الحديث الغالب والجارف الآن الذي يحدد مشكلة الأقباط الرئيسية بأنها هي الإسلام ومظاهره وصحوته ومؤسساته ودعوته التي يقال بأنها كلها تمثل أخطارا من نوع أو أخر على الأقباط هو حديث لا يصدر عن الأقباط أنفسهم بل يصدر في المقام الأول عن النخبة العلمانية مدعومة بجانب من مجموعة الوراثة. وبهذا الطرح نجد أنفسنا في الحقيقة لا نتحدث عن مشكلة للأقباط أسمها الطرح الإسلامي بل يدور الحديث حول مشكلة للعلمانيين وفكرهم وطموحات من انضم إليهم. والذي يحدث ببساطة هو أن العلمانيين الذين يريدون اليوم وبدون أي مبرر أن يطلقوا على أنفسهم اسم الليبراليين قد أخذوا وبمنتهى الانتهازية والخداع يريدون إدخال الأقباط وكنيستهم كطرف مشارك ومعاون في معركتهم هم مع الإسلام . أنهم وبينما يدعون الدفاع عن الأقباط وتبنى قضيتهم ينظرون في الحقيقة إلى الأقباط نظرة احتقار حيث لا يعتبرونهم سوى مخلب قط أو أداة غير عاقلة يحرضونهم ضد المسلمين ومظاهر الإسلام ويكسبونهم إلى صفهم في قضيتهم هم التي يزعمون كذبا أنها قضية الأقباط. وبعد أن يخدع العلمانيون الأقباط ويستعينون بنفوذ الكنيسة في الخارج والداخل كذلك لتمرير المشروع العلماني بشكل واسع ورسمي فإن المكافأة المترتبة على ذلك لن يحصل عليها الأقباط بل ستحصل عليها الكنيسة على هيئة المخاصصة الطائفية المشهورة بنسبة 15% أو أكثر (حسب مطلب مايكل منير) من كل غنيمة المناصب الإدارية والتنفيذية والمقاعد التشريعية وهي حصة لا معنى لها في بلد ديكتاتوري لا قيمة لمجالسه النيابية ولا تقوم أجهزته التنفيذية إلا بتنفيذ الأدوار العليا التي تصدر من رأس النظام. بل على العكس فإن المخاصصة الطائفية التي سوف يلقي بها العلمانيون إلى الأقباط كمكافأة المساعدة في إخراج المشروع العلماني المضاد للإسلام إلى الوجود لن يكون لها معنى إلا وضع إمكانات الكنيسة (التي سوف توزع أنصبة المخاصصة على الأقباط) في خدمة النظام العلماني الجديد الذي سوف يكون موجها ضد كل الدين (إسلامي أو مسيحي) وكل التراث وكل الهوية وكل القيم المصرية الأصلية. فهل هذا حقا هي مشكلة الأقباط؟ وهل هذا هو الحل لها؟.