بعد التحية والسلام.. أولاً أعرفك بنفسى سيادة الرئيس، أنا مواطنة من بلادك سيدى، ولدت فى منتصف الثمانينيات، أى كنت لاأزال مشروع حلم لأمى وقت أن توليت سيادتك منصب رئيس الجمهورية، تعلمت فى مدارس مصرية، وتلقيت علاجى فى مستشفياتها حين كنت أمرض، استخدمت طرقها وكباريها وأنفاقها ومواصلاتها، سيدى الرئيس أعلم أن اليوم هو عيد ميلادك ولا أريد أن أعكر عليك صفوه، ولكنى تمنيت لو أنك احتفلت به معنا، بعيداً عن وزرائك ومستشاريك ومحافظيك، تمنيت لو ألقاك دون أن يكون بينى وبينك حجاب أو كتائب أمن مركزى وحرس يحيطك ويمنعنى من رؤيتك بوضوح حتى من خلال شاشة التليفزيون. اعذرنى سيادة الرئيس إن كان خيالى قد أخذنى لبعيد عندما تخيلتك تترجل من سيارتك، تقترب منا وتسألنا عن أحوالنا، لن أثقل عليك بالطبع حتى أطلب منك أن تزورنا فرداً فرداً، ولكنها زيارة واحدة إلى الرصيف المقابل لمجلس الشعب تكفيك لأن تقابل الشعب كله، فهناك العمال يصرخون مطالبين برفع الحد الأدنى للأجور، وهؤلاء الأطباء يحلمون بمعيشة أفضل، وبجانبهم يقف المهندسون والموظفون والمزارعون والعاطلون، بينما يجلس المعاقون على كراسيهم المتحركة ينتظرون أن يلتفت إليهم أحد، أنا يا سيدى الرئيس عمرى اقترب من ربع قرن، أى أقل من عدد سنوات حكمك لمصر بأربع سنوات تقريباً، اللهم لا حسد طبعاً، لكنى لم يسبق لى أن رأيتك وجهاً لوجه، أو حتى لمحت ملامحك من بعيد فى أى موكب تمر فيه، وكيف أفعل سيدى والشوارع تنقلب رأساً على عقب إن قررت الانتقال من مكان إلى آخر، وكيف أجرؤ أن أنتظر موكبك إن كانت هناك حشود من الضباط والعساكر يحيطون بنا من كل حدب وصوب، ويصيبون الشوارع بشلل مرورى، ويغلقون بعض محطات المترو حتى يمر موكبك بسلام، لا أنكر عليك القول سيدى الرئيس حين أقول لك إنى استشطت غضباً حينما روى لى أبى أنه وأصدقاءه وأقاربه كانوا يقفون للرئيس جمال عبدالناصر عندما يمر موكبه، يلوحون له بأياديهم ويلوح لهم، وعلى الرغم من اختلاف أبى مع السادات فإنه روى لى أيضاً يوم أن حاول رجل بسيط أن يلحق بموكبه ليسلم له شكواه يداً بيد، فما كان من السادات إلا أن مد يده نحوه وأمسك بتلك الشكوى. سيدى الرئيس ماذا إن قررت أن تأتينا لتحتفل بعيد ميلادك، تسمع منا دون وساطة أو تجميل، تقترب منا ومن مشاكلنا، تفكر معنا وتقرر لنا، تضحك معنا وتبكى لما أصابنا، وفى نهاية اليوم تقولها لنا بطريقتك «كل عام وأنتم بخير». سيدى الرئيس.. ربما لم أرك أو ألوح لك من بعيد يوماً، ولكنى أعدك بأنى سأروى لأبنائى أننى أرسلت إليك خطاباً يوم عيد ميلادك. وختاما لك منى ألف سلام.