فى المقال الأخير تحدثت عن العلاقات بين الزوجين عندما تصل، لا قدر الله، إلى طريق مسدود، وتستحكم الخلافات بينهما، ويصبح الطلاق بالحسنى هو الحل، وصدق «القرآن الكريم» عندما قال: «فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف» وربنا رحيم بعباده المؤمنين، ولا يرضى أن يحكم عليه بالمؤبد فى زواج فاشل ويعيش عمره تعيساً! والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة: ما الذى أوصل الأمور إلى هذه الدرجة؟ فى يقينى أن الإجابة تتمثل فى أمرين الحب الأعمى والخداع بالمظاهر.. ومن فضلك تصور معى اثنين من الشباب كانت بينهما قصة حب رائعة توجت بالزواج، وإنجاب البنين والبنات وبعد سنوات قليلة فوجئ الجميع بما لم يخطر على بال أحد أبداً.. لقد تم الطلاق بينهما.. «طيب ليه وعلشان إيه وإزاى»؟ وكل علامات الاستفهام فى الدنيا تراقصت عند كل من كان قريباً منهما، وعرف بقصة حبهما التى تنافس الأفلام العربى خاصة تلك النهاية المأساوية!! والسبب من وجهة نظرى يعود إلى أمرين.. أولهما أن حبهما لم يكن صادقاً.. مجرد كلام فى كلام، وعشق وغرام ومشاعر حلوة خيالية ورومانسية بعيداً عن الدنيا، وبعد انتهاء شهر العسل اصطدما بالواقع والروتين اليومى، ومشاكل الحياة الصعبة، فانهار الحب «الورقى المبنى على كلام الأغانى!! وتلك العاطفة النبيلة لابد أن تترجم كل واقع وتجتاز اختبارات الدنيا الصعبة حتى تثبت جدارتها ولا تكفى التمنيات الطيبة، والحب الحقيقى عبارة عن بناء حياة زوجية ناجحة تتطور باستمرار، ويكون دافعاً لأصحابها للاستقرار والسعادة والتفوق فى الحياة العامة بفضل شريك العمر، هذا يدل على أن هذا «الغرام» فيه حاجة غلط!! وأنتقل إلى الأمر الآخر الذى يمثله القول المأثور: «الحب أعمى» وهذا من الأسباب الأساسية لفشل الزواج الذى يتم بين المحبين.. وتفاصيل ذلك أن العاشق هو يبدو دوماً كأجمل ما يكون، ويقدم نفسه فى أفضل صورة، وبعد الزواج يبدو كل إنسان على حقيقته بلا رتوش، وتتبين أخطاؤه وعيوبه إلى جانب مزاياه، والحب الحقيقى هو الذى يقوم على قبول شريك العمر بكل ما فيه، فهو إنسان فى النهاية، والملائكة لا تعيش على الأرض! ويخطئ هذا العاشق الذى يتصور أنه يمكن أن يعيش فى الأحلام طوال الوقت حتى بعد زواجه.. أقول له: «إصحى يا حبيبى وشوف الواقع وابنى حياتك الجديدة على أساسها»، لكن أحياناً تكون الصورة مفزعة يكتشفها شريك العمر فى الطرف الآخر ولكن بعد فوات الأوان! مثل البخل والقسوة التى تصل إلى حد الضرب، واستخدام ألفاظ نابية إذا نشبت خناقة.. يعنى قليل الأدب! وبالطبع يصبح الحب فى تلك الحالات فى خبر كان! ومن الصور التى نراها أيضاً هذا الزوج الذى يكون لطيفاً مع امرأته وهو يكافح فى الدنيا وهى بجانبه فإذا نجح وتألق تغيرت أحواله فيداهمه الغرور والاستكبار ويعامل الناس من علو، وتأخذه سكرة النجاح وينعكس ذلك على بيته، وتشكو امرأته من إهماله لها، وكانت بينهما قصة حب رائعة وواقعية فى الوقت ذاته حيث ساندته فى أول الطريق، لكن بعدما وصل ضحى بها، وتعددت علاقاته الغرامية ونسى صاحبة الفضل عليه، وكشف حقيقة معدنه المتدنى! ويا خسارة من أضاعت عمرها هباء وارتبطت حياتها به.