كنت أعلم منذ اللحظة الأولى التى قررت فيها تغيير مصيرى من موظفة فى هيئة الاستعلامات براتب مضمون، إلى مصممة حلى تسعى للتعرف على أسرار تلك المهنة من أسطوات الصناعة فى خان الخليلى، أننى لا أغامر فحسب بالميرى وترابه. ولكن بعلاقتى بمن حولى ونظرتهم لى. فقد ظنوا أن بى مساً من الجنون كى أترك الوضع الاجتماعى والطبقى خلف ظهرى، وأرتدى الأفرول والحذاء الكاوتش وأنزل كى أكون صبياً لأحد معلمى الصناعة، أسأل وأتعلم وأرسم طيلة النهار، ثم أعود للمنزل فى المساء أحتفظ بما تعلمت فى كتيب أرجع له بين الحين والآخر لمعرفة أصل حلية وطبيعتها وإلى أى ثقافة تنتمى. ولكن اليوم وبعد مرور 40 عاماً بالتمام على خطوتى الأولى فى هذا العالم، أنظر لما حققت فأعرف أننى لم أفعل سوى الصواب، وأننى لم أتمسك سوى بحق تصميم حياتى بشكل مختلف قادنى للتميز. فمائدة صغيرة فى إحدى غرف البيت أصنع عليها تصميماتى، قادتنى لورشة فى خان الخليلى ثم مصنع فى السادس من أكتوبر ثم مؤسسة متكاملة تتبعها فروع عديدة فى مصر والعالم كله تحمل توقيع عزة فهمى، هكذا أصبحت على مدى 40 سنة بدأت فيها بلاشىء، ولكن كان لدى القناعة والإيمان بكل ما أقوم به، لم أشغل عقلى بنظرة المجتمع، ولا بما صادفنى من عقبات، كان هدفى أمام عينى ينادينى للأمام وللمستقبل. كثيرة هى العثرات التى أكبّتنى على وجهى ولكن كنت فى كل مرة أنهض وأنفض عن نفسى التراب لأسير من جديد. وكثيراً ما أتوقف أمام عبارة ترددها نسبة كبيرة من النساء عن العوائق التى تواجههن وتمنعهن من تحقيق أحلامهن. فأنظر لنفسى وما حققت وأجدنى أرفض تلك العبارة الساذجة. من قال إن هناك عوائق يمكنها أن تعيق أى إنسان، رجلاً كان أو امرأة، عن تحقيق حلمه فى رأيى أن العوائق التى من الممكن أن تقلل من سرعة انطلاق أى امرأة، لا تخرج عن نطاق تحملها مسؤولية أمور أبنائها وبيتها. ففشل الأبناء معلق فى رقاب النساء لا الرجال، ولذا فويل المرأة الطموح ويلان، ولهذا يزداد تقديرى لها. وبالنسبة لى فقد ساعدنى عملى ونجاحى فيه أن أكون نموذجاً حياً لابنتىّ فاطمة وأمينة، فقد شبتا وهما تريان أمهما تجاهد وتثابر كى تصنع شيئاً خاصاً بها يحمل توقيعها. عرفتا معى أن الحق يعنى الاجتهاد والإحساس بالمسؤولية، ولا يؤدى سوى للعدل والمساواة فى إثبات الذات. أضحك ممن يرددن على مسامعى أننى نموذج متفرد شاذ لامرأة حققت حلمها، فأنا أؤمن بقدرة النساء وقوتهن على التحمل ولكن الفرق بينى وبين غيرى هو الرؤية التى منحتنى البصيرة لأعرف أين أضع قدمى، والإرادة للإبداع فيما أحببت. وأتساءل الآن: ماذا بعد مؤسسة عزة فهمى التى باتت ابنتاى مسؤولتين عنها؟ أعتقد أننى لابد أن أبحث عن بداية وتحد جديدين. عزة فهمى مصممة حُلى