محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    ألاعيب سيارات الاستيراد.. واستفسارات عن التحويل للغاز    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    «حماس» تتلقى ردا رسميا إسرائيليا حول مقترح الحركة لوقف النار بغزة    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    عاد لينتقم، خالد بيبو: أنا جامد يا كابتن سيد واحنا بنكسب في الملعب مش بنخبي كور    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    كولر : جماهير الأهلي تفوق الوصف.. محمد الشناوي سينضم للتدريبات الإثنين    "في الدوري".. موعد مباراة الأهلي المقبلة بعد الفوز على مازيمبي    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    نظر محاكمة 14 متهما في قضية "خلية المرج".. السبت    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    الرجوب يطالب مصر بالدعوة لإجراء حوار فلسطيني بين حماس وفتح    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    حمزة عبد الكريم أفضل لاعب في بطولة شمال أفريقيا الودية    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    طريقة عمل كريب فاهيتا فراخ زي المحلات.. خطوات بسيطة ومذاق شهي    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود محيي الدين: اخرجوا من مصر ثم عودوا إليها

محمود محيي الدين لنخبة من الشباب في روزاليوسف بعد 6 ساعات من استقالته :
اخرجوا من مصر .. ثم عودوا إليها


أدار الندوة: عبدالله كمال
أشرف عليها: محمد هاني
الفكرة والإعداد: ديانا الضبع
طارق مصطفي - محمد عادل - مريم وجدي
تصوير: فادي عزت - شيماء العريف - هشام محمد
بعد ساعات من قبول استقالة الدكتور محمود محيى الدين من منصبه كوزير للاستثمار ليتولى مهام منصبه الدولى الجديد كمدير للبنك الدولى دعته «روزاليوسف» إلى لقاء فريد مع عدد كبير من الشباب فتحوا معه حوارا غير تقليدى بالمرة حول طريقه من كفر شكر إلى (منصب وزير) الذى لم يستغرق إلا 39 سنة من يوم مولده ثم طريقه إلى المنصب الدولى الرفيع وهو فى عمر ال45 سنة. تحدثوا معه حول أحوال سوق العمل والصعوبات التى تواجه شبابا متميزا مثلهم كما استجوبوه عن مدى حبه للبلد الذى تركه وهو طالب من أجل الدراسة ويتركه للمرة الثانية من أجل منصب رفيع فى عالم الاقتصاد.
كان أهم قانون فى هذا الحوار هو الاتفاق مع الصحفيين على الامتناع عن توجيه أى أسئلة وأن تكون مشاركتهم مقصورة على الحضور فقط وذلك لأن هدف الندوة لم يكن سؤال الدكتور محمود محيى الدين عن أول قرار سيصدره فى البنك الدولى ولا عن الملفات المفتوحة فى وزارة الاستثمار وهذه هى الأسئلة المتوقعة من أى صحفى يريد أن يخرج بسبق أو خبر، إنما كان الهدف هو أن يلتقى شباب مصرى واعد ومتميز دراسيا ومهنيا اخترناهم بعناية شديدة مع سياسى شاب حقق الكثير جدا بجودة و(شطارة) فائقة التميز. اكتفينا بشابين صحفيين فقط ليمثلا شباب الصحفيين وهما (طارق مصطفى) رئيس قسم الفن والثقافة، و(ديانا الضبع) رئيس قسم التحقيقات التى ترك لها الأستاذ عبدالله كمال رئيس التحرير والأستاذ محمد هانى مدير التحرير الميكروفون لإدارة اللقاء.. فقد اكتفى رئيس التحرير ومدير التحرير بتقديم الدكتور محمود تاركين الحوار كاملا للشباب الصغير.
حاور الدكتور محمود عدد من طلبة وخريجى الجامعة الأمريكية والاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وعدد من معيدى الجامعات والعاملين فى كبرى الشركات والبنوك الدولية ومنظمات المجتمع المدنى من الشباب الذى كان متحمسا جدا للقاء المدير المصرى للبنك الدولى.
بدأ رئيس تحرير روزاليوسف اللقاء قائلا:
الدكتور محمود محيى الدين حتى 6أو 7 ساعات مضت كان لايزال وزيراً للاستثمار، الآن الدكتور محمود مدير البنك الدولى.
قاطعه د. محمود محيى الدين: لا، ليس بعد.
فسأله الأستاذ عبدالله مداعبا: هل ذلك يعنى أنك بلا وظيفة رسمياً الآن؟!.
د. محمود محيى الدين (ضاحكا): لا.
عبد الله كمال: وظيفتك الآن دكتور بكلية سياسة واقتصاد كان مرشحاً لمجلس الشعب، لكن لم يعد كذلك.
ثم استطرد رئيس التحرير متحدثا عن فكرة اللقاء قبل أن يترك الميكروفون للشباب:
الفكرة كما اقترحها شباب روزاليوسف هى أن نتناقش فى قيم النجاح التى تدفع شخصية مصرية مرموقة مثل الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار، حتى 6 ساعات مضت، إلى أن يحتل منصباً دولياً لم يسبقه إليه عربى أو مصرى، الفكرة إنه بخلاف المناقشات التى قمنا بها من قبل مع الدكتور محمود بخصوص موضوعات متعددة، فى السياسة والاقتصاد، وأيضاً فى مسائل فكرية لها علاقة بالتنمية، اليوم سنتحدث فى خبرة الحياة. فطالما نتكلم مع أصحاب خبرة الحياة عندما يصلون لل 90 وال 80 لكن من الممكن أن نتحدث عنها مع من هو أصغر سناً بكثير. لا أريد أن أكون ثقيل الظل وآخذ من وقت دكتور محمود محيى الدين ومن وقت حوار الشباب. فسنستمع إلى الأستاذ محمد هانى مدير التحرير ثم الدكتور محمود محيى الدين والندوة ستديرها زميلتنا ديانا الضبع.
محمد هانى: الحقيقة الندوة بهذا الشكل، فى روزاليوسف، فكرة طموحة وجديدة، تساعدنا فيها جداً شخصية الدكتور محمود. نحن أمام شاب مصرى استطاع أن يصل إلى منصب رفيع فى الدولة، وهو يغادر هذا المنصب اليوم، ليتولى منصبا رفيعا دولياً، ينتمى إلى عائلة عريقة ليس على المستوى السياسى فقط. جذوره من دلتا مصر، التى خرجت أبناء كثيرين. لا يستطيع أحد منا أن يقول أنه قاهرى، كلنا لنا جذور بشكل أو بآخر خارج القاهرة.الدكتور محمود ليس مجرد شخصية تبوأت منصبا سياسيا، أو عملت فى العمل العام. كلنا نعلم أنه منغمس فى اهتمامات متنوعة خارج المناصب التى تولاها وخارج إطاره الأكاديمى. له فكر كان يتضح سواء فى قراراته أو فى كتاباته، وله كتابات كثيرة خارج تخصص المنصب. خصوصية اللقاء، وطبيعة المشاركين فى الندوة تبشر بلقاء لا نستطيع أن نعرف ماذا سيسفر عنه، وأتصور أنه سيكون شيئا مختلفا وجديدا. وسنتابع حوارا غير مسبوق مع شخصية مثل د. محمود محيى الدين، تسأل فيه أسئلة، يمكن ألا تخطر على بالنا كصحفيين محترفين، ليست أسئلة متعلقة بفنيات وسياسات وزارة الاستثمار، أو منصبه الرفيع فى البنك الدولى، ولكن أسئلة شباب أمامه فرصة أن يتحدث لشاب مصرى، وصل إلى منصب عالمى رفيع، وأعتقد أن الكثيرين منكم يعلمون أنه وصل إليه بكفاءة قبل أى شىء آخر وبدون أى شىء آخر. ولم نر من قبل وزيراً مصرياً يخرج من الوزارة إلا مستقيلاً أو مقالاً أتمنى أن يضع د. محمود إضاءات فى كلمة افتتاحية قصيرة عن طريقه من بلدته فى «كفر شكر» إلى منصبه فى البنك الدولى.
الدكتور محمود محيى الدين.. من كفر شكر إلى البنك الدولى
بدأ الدكتور محمود محيى الدين لقاءه مع الشباب بالكلمة التالية:
أعتقد أنه من الصعب أن يطلق على من سنه 45 سنة شباب، كما وصفتمونى، عندما كنا فى الجامعة، وكنا نسمع أن أحدهم 35 سنة، كنا نشعر أنه رقم كبير جداً. لكن المناصب السياسية فى بلدنا مقيدة، إما قانوناً أو عرفاً، فلا تستطيع ترشيح نفسك للنيابة بمجلس الشعب إلا عند سن ال30 سنة، لا تستطيع أن تكون عضو مجلس شورى إلا وعمرك ,35 والأمر ذاته بالنسبة لرئاسة جمهورية البلاد، حيث لا تستطيع أن تكون رئيساً للجمهورية دون سن ال40 سنة.لذا عندما تصل إلى مناصب سياسية وأنت قريب من هذه السن، تعتبر شابا. أنا عدت إلى مصر، بعد رسالة الدكتوراه التى قدمتها فى المملكة المتحدة وأنا فى الثلاثين من عمرى. لا أتذكر مرور أى يوم، منذ الثانوية العامة حتى الآن عملت فيه أقل من ثلاثة نشاطات. وهذا يذكرنى دائماً بالسير الذاتية للشباب الراغبين فى العمل، فدائما ما يكتب الشاب من هؤلاء أنه يهوى القراءة، والمشى والسباحة، وهذا فى إطار «البلبطة» العامة.
«الشباب يضحكون»
وأنه يجيد اللغة الإنجليزية وأن العربية هى لغته الأم، وقد كتب فى سيرته الذاتية الكثير مما يؤكد أن إجادته للغته العربية محل شك كبير. ويكتب عادة أنه على إلمام عام لا بأس به باللغة الفرنسية وهذا غالباً ما يعنى أنه لو سمع أحدهم يتكلم الفرنسية، كل ما يستطيع تمييزه هو أن هذا الشخص لا يتحدث الصينية!
«الشباب يضحكون»
رجوعاً إلى موضوعنا، عندما عدت قدمت ورقى إلى جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وفى الأسبوع نفسه للحزب الوطنى، لتجديد العلاقة، وفى الوقت ذاته، كانت أمامى أكثر من فرصة فى مراكز أبحاث مختلفة وفى وزارة التعاون الدولى، وقدمت فى الاثنين. وفى خلال أسبوع، كان منوطا بى هذه المهام الثلاث الجامعة والحزب والعمل الحكومى.
بلدتى التى أعتز بها، «كفر شكر» وهى على بعد دقائق من بنها، وتتوسط 4 محافظات مختلفة، مما يجعلها على مشارف ثقافات مختلفة. أسرتى - وبعيداً عن السياسة - منغمسة فى الزراعة من منتصف القرن ال19 وهو تاريخ أقدم عقد استطعت إيجاده ببيتنا، مما يجعلنا مزارعين منذ 150 سنة، والاهتمام بالعمل السياسى يرجع إلى بدايات القرن الماضى، كما أن هناك أفرادا فى الأسرة رشحوا فى أول برلمان فى مصر وإن كانت الأسرة ظهرت بشكل أكبر مع ثورة يوليو، باعتبار أن اثنين من أعضاء مجلس قيادة ثورة يوليو كانا من العائلة، هما زكريا وخالد محيى الدين، وبعدهما كثيرون، عمى د.فؤاد محيى الدين كان رئيسا للوزراء، ومحافظا ووزيرا لعدة سنوات، والوالد أيضاً، الدكتور صفوت محيى الدين، كان عضو مجلس شعب ومجلس شورى وكان أيضاً طبيباً، وهذا علمنى أمرين: الاهتمام بالعمل السياسى والعمل العام، كما أجبرنى على التواضع، فكلما تميزت، والحمد لله كنت مميزاً قيل لى أن عما من أعمامى أو جدا من أجدادى حقق ما حققته فى سن أصغر.. فعندما كنت فرحا بعض الفرح أننى مستشار وزير التعاون الدولى والاقتصاد وأنا فى سن ال30 كان يذكرنى بعض أفراد الأسرة والناس فى البلد أنه كان لدى أعمام وزراء وهم فى سنى.
أنتمى لعائلة متأصلة فى العمل السياسى وهو ما كون شخصيتى، فلدى أفراد فى عائلتى ينتمون إلى جميع الأطياف السياسية، فلا توجد مشكلة فى أن يكون واحد من الحكومة والآخر من المعارضة. كان يومى أثناء دراستى بالكلية ثريا متنوعا، ففى الصباح يمكنك أن تحضر محاضرة، بعدها بقليل تنظم أمراً ما مع طلبة المدينة الجامعية، وأغلبهم من أقاليم الجمهورية، من الصعيد لبحرى، بعد ذلك تنظم مظاهرة فى مكان ما بالجامعة، وفى المساء نجتمع فى نادى الجزيرة. فعلى مدار 10ساعات فى اليوم، ترى فيها مصر باختلاف أشكالها وانتماءاتها، مصر التى بها الفقير والغنى، مصر التى فيها المحافظ والمتحفظ وفيها الليبرالى، وهذا فى وقت مبكر أعطانى أيضاً بعدا آخر، بالإضافة إلى الانتماءات السياسية فى كفر شكر لمسألة القبول بفكرة التعدد، ولا أتوقف أبداً عند فكرة «الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية»، فأنا أعتقد أن الاختلاف هو الأساس بين الناس.
بعد ذلك سافرت لإنجلترا ودرست فى جامعتين حصلت منهما على الدكتوراه والدبلومة، وترددت على عدد كبير من الجامعات الأخرى، وما بين الدكتوراه والدبلومة، حصلت على ماجستير فى السياسات الاقتصادية والاجتماعية من جامعة يورك. وإنجلترا بما عرف عنها من ديمقراطية وحب للتعدد، زادتنى بأبعاد أخرى فى هذا المجال. ثم، كما ذكرت، عدت إلى مصر.
كنت أصغر رئيس لجنة اقتصادية فى تاريخ الحزب الوطنى، وأصغر عضو مجلس إدارة للبنك المركزى منذ إنشائه، وأصغر وزير فى الحكومات ما بعد الثورة.
وطالما أقول للعاملين معى فى الوزارة فى أى تخصص إننى على الأقل عملت عملك أو جزءا من عملك، من أول متابعة تجهيز قاعة المؤتمرات.
دخلت الوزارة، وهى ليست الأسهل فى ملفاتها، واليوم شرفت بمقابلة سيادة الرئيس، صباحاً ووافق على قبول الاستقالة، اعتباراً من يوم الاثنين، بعد غد. منذ 6 ساعات كانت المقابلة، لكن حتى يوم الاثنين صباحاً سأظل وزيرا للاستثمار. ولابد أن نراعى هذه المسألة (ضاحكاً وموجهاً الكلام للأستاذ عبدالله). أما الفترة بين الاثنين والاثنين الذى يليه، هذا الأسبوع أنا لا عمل لى، بمعنى أننى لا أحمل فى يدى عقدا من جهة معينة.
الواحد يجب أن يعترف بأن حياته مكونة من فصول، فى لحظة ما، يجب أن تقول هذا الفصل أُسدل الستار عليه، لا رجعة إليه. بعد بضعة أيام سأتقلد منصبا، كتب عنه أنه مهم، وهذا بطبيعته، وأنا أول عربى يشغل هذا المنصب فى تاريخ البنك الدولى. سعدت جداً اليوم بأن أحد أساتذتى فى جامعة «ووريك» فى إنجلترا بعث لبقية زملائه يخبرهم بمنصبى الجديد. فأنا لست أول مصرى وعربى فحسب، لكننى أيضاً أول خريج من جامعة يورك يتقلد هذا المنصب، مما يستوجب على هذه الجامعة أيضاً السعادة بهذا الأمر. المهم أن الواحد ينجز فى هذا العمل الجديد، لأن الملف كبير جداً لكنى أعلم كيف سأتعامل معه. هناك بعض الأمور التى يجب علىّ تطويرها وتغييرها وفقاً للممارسة الفعلية. أيضاً باعتبار عمل هذه المؤسسات الدولية أكثر تنظيماً وما يعرف بال«ويك إند»، يومى السبت والأحد من كل أسبوع مقدسين، وفى أى ظرف من الظروف، بعد الساعة السادسة، لا يكون هناك أى عمل، إلا إذا كان هناك كارثة فى العالم أو فى المؤسسة.
فسيكون الوقت منظما ويكون بالتالى للعبد لله فرصة كبيرة لعمل أمور كثيرة منها الكتابة والاطلاع والمشى وغيرها وهى أمور انقطعت عنها طويلاً.
واشنطن تعج دائماً بأنشطة وحركة ومراكز ثقافية وعلمية وتجمعات من جميع الأشكال، وبمراعاة المنصب الذى سأتقلده وبمراعاتى لبلدى، الواحد سيكون منخرطا أيضاً فى هذه الأنشطة.
كل ما سبق كان تقديما لشخصى وللمناصب التى تقلدتها، لكننى لم أقدم موضوع النقاش. يستحضرنى هنا ما كتبه الدكتور زكى نجيب محمود «لو أنا كنت أوصى لأحد بشىء، وبقيمة يتم الالتفاف حولها والدفاع عنها. فهى قيمة التقدم». وهذه هى القيمة التى أتحدث عنها للشباب بالذات، بما هو معروف عنه من الرغبة فى التغيير والتجديد، وعدم الرضا بما هو قائم والسعى للانقلاب على أوضاع لا يراها ملائمة.
ديانا الضبع: من يستمع إلى كلام حضرتك حول مشوارك ربما يظن أنك تنقلت بين كل هذه المناصب فى طريق ممهد خالٍ من الصعوبات، الشباب الذين أتوا اليوم لديهم طموحات كثيرة لحياتهم وعملهم ومُستقبلهم، وهناك بالتأكيد تحديات وإحباطات كثيرة تواجههم، ويُحبون أن يسمعوا حديثا مِمَن نُصر على أن نُسميه شاباً مثلهم استطاع أن ينجح فى نفس الظروف التى نعيشها، فهو لم يخرج لنا من كتاب تاريخ، لكنه شخص يعيش أيامنا ونفس ظروفنا.. وإلى أسئلة الشباب.

هل كنت ستنجح لو...؟
جيهان الحديدي
جيهان الحديدى، معيدة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم علوم سياسية:
هل كان من الممكن أن تحقق نفس النجاح لو كنت قد اكتفيت بالدراسة فى مصر دون السفر للخارج؟
د. محمود: هناك عدد من الأساتذة المرموقين داخل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية استطاعوا أن يُكونوا أنفسهم بجهد أكبر بدون سفر ومنهم من استطاع أن يصنع لنفسه اسماً لامعاً.
وبشكل عام لم تعد أمريكا أو إنجلترا المصادر العليا للمعرفة، لكن باعتبار أن مسألة التعليم ليست فقط الحصول على درجة لكن التعايش مع ثقافة قد أقول لك أن تذهبى للدراسة فى كوريا، سنغافورة، أو الصين، فالشرق الآسيوى الصاعد يعطى نفس القدرات التحليلية العالية. كما أن هذه الجامعات تسعى لإثبات نفسها مثل جامعات كبرى عديدة موجودة بالخارج، بالإضافة إلى أن الحياة هناك تعطى مجالا لك للتعرف على الصاعدين الجدد فى العالم الجديد، فإن كنت تفكرين، أنت أو أحد زملائك فى إعداد الماجستير أو الدكتوراه، فبلا تردد اذهبى إلى الصين، الهند أو سنغافورة.
ديانا الضبع: وهل أرباب الأعمال فى مصر يقدرون السيرة الذاتية المكتوب فيها أن صاحبها درس بسنغافورة أو الهند؟
د. محمود: العبرة بالتصنيف وفى نوع الدراسة وإذا كانت هذه الجامعة التى يقصدها مميزة فى هذه النوعية من الدراسة أم لا.

هل أنت أقل وطنية منى؟
سامر غطاس
سامر غطاس Product Director بشركة ميديا إيجبت:
أنا من ضمن الأشخاص الذين تضايقوا للغاية لرحيلك من الوزارة، خاصةً أننى وبالنقاش مع العديد من الأصدقاء نتصور أنك تُفكر مثلنا وتُخطط مثلنا أيضاً، أنا لدى حُلم خاص فى أن أُكمل فى مجال البيزنس فى إطار مشروع خاص بى، رغم أن العديد من الأوضاع فى مصر ليست جيدة، لكنى لا أريد أن أترك هذا البلد لأنى أحبه بحُلوه ومُره.. لهذا أسألك : ما مصيرنا استثمارياً بعد رحيلك من الوزارة؟
د. محمود: مسألة التعلق فى العمل بشخص على افتراض أن الخير معه أو حتى الشر معه مسألة ليست بالضرورة سليمة، وأنا أدعى أنه على مدار الفترة الماضية لم أستخدم سياسات أتبناها بشكل شخصى، وفى الفترة التى كُنت أعمل فيها قُمت بعدة اجراءات فى إطار السياسات المُرتبطة بالدولة، بحيث إنه حينما يأتى شخص آخر يرتقى بالوزارة وفق هذه السياسات.
ونفس الأمر فى هيئة الاستثمار، حيث مجلس إدارة مُنضبط وهناك كفاءات مُحترمة للغاية، وهناك مجموعة عمل من الشباب تم اكتسابهم للهيئة خلال ست سنوات مضت، ولا يزيد متوسط أعمارهم عن عُمر حضور الندوة.
والمسألة ليست فى «وزير»، وحتى أننى أكدت على هذا من اليوم الأول، فمسألة أن هناك «وزيرا مُلهما» أو «الوزير الذى يوحى إليه» هذا كلام ليس صحيحاً، فأنت مسئول عن ادارة مؤسسات والمُنسق العام، لكن الاعتبارات الخاصة بالإدارة أو التنفيذ تقوم بها المؤسسات.. هذا بجانب أن المسئولية الخاصة بالاستثمار ليست مسئولية وزير واحد، بل هى مسئولية وزراء الصناعة والزراعة والتجارة والخدمات والبنية الأساسية. الإطار الذى نتحرك فيه يتبع «سياسة اللامركزية» فهى أيضاً واحدة من مهام المُحافظين لتحريك عجلة الاستثمار، لهذا أنا مُطمئن تماماً على مُستقبل الاستثمار، ولستُ من الناس المؤمنين بمقولة «والله ده كان راجل طيب»، بل سأكون أكثر سعادة أن تنطلق هذه الملفات من بعدى .

هل أغرتك بلاد برة؟
ديانا الضبع
ديانا الضبع: لكن وإضافة لسؤال سامر ألم تُفكر أثناء دراستك بالخارج ولو لوهلة أن تستكمل حياتك فى مجال تخصصك فى إنجلترا لكل ما فيها من مغريات أو لا تعود لمصر؟
د. محمود: إجابة السؤال مُتعلقة بجزئيتين.. الحالة الشخصية والحالة العامة، وجزئية الحالة العامة من إجابتى ستكون بالنسبة لكم مُثيرة للاستغراب.. ففى الحالة الخاصة عُرضَ على بالفعل أربعة عروض وأنا أقوم بإنهاء رسالة الدكتوراه. عرض على أن أعمل فى بعض الجامعات وبعض المراكز البحثية المُرتبطة بها فى إنجلترا، كما عرض على أن أعمل فى إحدى المؤسسات الدولية ولم أقبل هذا فى وقته، العرض الثالث من عم لى فى الكويت، حيث المال الوفير لهذه المناصب ومازال أوفر مِمَا ذاهب أنا إليه، ففضلت العودة فى نهاية الأمر على اعتبار أننى فى بعثة من الكلية وكان من شروط المنحة أن أعود إلى مصر، وهذا الشرط قانونى، وهناك الكثيرون ممن لا يأبهون له، لكننى رأيت أنه من واجبى أننى مادمت أخذت عهداً على نفسى حتى لو شفهياً، فيجب أن أحترمه. الشىء الآخر أننى رأيت أن فائدتى فى مصر أكبر وتنوع الفرص أمامى أوفر، فإن كنت قد استمررت بإنجلترا فعلى أقصى تقدير سأصبح أستاذاً ولن أمارس عملاً سياسياً ولن أقوم باستشارات اقتصادية، ولن أكون هناك على رأس خمسة أو ستة مجالس لإدارات شركات، وهناك فى الغالب لن أصبح وزيراً، والاحتمال الأكبر أننى لن أكون وزيراً هنا فى مصر أيضاً.. وقد تكون عودتى من الاختيارات السليمة فى نهاية الأمر.
لكن فى الوقت الذى نحث فيه الطلبة المصريين بالخارج على العودة فور الانتهاء أرى أن من يسافر للخارج ويقيم هناك لفترة هذا يعود بفائدة كبيرة جداً. فدول مثل الهند والصين وكوريا لديها أبناء يقيمون فى بعثات لفترة طويلة جداً بالخارج ولا أعتقد أن طرق المطاردة وطريقة أن يأتى 2 موظفين راتبهم لا يقل عن 40 جنيها ولا يزيد على 400 جنيه ليوقعوا إقراراً بضرورة عودتك، هذا لن يجعل المبعوث يعود إلى دولته.

هل تضمن لى ألا أكون فاشلة؟
ميرال برنجي
ميرال برنجى- مؤسسة «إندفر إيجيبت» وهى مؤسسة غير هادفة للربح، تهدف لمساندة رواد الأعمال: نحن كجيل شباب نخاف من أن يبدأ أحدنا مشروعاً صغيراً ولا ينجح، كيف يتم معالجة هذا الأمر؟ د. محمود: أشكرك لأنك لمست موضوعاً مهماً أتمنى أن أساعد أنا شخصياً فيه، خاصةً فى الدول النامية ومنها مصر، ففكرة بداية مشروع هى ليست مسألة نمطية إنما هو أمر يحتاج لثقافة وقدرة على اتخاذ قرار بالمخاطرة، وثقافة تسمح باحتمال الفشل، فقد يفشل عدة مرات حتى ينجح، ويجد نفسه فى حال أفضل مما كان يتصوره. وهناك مؤسسات مالية لديها قدرة على الدخول فى مشروعات ذات مخاطرة عالية، وهى تعطيك رأس المال وهى تعلم تماماً أن احتمالات عودته ليست كبيرة، لكن لو كبر هذا المشروع سيغطى مكسبه مما يمكن من تعويض خسارته فى مشروعات أخرى.. فى الحالة المصرية عدد المؤسسات المالية التى تدخل فى هذا النهج محدود للغاية، وهذا ما دفعنى بشكل شخصى إلى أن أقوم فى خلال أسابيع بعمل صندوق ليساهم فى تمويل عدة مشروعات برأس المال ولا يكتفى بإقراضه، ولكنه يدخل شريكا فى المُساهمة بنسبة من 10% إلى 30% .. ومن ينشئ هذا الصندوق هو الهيئة العامة للاستثمار ومن المفترض أن يتم وضع الرتوش الأخيرة له.

تقبل تفشل؟
ديانا الضبع: تتحدث عن ثقافة قبول الفشل.. هل أنت شخصيا لديك ثقافة قبول الفشل؟ د. محمود: أنا لا أقبل الفشل إذا كان مسئولاً عنه الكسل أو عدم القيام بما يجب أو بذل قصارى الجهد، فهناك من أخذ من المسلسلات الأجنبية مقولة Don' twork too much أو لا تجهد نفسك كثيرا'' لكننى على العكس أقول لنفسى وللشباب Work too hard ، وأشرف شىء أن يموت الشخص وهو فى عمله، وما زلت بالفعل أحدث نفسى فى هذا الأمر، أما مسألة أن الشخص أخفق لأنه لا يستطيع أن ينام إلا بمعدل 10 ساعات فى اليوم أو لديه إجازات أو تخصص فى مجال البلد لا تراه حيوياً، ولا يملك هذا الشخص إلا أن يجلس مستاء ويراسل منتديات على الإنترنت ويشتم كل الدنيا، فهذا فشل غير مقبول.

سنك مشكلة؟
هاجر عماد
هاجر عماد - رئيسة قسم فى شركة المستقبل:
عمرى 28 عاما، وأعتبر أصغر رئيسة قسم فى مكان عملى، حيث استطعت فى خلال مدة قصيرة للغاية أن أصبح مديرة على العديد من الأشخاص الذين يفوقوننى سناً وخبرة، وأعتقد أن سيادة الوزير شعر بنفس الشىء وهو تحت يديه أشخاص أكبر سناً، كيف تعاملت مع هذا الوضع؟
د. محمود: يجب أن أجمع بين خبرة الشيوخ والكفاءة والرغبة فى إثبات الذات والتُمرد على بعض الأمور التقليدية حتى تتحرك المسيرة، لكن المسألة طريقة وأسلوب، ومراعاة الطريقة مسألة مهمة جداً، وممكن أن تأخذ الأمر بأكثر من طريقة وألا تقول له: «خبرتك غير مناسبة وزمنك مختلف عن زماننا» لكن ليس من المعقول طبعا أن يكون لدى رجل خبرة فى عام 1955 مثلاً وخبرته هذه فى صناعة «الطربوش»، وهى خبرة لم تعد لها محل إلا فى أشياء بسيطة، لكن الخبرة التى أقصدها تلك الخبرة التى تتوافق مع الشباب وهذه الحالة هى واحدة من مصائب القطاع العام، فعدم القدرة على التطوير والتجديد وغيرها خاصةً فى الأمور التى يكشف عنها النقاب سريعاً.

ماذا تريد؟
فؤاد عبدالرازق
فؤاد عبدالرازق.. خريج هندسة الميكانيكا بالجامعة الأمريكية، ويعمل مديراً إقليميا للمشتريات فى إحدى الشركات الدولية: ما هو الخيط الجامع بين كل المجالات التى تخوضها؟
د. محمود: الخيط الجامع بين كل ما عملته، هو أنه لا يوجد عمل قمت به، إلا وأنا راضٍ عن المجهود التى أبذله فيه بغض النظر عن النتيجة ولا أعتقد أننى شعرت بالتعلق بأى من المناصب التى تبوأتها، أى أننى وأنا تارك الوزارة، أشعر بقدر من الامتنان.. لكننى (جريت خط) مما يسمح لى بالتركيز على ما هو قادم.
'الأمر الآخر، أننى أحاول فى كل الأعمال التى أقوم بها، أن أترك شيئا مؤسسيا، أو شبه مؤسسى، كلية الاقتصاد أسست فيها جمعية الاقتصاديين، ونموذج البورصة المصرية، بالإضافة إلى استحداث المادتين: نقود وبنوك، واقتصادات التمويل وكنت أول من أدخل مادة التمويل الدولى، حتى لو كانت إضافتى بسيطة كمادة من المواد، لكنها موجودة وتدرس لأجيال، وآخرون سيتولونها بعدى وسيكونون أفضل منى فى تدريسها. أما عن العمل السياسى، فتركت عدة أمور أعتبر أنها طريقة عمل أو أسلوب، فى بلدنا عملت عدة مؤسسات، مؤسسة تقدم «كفر شكر».
بالإضافة إلى جمعية خيرية لمساندة أهلنا هناك، وهى تحمل اسم الوالد، د. صفوت محيى الدين. أما بالنسبة للذكرى الطيبة، فمن الممكن أن تكون هناك ذكريات تعيسة، فمن المعروف أنى شديد فى التعامل مع نفسى، وبالتالى فى التعامل مع كل من حولى، وهذا معروف عنى، ففى الجامعة مثلاً، مادة مثل بنوك ونقود، ليس من الممكن أن تقلص إلى 20 صفحة، وعشرة أسئلة معروفة للجميع كما يريد بعض الطلبة، والجميع يحصلون على درجة الامتياز وجيد جداً، بدون بحث وملفات وغيره.

وإذا كنا لا نعمل فى وزارتك؟
سندس الفرماوي
سندس الفرماوى: خريجة اقتصاد وعلوم سياسية، تخصصت فى الاقتصاد وتعمل بشركة استشارية دولية:
بالمناسبة، التمويل الدولى، كانت من أحسن المواد التى درستها فى الجامعة، فشكراً لك. سؤالى هو: دائماً ما يقول الناس إن فى أوروبا وأمريكا سيجدون من يقدر مواهبهم ومجهودهم، وأنا أريد أن أعيش فى مصر، لأنى أريد أن أساهم فى تنمية الدولة، اقتصادياً وسياسياً، أرى أنى من الممكن أن أكون عنصراً مؤثراً. قلت
work to work too much ولكن سؤالى هو: ما هى الأماكن التى نوجه فيها مجهودنا؟ لن نلتحق جميعاً بوزارة الاستثمار، أين أستطيع أن أضع هذا القدر من المجهود لأحدث تأثيراً حقيقياً وفى نفس الوقت أستطيع أن أحقق نجاحاً مثل الذى حققته أنت؟
د. محمود: فى مجتمعنا ليست وزارة الاستثمار هى المكان الوحيد للعمل الاقتصادى. هناك المالية وهيئة الاستثمار وهيئة الرقابة المالية والبنك المركزى. عدد من هذه الأماكن تعلم كيف تقدر الأشخاص. بالإضافة لشركات مختلفة محلية وليست فقط العالمية. لدينا اليوم 76000 شركة، حتى لو 5% منهم فقط متميز فسيتيح ذلك عدداً كبيرا جداً من فرص العمل. لكن ما تفتقدينه هو أنك تريدين أن تبقى فى البلد فقط، هذا لن يكون كافياً. وما هو منسوب للإمام الشافعى، مسألة «سافر ففى الأسفار خمس فوائد» أنا أشجع على ضرورة السفر والعيش فى ثقافة أجنبية. ليس كافياً أن تسافر للخارج لحضور مؤتمر 10 أيام، أو للسياحة مع الأهل والأقارب.لا ينفع أن أقول بأنى أريد أن أخدم بلدى فلا أخرج منها.

هل النجاح هنا ممنوع؟
محمد عادل
محمد عادل عبدالرازق .. يعمل فى مجال التسويق:
نحن ككيانات مصرية لدينا نماذج كثيرة ناجحة بالخارج مثل دكتور أحمد زويل وحضرتك ومستشارة أوباما للشئون الإسلامية داليا مجاهد على سبيل المثال، فلماذا دائماً ما يقال إننا مجتمع فاشل ويجب على مريدى النجاح السفر لخارج البلاد، فما الذى ينقصنا لننجح؟
د. محمود: هناك ناس كونت لنفسها مجموعات فجعلت لنفسها كياناً ناجحاً. مثلاً عملت لنفسها مستشفى متميز مثل مستشفى السرطان، شباب بدأوا بالتمويل، والمجتمع ساند. وأصبح لنا كيان متميز فى المنطقة بسبب هؤلاء، وعلى بعد دقائق من مكاننا هذا. وغيرهم من تبنى مهمة بناء مدرسة أو جامع أو كنيسة وإلى غير ذلك داخل منطقتهم. أنت بصدد تكوين الدولة المدنية الحديثة المعاصرة التى تغار من الآخرين إن سبقوها، وألا تكون مرشحا فحسب لكأس العالم بل تربح بالفعل، وأن تكون ضمن الدول العشرين الأكثر تقدماً على مستوى العالم. فمنذ وقت دخلت فى شبه معركة، فصدر تقرير عن مصر يقول إن مصر من الممكن أن تكون إحدى الدول ذات الاقتصادات الأكثر تقدماً، ضمن العشرين أو الخمس والعشرين دولة حول العالم - ونحن الآن فى المركز الثالث والأربعين أو الرابع والأربعين- لم أسلم من سخرية، وأعمدة ضاحكة، وأعمدة ساخرة، قالوا لى: «إن مصر كل سنة وأنت طيب» إلى غيره. المزعج أن من كتبوا هذا الموضوع، لم يبذلوا وقتاً أو جهداً فى أن يقدموا هذا التقرير. هناك جيل معين، أو مجموعة من جيل معين، نفى عن نفسه إمكانية حتى الحلم! أو الاقتراب منه.

للمواطن العادى رأى آخر
معتز النادي
معتز النادى - رابعة إعلام بجامعة القاهرة :
لماذا يشعر المواطن العادى بأن بلده لا يوجد به استثمار جيد؟
د. محمود: هناك شركات خاصة تقرر الاستثمار، فهى أدخلت 49 مليار دولار حتى تاريخه، فمؤسسة مثل البنك الدولى إذا طلب منها مشروعات تحسن مناخ الاستثمار فمن خلال مؤسسة التمويل الدولية ستساعد فى هذا الأمر على اعتبار أنه هناك شخص .
أما المديونية الخارجية لمصر الآن فوفقاً للتصنيف الدولى تعتبر مصر واحدة من أقل الدول فى مديونيتها الخارجية.

هل بيروقراطيتنا ناقصة؟
محمد عبدالرازق: الرئيس أوباما عند توليه الرئاسة بالولايات المتحدة، غير بعض الأمور، لكنه أكمل على ما كان قائما ومستمرا أيضاً. هل لدينا فى مصر فكر وخطط تستمر باختلاف القيادات كهذا؟
د. محمود: الإدارة المستمرة بغض النظر عن القيادة، هذا يحققه النظام البيروقراطى، بالمعنى الإيجابى. هذا موجود لكنك تتكلم عن كفاءته. لكن هناك أمرا لا يقل أهمية عن هذا، وهو الرؤية.. أن يكون لديك وثيقة رؤية لمصر 2020 ماليزيا قامت بهذا، لديهم رؤية ماليزيا 2020 منذ الثمانينيات.اليوم إن كنت تريد العمل، كشاب، يجب أن يكون لديك رؤية ل2030 الخاصة بك.. هذه إحدى الأمور التى هوجمت أيضاً على طريقة «يا سيدى إحيينى النهارده وموتنى بكرة». الدكتور محمد العريان، وهو أحد الاقتصاديين المصريين ويعمل فى أحد أهم المؤسسات المالية الخاصة، عندما تقابلت معه وأعطانى فكرة جديدة حول تنظيم الوقت أفادتنى، قال لى: «لديك مصفوفة تحدد فيها أولوياتك، فبعض الأمور فى حياتك «Urgent and Important» أى ال«الطارئ والمهم» وهناك ما هو طارئ وليس مهما والعكس. من الممكن أن يكون لديك أمر مهم، لكنه ليس طارئاً ولكنه إن ترك قليلاً، يصبح طارئاً ومهماً. وهناك ما هو طارئ، ولكنه ليس مهماً، فالعرض الأخير لفيلم مثلاً، هذا طارئ، حيث إن فات ميعاده انتهى الأمر، وهناك ما هو ليس مهماً ولا طارئاً، فهذا ما يكون تافهاً، وهذا ما يمكن لمجتمعك أن يضيع وقتك فيه، مثل النميمة على الآخرين. فيجب أن يكون عندك رؤية 2030 ويجب أن تهتم بكل ما هو مهم، وطارئ، فالوقت قاتلنا جميعاً.

لماذا تحرص على الصعب؟
طارق مصطفي
طارق مصطفى: أنا متصور أنه فى كل مرحلة من المراحل وكل تحد من التحديات هناك العديد من الاختيارات السهلة وأخرى الصعبة.. الاختيارات السهلة كأن ترفض أن تسافر للعمل فى الكويت.. الاختيارات الصعبة متعلقة بأن تسير فى مشروعك الخاص بشكل معين.. سؤالى: ما هو الدافع الرئيسى الذى جعلك طوال هذا الطريق متمسكا بالاختيارات الصعبة؟
د. محمود: يجب أن تضع أولوياتك فى الحياة.. على أن تستخدم وسيلة مشروعة لتحقيق هذا الحلم.. فأنا مثلا لم أضع الأولوية المادية لدى ولا أريد إلا أن أعيش مستورا، والعمل العام كان شغلى الشاغل فلم أسع لعمل مؤسسة خاصة مثلا، وكان منصبى كوزير استتثمار أن أشجع أكبر عدد من المؤسسات الخاصة، لكن رحم الله امرئا عرف قدر نفسه، فأنا أعلم تماماً أننى لا أصلح أن أكون صاحب شركة.

متى ترحل؟
نهال
نهال - طالبة بالسنة الرابعة، اقتصاد وعلوم سياسية، قسم إحصاء:
قلت إنك تفصل بين مراحل عمرك، وتمضى بعض الوقت فى مكان ما ثم تنتقل للمرحلة التالية. فكيف كنت تعرف متى تتحرك، وتترك مكاناً قد تكون حققت فيه الكثير؟
د. محمود - مقاطعاً: المنصب السياسى إذا تعلقت به، قد لا يتعلق بك هو، فمن الأفضل أن تكونى مستعدة للانطلاق منه، وإلا يكون بعد ذلك هناك نظم للعلاج النفسى، وما إلى ذلك. لا أستطيع أن أقول لك متى تتحركين ومتى تظلين فى المكان الذى تعملين به. كان عندى دائماً ما يعرف بال«back-up plan» أو الخطة البديلة. أنا درست فى جامعتين، جامعة يورك ووريك، وهما جامعتان تمتازان بالصعوبة الشديدة، وكثيرون يرسبون فيهما، ففى أى لحظة بعد أن نجحت فى أخذ المنحة كان من الممكن الرجوع من دون ماجستير أو دكتوراه فى خجل وإحباط وهنا تأتى أهمية التنويع. ففى جامعة ووريك، عرض على عرض مزدوج، أن أكون باحثا فى درجة الدكتوراه وأدرس وأساهم فى العملية البحثية لأحد المراكز بها. وأن تكون منغمسا فى 3 أمور فى الوقت نفسه، أرى أنه أمر جيد.

هل ما نسمعه صحيح؟
يسرا
يسرا - طالبة فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية:
دائماً ما يقال إن البيروقراطية فى مصر تعوق تنفيذ المشروعات فهل ذلك صحيح؟
د. محمود: بالفعل لدينا مشكلات بيروقراطية خاصةً فى مجال تأسيس الشركات، فلدينا مشكلات كبيرة جداً فى الحصول على التراخيص مثلاً، فقد تأتى بتصريح لتأسيس شركة محدودة فى حدود 24 ساعة فقط، لكن فى التراخيص هناك مشكلات لأن هناك مشكلات فى المحليات أصلاً، وبالطبع هناك أشياء تضيع وقت المستثمر فيما لا طائل منه، لكن إلى حدٍ كبير طالما هناك أبواب مفتوحة للشكوى مع محاولة حلها، فهناك مجال للتيسير.

ماذا ينقصنا؟
مصطفي فتحي
مصطفى فتحى - ماجستير فى الصحافة الإلكترونية الموجهة للشباب:
منذ فترة سافرت إلى هولندا وقابلت أصغر عضو فى البرلمان الهولندى وعمره 22 عاما، وكتبت عنه على ال Face Book لأجد العديد من التعليقات التى تقول: طالما أنه خارج مصر فيستطيع أن يكون عضوا برلمانيا وأن يصل لأعلى المناصب.. لهذا أسألك: ما الذى ينقص الشباب فى مصر؟
د. محمود: هناك من ينتهج سياسة ال«Pull him down»، وهو ما معناه أن تقوم بعرقلة من يسبقك جرياً على السلم الوظيفى، فتقوم بجذبه لأسفل، أو تكون غير قادر على منافسته، فتبتدع حججا واهية للانتقاص من قدره بأمور غير منطقية لا علاقة لها بالموضوع «دا أبوه عامل مش عارف إيه وأمه إيه...» أشياء من هذا القبيل. وأصبح فى مصر كثير من هذه الطرق التى أتمنى ألا تقابلوها. لكن هناك بعض الناس تقدر أن تدفع من حولها للأمام، حتى لو هددوهم أن يأخذوا أماكنهم.

مداخلات وتساؤلات رئيس التحرير
أضاف الأستاذ عبدالله كمال بعض التساؤلات والمداخلات أثناء حديث الدكتور محمود مع الشباب رأينا أن نجمعها منفصلة:
عندما كان الدكتور محمود يقول إنه لا يوجد طيف سياسى لا ينتمى إليه بعض أفراد عائلته سأله رئيس التحرير «حتى الإخوان؟» فأجاب الدكتور محمود بالإقرار قائلا: «كان هناك بعض الأنساب من ناحية جدتى لأمى لهم تعاطف مع هذا الاتجاه فى بداية الخمسينيات» وتعليقا على قبول رئيس الجمهورية لاستقالة الوزير سأله الأستاذ عبدالله كمال مداعبا: «هل يقدم الوزراء خلو طرف عند تركهم لمناصبهم»؟
فأجابه الدكتور محمود بأن الوزراء لا يقدمون خلو طرف لكنهم يعيدون أشياء بسيطة يتعهدون بتسليمها بعد انتهاء فترة الوزارة.
وعندما كان الدكتور محمود يتحدث عن شدته فى التعامل مع موظفى الوزارة سأله رئيس التحرير: «المصريون لا ينفع معهم إلا استخدام الشدة».. فأجابه محيى الدين بالنفى قائلا: «لا، المصريون ينفع معهم كل خير».. موضحا أنه يستخدم الشدة من منطلق أنه صارم مع نفسه قبل أن يكون صارما مع العاملين معه.. وأضاف: «فى اليوم الأول لى فى الوزارة قلت للعاملين معى إننى لا أريد أحدا أن يقول لى يا معالى الوزير وقلت أيضا إننى أتحدى أن يعمل أحدهم عدد ساعات أكثر منى».. فلم يشأ رئيس التحرير أن ينهى النقاش عند هذه النقطة فعاد وسأله: «يقال إن الحوافز السلبية تأتى بنتيجة أفضل مع المصريين عن الإيجابية»، فرفض الدكتور محمود هذا المبدأ قائلا إنه لا يوجد عامل فى وزارة الاستثمار أو فى قطاع الأعمال لم يضاعف أجره على مدار السنوات ال 6 الأخيرة، كما أن كل حديثى التخرج من الجامعة الأمريكية والاقتصاد والعلوم السياسية لجامعة القاهرة، أو تجارة. أخذ فرصته كاملة للحصول على الحوافز الإيجابية. قد يكون راتبه، بالفعل، أقل مما يستطيع الحصول عليه بالخارج لكنه اقتنص لنفسه الفرصة، لتمثيل بلده فى مؤتمر أو حضور دورة تدريبية، أو كان له تعامل مباشر مع الوزير.
كما أنك لا تستطيع رفد العاملين فى الحكومة، إلا من هم على نظام التعاقد. حيث يمكنك إنهاء تعاقدهم، ولكن لم أفعل ذلك أيضاً، لأسباب إنسانية بحتة.. فسأله عبدالله كمال: «هل هذا على اعتبار أنه حرام قطع العيش»؟.. فأقر الدكتور محمود بذلك معترفا: «دا شغل الفلاحين».. وفى النهاية سأله رئيس التحرير عن رأيه فى (الشاب جمال مبارك) فقال الدكتور محمود محيى الدين إنه عمل معه لفترة طويلة والعلاقة ستستمر واصفا إياه بأنه رجل محترم ودءوب ومخلص فى عمله ودقيق فى متابعة أوراقه ومشروعاته.. كانت لديه فرصة للاطلاع على ما يحدث فى العالم، وله مهارات معتبرة، ومسئول وبشدة عن عدد كبير من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية داخل الحزب معربا عن تمنيه استمرار العلاقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.