الحديث الكاسح من جانب المنابر العلمانية ومن انضم لها من مجموعة الورثة حول مشاكل الأقباط هو في حقيقته حديث حول مشكلة العلمانيين الأولى وهي الإسلام في مصر ومظاهره والحل المطروح لهذه المشكلة المزعومة هو حديث حول مشكلة العلمانيين وليس حل مشاكل الأقباط التي لم يكلف أحد خاطره بأن يسألهم هم فيها وهم أصحاب الشأن. والدور الوحيد الوحيد للأقباط في هذا الحديث الدائر حول ما يزعم أنه مشكلتهم الرئيسية هو دور مخلب القط أو دور الكتلة السلبية التي تستدعي لحضور معركة العلمانيين والوارثين وتشارك فيها وتوفر لهم الحجة المطلوبة ثم تنصرف مشكورة بعد أن يمنوا عليها بحصة طائفية وهمية تتلخص في مناصب ومقاعد بلا سلطة حقيقية بل على العكس سوف تؤدي إلى أن ينحصر دور الأقباط في إطار العنصر الداعم لنظام دكتاتوري في ممارسته الموجهة ضد حريات وحقوق الجميع الجوهرية. والأسوأ أن الأقباط المشاركين في الحصة الطائفية التي يتحدث عنها الآن مايكل منير وأشباهه نيابة عن أسيادهم في الخارج وفي الداخل كذلك سوف تعمق من الطائفية والانقسام في مصر ولن تؤدي إلى المساواة والمواطنة كما يزعم البعض لأن المنتفعين بالحصة لن يكونوا ممثلين للأقباط كما يشاع بل للكنيسة التي ستختارهم وفق معاييرها الخاصة التي لا يتصور أن يكون بينها تعبيرهم عن إيديولوجيات أو مواقف فكرية مختلفة تماثل اختلاف الأفكار والسياسات على الساحة السياسية الحزبية. وفوق هذا فإن المنتفعين بهذه الحصة سوف ينظر إليهم من جانب المشتغلين بالشأن العام ليس فقط على أنهم ممثلون للكنيسة الأرثوذكسية القبطية ومواقفها الخاصة بل أساسا على أنهم مشاركون في نظام لا يتمتع بالديمقراطية وعلى أنهم مشاركون في عملية القمع الذي يمارس الآن على الشعب المصري على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والطبقية والدينية وسوف يؤدي هذا إلى إشعال الفتنة بين عناصر الأمة المصرية لأن المس المعلن لأصحاب الحصة الطائفية (وهو مسمى خاطئ) هو أنهم ممثلون للأقباط كمجموعة من المواطنين المصريين بينما هم ممثلون لهيئة دينية معينة وبينما هم داخلون في نظام يريد العلمانيون تأسيسه على قاعدة قمع وقهر المكون الإسلامي الأصيل لمصر تاريخا وهوية. وهنا هو جوهر الحصة الطائفية التي رفعا العلمانيون الآن لتكون بطلبا أخر مزعوما من مطامع الأقباط التي يحددونها هم.