يقاس نجاح أي ثورة بالإجابة عن سؤالين بسيطين وجوهرين في ذات الوقت: إلى أي مدى نجحت الثورة في إحداث تغيير في المحيط والبيئة التي ثارت عليها؟ وما هو مهر النجاح؟! طبعا كلما اتسع تأثير الثورة ليتجاوز حدودها المحلية إلى نطاقها الإقليمي أو الدولي، كان ارتفاع ترمومتر النجاح في صالحها.. ودائما كانت الثورة الفرنسية هي النموذج والإلهام الذى استوحاه كل الثوار في العالم رغم وجود ثورات كبرى مثل: الثورة الأمريكية التي اندلعت عام 1775، واستمرت إلى 1783، ويعتبرها البعض ملهمة للثورة الفرنسية، وإن فاقتها الأخيرة في الأثر، والثورة الروسية التي اندلعت عام 1917، التي كونت الاتحاد السوفيتى الذى تفكك في 1990، بالإضافة للثورة الصينية 1949 التي أدت إلى تأسيس الجمهورية الصينية.. وهكذا؟ وأتوقف كثيرا عندما أقارن بعض الثورات بثورة يوليو التي نحتفل بمرور 73 عاما على قيامها، وطبعا تكون المقارنات بشكل نسبي مع الأخذ في الاعتبار النطاقين الزمانى والمكانى، وأتوقف عند بعض أوجه المقارنة. في البداية يكون المشهد المؤلم والمثير للنقاش يدور حول العنف والدم الذي غالبا ما يصاحب الثورات لأنها ببساطة معركة جماهيرية، بين تيار يحاول الحفاظ على مكاسبه التي حصل عليها من النظام الذي ثار البعض عليه، وبين تيار جديد يحاول الحصول على مكتسبات علي حساب من ثار عليه أو جثته إذا لزم الأمر، يكون التوقف بالمقارنات بالتفكر والتأمل في سلبيات وإيجابيات ثورة يوليو ومقارنتها بالثورة الفرنسيىة وغيرها في مجال العنف مثلا مع أعداء الثورة أو المتضررين من آثارها. طبعا أثر الثورة الفرنسية أكبر من ثورتنا في المحيط الذى أثرت فيه علي المستوى الفكرى والسياسي، هى ثورة للفكر، الغارق في بحار من دماء وأمواج من العنف، مع تأثير عالمي لا محدود وبشكل جعلها أحد أكثر الأحداث تحولًا في التاريخ البشري، حيث لم يقتصر تأثيراتها علي المشهد السياسي والاجتماعي في فرنسا، بل أمتدت لإعادة تشكيل الأفكار والمفاهيم في جميع أنحاء العالم، وهى الأخطر تأثيرا لأنها البنية الحقيقية المستمرة للتغيير.. لماذا؟ لأنها ببساطة ولدت من رحم الفكر التنويري، والصدامات والأعاصير الفكرية التي مرت بها أوروبا عامة وفرنسا علي وجه الخصوص، ومع ذلك صبغت بالدماء والعنف، وكانت لغتهما الأكثر صخبا بالمقارنة بمحاورات العقل واختلافات الفكر، لكنها في النهاية خلقت إرثا ثقافيا وسياسيا لا يزال صداه يتردد حتى اليوم، لكن تعالوا نتوقف عند بعض نقاط المقارنة بين ثورة يوليو وبعض الثورات الكبرى..
الثورة الفرنسية اندلعت شرارتها عام 1789، واستمرت حرائقها ونيران عنفها وبحار الدماء لنحو 10 سنوات يعنى إلى عام 1799 قبل أن تهدأ إلى حد ما، في حين ثورتنا وصفت بالثورة البيضاء في إشارة لعدم سقوط نقطة دماء واحدة، ضد أشد معارضيها، وحتى النظام الملكي الذي ثارت عليه وللدرجة التي وصلت لأداء التحية العسكرية وإقامة المراسم التوديعية للملك فاروق وأسرته، وهو يغادر مصر مأمورا بالمغادرة للخارج، وعلى متن السفينة الملكية المحروسة.. والذي يقلل من قيمة هذا المظهر، وعدم مصاحبة العنف والدم لثورتنا البيضاء، بل والسخرية من هذه التسمية، تعالوا نقارن بينه وبين ما حدث في الثورة الفرنسية وغيرها من ثورات كبرى تلطخت بالدماء والعنف، في التاريخ العالمي والأوروبي الحديث الذى يتفاخر بشعارات الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة.. تعالوا نستعرض بعض المشاهد الدالة والموحية مثل إقتحام سجن الباستيل في 14 يوليو 1789، رمز القمع الملكي الذي قامت ضده الثورة الفرنسية، وتصاعدت حدة العنف لتصل لما عرف ب عهد الإرهاب (1793-1794) بقيادة ماكسيميليان روبسبير ولجنة السلامة العامة.. حيث استخدمت المقصلة كأداة رئيسية لتصفية المعارضين للثورة، وتم إعدام الآلاف، بمن فيهم الملك لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت، وعدد كبير من النبلاء ورجال الدين، وحتى بعض قادة الثورة أنفسهم لم ينجوا من المقصلة رغم إنهم شاركوا فيها، يعنى ببساطة الثورة أكلت بعض صانعيها، طبعا كان تبرير هذا العنف هو حماية الثورة حتى من أصحابها! وارتفع شعار لا أحد يستطيع الوقوف أمامه، وهو القضاء علي أعداء الشعب، باختصار ظهر الوجه المظلم للتطرف الثوري وثقافة الانتقام التي قد تلتهم أبناءها قبل غيرهم..هذا العنف المفرط جاء مع ثورة تنادى وترفع شعارات الحرية والمساواة والعدالة، لكن كان مدادها الدم والعنف اللذين تركا جراحًا عميقة في المجتمع الفرنسي لسنوات طويلة، وما زال ينزف وينفي صفحات التاريخ من جهة، وأثار جدلًا واسعًا حول طبيعة الثورات، وحدود العنف المبرر لتحقيق التغيير، والتوازن بين الحرية والنظام. الثورة الروسية وفي روسيا كان العنف والدم اسمه بارزة ومؤلمة للثورة الروسية، وبخاصة الثورة البلشفية والحرب الأهلية (1918-1922)، فلم تكن الأحداث مجرد تغييرات سياسية، بل كانت صراعات ومجاعات وأمراض وعمليات إعدام جماعية، واحتجاز في معسكرات العمل القسري وتعذيب.. هى الأكثر دموية وعنفًا دفع ثمنها نحو 5 إلى 12 مليون قتيل.. ووصل الأمر لإعدام القيصر نيقولا الثاني وعائلته علي يد البلاشفة عام 1918، واستهداف الطبقات الأرستقراطية ورجال الدين والبرجوازية والفلاحين الأغنياء (الكولاك) وكل من يُشتبه في معاداته للنظام البلشفي. الثورة الصينية وإلى الثورة الصينية وبمراحلها المختلفة نجد خسائر تقدر بملايين الأرواح بسبب العنف والدم.. خاصة في الحرب الأهلية الصينية (1927-1949) والتي شهدت حملات قمع للمعارضين وعمليات إعدام جماعية واسعة النطاق. أدت إلي مقتل ما يتجاوز المليون، بالاضافة إلي مجاعات هائلة راح ضحيتها ما بين 30 إلى 45 مليون شخص، ليس فقط بسبب سوء الإدارة ولكن أيضًا بسبب العنف والقمع والابتزاز وجاءت الثورة الثقافية لتزيد أعداد القتلى إلى ما يصل إلى مليونين. عبد الناصر يذهب للجمهورية يوميا لمراجعة المانشيتات! الجمهورية وصوت العرب أبناء ثورة يوليو البكر! بعد هذه المقارنات البسيطة هل كانت ثورة يوليو ثورة بيضاء بحق رغم بعض السلبيات التي حدثت بعدها! أترك الإجابة لكم بمقارنة المشهدين، مشهد وداع الملك فاروق المخلوع بالثورة وإطلاق طلقات الرصاص، ليست في صدره ولكن تحية الوداع له وأسرته، وبين الثورة الفرنسية التي استخدمت المقصلة كأداة رئيسية لتصفية المعارضين لها، وتم بالفعل إعدام الآلاف، بمن فيهم الملك لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت، وعدد كبير من النبلاء ورجال الدين، بل وحتى بعض قادة الثورة أنفسهم الذين لم ينجوا من المقصلة رغم أنهم ممن شاركوا في الثورة! [email protected] ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا