يكثر الحديث الآن حول مشاكل الأقباط وضرورة مناقشتها في العلن ومن ثم حلها ولكن لا يقول أحد بالضبط ما هي هذه المشكلات ولا من هي الجهة أو الجهات التي تحدد هذه المشكلات. كذلك لا يقول أحد ما إذا كانت هذه المشكلات تختلف عن مشكلات سائر المواطنين المصريين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية أم أنها مشكلات خاصة بهم .. بالأقباط من ناحية واحدة فقط وهي كونهم يدينون بالمسيحية الأرثوذكسية. وفي هذه الحالة الأخيرة يسود خلط بين مشكلات الأقباط عامة وبين ما يمكن اعتباره مشكلات خاصة بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية من حيث هي مؤسسة دينية كهنوتية. وهذه التفرقة جوهرية في تصوري لأنه يثور الحديث أحيانا حول مشاكل أو مسائل تتعلق فقط بالكنيسة لكنها تصور على أنها مشكلة للأقباط ككل مثل ما يحدث من نزاعات حول بعض الأديرة وتوسعاتها في أراضي مملوكة للدولة أو ما يدور في بعض الكنائس من نشاطات تثير التساؤل والفتنة (ومنها قضية أسطوانة الكمبيوتر الأخيرة). كذلك فإن القضية التي تثار دائما حول بناء الكنائس لكن من زاوية اعتبارها خاصة بالكنيسة ورغبتها في توسيع مقارها وقواعدها وهيكلها التنظيمي لاسيما إذا لم يقترن هذا البناء بحاجة حقيقية لمواجهة التوسع السكاني أو بالأصح أعداد المتعبدين الفعلية ووضعا في الاعتبار الدور الطاغي الاجتماعي والحشدي للكنيسة والذي طغى على الدور التعبدي في أحيان كثيرة ويصح هذا المنطق لأن نفس الحجج تطرح وبكثافة وإلحاح فيما يتعلق ببناء المساجد حيث يقول العديد من الكتاب وأصحاب الرأي أنه لا حاجة لبناء الكثير من المساجد لأن لا حاجة حقيقية لها اللهم إلا عن سبيل التظاهر بل والتعصب بينما تستدعي الحاجة لبناء مؤسسات اجتماعية أخرى (مستشفيات ، مدارس ، الخ). والذي يتابع الحديث الجاري حول مشكلات الأقباط ولاسيما عند أصوات غير قبطية تنتمي إلى الفكر العلماني يجد أن أهم هذه المشكلات هي وجود التيار الإسلامي العام وليس فقط الحركي أو السياسي. وهذا التصور غير النابع من الوسط القبطي نفسه وإنما المقحم من الخارج هو تصور ينطلق عن تعصب مقيت وغريب يفرض على الأقباط بالقوة مشكلة هي في الحقيقة مشكلة العلمانيين وليست مشكلة الأقباط وأعني بذلك وجود تيار حركي اجتماعي فكري إسلامي ناشط على ساحة المجتمع بدوافع التعبير عن الذات والهوية وليس بدافع مواجهة المسيحية. وللحديث بقية.