يطرح الكثير منا التساؤلات حول الغاية من الحياة ومصير الإنسان بعد الموت، تعود آيات القرآن الكريم لتذكرنا بالحقيقة الكبرى: أن الوجود لم يكن عبثًا، وأن للإنسان رسالة أسمى من مجرد البقاء. وفي هذا السياق، تقدم "بوابة أخبار اليوم" في باب "تفسير آية" للشيخ محمد متولي الشعراوي – أحد أعلام التفسير في العصر الحديث – قراءة روحانية ومعنوية بليغة لقول الله تعالى: "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون؟". مبيّنًا أن هذه الآية ليست مجرد استفهام، بل نداء إلهي يحمل توبيخًا لمن أنكروا الغاية والحساب، ويؤكد أن الإنسان خُلق لعبادة الله وتحقيق العبودية له، وأن الإيمان باليوم الآخر ضرورة عقلية وإيمانية تكتمل بها حكمة الخالق وعدله. تفسير مؤثر وعميق للآية الكريمة من سورة المؤمنون: "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون"، يؤكد الشيخ محمد متولي الشعراوي، أن الإنسان لم يُخلق عبثًا أو بلا هدف، وإنما خُلق لغاية عظيمة هي عبادة الله وتحقيق العبودية الكاملة له، وهو ما يستدعي بالضرورة وجود حياة أُخرى، يُحاسب فيها الإنسان على أفعاله في الدنيا. ويبيّن الشعراوي أن الاستفهام الوارد في الآية هو استفهام إنكاري، يُظهر التوبيخ الإلهي لمن ظنوا أنهم خلقوا دون هدف، أو أن الحياة تنتهي بالموت بلا بعث أو حساب. ويؤكد فضيلته أن هذا الظن ينقض حكمة الله وعدله، ويُفرّغ الحياة من معناها. لا عبث في خلق الله يشرح الشعراوي أن الله سبحانه وتعالى لا يخلق شيئًا عبثًا، بل لكل شيء في هذا الكون وظيفة وغاية، من الكواكب إلى المخلوقات الدقيقة، والإنسان، الذي هو أكرم مخلوقات الله، لا يمكن أن يُستثنى من هذه القاعدة. ويقول إن منطق العقل، قبل الإيمان، يرفض فكرة أن يعيش الإنسان دون هدف، ثم يموت دون حساب، مؤكدًا أن الإيمان باليوم الآخر هو ركن من أركان الإيمان بالله عز وجل، وأن غايته ليست مجرد المعرفة، بل الاستعداد للقاء الله بالأعمال الصالحة. الحساب ضرورة للعدالة ويضيف الشعراوي: "لو لم يكن هناك بعث، لبات المجرم والمحسن سواء، ولضاعت العدالة الإلهية، وهذا لا يليق بكمال الله سبحانه". ولذلك، فوجود الآخرة والحساب ليس فقط من باب العقيدة، بل هو تحقيق للعدل والحكمة الإلهية. رسالة للإنسان وفي ختام تفسيره، يدعو الشعراوي كل إنسان إلى التأمل في هذه الآية الجليلة، التي تُعد رسالة مفتوحة من الله إلى البشرية، تُذكّرهم بأن حياتهم لها غاية، وأن عبادة الله والسير على هديه هما السبيل لتحقيق هذه الغاية العظمى. اقرأ أيضًا | تفسير آية.. تعرف على دعوة القرآن لحب الأوطان وحمايتها