منذ شهور قال الأستاذ محمد حسنين هيكل فى برنامجه التليفزيونى على قناة «الجزيرة» إن مصر لم يكن لها عملاء فى إسرائيل قبل هزيمة يونيو يعتد بهم، فى إشارة واضحة إلى أن مسلسل «رأفت الهجان» كان من وحى الخيال! دهشت من قول الأستاذ لأن المسلسل أنتج على أساس أنه «من ملفات الجهات السيادية»، وهذه العبارة مطبوعة فى العناوين، وليست شفاهية. وقد شغل الرأى العام فى مصر بالمسلسل، والأهم بالشخصية الحقيقية وهى رفعت الجمال، وأرملته الألمانية التى جاءت مصر مع ابنها منه، وكانت متزوجة من المرحوم الممثل إيهاب نافع الزوج الأول للفنانة الكبيرة ماجدة ووالد ابنتها الوحيدة غادة، وقيل إنه كان الطيار الخاص لطائرة جمال عبدالناصر، وباختصار استقر فى أذهان كل المصريين أن رأفت الهجان شخصية حقيقية وأنه الذى قام بإبلاغ مصر عن موعد هجوم إسرائيل على مصر يوم 5 يونيو حتى جاء الأستاذ هيكل وقال إن هذا غير صحيح. وقد انتظرت بعد هذا التصريح أن يكون هناك تعليق ما من أى جهة رسمية، وكانت الدهشة أكبر بمرور الشهور من دون أى تعليق، ومرة أخرى الأسبوع الماضى أكد الأستاذ هيكل ما قاله من قبل وأن رأفت الهجان مسلسل من وحى الخيال.. ومرة أخرى لا تعليق من أى جهة، ولا من وزارة الإعلام التى قامت بإنتاج المسلسل! ومن البدهى أن من حق الرأى العام فى مصر أن يعرف الحقيقة حول هذا الموضوع، خاصة أن الصحف الإسرائيلية نشرت أثناء عرض المسلسل أنه غير حقيقى ومن وحى الخيال، ووقتها كان الرد المصرى أنهم يقولون ذلك لأن المسلسل كشف خيبتهم، ومن الطبيعى أن ينكروا أنه يقوم على وقائع حقيقية.. صحيح أن الرأى العام فى مصر، وبعد أكثر من 40 سنة من هزيمة يونيو، لم يزل لا يعرف حقيقة ما جرى فى ذلك اليوم، حيث تختلف الروايات، وكل حسب أيديولوجيته أى أفكاره السياسية، وليس حسب معلوماته، ولكن هذا لا يمنع أن نعرف الحقيقة على الأقل فيما يتعلق بمسلسل تليفزيونى! وصحيح أن الأجيال الجديدة من الشباب تعيش فى دنيا أخرى غير دنيا هيكل والناصريين والقوميين والشيوعيين والليبراليين، حيث تحاور النخبة نفسها لنفسها عن نفسها، ولا يتحدث إليهم غير الإسلاميين، ولكن من حقنا أن نسأل: إلى متى نعيش فى الأوهام والأكاديب، ومن يقول لنا الحقيقة ومتى؟! [email protected]