رئيس النواب لأعضاء المجلس: "الجلسة العامة مستمرة.. وإحنا في أسبوع السهرة"    60 الف عيادة وصيدلية مهددة بالغلق..نقابة الأطباء تطالب مجلس نواب السيسي بوقف تعديلات الإيجار القديم    كامل الوزير : إعداد خطة زمنية مضغوطة لإنهاء الطريق الإقليمي بالكامل    رئيس الوزراء يصدر القرار رسميا.. الخميس 3 يوليو موعد إجازة 30 يونيو    جيش الاحتلال يعلن مقتل رقيب في الكتيبة الهندسية 601 بمعارك شمال غزة    بعد أزمته مع شلاسك البولندي.. الأهلي يراقب موقف أسد الحملاوي    كامل الوزير: الرئيس وجه بإنهاء تطوير الدائري الإقليمي ونشر لجان على البوابات    رئيس جامعة المنوفية يستقبل نقيب المحامين بالمحافظة لتعزيز التعاون المشترك    الشرطة الإيرانية تعتقل عميل للموساد في محطة مترو بطهران    الاتحاد الأردنى لكرة السلة ينشر بيانًا لتوضيح قرار الانسحاب ضد إسرائيل    الكرملين: روسيا لا يمكن دفعها إلى طاولة المفاوضات بالضغط أو بالقوة    صعود مؤشرات البورصة للجلسة الخامسة على التوالي بتداولات 7.1 مليار جنيه    كل ما تريد معرفته عن العروض الخارجية لضم لاعبي الأهلي فى ميركاتو الصيف    ميمي عبد الرازق: أحمد عيد أبلغنا برغبته فى الانتقال للأهلى.. والساعى إضافة    محافظ الشرقية يفاجئ قرية بردين ويتابع تنفيذ أعمال توسعة طريق العصلوجى    «رغم صعوبة القطعة».. طالبات القليوبية: امتحان الإنجليزي في متناول الجميع    مصرع 3 أشخاص فى انقلاب سيارة نقل بطريق مرسى علم إدفو    إحالة عاطل للمحاكمة بتهمة سرقة مبلغ مالى من مكان عمله    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص داخل ترعة فى أطفيح    وفاة والدة هشام إسماعيل وتشييع الجنازة من مسجد السيدة نفيسة    بيونسيه توقف عرض "Cowboy Carter" في هيوستن بعد حادث مفزع على المسرح.. فيديو    عرض "شلباية" و"قبو الغربان" الليلة بمهرجان فرق الأقاليم    بدء تصوير فيلم ابن مين فيهم ل ليلى علوى وبيومي فؤاد    تامر حسني يدعم سارة وفيق برسالة مؤثرة بعد نجاح فيلمها: "أهلك أهلي ومبروك الرقم الاستثنائي"    وزارة الصحة تنظم برنامجا تدريبا في علم الأوبئة ومكافحة نواقل الأمراض    في يومه العالمي.. كل ما تريد معرفته عن التمثيل الغذائي وكيف يستمر طوال اليوم حتى مع النوم.. أبرز الاضطرابات والأمراض المرتبطة بها وأسبابها.. اعرف تأثير المواد والسموم والأدوية.. وأشهر الاضطرابات الأيضية    محافظ الشرقية يفاجئ مجمع خدمات قرية بردين ومركز صحة الأسرة لتفقد الخدمات    "ارتبط اسمه بالأهلي والزمالك".. نادي شلاسك فروتسواف البولندي يعلن مغادرة نجمه لمعسكره دون إذن    "التضامن": حصر وطنى شامل للحضانات لدعم الطفولة وتيسير إجراءات التراخيص    نجاح زراعة منظم دائم لضربات القلب لإنهاء معاناة مريض من اضطراب كهربي خطير    السيسي يشهد أداء اليمين القانونية لرؤساء الهيئات القضائية الجدد    عاصفة رعدية تؤخر سفر بايرن ميونخ إلى ميامي لمواجهة فلامنجو    محافظ المنوفية يستقبل مفتى الجمهورية لتقديم واجب العزاء فى شهداء حادث الإقليمي    حادث جديد على الطريق الإقليمي بالمنوفية: إصابة مجندين في انقلاب سيارة أمن مركزي    ضبط 95 مخالفة تموينية في حملات موسعة على الأسواق والمخابز بالمنيا    ضبط سائق ميكروباص تحرش بطالبة في مدينة 6 أكتوبر    "رياضة النواب": ثورة 30 يونيو منحت الشباب اهتمام غير مسبوق وستظل علامة مضيئة في تاريخ مصر    رئيس النواب يدعو لجنة النقل بإعداد تقرير عن حادث الطريق الإقليمي    لتبادل الخبرات.. رئيس سلامة الغذاء يستقبل سفير اليابان بالقاهرة    ريبيرو يجهز مصطفى شوبير لحراسة مرمى الأهلي في الموسم الجديد    محافظ أسيوط يفتتح قاعة اجتماعات مجلس المحافظين بالديوان العام للمحافظة    عمرو أديب يهاجم رئيس الوزراء بعد حادث المنوفية: عرفت تنام ازاي؟    رسائل تضامن وصور شهداء.. "كايروكي" يحيي حفلا تاريخيا لدعم غزة باستاد القاهرة| فيديو    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    إسرائيل تعلن اغتيال المسؤول عن الصواريخ المضادة للدروع بحزب الله    وزير الكهرباء يزور مجموعة شركات هواوي الصينية لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة    انتخابات مجلس الشيوخ| الهيئة الوطنية تعلن التفاصيل "الثلاثاء المقبل"    «الصحة» : دعم الرعاية الحرجة والعاجلة ب 713 حضانة وسرير رعاية مركزة    الأزهر للفتوى يوضح معني قول النبي" الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ"    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    أفضل الأدعية لطلب الرزق مع شروق الشمس    ما أفضل صدقة جارية على روح المتوفي.. الإفتاء تجيب    هل يجوز الخروج من المنزل دون الاغتسال من الجنابة؟.. دار الإفتاء توضح    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ.. الحد الأدنى للقبول    5 أبراج «ناجحون في الإدارة»: مجتهدون يحبون المبادرة ويمتلكون رؤية ثاقبة    «لسة اللقب ماتحسمش».. مدرب بيراميدز يتشبث بأمل حصد الدوري المصري    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    الزمالك يهدد ثنائي الفريق ب التسويق الإجباري لتفادي أزمة زيزو.. خالد الغندور يكشف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة فى تاريخ "المخلوعين" في مصر والعالم..مبارك ليس أول المخلوعين .. ولا آخرهم

شارك فى الإعداد: على عقيلى رشا باشا صفاء بدر أدهم محمود محمد الكاشف إسلام أبا زيد رانيا طلحة خالد الأمير أمانى عيسى نهى هادى شيرين هانى
حسنى مبارك هو آخر حاكم خلعه شعبه، وسقط سقوطا مدويا يوم 11 فبراير 2011، لكنه لم يكن أول حاكم لقى هذا المصير، فقبله عشرات سقطوا وسجل التاريخ لهم هذه النهاية المؤلمة، ونقدم هنا بعض نماذج من الذين أسقطتهم شعوبهم، ومنهم من تم خلعه وتسريحه مثل شاة إيران، ومنهم من تم خلعه وحوكم وقضت المحكمة بإعدامه وتم تنفيذ الحكم فيه مثل الرئيس الرومانى شاوسيسكو، ومنهم من قتله شعبه مثل معمر القذافى.
ونبدأ بمصر، فعلى مر تاريخها القديم والحديث لقى حكام كثيرين نفس المصير، لكن بصور مختلفة، فخلال عهد المماليك كان القتل هو نهاية كثيرين من أمرائهم، فطبيعتهم التآمر والخداع والدسائس، وأول أمراء دولة المماليك كانت الملكة شجرة الدر، وهى قد تنتمى إلى الدولة الأيوبية، لكنها بعد موت زوجها الملك نجم الدين أيوب، وبصفتها فى الأصل كانت جاريته، فيعتبرها بعض المؤرخين أنها أول ملوك الدولة المملوكية، ولقد لقيت مصرعها ضربا بالقباقيب، بتحريض من أرملة الملك عز الدين أيبك، الذى سبق وتآمرت عليه هى الأخرى وقتلته.
أربعة حكام أسقطهم المصريون فى أقل من أربع سنوات بعد جلاء الحملة الفرنسية
محمد باشا خسرو
نبدأ منذ جلاء الحملة الفرنسية على مصر، فى يوليو سنة 1801، وكان أول حاكم على مصر معين من قبل الباب العالى العثمانى هو محمد باشا خسرو، الذى حضر إلى مصر موفدا من قبل السلطان العثمانى فى 9 أكتوبر سنة 1801، وكان جبارا دمويا ظلوما غشوما، فثار ضده الشعب، حتى اضطر إلى الرحيل عن مصر، وكانت مدة ولايتة على مصر سنة وثلاثة أشهر وواحداً وعشرين يوماً.
وعنه يقول الجبرتى فى تاريخه: "كان سيئ التدبير ولا يحسن التصرف ويحب سفك الدماء ولا يتروى فى ذلك، ولا يضع شيئاً فى محله ويتكرم على من لا يستحق، ويبخل على من يستحق، وفى آخر مدته داخله الغرور وطاوع قرناء السوء المحدقين به والتفت إلى المظالم والفرد (الجبايات) على الناس وأهل القرى، وقيل أشنع من ذلك فأنقذ الله منه عباده وسلط عليه جنده وعساكره، وخرج مرغوماً مقهوراً على هذه الصورة، ولم يزل فى سيره إلى أن نزل بقليوب بعد الغروب فعشاه الشواربى شيخ قليوب، ثم سار ليلاً إلى دجوة فأنزل الحريم والأثقال فى ثلاثة مراكب وسار هو إلى جهة بنها، وغالبية جماعته تخلفوا عنه بمصر، وكذلك الكتخدا وديوان أفندى والخازندار الذى كان بالقلعة والسلحدار وخليل أفندى خزنة كاتب".
ويواصل الجبرتى: "ولم يزل فى سيره حتى وصل إلى المنصورة وفرد على أهلها تسعين ألف ريال، وكذلك فرد على ما أمكنه من بلاد الدقهلية والغربية فرداً ومظالم وكلفاً، وصادف فى طريقه بعض المعينين حاضرين بمبالغ الفردة السابقة فأخذها منهم".
لقد بلغ جبروت خسرو باشا، أنه وهو خارج من مصر مطرودا مهزوما كان يجمع الأموال بالقوة من سكان القرى التى يمر بها رغم زوال سلطانه، وتلك من نوادر الزمان !!.
طاهر باشا
وجاء من بعده طاهر باشا، ثانى والى عثمانى على مصر بعد الحملة، وكانت مدة ولايته 26 يوما، ومارس الظلم والطغيان مثل سلفه، فثار الأهالى عليه وقتلوه، وفى ذلك يقول الجبرتى:
"فلما كان فى هذا اليوم ركب الجماعة المذكورون من جامع الظاهر وهم نحو المائتين وخمسين نفراً بعددهم وأسلحتهم كما هى عادتهم وخلفهم كبراؤهم، وهم إسماعيل أغا ومعه آخر يقال له موسى أغا وآخر فذهبوا إلى طاهر باشا وسألوه فى جماكيهم فقال لهم ليس لكم عندى إلا من وقت ولايتى وإن كان لكم شىء مكسور فهو مطلوب لكم من باشتكم محمد باشا، فألحوا عليه فنتر فيهم فعاجلوه بالحسام، وضربه أحدهم فطير رأسه ورماها من الشباك إلى الحوش، وسحبت طوائفهم الأسلحة وهاجوا فى أتباعه فقتل منهم جماعة واشتعلت النار فى الأسلحة والبارود الذى فى أماكن أتباعه، فوقع الحريق والنهب فى الدار، ووقع فى الناس كرشات وخرجت العساكر الانكشارية وبأيديهم السيوف المسلولة ومعهم ما خطفوه من النهب فانزعجت الناس وأغلقوا الأسواق والدكاكين وهربوا إلى الدور وأغلقوا الأبواب وهم لا يعلمون ما الخبر".
ويقول الجبرتى: "هذا والنهب والحريق عمال فى بيت طاهر باشا وفرج الله عن المعتقلين والمحبوسين على المغارم والمصادرات، وبقيت جثة طاهر باشا مرمية لم يلتفت إليها أحد ولم يجسر أحد من أتباعه على الدخول إلى البيت وإخراجها ودفنها، وزالت دولته وانقضت سلطنته فى لحظة، فكانت مدة غلبته ستة وعشرين يوماً، ولو طال عمره زيادة على ذلك لأهلك الحرث والنسل، وكان صفته أسمر اللون نحيف البدن أسود اللحية قليل الكلام بالتركى فضلاً عن العربى ويغلب عليه لغة الأرنؤدية وفيه هوس وانسلاب وميل للمسلوبين والمجاذيب والدراويش، وعمل له خلوة بالشيخونية وكان يبيت فيها كثيراً ويصعد مع الشيخ عبد الله الكردى إلى السطح فى الليل ويذكر معه، ثم سكن هناك بحريمه، وقد كان تزوج بامرأة من نساء الأمراء، وكان يجتمع عنده أشكال مختلفة الصور فيذكر معهم، ولما رأوا منه ذلك خرج الكثير من الأوباش وتزيا بما سولت له نفسه وشيطانه ولبس له طرطوراً طويلاً ومرقعة ودلفاً وعلق له جلاجل وبهرجان وعصا مصبوغة وفيها شخاشيخ وشراريب وطبلة يدق عليها ويصرخ ويزعق ويتكلم بكلمات مستهجنة وألفاظ موهمة بأنه من أرباب الأحوال، ونحو ذلك.
ولما قتل أقام مرمياً إلى ثانى يوم لم يدفن، ثم دفنوه من غير رأس بقبة عند بركة الفيل وأخذ بعض الينكجرية رأسه وذهبوا بها ليوصلوها إلى محمد باشا يأخذوا منه البقشيش، فلحقهم جماعة من الأرنؤد فقتلوهم وأخذوا الرأس منهم ورجعوا بها ودفنوها مع جثته، وكتب أحمد باشا مكتوباً إلى محمد باشا يعلمه بصورة الواقعة ويستعجله للحضور، وكذلك المحروقى وسعيد أغا أرسل كل واحد مكتوباً بمعنى ذلك وظنوا تمام المنصف، ولما نهبوا بيته نهبوا ما جاوره من دور الناس من الحبانية إلى ضلع السمكة إلى درب الجماميز". (ا.ه)
أحمد باشا
وكان ثالث والى على مصر بعد خروج الحملة هو أحمد باشا، ومدة ولايته كانت يوما واحدا، وفى ذلك يقول الجبرتى:
"ولما أصبح نهار الخميس (27 مايو 1803م) مر الوالى والأغا ينادون بالأمان برسم حكم أحمد باشا، ثم أن أحمد باشا أرسل أوراقاً إلى المشايخ بالحضور فذهبوا إليه فقال لهم أريد منكم أن تجمعوا الناس والرعية وتأمروهم بالخروج على الأرنؤود وقتلهم، فقالوا سمعاً وطاعة وأخذوا فى القيام، فقال لهم لا تذهبوا وكونوا عندى وأرسلوا للناس كما أمرتكم، فقالوا له إن عادتنا أن يكون جلوسنا فى المهمات بالجامع الأزهر ونجتمع به ونرسل إلى الرعية فإنهم عند ذلك لا يخالفون، وكان مصطفى أغا الوكيل حاضراً فراددهم فى ذلك وعرف منهم الانفكاك فلم يزالوا حتى تخلصوا وخرجوا.
وكان أحمد باشا أرسل أحضر الدفتردار ويوسف كتخدا الباشا وعبد الله أفندى رامز الروزنامجى وغالب أكابر العثمانية ومصطفى أغا الوكيل كان مرهوناً عند شيخ السادات، كما تقدم، فعندما سمع بقتل طاهر باشا ركب بجماعته وأبهته وأخذ معه عدة من الانكشارية وذهب إلى عند أحمد باشا ووقف بين يديه يعاضده ويقويه، وأما محمد على (حاكم مصر بعد ذلك) والأرنؤود فإنهم مالكون القلعة الكبيرة ويجمعون أمرهم ويراسلون الأمراء.
فلما أصبح ذلك اليوم عدى الكثير من المماليك والكشاف إلى بر مصر ومروا فى الأسواق، وعدى أيضاً محمد على وقابلهم فى بر الجيزة ورجع، وعدى الكثير منهم من ناحية انبابة (إمبابة) ومعهم عربان كثيرة وساروا إلى جهة خارج باب النصر وباب الفتوح وأقاموا هناك.
وأرسل إبراهيم بك ورقة إلى أحمد باشا يقول فيها إنه بلغنا موت المرحوم طاهر باشا عليه الرحمة والرضوان، فأنتم تكونون مع أتباعكم الأرنؤود حالاً واحداً ولا تتداخلوا مع الانكشارية، فلما كان ضحوة النهار ذهب جماعة من الانكشارية إلى جهة الرميلة فضربوا عليهم من القلعة مدافع فولوا وذهبوا ثم بعد حصة ضربوا أيضاً عدة مدافع متراسلة على جهة بيت أحمد باشا وكان ساكناً فى بيت على بك الكبير بالداودية، فعند ذلك أخذ أمره فى الانحلال وتفرق عنه غالب الانكشارية البلدية ووافق أن المشايخ لما خرجوا من عنده وركبوا لم يزالوا سائرين إلى أن وصلوا جامع الغورية فنزلوا به وجلسوا وهم فى حيرة متفكرين فيما يصنعون، فعندما سمعوا صوت المدافع قاموا وتفرقوا وذهبوا إلى بيوتهم، ثم أن إبراهيم بك أرسل ورقة إلى أحمد باشا قبيل العصر يأمره فيها بتسليم الذين قتلوا طاهر باشا ويخرج إلى خارج البلد ومعه مهلة إلى حادى عشر ساعة من النهار ولا يقيم إلى الليل وإن خالف فلا يلومن إلا نفسه، فلما رأى حال نفسه مضمحلاً لم يجد بداً من الامتثال، إلا أنه لم يجد جمالاً يحمل عليها أثقاله فقال للرسول سلم عليه وقل له يرسل لى جمالاً وأنا أخرج وأما تسليم القاتلين، فلا يمكن فقال له أما بحضور الجمال فغير متيسر فى هذا الوقت لبعد المسافة، فقال له وكيف يكون العمل فقال يركب حضرتكم ويخرج ووقت ما حضرت الجمال الليلة أوغداً حملت الأثقال ولحقتكم خارج البلد، فعند ذلك قام وركب وقت العصر وتفرق من كان معه من أعيان العثمانية مثل الدفتردار وكتخدا بك والروزنامجى وذهبوا إلى محمد على والتجؤوا إليه، فأظهر لهم البشر والقبول.
وخرج أحمد باشا فى حالة شنيعة وأتباعه مشاة بين يديه وهم يعدون فى مشيهم وعلى أكتافهم وسائد وأمتعة خفيفة، فعندما خرج من البيت دخل الأرنؤود ونهبوا جميع ما فيه، ولم يزل سائراً حتى خرج من المدينة من باب الفتوح فوجد العسكر والعربان وبعض كشاف ومماليك مصرية محدقة بالطرق فدخل مع الانكشارية إلى قلعة الظاهر وأغلقوها عليهم، وخرج خلفهم عدة وافرة من الأرنؤود والكشاف المصرلية والعرب والغز وأحاطوا بهم، وأقاموا على ذلك تلك الليلة، وبعد العشاء مر الوالى وأمامه المناداة بالأمان حسب ما رسم إبراهيم بك حاكم الولاية وأفندينا محمد على فكانت مدة الولاية لأحمد باشا يوماً وليلة لا غير.
وكان ثالث وإلى على مصر بعد الحملة هو على باشا الطرابلسى، وقد تم قتله وهو فى طريقه قادما من الإسكندرية إلى القاهرة ليتسلم مهام عمله، وكان ذلك يوم 2 فبراير سنة 1804، وعنه يقول الجبرتى:
"كان أصله من الجزائر مملوك محمد باشا حاكم الجزائر، فلما مات محمد باشا وتولى مكانه صهره أرسله بمراسلة إلى حسين قبطان باشا، وكان أخوه المعروف بالسيد على مملوكاً للدولة ومذكوراً عند قبطان باشا ومتولى الريالة (الأسطول)، فنوه بذكره، فقلده قبطان باشا ولاية طرابلس وأعطاه فرمانات ويرق (أسلحة)، فذهب إليها وجيش له جيوشاً ومراكب، وأغار على متوليها وهو أخو حمودة باشا صاحب تونس وحاربه عدة شهور حتى ملكها بمخامرة أهلها، لعلمهم أنه متوليها من طرف الدولة، وهرب أخو حمودة باشا عند أخيه بتونس، فلما استولى على باشا المذكور على طرابلس أباحها لعسكره ففعلوا بها أشنع وأقبح من التمرلكنية (جنود تيمورلنك) من النهب وهتك النساء والفسق والفجور وسبه حريم متوليها وأخذهن أسرى وفضحهن بين عسكره، ثم طالبهم بالأموال، وأخذ أموال التجار وفرد على أهل البلد وأخذ أموالهم، ثم أن المنفصل حشد وجمع جموعاً ورجع إلى طرابلس وحاصره أشد المحاصرة، وقام معه المغرضون له من أهل البلدة والمقروصون من على باشا، فلما رأى الغلبة على نفسه نزل إلى المراكب بما جمعه من الأموال والذخائر وأخذ معه غلامين جميلين من أولاد الأعيان شبه الرهائن وهرب إلى إسكندرية، وحضر إلى مصر، والتجأ إلى مراد بك فأكرمه وأنزله منزلاً حسناً عنده بالجيزة وصار خصيصاً به، وسبب مجيئه إلى مصر ولم يرجع إلى القبطان علمه أنه صار ممقوتاً فى الدولة، لأن من قواعد دولة العثمانيين أنهم إذا أمروا أميراً فى الولاية ولم يفلح، مقتوه وسلبوه وربما قتلوه وخصوصاً إذا كان ذا مال" ا.ه.
خورشيد باشا
ومن بعده جاء أحمد باشا خورشيد، فتآمر محمد على ضده بالاشتراك مع بعذ أمراء المماليك والمشايخ، ونجح فى إثارة الشعب ضده، ليكون هو الحاكم على مصر، وفى ذلك يقول الجبرتى:
"فلما أصبحوا يوم الاثنين (13مايو 1805م)، اجتمعوا ببيت القاضي، وكذلك اجتمع الكثير من العامة فمنعوهم من الدخول إلى بيت القاضى، وقفلوا بابيه وحضر إليهم أيضاً سعيد أغا والجماعة، وركب الجميع وذهبوا إلى محمد على وقالوا له إنا لا نريد هذا الباشا حاكماً علينا ولا بد من عزله من الولاية، فقال ومن تريدونه يكون والياً؟ قالوا له لا نرضى إلا بك وتكون والياً علينا بشروطنا لما نتوسمه فيك من العدالة والخير، فامتنع أولاً ثم رضى وأحضروا له كركاً وعليه قفطان، وقام إليه السيد عمر والشيخ الشرقاوى فألبساه له وذلك وقت العصر ونادوا بذلك فى تلك الليلة فى المدينة.
وأرسلوا إلى أحمد باشا الخبر بذلك، فقال إنى مولى من طرف السلطان فلا أعزل بأمر الفلاحين ولا أنزل من القلعة إلا بأمر من السلطنة، وأصبح الناس وتجمعوا أيضاً فركب المشايخ ومعهم الجم الغفير من العامة وبأيديهم الأسلحة والعصى وذهبوا إلى بركة الأزبكية حتى ملأوها، وأرسل الباشا إلى مصر العتيقة فحمل جمالاً من البقسماط والذخيرة والجبخانة وأخذ غلاله من عرصة الرميلة، وطلع عمر بك الأرنؤودى الساكن ببولاق عند الباشا بالقلعة.
بعد ذلك يسرد الجبرتى بالتفصيل ماجرى من شأن أهل مصر بقيادة عمر مكرم، فى ثورتهم ضد خورشيد باشان حتى نجحوا فى طرده من مصر، ومبايعتهم لمحمد على باشا حاكما على مصر.
شاه إيران محمد رضا بهلوى
الألمان خلعوا والده عام 1941 .. ثم خلعه الخمينى عام 1979
ولد الشاه محمد رضا بهلوى فى 26 أكتوبر 1919 م فى مدينة طهران الإيرانية، وقد نودى بمحمد شاه وريثا للعرش عام 1926 ،لأنه كان الابن الأكبر لشاه إيران رضا بهلوى, وقد حكم الشاه محمد رضا بهلوى إيران فى الفترة من 1941-1979، وكان هو الشاه الأخير الذى حكم إيران 38 عاما وخلعته الثورة الإسلامية بقيادة الخومينى فى إيران عام 1979.
محمد رضا بهلوى تلقى تعليمه فى المدرسة الداخلية السويسرية "لا روسى"، ثم أكمل تعليمه فى إيران فى الأكاديمية العسكرية فى طهران عام 1935 ، وتزوج الأميرة فوزية ابنة الملك فاروق الأول فى عام 1939، وانفصل عنها فى 1949، ثم تزوج بعدها مرتين فى 1950 و1959 م.
فى عام 1941 تخوف الحلفاء من تعاون والده رضا بهلوى (شاه إيران وقتها) مع النازية الألمانية، وخوفاً من جنوحه ناحية هتلر فى الحرب العالمية الثانية وتزويده بالنفط, مما دفعهما إلى احتلال جزء كبير من إيران، وإكراهه على التنازل عن العرش ثم نفيه خارج البلاد، واستدعوا ابنه لتولى الحكم الوريث الشرعى للعرش وبهذا أصبح محمد رضا بهلوى شاه إيران .
وفى عام 1949 نجا من محاولة اغتيال محققة من قبل أحد أعضاء حزب توده اليسارى، وفى مابين عامى 1951 1953 م شكل رئيس الوزراء الإيرانى الأسبق محمد مصدق حكومة قصيرة شغل "بختيار" فيها منصب وكيل وزارة العمل .
ثم تطور خلاف بينه وبين محمد مصدق أحد المتحمسين القوميين، مما اضطره إلى الهرب لفترة وجيزة, لكنه سرعان ما عاد بفضل انقلاب مضاد دعمته المخابرات الأمريكية والبريطانية أيضاً، وعندما عاد الشاه محمد رضا بهلوى بالقوة إلى إيران فتح بخيتار مكتبا خاصا وعمل بالمحاماة.
حين اعتلى الشاه العرش مرة أخرى عمل على إحداث تغييرات سياسية لدعم أركان حكمه، وكان على رأسها إلغاء الأحزاب السياسية، والإبقاء على الحزب الحاكم، وأعاد جهاز «السافاك» أو الشرطة السرية للحياة، وهو الجهاز الذى قام بأعمال تتنافى مع حقوق الإنسان، غير أن ممارسات السافاك خلفت له الكثير من الأعداء، وأرغم مرة ثانية على مغادرة إيران، ولكنها كانت هذه المرة بلا رجعة، إذ فشل فى قمع المظاهرات الاحتجاجية، والحد من تأثير الخومينى على الشعب من منفاه بباريس
حاول الشاه فى يناير 1979 احتواء ثورة الإسلاميين داخل إيران، فعين بختيار رئيسا للوزراء، فانتزعت منه عضوية حزب إيران، وأثناء توليه منصبه الجديد حاول بختيار أن يقوم ببعض الإصلاحات الداخلية ففكك السافاك، وأطلق سراح المعتقلين السياسيين، وأعطى ترخيصا للعديد من الصحف المعارضة، لكن كل تلك الجهود توقفت بعد عودة آية الله الخمينى من منفاه فى فرنسا فى الأول من فبراير عام 1979، وبالرغم من الشعبية الكبيرة التى كانت للإمام الخمينى فإن بختيار ظل على موقفه المعارض لتلك الثورة التى يعتبرها مناهضة للمفاهيم الليبرالية والعلمانية الغربية التى كان يؤمن بها.
انهارت حكومة بختيار بسرعة بسبب الخلافات التى دبت بينه وبين قادة الثورة الإسلامية، فاختفى عن الأنظار إلى أن استطاع الفرار إلى فرنسا فى إبريل من العام نفسه، وهناك أسس حركة المقاومة الوطنية فى المنفى.
وفى 16 يناير 1979، هرب شاه بهلوى خارج البلاد، واتخذ الشاه "بنما" مستقراً له، ثم ساءت حالته الصحية، حيث إنه كان مريضاً بالسرطان، وذهب للعلاج فى أمريكا، فلما استقرت حالته الصحية طالبته أمريكا بمغادرة أراضيها رغم أنه عاش سنوات حكمه خادما لهم، ولم يجد من يقبله سوى الرئيس أنور السادات، فاستضافه فى مصر حتى توفى من عام 27 يوليو 1980 م.
طاغية رومانيا .. نيكولاى شاوشيسكو
300 مواطن ينفذون حكم الإعدام فيه رميا بالرصاص
حكم نيقولاى شاوشيسكو رومانيا خلال الفترة من عام 1965 إلى 1989 زعيمًا للحزب الشيوعى فى بلاده، ثم صار رئيسًا للدولة عام 1968، فى البداية عمل على استقلال بلاده عن الاتحاد السوفييتى (سابقًا) أكبر قوة شيوعية فى أوروبا، لكنه كان طاغية وتحكم فى حياة شعبه.
وضع برامج اقتصادية أدت إلى نقص حاد فى السلع الاستهلاكية، واستغل سلطاته للحصول على ثروات شخصية ووضع أقاربه فى مناصب حكومية عليا.
وقف شاوشيسكو فى 1989م ضد الإصلاحات الديمقراطية التى اجتاحت الدول الشيوعية الأوروبية الأخرى، احتج عشرات الآلاف ضد حكمه، وقتل آلاف المواطنين عندما حاولت قواته الأمنية سحق المتظاهرين.
أعدم شاوشيسكو وزوجته إلينا فى 25 ديسمبر 1989م بعد أن أدانته الحكومة الجديدة بارتكاب جرائم القتل والاختلاس المالى.
وُلدَ شاوشيسكو فى سكورنيستى بالقرب من بيسينى. عمل فى اتحاد الشباب الشيوعى فى الفترة من عام 1933م إلى 1936م ثم انضم إلى الحزب الشيوعى. انتخب عضُوًا باللجنة المركزية من عام 1954م إلى 1965م. أصبح عضوًا فى المكتب السياسى عام 1955م
كانت نهاية الديكتاتور الرومانى نيوكلاى شاوشيسكو وزوجته إيلينا، درامية ومفجعة بكل المقاييس، ففى ليلة عيد الميلاد (حسب التقويم الكاثوليكى تكون 25 ديسمبر) لعام 1989 ، اقتيد الزوجان معصوبا الأعين إلى أحد معسكرات الجيش الرومانى خارج العاصمة بوخارست، وهناك أُعدما رميا بالرصاص.
قبل أسبوع واحد من هذه النهاية المأساوية كان شاوشيسكو هو الديكتاتور الذى لا ينازعه أحد، وبلغت درجة الكراهية له أن تطوع 300 رومانى لتنفيذ حكم الإعدام به وزوجته رميا بالرصاص، بينما كان العدد المطلوب ثلاثة فقط.
كان الدافع لهذه النهاية اقتصاديا فى الأساس، فمن أجل سداد ديون بلاده التى كانت تبلغ عشرة مليارات دولار، خصص شاوشيسكو كل المنتجات الرومانية للتصدير، وكانت النتيجة جوعا عارما ومتاجر خاوية، وظل متمسكا بخط شيوعى متشدد حتى بعد انهيار سور برلين، وانتقد رفاقه فى الأحزاب الشيوعية بشرق أوروبا، لأنهم أضعفوا حلف وارسو، وظل رغم كل الاضطرابات مقتنعا بأنه يمكنه النجاة بنظامه دون تغيير.
عقد المؤتمر الحزب الشيوعى الرومانى فى بوخارست الذى جرى فيه إعادة انتخاب شاوشيسكو لفترة رئاسية جديدة لمدة خمس سنوات أخرى، وربما شعر شاوشيسكو قبيل انعقاد المؤتمر أن هناك شيئا "غير مريح" فى الأفق فقد لاحظ الدبلوماسيين الأجانب أن المؤتمر قد عقد وسط حراسة أمنية مشددة لم يسبق لها مثيل، ومع ذلك ظل شاوشيسكو يخطب لمدة خمس ساعات متواصلة.
كان الناس يقفون طوابير طويلة أمام المتاجر لشراء احتياجاتهم، ونظام الترشيد يقضى بحصول المواطنين على الكهرباء لبضع ساعات فى اليوم، وكانت الحكومة أصدرت قانون "التغذية العلمية" الذى يحدد كمية الأغذية التى يحتاجها الجسم فى اليوم لكل فرد، حتى لا يتناول أكثر من ثلاثة آلاف سعر حرارى فى اليوم، وأقنع الشعب إذا زادت السعرات فسوف يصاب بأمراض فتاكة، وبذلك حدد القانون الحصة الرسمية من السكر لكل أسرة بنصف كيلو شهريا ومن الزيت لترين.
ولعل الطاغية أخطأ فى تقدير قدرة الشعب الرومانى أو أى شعب على الاحتمال، ونسى السيد الرئيس أن الشعب أدرك أو يدرك أنه هو الوحيد الذى يتحمل هزة المجاعة، والضغوط الشديدة والكل يسرق من حواليه، وأن التقشف يجب أن يسود على الجميع، فالشعب وحده هو الذى يتحمل، غير إن أهم ما كان يزعج المواطنين تلك الشائعات التى تتردد هنا وهناك عن حياة البذخ التي يعيشها سيادة الرئيس هو وأسرتة، وكبار المسئولين بالدولة.
وقد بد أت الأحداث فى رومانيا بحادث بسيط لم يثر اهتمام أحد، ومعظم النار من مستصغر الشرر، فقد حاولت قوات الأمن اعتقال قس من أصل مجرى، بسبب معارضته الصريحة للحكم، فسارع المواطنون بعمل سلسلة بشرية لمنع قوات الأمن من اقتحام بيته، وتطور الأمر وزاد العدد إلى مظاهرة غاضبة ضد الحكومة تطالب بالإصلاح وحرية التعبير، وتطورت الأحداث ووقع النظام فى المحظور، حيث أصدر أمرا بالضرب فى المليان، وسقط القتلى واندفع الأطفال يقودون المظاهرات، فقتل الأطفال وتقدمت الأمهات من الصفوف الخلفية وزادت المظاهرات، واستدعى شاوشيسكو وزير دفاعه وأمرة أن يزيد من كثافة النيران، وكان رد وزير الدفاع مفاجئا أن الجيش لا يستطيع قتل الشعب كله، ونفض الجيش يدة تماما من القضية، ووسط مشاعر الإحباط قرر شاوشيسكو الفرار كما ومن حوله جيش الحراسة الخاص به الذى دربه على السمع والطاعة من سنين، وتم القبض عليه، وانعقدت محكمة عسكرية استثنائية عاجلة فى 25 ديسمبر 1989، مثل المحاكم الذى كان يعقدها لمعارضية فذاق من نفس الكأس، وجاء الحكم باسم الشعب .. حكمت المحكمة حضوريا بإعدام السيد الرئيس وعائلتة
موبوتو سيسى سيكو
طاغية الكونغو .. خلعه الشعب بقيادة لوران كابيلا
ولد جوزيف ديزى موبوتو فى ليسالا فى الكونغو البلجيكية فى 14 أكتوبر عام 1930، كان أبوه طباخا لوالى المستعمرة فى ليسالا، مات وهو فى الثامنة من عمره، ثم رباه جده وعمه، أكمل دراسته فى مدرسة كاثوليكية.
فى سن العشرين انضم إلى جيش الاستعمار البلجيكى، حيث الضباط البيض يسيطرون على الجنود السود، وحصل على شهادة المحاسبة فى لولوبرغ ثم نقل إلى قيادة البوليس فى عام 1953.
بعد رحلته فى الجيش التى أعفى كصف ضابط، وعمل صحفيًا لجريدة لبرالية فى ليبود فى عام 1957 ، تحت إشراف أحد موجهيه الصحفى أنطونى بولامبا الذى قدمه إلى باترس لومومبا، سافر لأول مرة إلى أوروبا فى مؤتمر صحفى فى بروكسل حيث بقى لبعض الوقت ليتابع التدريب، وكان فى نفس الوقت الذى يتفاوض فيه الممثلون الكونغوليون لاستقلال بلدهم، وحين وصلوا إلى بروكسل لعقد طاولة مستديرة ومعهم باتريس لومومبا، كان موبوتو يرتب مع البلجيكيين كعميل.
فى يوليو 1960 أصبح وزير الدولة للحكومة المستقلة لباترس لومومبا، واستفاد من الاختلاف بين مختلف سياسات الرجال، وتحت تأثير سفير بلجيكا فرض الاعتقال والإقامة الجبرية على لومومبا الزعيم الوطنى للبلاد المحبوب من الشعب، وكانت هذه بداية الاعتماد الكبير فى العلاقة بين البلجيكيين وموبوتو.
اتهم موبوتو لاحقا لومومبا أمام الكاميرات بالتعاطف المؤيد للشيوعية لأجل اجتذاب الدعم من الولايات المتحدة، وحاول لومومبا الهرب إلى ستانليفى لكن قبض عليه فى الطريق بواسطة رجال موبوتو، ثم أودعه فى السجن.
قام أنصار لومومبا بحرب ضد موبوتو، واحتلوا بسرعة ثلثى الكونغو، لكن مع دعم الولايات المتحدة استطاع موبوتو استعادة كل الأقاليم، وكان هذا الانتصار الذى لم يكن ليكون ممكنا بدون الدعم الغربى، كان إعدادًا ذكيا فى صالح الداخل لموبوتو، فوضع قواته على ركيزتين: الخارجية على خلفية الحرب الباردة، والداخلية للاستقرار، وألقى القبض على القوة السياسية المناوئة لحكمه.
بعد تنظيم الجيش قام بانقلاب 24 نوفمبر 1965 على الدولة ضد يوسف كاسا فوبو أول رئيس للكونغو البلجيكية، ولقى هذا الانقلاب دعما من المنظمات الطلابية وكثير من السكان سواء الكونغوليين أوالأجانب، رحبوا فورا، وكانت بلجيكا والولايات المتحدة هم أول من اعترف بالرئيس الجديد، ثم توالى اعتراف دول الغرب به، فقط الصين والاتحاد السوفييتى أظهروا الممانعة.
مع موبوتو أصبحت الكونغو هى حصان طروادة للأمريكان ضد المد الشيوعى فى إفريقيا وخاصة فى جنوب إفريقيا، وفى ظل جماية أمريكية مارس الظلم والطغيان وذاق شعبه المرار، وفى عام 1969 قام بسحق الطلبة المتمردين على حكمه المستبد، حتى إن جثث الطلبة القتلى رميت فى مقابر جماعية و12 طالبا حكم عليهم بالإعدام، وأغلقت الجامعة عاما وجند 2000 طالبا فى الجيش، ليتعلموا الطاعة وإغلاق الفم.
أسس نظامًا استبداديًا بالحزب الأوحد فى البلاد المسمى "الحركة الشعبية للثورة" وأصبح الرئيس المارشال فى 1982.
بدل تسمية كل من الدولة والنهر والعملة تحت اسم زئير، وفى نفس السنة فرض ملابس شعبية لخلق نموذج زائيرى للزى الغربى وطالب الزائيريين اختيار اسم للنسب الإفريقى والمحلى (غير المسيحى)، ورفع شعارًا غريبًا يقول: "موبوتو المجاهد الذى سينتصر ثم ينتصر ودون أن يستطيع شخص إيقافه".
بسبب الفوضى التى ظهرت فى البلاد والانتقادات الدولية لنظام حكمه، إضافة للحرب فى رواندا المجاورة فى يونيو 1997، نجح تحالف القوات الديمقراطية من أجل تحرير الكونغو - زائير والتى يقودها لوران كابيلا فى دخول العاصمة كنشاسا، وخلع موبوتو عن السلطة.
هرب موبوتو لاحقا إلى توجو، ثم توجه إلى منفاه بالمغرب، وبقى بها حتى توفى فى 7 سبتمبر 1997 متأثرا بمرض السرطان ودفن فى مقبرة مسيحية فى العاصمة المغربية الرباط.
زين العابدين بن على
(3 سبتمبر 1936 -)، رئيس الجمهورية التونسية منذ 7 نوفمبر 1987 إلى 14 يناير 2011، وهو الرئيس الثانى لتونس منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956 بعد الحبيب بورقيبة، عين رئيسًا للوزراء فى أكتوبر 1987 ثم تولى الرئاسة بعدها بشهر فى نوفمبر 1987 فى انقلاب غير دموى حيث أعلن أن الرئيس بورقيبة عاجز عن تولى الرئاسة، وقد أعيد انتخابه وبأغلبية ساحقة فى كل الانتخابات الرئاسية التى جرت، وآخرها كان فى 25 أكتوبر.
ولد بن على فى مدينة حمام سوسة بتاريخ 3 سبتمبر 1936، وعندما كان طالبا فى ثانوية سوسة، انضم إلى صفوف المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الفرنسى، مما أدى إلى طرده من المدرسة وأدخل السجن، ثم أكمل الدراسة الثانوية فيما بعد، ثم نال الدبلوم من مدرسة سان سير ثم من مدرسة المدفعية فى شالون سور مارن بفرنسا، وأرسله حماه الجنرال كافى بدورة إلى المدرسة العسكرية العليا للاستخبارات والأمن فى بلتيمور بالولايات المتحدة، ومدرسة المدفعية الميدانية فى تكساس ليستلم بعد انتهائها الأمن العسكرى التونسى حيث تولى رئاستها 10 سنوات.
عين سفيرا لبلاده فى وارسو لمدة أربع سنوات، ثم عين بعدها كوزير دولة، ثم وزير مفوض للشئون الداخلية قبل أن يعين وزيرا للداخلية فى 28 أبريل 1986، ثم رئيسا للوزراء فى حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة فى أكتوبر 1987.
بعد شغله منصب رئيس الحكومة بأيام وفى فجر اليوم السابع من نوفمبر 1987، قام بانقلاب استهدف إزاحة الرئيس التونسى الحبيب بورقيبة، واستمع التونسيون عبر موجات الإذاعة لصوت الرئيس بن على وهو يقرأ نص بيانه الشهير، الذى تضمّن مُعظم تطلعات التونسيين ونُخبتهم، بعد أن أشرف النظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى على الانهيار الكامل.
فى أجواء حرب الخليج الثانية، بدأت المواجهة بين السلطة وحركة النهضة، فكان ذلك إيذانا بنهاية سريعة لفُسحة نادرة وبداية تغيير جوهرى لأسلوب تعامل النظام مع المعارضة والمجتمع المدني، حيث بدا جليا أن زين العابدين بن على لم يكن يرغب بتداول السلطة، لكنه فى المقابل كان فى البداية، وقبل أن تستقِر أوضاعه نهائيا، يميل لإشراك أطراف عديدة فى اللّعبة، بما فى ذلك الإسلاميون، لكن بعد أن بدا له زخم التيار الإسلامى واتساع قاعدة فضل المواجهة، وبدأ الوجه الحقيقى للجنرال الرئيس يظهر على حقيقته، وأعلن حربا ضد الإسلام فى تونس قد يكون أسوأ مما فعله الفرنسيون، ومن ذلك:
منع ارتداء الحجاب للفتيات وعدم تعيين المحجبة فى الدوائر الحكومية .
منع مكبرات الصوت فى المساجد وصوت الآذان
منع الصلاة فى المسجد إلا بعد مراجعة مبنى المخابرات والحصول على البطاقة الممغنطة واستخدامها فى الجهاز على أبواب المساجد
منع الناس من دخول المساجد إذا لم يكن له اسم فى المخابرات وعدم وجود البطاقة الممغنطة
منع تعدد الزوجات وعدم الزواج من أكثر من واحدة حتى ولو لا تستطع الإنجاب
طلب من الدول عدم استقبال المعارضين التونسيين ولم يجدوا دول تستقبلهم وعاود إلى السجون فى تونس
منع مدارس تحفيظ القرآن فى تونس
منع دراسة مادة التربية الإسلامية .
أمر بحبس أى إنسان اتبع السنة بتطويل لحيته.
استغل السلطة لتأمين مستقبل أزواج بناته حتى أصبحوا أصحاب المليارات بينما يموت الشعب من الجوع
وأمام ظلمه واستبداده، انتفض الشعب التونسى ضده فى 18 ديسمبر 2010، مما اضطره للفرار من البلاد هاربا يوم الجمعة 14 يناير 2011، ولسخرية القدر فإن الرئيس المخلوع لم يجد دولة تستقبله ... وعندما استقبلته السعودية فإنه ذهب لبلد المآذن والمساجد التى لن يستطيع إسكات مكبرات الآذان فيها، وبلد الحجاب الذى ستجبر زوجته وبناته على ارتدائه، وبلد القرآن وتحفيظه الذى عاش سنى حكمه يمنع تحفيظه!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.