تذكرة زهيدة الثمن هكذا اعتادها المواطن، بها يجوب أرجاء القاهرة متوجهًا لعمله متحملًا زحام المحطات وتكدس الركاب وتأخر زمن التقاطر، ليفاجئ بسماع خبر زيادات باهظة في أسعار تذكرة المترو، ليجد نفسه عاجزًا أمام دفعها كل يوم في ظل موجة الأسعار المرتفعة والرواتب المتدنية، وتخرج تصريحات عدة تكاد أن تضرب بوسيلة التنقل الحيوية التي يقصدها المواطن كل يوم لزيادات قد تصل ل5 جنيهات. رحلة التذكرة الحائرة بدأت من الربع جنيه رحلة شاقة مرت بها عربات مترو الأنفاق منذ 1987، انطلاقًا من "الربع جنيه" خرج سعر التذكرة الأول في مواجهة المواطن البسيط، ووقف المواطن قديمًا أمام عرباته الضخمة مندهشًا من عبقرية الوسيلة الجديدة، مرتضيًا أن يدفع ال25 قرشًا مقابل أن يجرب هذا الاختراع الجديد ليتنقل عبر 8 محطات، وما هي إلا سنوات قليلة حتى يدرك المسئولون أهمية هذا الاختراع مقابل الأعداد الهائلة المستفيدة منه، ويقر وقتها المسئولون بزيادة تصل إلى 50 قرشًا، وتمر السنوات ليصل سعر التذكرة لجنيه واحد تشمل جميع المحطات بعد توسعة خدمات مترو الأنفاق وشبكة المحطات التي يغطيها خلال محافظتي القاهرة والجيزة. وبعد فترة من قرار حكومة المهندس إبراهيم محلب، بتحريك أسعار دعم الطاقة، بدأت وزارة النقل المصرية تفكر جديًا في فتح ملف سعر التذكرة من جديد، للوصول إلى سعر يتلاءم مع التكلفة الفعلية لخدمات مترو الأنفاق. محاولات "جس النبض" من المسئولين تصريحات متعددة أطلقها المسئولون حول زيادة سعر التذكرة، فالأمر ليس مرة أو اثنين؛ بل بدا الأمر وكأنه تمهيد أو جس النبض للمواطن لاستباق رد الفعل للقيام بالأمر أو التقليل منه.. وترصد "المصريون" أبرز هذه التصريحات: تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي كان آخر هذه التصريحات، وربما هو من أعطى إشارة لاتخاذ القرار، فما أن أعلن الرئيس عن تصريحه بشأن المترو حتى تجرأ المسئولون في المغالاة في الأسعار الحقيقية وفق تصريحاتهم، حيث قال إن السعر الحقيقي لتذكرة مترو الأنفاق، يتخطى 10 جنيهات، لافتًا إلى أن آخر زيادة في سعر التذكرة كان قبل 12 عامًا، مضيفًا خلال افتتاح مجمع "إيثيدكو" للبتروكيماويات بالإسكندرية، "السعر الحقيقي للتذكرة مش جنيه ولا اتنين ولا 5 ولا 7 ولا حتى 10 جنيه". وسبق تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي، تصريحات عدة لمسئولين الدولة، حيث قال اللواء إسماعيل النجدي، رئيس الهيئة القومية للأنفاق السابق، إن تكلفة تشغيل المترو 8 جنيهات، وهناك اشتراكات تصل ل 40 قرشًا، مضيفًا “نحتاج 750 مليون جنيه، والتذاكر تأتي ب 500 مليون”. ولم يكن النجدي هو المسئول الوحيد الذي تحدث عن هذا الأمر، حيث قال المهندس هاني ضاحي، وزير النقل الأسبق، قائلًا: إن تكلفة تذكرة مترو الأنفاق تصل إلى 25 جنيهًا! مؤكدًا أن هذا هو سعر التكلفة الذي تتحمله الدولة عن كل تذكرة! وفي أواخر 2014 خرج أحمد موسى، مستشار وزير النقل للتخطيط، بتصريح استفز به الكثيرين، حيث أعلن عن سعى الوزارة لعمل دراسات أسفرت عن ضرورة ارتفاع سعر تذكرة المترو لتصل إلى 45 جنيهًا. وجاءت هذه التصريحات في الوقت الذي انتشرت فيه المعلومات التي تشير إلى ارتفاع خسائر الهيئة القومية للأنفاق من 22.9 مليون جنيه في موازنة عام 2005/2006 إلي 3.8 مليار جنيه في موازنة 2013/2014، ومن ثم تصريحات رئيس شركة إدارة وتشغيل مترو الأنفاق، على فضالي، بأن عجز موازنة الشركة خلال العام المالي “2014-2015” وصل إلى 180 مليون جنيه. شائعات الزيادة من المسئولين وما بين الحين والآخر تخرج التصريحات من وزارة النقل وهيئة المترو بشأن زيادة سعر التذكرة، مرات عدة تخرج التصريحات وعند مخاطبة المسئولين يسود التنصل المشهد، ويكون تصريح "لم يصلنا أي أمر أو قرار في هذا الشأن بعد" هو الرد الموحد للمسئولين. خدمة بهذه الجودة لا يمكن تقديرها هكذا! تصريح أطلقه رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، في أغسطس من هذا العام، والذي أعلن من خلاله عن عدم اتخاذ الحكومة قرارًا في هذا الشأن، حيث خرج قائلًا: "إنهم لم يتخذوا قرارًا حتى الآن بشأن رفع سعر تذكرة المترو ولا يمكن استمرار تقديم الخدمة بنفس الجودة بهذا السعر". جارٍ رفع سعر التذكرة ل3 جنيهات وفى مارس 2016، قال الدكتور سعد الجيوشي، وزير النقل، إن الوزارة بصدد رفع تذكرة المترو للخط الأول بمقدار 3 جنيهات، وتزيد سنويًا بنسبة 10%، لافتًا إلى أن ذلك هو السعر الاقتصادي، وسعر التكلفة لثمن التذكرة، موضحًا أن تلك الزيادات المرتقبة ستطبق حينما يقرها مجلس الوزراء خلال الأيام المقبلة. ولا يزال وزير النقل يجدد مطالباته بزيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق أسوة ببقية وسائل المواصلات، التي زادت بنسبة تتراوح بين 50% و100%، على مدى السنوات العشر الماضية، مشيرًا إلى أن أسعار التذاكر لها أهداف واضحة، وهى تحسين مستوى الخدمة التي يتلقاها الركاب، وأكدت وزارة النقل في تقريرها الدوري أن نسبة الركاب في مترو الأنفاق زادت بمقدار 10% بسبب الزيادة في أسعار الوقود منذ يوليو 2014. من 3 ل جنيه 10 زيادة العام الماضي وفى أواخر العام الماضي، قال اللواء سعد الجيوشي، وزير النقل، إنه اعتبارًا من الخط الثالث لمترو الأنفاق سيتم زيادة تكلفة تذكرة المترو بشكل تدريجي على حسب كل مرحلة، مشيرًا إلى أن خط المترو يكلف الدولة والمواطن نحو 48 مليار جنيه. وأوضح أن المرحلة الأولى للخط الثالث ستبدأ ب3 جنيهات والثانية 4 جنيهات، ويصل إلى 10 جنيهات نهاية الخط، وكذلك الخطين الرابع والخامس، مشيرًا إلى أن حركة الأسعار ستكون بصفة مستمرة خاصة بتكلفة الشغل، ولكن في كل الأحوال تكون أقل من الموصلات الأخرى "القطاع الخاص". وأكد الجيوشي، أن المرحلتين الأولى والثانية لمترو الأنفاق لن تمسا محدودي الدخل والطلاب، وسيكون بهما تعديلات محدودة، ويمكن إضافة عربات في المترو تكون بسعة محدودة وبسعر أعلى. زيادات تدريجية لسد عجز تمويل المترو وفي ديسمبر 2014، أعلنت مصادر حكومية، أن مجلس الوزراء اتفق مع وزارة النقل، على رفع أسعار التذاكر الخاصة بمترو الأنفاق، لتكون الأسعار كالآتي، جنيه ونصف للمسافة البالغة تسع محطات فقط، وتزيد لتصل حتى ثلاثة جنيهات عن جميع محطات المترو بخطوطه الثلاثة. على أن يتم تنفيذ هذا الاتفاق في يناير المقبل لعام 2015، عقب تركيب البوابات الإلكترونية الجديدة بالمحطات، كما أوضحت المصادر أنه تم تقسيم المترو إلى أربع شرائح، وهي كما يلي، الأولى تسع محطات فقط، وعليه ستكون التذكرة بسعر جنيه ونصف، والشريحة الثانية عبارة عن 15 محطة، وتكون سعر التذكرة أثنان جنيه، والشريحة الثالثة عبارة عن 25 محطة، وتكون سعر التذكرة 2.5 جنيه، والشريحة الأخيرة هي تشمل كل المحطات، وتكون سعر التذكرة ثلاثة جنيهات. وأوضحت المصادر أن القرار يرجع إلى العجز الشديد الحادث في تمويل باقي مراحل الخط الثالث، بالإضافة إلى مشروع الخط الرابع الذي يبدأ من الملك الصالح حتى 6 أكتوبر، والتي تتقدر تكلفتها بحوالي 20 مليار جنيه. كما أفادت الإحصائيات أن الخطوط الثلاثة، التي شهدت زيادة في عدد الركاب بنسبة تعادل 10% تقريبًا، منذ قرار رفع أسعار الوقود في شهر يوليو لعام 2014. تضارب في التصريحات وإلقاء التهم تضارب في التصريحات وتعليق التهم بين هيئة المترو ووزارة النقل، وتنصل من القرار يوضح حالة التخبط السائد في كلا الجهتين؛ خوفًا من ردود الأفعال حول هذا القرار. ويحسم الأمر أحمد عبد الهادي، المتحدث باسم هيئة المترو، قائلًا: "لا شأن لنا بهذه التصريحات، ولم يكن لدينا علم بما يمكن أن يحدث في الفترة القادمة من زيادات، لافتًا إلى أن هيئة المترو مجرد جهة تنفيذية لتطبيق القرارات ولا علاقة لها بالقرار قبل أن يصل لها بيان به". وقال عبد الهادي، في تصريحات ل"المصريون"، حتى هذا الوقت لم يصلنا أي أمر بارتفاع الأسعار ولا علم بإمكانية تطبيقه من عدمه، مؤكدًا أن وزارة النقل هي الجهة المنوط بها هذا القرار، ولم يتضح بعد حتى سبل تنفيذه والجهات المعفية منه ولا حتى كونها زيادة حسب كل مرحلة أو باختلاف المحطات. فيما ألقى محمد عز، المتحدث باسم وزارة النقل، الكرة في ملعب هيئة المترو، قائلًا "اسألوا هيئة المترو"، لافتًا إلى أنهم حتى الآن لم يتم اتخاذ القرار بشأن زيادة سعر التذكرة. ونفى عز، في تصريحات ل"المصريون"، اتخاذ الوزارة أي إجراءات في هذا الصدد، رافضًا الإدلاء بأي تصريحات خارج ما ستعلنه الوزارة وقت اتخاذ القرار من بيانات.