أساس لها من الصحة ، وكذلك صدرت تصريحات من قيادة عسكرية رفضت ذكر اسمها أكدت على نفس المعنى ، وأشارت إلى أن دولا كبرى سبق وطلبت مثل ذلك إلا أن مصر رفضت ، في إشارة إلى الولاياتالمتحدة ، واعتبر أن تلك قضية مبدأ . هذا كلام مهم وموقف سياسي مسئول ، خاصة في سرعة التعليق والنفي ، لأن مثل هذه الأمور بالغة الحساسية في الوقت الراهن ، حيث نعيش فترة من الارتباك وتوقع الأسوأ دائما ، وهناك غياب لليقين في الشأن السياسي والديبلوماسي في مصر ، كما أن كثيرين يتصورون أن وقوع مصر في أزمات اقتصادية وسياسية عنيفة وغير مسبوقة قد يجعلها عرضة لتقديم تنازلات سياسية أو عسكرية هنا أو هناك ، وهذا ما يقلق بالفعل ، خاصة وأن مصر على مستوى الأمن القومي ليست في حاجة نهائيا لأية قواعد عسكرية على أراضيها ، فالتحديات والمخاطر المحيطة بها هي بجيشها قادرة على ردعها ومواجهتها عسكريا ، بل إن الجيش المصري هو أقوى من القوى العسكرية المحيطة به جميعا عددا وعدة وتسليحا حديثا ، باستثناء إسرائيل ، ومن البديهي أن أي قوة أجنبية كبيرة ، أمريكية أو روسية ، لن تخوض معك أي مواجهة مع إسرائيل أو أن تدعمك في مواجهتها ، هذا بافتراض وجود احتمال مثل هذه المواجهة ، وهو أمر غير متصور لعقود مقبلة . غير أن ما نشرته الصحافة الروسية فيه ما يقلق بالفعل لنا هنا في مصر ، لأنه نشر في صحف كبيرة وليست هامشية أو صحف "بير السلم" ، ونقلت عن مصادر في وزارة الدفاع الروسية والخارجية ، فقد ذكرت صحفية "ازفيستيا" الروسية (أن روسيا تجري محادثات مع مصر حول استئجار منشآت عسكرية، من ضمنها قاعدة جوية في مدينة سيدي براني شمال غرب مصر، قرب ساحل البحر المتوسط ، ونقلت الصحيفة يوم الاثنين 10 أكتوبر/تشرين أول، عن مصدر في الخارجية الروسية، ومقرب من وزارة الدفاع دون أن تسميه، أنه تم التطرق أثناء المحادثات إلى أن القاعدة ستكون جاهزة للاستعمال بحلول عام 2019، في حال توصل الطرفان إلى اتفاق ، وأشارت الصحيفة إلى أن القاعدة التي تقع في مدينة سيدي براني سيتم استخدامها كقاعدة عسكرية جوية ، وقالت الصحيفة نقلا عن المصدر ذاته أن المحادثات حول مشاركة روسيا في إعادة ترميم مواقع عسكرية مصرية في مدينة سيدي براني على ساحل البحر الأبيض المتوسط تجري بنجاح ، وصرح المصدر للصحيفة أن القاهرة مستعدة للموافقة على حل المشاكل الجيوسياسية التي تتماشى مع مصالح الطرفين، موضحا أنه حسب ما تم التوصل إليه حتى هذه المرحلة، فإن روسيا ستزود القاعدة عن طريق النقل البحري، وأن عدد القوات الروسية هناك سيكون محدودا) . هذا كلام مقلق ، لأنه يعني أن مفاوضات تجري بالفعل حول تلك المسألة ، وأن هناك تفاصيل ذكرت في صيغة هذه الاتفاقية إذا ما تمت ، والمواعيد المقرر أن تنتهي فيها التجهيزات لتكون القاعدة جاهزة للعمل ، وما يتحمله الجانب الروسي مقابل ذلك ، هذا هو المفاجئ ، والذي لا نعرف عنه شيئا في مصر ، على قدر خطورته ، فإذا كانت المسألة "مسألة مبدأ" كما قال المصدر المصري الذي نفى ، فلماذا كانت كل هذه المفاوضات والتفاصيل والتوقيتات ، لماذا لم يغلق الباب من البداية ، من مجرد طرح الفكرة . على كل حال ، نتمسك بنفي المصدر العسكري المسئول ، ونفي مؤسسة الرئاسة ، ونتمنى أن يكون هذا الكلام الذي نشرته الصحيفة الروسية محض خيال وأكاذيب ، نتمنى .