بينما يزال الهدوء مسيطرا على السوق العقارية، رغم التحسن النسبى الذى شهدته خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضى، مقارنة بنهاية العام 2008، الذى شهد عنفوان الأزمة المالية العالمية، فإن بعض شركات التمويل العقارى، عاودت سياسة تمويل شراء الوحدات على «الخريطة» أى قبل تنفيذها بشكل كامل، بالاتفاق مع شركات التعمير، فى محاولة لتحريك سوق الفاخر بشكل محدد والتى كانت أكثر تأثرا بتداعيات الأزمة. قال الخبير العقارى أحمد عبد الرحمن إن شركات التمويل العقارى ظلت لأشهر ما بعد الأزمة وقبلها بفترة محدودة فى ظل تحذيرات من البنك المركزى تتجنب تمويل شراء الوحدات التى لا تزال قيد التشييد، غير أنه لوحظ مؤخرا قيام بعض الشركات بمعاودة التمويل للوحدات التى لا يزال يجرى بناؤها أو التسويق لها على الخريطة. وأشار عبدالرحمن إلى أن ذلك قد يكون راجعا لإبرام غالبية شركات التعمير اتفاقات مع شركات التمويل العقارى على بيع وحداتها بنظام الرهن العقارى، وهى فى الغالب الوحدات التى قد تكون قيد التشييد. ورغم اتجاه العديد من شركات التعمير إلى تغيير سياستها التسويقية بشكل كبير خلال العام الماضى، والسماح بإدخال نظم سداد لفترات تمتد إلى 7 سنوات بدون فائدة، مما يمثل تحديا لشركات الرهن العقارى، إلا أن بعض كيانات التعمير لا تزال تعول على التمويل العقارى فى تحريك ولو نسبة معينة من مبيعاتها، خاصة العاملة فى مجال الفاخر الذى تلقى ضربة شديدة فى أعقاب الأزمة العالمية. كما أن التمويل العقارى، اتجه إلى تغيير سياساته وتنويع محفظته، بإدخال شرائح المتوسط وما دونها على «استحياء»، حسب وصف أحمد عبد الرحمن، الخبير العقارى، متوقعا اتجاهه بشكل أكبر نحو تعديل هذه السياسات، لتنشيط أعماله المرتبطة بشكل قوى بواقع السوق العقارية والحالة الاقتصادية للبلدان. وأكد فتحى السباعى، رئيس بنكى التعمير والإسكان والعقارى، أن سوق العقارات المحلية يمر بحالة من الهدوء قبل معاودة الانطلاق مرة أخرى. وأشار السباعى إلى أن الآثار السلبية للأزمة العالمية تسببت فى تهدئة الطفرة العقارية التى شهدتها السوق منذ عام 2004، لافتا إلى ضرورة توسع البنوك فى منح ائتمان إلى شركات التطوير العقارى لكسر حالة الهدوء المسيطرة. وتمثل البنوك حوالى 75% من قروض الرهن العقارى فى مصر، والباقى لشركات التمويل العقارى و70% من قروض الرهن العقارى هى لتمويل شراء مساكن فى المدن والأحياء الجديدة، وتساهم معظم شركات التعمير فى التمويل، إما بدخولها فى شراكة مع شركات التمويل العقارى أو بمنح برامج لتمويل شراء الوحدات على الخريطة. وأشار شريف علوى، نائب رئيس البنك الأهلى، إلى أن البنك يعكف حاليا على إجراء تعديلات على برنامج التمويل العقارى الذى طرحه مؤخرا لعملائه تتضمن منح العملاء مدد سداد أطول وأسعار فائدة أقل. وأكد «علوى» أن البنوك تتجه إلى إقراض شركات التمويل العقارى، التى تستهدف تمويل وحدات الإسكان المتوسط، لأن هذه النوعية من الوحدات هى المطلوبة، على خلفية الأزمة المالية، بعد تراجع الإقبال على الإسكان الفاخر. ورغم محاولات تنشيط الرهن العقارى فإنه لايزال صغيرا، إذ لا تتجاوز نسبته 0.3% من الناتج المحلى الإجمالى وهو مستوى منخفض للغاية حتى بمقاييس الدول الناشئة. وقد عالجت الحكومة العديد من المعوقات فى سوق الرهن العقارية أهمها مشكلة ارتفاع رسوم التسجيل، فقامت بتسهيل الإجراءات وحددت ألفى جنيه كحد أقصى لهذه الرسوم. كما أدخلت تعديلات على نسبة القرض إلى الدخل، لكن ربما يكون أكبر عائق لانتشار الرهن العقارى هو سعر الفائدة المرتفع الذى يتراوح بين 12 و13%. وأرجع أحمد آدم، الخبير المصرفى، توجه البنوك إلى تمويل شركات التطوير العقارى، إلى استغلال السيولة الفائضة لديها، خاصة أن معدل الإقراض بالبنوك إلى الودائع لا يتعدى 50%. كانت هيئة الرقابة المالية قد أشارت إلى أن قيمة التمويل العقارى الممنوح للعملاء خلال الربع الأول من العام الحالى بلغت 1.3 مليار جنيه بزيادة قدرها 54 مليون جنيه، عن الربع الأخير من العام الماضى 2009. كما كشفت مؤشرات الهيئة عن ارتفاع قيمة التمويل الممنوح لمحدودى الدخل إلى 377 مليون جنيه من إجمالى التمويل، بزيادة قدرها 18 مليون عن الربع السابق والأخير من عالم الماضى.