الرشوة.. سيف العدالة على رقاب المظلومين وطريق مختصر للحصول على خدمة أو براءة حقوقي: توعية الناس وحل مشاكلهم ضروري للتكاتف ضد الظاهرة 77% من المصريين يدفعون رشوة لتسهيل مصالحهم
لا صوت يعلو فوق صوت المحضرين، هنا مملكة الرجل الأول داخل أروقة المحاكم، الرجل الذي يستطيع التلاعب بأوراق أي قضية، بمقابل مادي، ولاشك أنهم عبارة عن قلة من موظفي المحاكم تسعى لفرض سطوتها على الضعفاء، باستغلال موقعهم الوظيفي. التلاعب بالقوانين من أبرز صفاتهم مقابل تلك الإكراميات التي نتج عنها كثرة القضايا وفساد الذمم وتعطيل مصالح المواطن والتحكم في سير العدالة، لصالح الطرف الأقوى. لم تخلُ أروقة معظم المحاكم من تلك القلة المفسدة التي تسعى لابتزاز العامة مقابل تحقيق ثروات طائلة، والتي يتوارثها كل موظف خلفًا للآخر، ضاربين بالقانون عرض الحائط، وتناسوا أن مثل هذه الأفعال اللاإنسانية تضر بحقوق الأبرياء، وتهدر العدل الذي هو أساس القانون، حتى بات المحضرون آفة النظام القضائي، مثلما أكد تقرير صادر عن المركز العربي للنزاهة والشفافية، خلال عام 2015، بعنوان: "مقياس الرشوة المصري". زنانيري.. هنا بداية العذاب الذي لا ينتهي، تكدس غرف المحضرين وكثرة القضايا وضعف الإمكانيات فيما يبدو المشهد العام الأسوأ للغاية. يقول "ل.ع" حاصل على دبلوم تجارة 57 عامًا، ويعمل محضر تنفيذ: "المكتب يستقبل 20 ألف دعوى قضائية شهريًا، منها 1000 حكم قضائي واجب النفاذ، ليس هذا فحسب بل يقوم المحضر الواحد بالإعلان عن قرابة 400 دعوى يوميًا، وأن المشوار الواحد ضعف البدل الذي يتم صرفه". وتابع لدينا 22 موظفًا، منهم 4 محضرين تنفيذ، و5 محضرين معلنين، يتعاملون مع 4 آلاف سجل مدونة به الأوراق الرسمية عن كافة قضايا الأحوال الشخصية التابعة لمحكمة شمال القاهرة. ومن جانبه قال الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون ومدير المركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية في تصريح ل"المصريون"، إن موضوع الرشاوى موضوع مجتمعي، وأهم أسباب الرشوة سوء الأحوال الاقتصادية، وتدنى مستوى المعيشة للمواطن، والإحساس بالعجز عن تحقيق الاحتياجات اليومية، وعجز الدولة العام عن توفير تلك الاحتياجات، وتباطؤ القضاء والتأخر في استرداد الحقوق. ويضيف الحقوقي، أنه من ضمن الأسباب الإحساس بالضعف حينها يكون الحل الوحيد هو الحصول على المال سواء بطريقة شرعية أو غير شرعية. والرشوة جريمة منصوص عليها في قانون العقوبات، ومن الجرائم المضرة للمصلحة العامة والمشرع اعتبرها جناية، ولابد أن يكون موظفًا عامًا، وعقوبتها السجن المشدد أو رد ضعف المبلغ، أو الحجز على أمواله وأموال أسرته لحين سداد ما تم الحصول عليه، وتنتشر هذه النوعية من الجرائم في المصالح الحكومية وقطاع الشرطة وقطاع موظفي النيابات والمحاكم قطاعات ومفتشي الصحة. وتابع مهران: أن المواطنين عامل أساسي في التغيير والمساعدة في محاربة الفساد، والشباب أكثر قدرة واستعدادًا على إحداث التغيير من الأكبر سنًا، وعلى المساعدة بالإبلاغ عن الفساد ورفضه، وهو الأكثر فعالية في محاربة الفساد. وطالب مهران، السلطات الأمنية باتخاذ إجراءات لمعالجة الفساد عند الإبلاغ، والمحافظة علي المبلغين، وكذلك قنوات الإبلاغ بحاجة إلى أن تكون أكثر فعالية على أن توفر الدولة لهم كل وسائل الحماية. وأضاف مهران، أن العديد من المواطنين لديهم جاهزية لمد يد العون في توجيه الجهود ضد الفساد، وكل ما على الحكومات أن تقوم به هو تحول جذري من التضييق على جهود محاربة الفساد إلى تسهيل فعلي لمشاركة المواطنين في محاربة الفساد. الرشوة تقوض مؤسسات العدالة وسيادة القانون سجلت المحاكم أعلى معدل رشوة بين القطاعات المستهدفة، حيث وصل إلى 31%، تليها الشرطة، فيما أصدر المركز العربي للنزاهة والشفافية، تقريرًا عن الرشوة يعبر عن مدى تفشي الرشوة داخل الجهات الحكومية من الوزارات والجهات الحكومية. ورصد التقرير ارتفاع معدلات الفساد في أقسام الشرطة وبين موظفي النيابات والمحاكم، ووحدات المرور. وأكدت منظمة الشفافية، في استطلاع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2016 عن الفساد، أن مصر سجلت أعلى نسبة فساد في المنطقة بعد اليمن، التي يضطر 77% من سكانها لدفع رشاوى عند الحصول على الخدمات. حبس موظف بمحكمة لتلقيه رشوة أمر قاضي المعارضات بمحكمة زينهم، بتجديد حبس حاجب بمحكمة مرور السيدة زينب، 15 يومًا على ذمة التحقيقات؛ لتلقيه رشوة. وتعود تفاصيل الواقعة أثناء تواجد النقيب سيف الدين عماد، ضابط مباحث قسم شرطة السيدة زينب، وبصحبته القوة المرافقة، بخدمة تأمين محكمة جنوبالقاهرة، حيث تبلغ له من المواطن " أحمد. ع. م" 31 سنة، موظف بشركة فودافون، ومقيم بمساكن صقر قريش، والذي أفاد أنه أثناء تواجده بديوان المحكمة للمعارضة في أحكام مخالفات مرورية صادرة ضده، حضر إليه أحد الأشخاص ادعى أنه موظف بالمحكمة وأخبره أن إجمالي المبالغ المالية المستحقة عن المخالفات المرورية الصادرة ضده بلغت 4000 جنيه. وأشار الموظف إلى أن الشخص أخبره باحتمالية صدور أحكام ضده بالحبس، وعرض عليه تخفيضها لمبلغ 1000 جنيه مقابل مبلغ مماثل نظير ذلك، وأنه بالفعل قام بتسليمه قيمة المخالفات المستحقة عليه واتفق معه على التقابل بمقهى أمام المحكمة لاستلام مبلغ الرشوة. السجن المشدد لقاضٍ تلقى رشوة من رجل أعمال حيثيات الحكم في قضية قاضي المنصورة المتهم بالحصول على رشوة من العديد من أصحاب الدعاوى القضائية، وعاقبته المحكمة بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، وغرمته ألف جنيه، وأمرت بمصادرة وحدة سكنية وأجهزة كهربائية ومصوغات يملكها، حيث اتهم القاضي هشام عبدالباقى حسب الله، رئيس محكمة جنح مستأنف الجمرك واللبان، بتقاضيها على سبيل الرشوة من رجل أعمال. وكشفت التحقيقات، عن أن المتهم أثناء عمله رئيسًا لمحكمة جنح مستأنف الجمرك واللبان طلب من عبدالمنعم جابر، فيلا بأحد مشروعاته السكنية في العجمي، مقابل استعمال نفوذه لدى قاضى محكمة الجمرك الجزئية كي يصدر حكمًا لصالحه في الدعوى رقم 5288 لسنة 2003 جنح الجمرك، كما طلب مليون جنيه منه، وفيلا بأحد مشروعاته الإنشائية الأخرى قيمتها 180 ألف جنيه، وأجهزة كهربائية، وأثاثًا قيمته 31 ألف جنيه، ومبالغ مالية قدرها 20 ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل إصدار أحكام في القضايا أرقام 14262 و16 076 و16077 و16083 لسنة 2004 جنح مستأنف الجمرك والمتهم فيها خميس السيد خميس، كما تدخل في الفصل في الاستشكال المقام من الأخير في القضية 14563 لسنة 2003 مستأنف الجمرك وأوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها ضده، وتدخل للحكم في القضية رقم 4560 لسنة 2003 مستأنف الجمرك بانقضاء الدعوى، وكان ذلك بواسطة مصطفى إبراهيم السيد.