عندما يقتصر الحديث السياسي الآن في مصر حول مشكلات الأقباط فهل يعني هذا أنه لا يوجد لأحد في مصر مشكلات من شتى الأنواع ؟ هل لا توجد لدي فئات المجتمع الأخري مشكلات ؟ وإذا كان الكلام يدور حول الأقباط كجماعة دينية في مقابل الجماعات الطبقية والفئوية.... الخ فهل معني هذا أنه لا توجد مشكلات للمسلمين من حيث هم جماعة دينية أو حتى طائفة دينية ؟ الواقع يقول إن المشكلات التي يعاني منها المسلمون الذين يشكلون أغلبية السكان في مصر تفوق كثيرا ما يعاني منه الأقباط علي فرض أنهم يعانون فعلا من أفراد ومواطنين وليس من ناحية ما يقول العلمانيون والمتعصبون أنهم يعانون منه. إن الجميع قد سمع الآن وعلي ما يزيد من الثلاثة عقود عن الخط الهمايوني وسط سوء تصوير لما يعنيه هذا الخط بالفعل والذي قدمته الكتابات العلمانية والمتعصبة علي أنه يمثل الشر المطلق دون أن يكلف أحد خاطره بالحديث التفصيلي والتحليلي حوله ، لكن أحدا لم يسمع أو يحلل أو يعلق علي ما أصبح يسمي بالشروط العشرة لبناء المساجد والتي ذكر بعض الكتاب أنها تجعل من المستحيل بناء مساجد جديدة في وقت تنهار فيه وتهمل عشرات المساجد ولا يرممها أويعتني بها أحد كما نقرأ في الشكاوى شبه اليومية في شتي الصحف. بل أنه فضلا عن عدم التطرق إلي هذا الخط الهمايوني الإسلامي ( أو الخط الزقزوقي ) نسمع في كتابات العديد من صحفيي الحكومة التبرم الشديد ببناء المساجد التي أصبحوا يعتبرونها أمكان لتفريخ الإرهاب والتطرف أو أنها علي أفضل الأحوال ليست لها أية فائدة للمجتمع. والسؤال الآن هو إذا كانت هناك مشكلة للأقباط فيما يتعلق بالكنائس فلماذا لا يتحدث أحد عن المشاكل التي تعاني منها المساجد وهي كثيرة ، ولا تبدأ بالخط الزقزوقي وإنما تصل إلي تأميم المساجد وحظر الأنشطة الدينية البحتة بها نهيك عن شتى الأنشطة الاجتماعية المزدهرة في الكنائس . هناك عشرات المشكلات تحيط بالمساجد وتحبط من دورها تماما لكن لا أحد يتحدث عنها بل علي العكس نجد من يباركها ويتحدث عنها كمنجزات وليس كمشاكل وفي وسط هذا التضييق الذي يصل إلي حد القمع لدور المسجد ولوجوده فكيف يمكن أن يكون هناك تفهم أو تقبل علي لما يثار بشكل مضخم لما يسمي بمشكلات الكنائس وعلي العكس يصبح هذا الحديث الجارف عن مشكلات الكنائس وما يلحقها بمثابة علامات استفهام استفزازية لأنه يجري وسط إنكار لوجود مشكلات حقيقية وكبيرة تعاني منها الدعوة الدينية الإسلامية ما بين القمع الحكومي والتأميم والتدخل الرسمي لعلمنة وتغريب مضمونها تحت مسمي " تجديد الخطاب الديني ".