«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصري اليوم» تكشف بالمستندات: وقائع اعتداء جنسى على طلاب معاقين داخل جمعية أهلية فى السيدة زينب
نشر في المصري اليوم يوم 27 - 04 - 2010

 حصلت «المصرى اليوم» على مستندات تكشف وقائع اعتداء جنسى على أطفال معاقين فى إحدى الجمعيات الأهلية بمنطقة السيدة زينب واسمها «جمعية الطفولة السعيدة للمعاقين ومجهولى النسب» والتى يتلقى طلابها تعليمهم فى مدرسة «جنة الأطفال للمعاقين حركياً» التابعة لها، يرتكبها الطالب الأكبر سناً بين طلاب القسم الداخلى، وتؤكد الأوراق أن الاعتداء يتم منذ 3 سنوات بشكل منتظم تحت تهديد السلاح.
ووفق موظفين بالجمعية والمدرسة فإن إحدى أولياء الأمور تقدمت بشكوى لإدارة المدرسة بعد رؤيتها لواقعة شذوذ جنسى وراء حمامات الجمعية، «المصرى اليوم» زارت المكان والتقت عدداً من العاملين فى الجمعية والمدرسة الذين أكدوا وقائع الاعتداء الجنسى التى تتم منذ أكثر من 3 سنوات داخل الجمعية والمدرسة اللتين يضمهما سور واحد، وتشتركان فى الفناء نفسه، لكنهما تختلفان فى التبعية الحكومية، حيث تتبع الجمعية وزارة التضامن الاجتماعى، فى حين تتبع المدرسة وزارة التربية والتعليم.
«المصرى اليوم» آثرت عدم ذكر أسماء الضحايا ومرتكب الوقائع والاكتفاء بترميزهم فى إطار الحفاظ على المعايير المهنية.
خلف نفس السور، الذى يطل بابه على سور مجرى العيون، تقع مدرسة «جنة الأطفال» لتعليم الأطفال المعاقين حركياً وتضم المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ومبنى جمعية «الطفولة السعيدة»، التى تشرف على مبيت الأطفال المعاقين والأيتام ومجهولى النسب بها، وتشتركان فى أن إنشاءهما تم بمبادرة الجمعية، كما تشتركان فى الفناء الواسع الذى يلهو فيه أطفال المدرسة والجمعية، إلا أنهما تختلفان فى أن المدرسة تخضع لوزارة التربية والتعليم، فى حين تتبع الجمعية وزارة التضامن الاجتماعى. «المصرى اليوم» تكشف بالمستندات عن وقائع اعتداء أحد الطلاب الأكبر سناً ويدعى «ج.ش»، الذى أتم تعليمه الإعدادى وتخرج فى المدرسة، على طلبة المدرسة الذكور الأصغر سنا تحت تهديد السلاح داخل أسوار الجمعية، وإجبارهم على الانصياع لأوامره.
تبدأ أحداث الواقعة - كما يحكى أحد المصادر، الذى طلب عدم نشر اسمه - عندما كشفت إحدى أولياء الأمور بالصدفة منذ شهر عن شكها فى سلوك الطالب «ج.ش»، الذى شاهدته بصحبة الطالب «م.ح» فى الصف الرابع الابتدائى خلف مبنى دورات المياه الموجود داخل الجمعية،
وبدورها تابعت الأمر وسألت الطالب «م.ح» عما كانا يفعلانه فانهار فى البكاء واعترف لها بأن «ج.ش» يجبره على خلع ملابسه وممارسة الجنس معه، فما كان منها إلا أن أبلغت إدارة المدرسة، التى راقبت الطلاب الذين يتعاملون معه، خاصة أن المعتدى لا يتبع المدرسة بسبب تخرجه العام الماضى، ووجدت أنه يخرج مع 3 طلاب هم «م.ح» و«ط.س» و«ى. ن»، فاستجوب الإخصائيان النفسى والاجتماعى الطلاب الثلاثة فى 12 أبريل الماضى.
وطبقا لما تم ذكره فى محضر استجواب الطلاب الثلاثة، الذى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه، قال «ط.س»: «أنا بعمل حاجة تغضب ربنا وأنا عارف إنى هدخل النار، بس أنا بعملها غصب عنى»، ويكمل التقرير: «وأكد (ط.س) الطالب فى الصف الثالث الابتدائى أن (ج.ش) يعتدى عليه جنسيا من الحين للآخر، خاصة أنه مقيم فى القسم الداخلى (مبنى الجمعية)،
وأضاف أنه يجبره على دخول الحمام فى القسم الداخلى (مبنى الجمعية) ويطلب منه خلع بنطلونه لممارسة الرذيلة، وإذا رفض يضربه، مؤكداً أنه رفع مطواة فى وجهه من قبل»، وأضاف المصدر «أن الطالب (ط.س) اعترف بأن (ج.ش) يمارس الاعتداء الجنسى عليه منذ نحو 3 سنوات، أى منذ أن كان طالباً فى المدرسة».
تم تحويل الطالب «ط.س» إلى طبيبة التأمين الصحى «سوسن فؤاد»، وأكد التقرير أن الطفل مصاب بشروخ فى منطقة الشرج بسبب اعتداءات جنسية، وأضاف المصدر: «كشفت طبيبة التأمين الصحى على الطلاب الثلاثة ووجدت أن الطالب (ى.ن) بسبب إعاقته يرتدى حافظات أطفال وهو ما جعلها تستبعده من الكشف، أما الطالب (م.ح) فقد اكتشفت أن جروحه سطحية ويمكن علاجها بواسطة مجموعة من الأدوية والمراهم لأن (ج.ش) كان يعتدى عليه منذ 6 أشهر فقط، أما (ط.س) فقررت طبيبة التأمين تحويله إلى مستشفى التأمين لحاجته لجراحة لعلاج نتائج الانتهاكات الجنسية عليه».
أضاف المصدر: «الإعاقة الجسدية والحركية لا تمنع (ج.ش) من ممارسة الجنس، فهو يعانى شللاً جزئياً فى نصف جسده الأيمن، لكنه يتحرك على قدميه ولا يعانى أى مشكلة فى ذلك، خاصة أنه من المتعارف عليه لدى الإخصائيين النفسيين والاجتماعيين أن الشخص المعاق حركياً له رغبات جنسية عالية لتعويض الإحساس الذى تسببه الإعاقة، خصوصا أن المدرسة تقبل أى أنواع من الإعاقة الحركية وبجميع مستوياتها، فمن يعانى انحناء كف يده تقبله المدرسة، كما أن الجمعية تضع الطلاب المعاقين من جميع الأعمار فى غرفة واحدة للمبيت».
تابع: «أما حالة (ط.س) فهى مشكلة فى أوتار قدميه، و (م.ح) مجهول النسب يعانى من مشكلات حركية لكنه لا يبيت فى الجمعية وإنما يبقى بها بضع ساعات لحين قدوم ذويه لاصطحابه».
أضاف المصدر: «فى اليوم التالى للواقعة أرسل مدير المدرسة (حسن على حسن) إخطاراً إلى مدير عام إدارة السيدة زينب التعليمية يعلمه بالواقعة، وأن المدرسة تعانى عدم وجود إشراف ليلى على القسم الداخلى الذى يتبع وزارة التضامن الاجتماعى، وهو ما يؤدى إلى خروج الطلاب ليلا للتسول فى الإشارات، إلى جانب أن بوابة (المدرسة والجمعية) مفتوحة طوال الليل وهو ما يساعد على خروج الطلبة، وارتكابهم أعمالاً مشينة أخلاقياً، وطلب مدير المدرسة من الإدارة ضرورة التعاون للقضاء على الظاهرة التى وصفها المدير ب(الخطيرة)».
وفى اليوم نفسه - بحسب المصدر - حضر والد الطالب «ط.س» - الذى يدرس بمدرسة «جنة الأطفال» ويقيم بجمعية «الطفولة السعيدة» لأنه يتيم الأم - إلى مدير عام إدارة السيدة زينب التعليمية يعلمه بالواقعة ويطالبه بشكل رسمى بالتحقيق فيها لأن ابنه بعد انكشاف أمره يعانى حالة نفسية سيئة ويخاف العودة إلى القسم الداخلى.
وتابع المصدر أن والد الطالب قدم شكوى وطلب من المدير التحقيق فى الواقعة وتم حفظها من قبل إدارة السيدة زينب وتم تعليل ذلك شفويا بأن الواقعة حدثت داخل حمامات الجمعية وهو ما يخلى مسؤولية وزارة التربية والتعليم عن الواقعة ويضعها تحت سلطة وزارة التضامن الاجتماعى، أما محضر القسم فقد تنازل عنه والد «ط.س» عندما طلب منه حل الأمر وديا لأن الأطفال معاقون.
وأضاف: «الأمر أكثر وحشية مما يمكن تخيله، فما حكاه (ط.س) لوالده أو للإخصائى النفسى يبين مدى الوحشية التى تم التعامل معه بها أثناء الاعتداء عليه، خاصة أن (ط.س) - طبقا لما قاله ولم يتم تدوينه فى محضر استجواب الإخصائيين له - أصيب نتيجة ممارسة الجنس بشكل كامل بمرض الديدان المعوية».
ينتهى اليوم الدراسى فى الثانية تقريباً، ومنذ الثانية عشرة ظهرا يمكن للزائر دخول المدرسة والجمعية ليجد أن العلاقة بين المبنيين المتجاورين والمتشاركين فى الفناء لا تنعكس على طلبة المدرسة، ونزلاء القسم الداخلى، إذ يتحرك الأطفال بين المبنيين ذهابا وإيابا ويتقاسمون اللعب داخل المدرسة والجمعية على حد سواء، فى الوقت الذى لا يزال فيه «ج.ش» نزيلا فى الجمعية رغم أنه أصبح منتظما بشكل رسمى فى مدرسة «الخديو إسماعيل الثانوية»، التى تتبع إدارة السيدة زينب.
وبمجرد عبور البوابة الحديدية التى تحتضنهما يبدو المكان فى بداية الأمر أشبه بقصر تتوسطه حدائق ذات مساحات كبيرة، فاللون الأخضر يغلب على المكان بشكل ملحوظ، والأبنية لا تشغل منه سوى مساحات بسيطة، ومع الانتهاء من أول مربع أخضر يظهر المبنى الخاص بمدرسة المعاقين وذوى الاحتياجات الخاصة، ويقابله مقر جمعية تأسست لتكون مبيتاً يومياً للمعاقين ومجهولى النسب أيضا،
ورغم أن المشهد من الخارج يوحى للوهلة الأولى بأن المكان يتمتع بجو نفسى قادر على قهر الظروف التى يعانيها نزلاؤه، إلا أن أحداً لا يعرف أن خلف جدران تلك الجمعية تتم أفعال لا أخلاقية كادت تتسبب فى أمراض نفسية وجسدية لأطفال لا حول لهم ولا قوة، غير قادرين على مساعدة أنفسهم فى ظل محاصرتهم بجدران دون إشراف واضح سوى من بعض الكلاب التى تتربى معهم، فوقعوا فريسة سهلة لأحد الطلاب، الذى يمارس شذوذه الجنسى معهم دون رحمة وتحت تهديد السلاح.
أجساد نحيلة تختلف فى درجة مرضها بين القعيد على كرسى متحرك، والمتكئ على «عكازين».. مشهد يتكرر فى كل غرفة من الجمعية، فهم النزلاء الذين تغلق أبوابها عليهم كل يوم ليلا، والتى شهدت لحظات الرعب والقلق التى عاشها الأطفال تحت تهديد سلاح أبيض لم يفارق يد «ج.ش»، الذى كان وسيلته الوحيدة للحصول على غرضه منهم، ورغم وجود بلاغ ضده إلا أن مُدرّسة - طلبت عدم نشر اسمها - أكدت أن التحرش الجنسى لم يتوقف على طالب واحد فقط، بل إن هناك أكثر من فرد وقع فريسة سهلة فى ظل غياب الإشراف والرقابة من الجمعية، موضحة أن أقصى موعد يتواجد فيه مشرف هو العاشرة مساء، بعدها يظل الأطفال دون رقيب، وهو ما يتيح ممارسة تلك الأفعال بشكل سهل دون أن يعرف أحد.
ولم يكن الدخول للجمعية أمراً صعباً، فيكفى إخبارهم بأن لديك طفلاً معاقاً وتريد أن يلتحق بها، فتتوجه إحدى العاملات إلى مدير الجمعية منادية إياه ب«بابا عبدالمنعم»، لتستأذنه فى الحديث مع الزائر الجديد عن المميزات التى تجعل ولى الأمر مطمئنا على ابنه فى المكان.. وبخطوات بسيطة تصل إلى المدير، الذى يبدو وكأنه فى منزله يرتدى «فانلة داخلية بيضاء»،
وبجواره يجلس ابنه فى غرفة أشبه بمخزن تحيطها أكياس السكر والأرز فى كل مكان، ويبدأ فى التحدث عن طبيعة المكان الذى يعتبر الوحيد من نوعه المخصص لمبيت المعاقين دون أجر، فهم يعتمدون بشكل كبير على التبرعات، ويسترسل فى وصف مميزات المكان التى من أهمها وجود إشراف تام على مدار 24 ساعة، سواء من العاملات أو المشرفين الليليين الذين يبيتون مع الأطفال، ليقاطعه ابنه قائلا: «كلنا نبيت معهم كل يوم تقريبا، إما أنا أو والدى الذى لا يتركهم أبداً».
ينشغل «عبدالمنعم» فى كتابة إيصالات التبرعات، ويأمر إحدى العاملات بإتاحة الفرصة للتجول فى الجمعية لمساعدتنا فى مشاهدة الغرف والأسرة، لنلاحظ أن أغلب العاملات أيضاً من ذوى الاحتياجات الخاصة، وهو ما يجعل دورهن يتوقف على تنظيف المكان وتحضير الطعام فقط، دون التدخل فيما يحدث بين الأطفال من شغب أو غيره،
وبكلمات بسيطة تلفت الانتباه تقول «أ.م»: «أعمل هنا منذ سنوات، والجمعية توفر جميع وسائل الترفيه للأطفال، خاصة أن غالبية المترددين علينا مجهولو النسب وأطفال الشوارع المعاقون، وبالطبع نذهب لمنازلنا ليلاً والأطفال فى أمان هنا تحت حراسة الكلاب، لكننا علمنا أن بابا عبدالمنعم طلب من التضامن الاجتماعى توفير مشرفين للمبيت فى الفترة المقبلة»، أى أن الأمر حديث نسبيا بعد فصل جميع المشرفين والإخصائيين الذين تواجدوا فى الفترة الماضية، والذين لم تجد سببا لترك المكان سوى أنهم «لم يعجبهم الراتب».
وبجسده النحيل يستند طالب لا يتعدى العاشرة من عمره، ليصل إلى كرسيه المتحرك، يحاول الاعتماد على نفسه ليذهب إلى زملائه بالغرفة المجاورة لمشاهدة التلفاز، يمر بين طرقات وغرف الجمعية دون سؤال من أحد ويصل إلى أصدقائه وسط حراسة مشددة من عشرات الكلاب المتواجدة فى أركان المبنى بشكل ملحوظ، يقول بصوت هادئ «بيقولوا الكلاب دى للحراسة لو حد غريب جه من بره، لكن اللى جوه ربنا أعلم بهم»، ثم يهمهم بكلمات غير مفهومة ويتجه إلى زملائه الذين لا يختلفون عنه إلا فى درجة الإعاقة.. يتذكرون أحد أصدقائهم الذى غادر الجمعية وهو يدرس فى الصف الثالث الابتدائى، وقبل أن يسترسلوا فى الحديث عنه تلاحقهم العاملة قائلة: «أهله أخدوه عشان ماعجبوش المكان».
فى كل غرفة يوجد عدد من الأسرة، يفصل بين كل منها مسافة لا تتعدى سنتيمترات قليلة، يلاحظ عدم وجود غرف للمشرفين فى الطابق العلوى، فكلها إما غرف نوم للأطفال أو غرف مغلقة قالت عنها العاملة إنها لا تزال تحت التجهيز لتكون للنوم أيضاً، وفى كل طابق حمام مشترك يبعد عن الغرف بأمتار بسيطة،
وهو ما يجعل من الصعب سماع أى استغاثة قد تخرج منه، خاصة أن أبوابه مُحكمة الإغلاق. وبمجرد سؤال أى فرد من الجمعية عن طبيعة المدرسة التى تقع بجوارهم مباشرة يرفضون بشكل واضح الحديث عن أى شىء عنها، مؤكدين أنهم غير تابعين لها ولا يتعاملون مع أحد فيها، فكل ما يربطهم بها هو وجود بعض نزلائهم يدرسون هناك، حتى إننا طلبنا من إحدى العاملات أن تعرفنا على عاملة تكون مرشدة لنا هناك، فقالت: «ممنوع أى فرد يذهب من الجمعية إلى المدرسة، لأننا على خلاف معهم، لذا فهم لا يتعاملون معنا إطلاقاً».
وقد لا يبدو للزائر أن هناك سبباً واضحاً للعداء بين الجهتين، لكن بسؤال إحدى المدرسات، قالت: «ليس لنا أى علاقة بالجمعية، فتبعيتنا لوزارة التربية والتعليم، وهم للتضامن الاجتماعى.. ابتلانا الله بهم بعد أن وهبت صاحبة الأرض هذا المبنى ليكون جمعية لرعاية المعاقين ومبيتهم، ولكننا نقوم بدورنا وننصح أولياء الأمور بالحذر إذا تركوا أولادهم للمبيت هناك، خاصة بعد حدوث بعض حوادث لا أخلاقية لأكثر من 5 أطفال على يد أحد الأولاد، ويكفى أن أقول لكم إن الأطفال يبيتون وحدهم طوال الليل.
بعيداً عن الزيارة الصباحية فإن العاملات يبدين استعدادهن لاستقبال زيارتك ليلا بعد خروج المشرفين فى السابعة أو الثامنة ليلا، لتأخذ جولة ليلية فى المكان وتشاهد الأطفال وهم يقضون ليلهم دون رقيب واضح يهتم بما هو أعقد من العملية التعليمية، وهى عملية «التربية» التى يحتاجها المعاقون ومجهولو النسب، والتى من المفترض أن يشترك فيها الطرفان.. الجمعية والمدرسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.