الازمة المالية العالمية كانت بمثابة تصحيح للاوضاع وإعادة ترتيب الاوراق في القطاع العقاري بعدما عادت البنوك مجددا لدراسة تمويل الاسكان الاقتصادي أو المتوسط بعدما عزفت عنه لسنوات من اجل تمويل الاسكان الفاخر خصوصا بعد الطفرة العقارية التي انتابت القطاع بعد لجوء وزارة الاسكان إلي بيع الاراضي بالمزادات قبل صيف 2007 فالقارئ لخريطة السوق العقاري سيجد أن فترة الشتاء الماضي لم تشهد ركودا بالمعني المفهوم والاصح انها فترة ترقب مشوبة بالحذر وتوقع اقتصاديون عودة النشاط العقاري في مصر خلال فترة قصيرة لاتتجاوز العام بعدما سال لعاب البنوك علي تحقيق ارباح جيدة من تمويل للاسكان المتوسط، مشيرين إلي أن الفجوة مازالت كبيرة بين العرض والطلب لصالح الطلب، لكنهم اكدوا أن النشاط خلال الفترة المقبلة سيكون لمصلحة الاسكان المتوسط. يذكر أن وزارة الاسكان تلقت عروضا من عدد من البنوك للمشاركة في تنفيذ مشروع "ابني بيتك" بتسهيلاك ومميزات كبيرة للشباب وقد اكدت مصادر مطلعة بوزارة الاسكان أن هناك مفاوضات تجري حاليا في سرية تامة بين الوزارة وبين بنك التنمية والائتمان الزراعي، وينص العرض المقدم من البنك علي توفير التمويل اللازم لاحتياجات المشروع من مواد البناء وخلافة، وفي حالة موافقة الوزارة علي العرض المقدم. ويري اقتصاديون أن سوق العقار في مصر ستظل رغم حالة الترقب، أحد انواع الاستثمار الآمن وعلل الخبراء توقعاتهم بعودة النشاط العقاري إلي أن البنوك بما لديها من سيولة تتجاوز 400 مليار جنيه ستدفعها لتمويل عمليات اقراض الشركات العقارية والافراد هذا بالاضافة إلي السيولة الكبيرة لدي الافراد وسيظل افضل استثمار لهم هو الاستثمار في سوق العقار، وذلك بعد الانهيار الذي تشهده البورصة المصرية إلي جانب عزم الحكومة المصرية ضخ نحو 2 مليار جنيه للتمويل العقاري لمحدودي الدخل، فضلا عن التوقعات بتراجع أسعار الفائدة في البنوك، كل هذا سيكون له اثر كبير علي عودة الاستثمار في القطاع العقاري من جديد. يقول ايمن الزيات رئيس قسم التحليل المالي بشركة سيتي تريد إن الشركات العقارية تواجه ركودا في الوحدات الفاخرة فقط جاهزة التشطيب، في حين يواجه الاسكان المتوسط تراجعا في نشاطه. ويتفق معه احمد العطيفي، رئيس قسم الابحاث بشركة "نيوبرنت" لكنه يتوقع معاودة النشاط خلال فترة لن تتجاوز العام قائلا إنه يمكن القول إن سوق العقارات تشهد الآن حالة من الاستقرار بعد تراجع نموها خلال الاربعة اشهر الماضية مع وجود بعض الترقب والحذر لتراجع الاسعار ولكنني أتوقع معاودة النشاط خلال فترة لن تتجاوز العام واضاف: آخر الاحصائيات تشير إلي أن 30% من المصريين تتراوح أعمارهم مابين 17 سنة و25 سنة، وهو ما يعني أن تلك الفئات العمرية ستعمل علي زيادة الطلب علي الوحدات السكنية ولمدة خمس سنوات مقبلة مع توقعات بأن تستمر الفجوة بين العرض والطلب في مصر علي الاسكان المتوسط قائمة. أما احمد علاء الخبير بالبنك العقاري العربي فقد اوضح أنه بالرغم أن الشركات لها قابلية لتمويل المشروعات المتوسطة والاقتصادية فإن البنوك مازالت تصر علي تقديم التمويل للاسكان الفاخر وأن كان بعضها بدأ يعد العدة لتقديم هذا التمويل لهذا القطاع فرغم تراجع أسعار العقارات في العالم، فإن سوق العقارات في مصر لاتزال تشهد انتعاشا حيث تباع العقارات بأسعار ثابتة دون تراجع، وتمثل سوق التمويل العقاري فرصة جديدة لتنشيط الطلب علي المبيعات، خاصة مع وجود شريحة ضخمة من الراغبين في الحصول علي مسكن جديد ومناسب لتطلعاتهم. مطالبا البنوك في ذات الوقت البنوك بضرورة أن تقوم بتقديم مزيد من الاهتمام لهذا القطاع وهو مابدأت بعض البنوك بتقديمه في الوقت الراهن مشيرا إلي أن الطلب علي العقارات لم ينخفض محليا، لكن العرض اختلف ليتناسب مع الشرائح الاقل دخلا في المجتمع، حيث تغير المعروض من التوجه للاسكان الفاخر إلي الاسكان المتوسط ومحدود الدخل بجميع انواعه. واشار إلي تراجع الطلب علي الاسكان الفاخر، الذي شهد تباطؤا خلال الربع الاخير من العام الماضي، علي خلفية حالة الترقب من جانب المواطنين انتظارا لانخفاض الأسعار، مضيفا أن شركات التمويل العقاري والبنوك أصبحت أكثر واقعية واتجاها إلي الطلب الحقيقي المتمثل في الاسكان المتوسط والاقتصادي. وقال إبراهيم الشارمي، مدير تسجيل الأصول والضمانات بأحد البنوك الأجنبية إن شركات التمويل العقاري قاومت الأزمة المالية عن طريق زيادة مدة السداد وتقديم التسهيلات للمستثمرين بخفض جزء من الفائدة. واعتبر أن السوق المحلية مازالت جاذبة للاستثمار العقاري لأنها سوق مستهلكة بالإضافة إلي أن امتلاك وحدة سكنية حلم يراود ال80 مليون مصري، لافتا إلي أن حالة التباطؤ وجهت ضربة موجعة للمضاربين علي أسعار العقارات. وقال أشرف رياض مدير العمليات بشركة بيت التمويل العقاري إن سوق العقارات تمر بحالة من الترقب، حيث ينتظر المواطنون انخفاض الأسعار، ولكن السوق تمر بمرحلة من التصحيح بعد أن اقتحمته، خلال الفترة الماضية، مجموعة من المضاربين، متوقعا عودة الانتعاش بنهاية 2009 أو منتصف 2010. وأضاف أن انخفاض الفائدة علي التمويل العقاري يرجع إلي سياسة كل شركة وكل بنك علي حدة لضمان مزيد من التنافسية في السوق، حيث توجد 10 شركات تمويل عقاري لا تعمل فيها سوي 3 شركات وأشار إلي أن فائدة التمويل ستتجه إلي الانخفاض عندما تنتعش السوق ليصب هذا الانخفاض في مصلحة العميل الراغب في الحصول علي وحدة. وأشار رياض إلي أن الفجوة بين العرض والطلب في سوق العقارات المصرية هي الأمر الذي عزز انتعاش الأسواق برغم الركود العالمي، حيث إن شراء العقارات في مصر لا يعتمد علي الاستدانة، بل يتم تمويله من الفوائض المالية للمواطنين.