كلامك كله نظرى ولا نجده فى الواقع! هكذا فاجأنى صاحبى بعدما قرأ مقالى الأسبوع الماضى. سألته فى براءة وبأعصاب هادئة: ما الذى تقصده بالضبط؟ أجاب: خلاصة ما قلته أن من يحب ربنا حقا يكون أشبه بالملائكة وينعكس حبه على الناس والدنيا كلها! وهذا غير صحيح! نحن نعيش فى زمن صعب، والإنسان بشر يخطئ ويصيب وطبيعى أن يبحث عن مصلحته. أولا ليفوز فى الدنيا! وهو يعبد الله لأنه يريد أن يكسب الآخرة أيضا وهكذا يجمع بين الحسنيين! واعتبر أن من يهمل الحياة التى تنتظره بعد موته إنسان غبى! وقصير النظر كمان! ولذلك لابد من الاستعداد للآخرة بعبادة ربنا ومش معقول أفكر فى مصالحى فى الدنيا الفانية فقط وأنسى الحياة الأخرى الخالدة! قلت له: كلامك موعظة رائعة وأنا موافق عليه 100٪، لكن الفارق بينى وبينك يا حضرة الواعظ المحترم أنك تظن أن التقرب إلى الله يكون بالعبادات فقط بيما تعاملات الدنيا حاجة تانية لا صلة لها بالتدين وكل واحد يشوف نفسه ومصلحته رافعا شعار: أنا وبعدى الطوفان! فالتدين عندك مجرد علاقة شخصية بين الإنسان وربه فقط، وهذا ما ينادى به أنصار العلمانية الذين يريدون حصر التدين فى الزوايا والمساجد والكنائس بعيدا عن الدنيا! فوجئت برد غير متوقع عندما قال لى: أنت إنسان رومانسى.. وعايش فى الماضى يا حبيبى!! انتهى عصر الزمن الجميل.. اصحى وشوف الحياة على حقيقتها بعيدا عن الأحلام الوردية! قلت له: الدنيا تغيرت بالفعل: لكن ليس معنى ذلك أن نستسلم لها! وستظل الأخلاق والقيم والمبادئ موجودة إلى يوم القيامة حتى لو اختفت من حياة الناس! ولا قيمة لحب الله إذا لم ينعكس ذلك فى أخلاق حلوة يتعامل بها صاحبها مع غيره ويحافظ بها على نفسه ويحميها من الانحراف.