رواد تحالفات الابتكار عالميًا

رغم دخول «تحالف القاهرة» بقيادة جامعة القاهرة نادى المائة مؤسسة الرامية إلى تحقيق إنجاز معرفى فى مجال البحث العلمى والابتكار من أجل دعم جهود التنمية المستدامة على المستوى العالمى، بتحقيقه المرتبة (83) عالميًا كالتحالف المصرى والعربى والأفريقى الوحيد وفق الدليل العالمى للابتكار. فإنه يكون من المفيد، بل من الضرورى، دراسة معدلات أدائه فى إطار النقلة النوعية المعرفية الراهنة وما حققته دول العالم الرائدة فى هذا المجال.
وبحكم أنها تُمثل القلب النابض لمنظومات الابتكار الوطنية، فإن هذه التحالفات المؤسسية (Clusters) نشأت بالأساس من أجل تعظيم الاستفادة من مخرجات البحث والتطوير فى التصدى لمشاكل المجتمع والارتقاء بمعدلات أداء قطاعات الإنتاج السلعى والخدمى من خلال إطار مؤسسى يضم أفضل الجامعات والباحثين والمخترعين وأصحاب رأس المال الاستثمارى وشركات البحث والتطوير بغرض دفع الأفكار الرائدة الإبداعية إلى الأمام.
ووفق التوجه السابق، حدد دليل الابتكار العالمى (Global Innovation Index) أفضل 100 مجموعة أو تحالف على مستوى العالم فى عام (2025)، من خلال ثلاثة مقاييس إحصائية تحليلية تركز على عدد طلبات «براءات الاختراع المُسجلة»، والإنتاج البحثى المقُاس بحجم «المقالات العلمية المنشورة»، والبعد الاقتصادى المُتمثل فى «صفقات رأس المال الاستثمارى» (Venture Capital) الموجهة لإنشاء شركات أعمال تتبنى التكنولوچيات المُتقدمة وتدعم التحول المعرفى للدول.
وتشير نتائج الدليل العالمى للابتكار بريادة كل من جمهورية الصين الشعبية والولايات المُتحدة الأمريكية لقائمة المائة تحالف الأكبر عالميًا. حيث تضمنت القائمة نحو (24) تحالفا للصين مقابل (22) تحالفا للولايات المتحدة الأمريكية. أى ما يقترب من (50) فى المائة من عدد التحالفات. ويُفيد ما سابق أن التنافس بين الدولتين لا ينحصر فقط فى الجوانب السياسية والاقتصادية، بل يتمثل أيضًا فى مجالات البحث والتطوير والابتكار والتحول المعرفى والرقمى. كما يشير التقارب بين أعداد التحالفات بالدولتين إلى تعاظم المنافسة وحدتها فى هذا المجال. من ناحية أُخرى، حصدت الدول الأوروبية (21) تحالفا من المائة الأكثر تأثيرًا بفضل ألمانيا التى ضمت (7) تحالفات من أجل الابتكار والمملكة المتحدة التى شاركت بأربعة تحالفات فى عام (2025). بيد أن قارة آسيا قد حققت المرتبة الأولى على مستوى قارات العالم من خلال وجود (35) تجمعا فى قائمة أفضل مائة تحالف للابتكار، تركزت أساسًا فى الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية.
وعلى المستوى المؤسسى، أكدت نتائج دليل الابتكار العالمى لعام (2025) تمايز الدول الآسيوية وتفردها فيما يخص تحالفات الابتكار بوجه عام. إذ احتلت المؤسسات الآسيوية أربعة تحالفات من قائمة أفضل خمس تحالفات على المستوى الدولى. حيث تضمنت القائمة المُختصرة تحالفين من الصين، وتحالفا من كل من اليابان وكوريا الجنوبية وتحالفا واحدا فقط من الولايات المتحدة الأمريكية. كما حقق تحالف «طوكيو - يوكوهاما» اليابانى أفضل أداء عالمى فى مجال براءات الاختراع بتقديمه ما يقارب (10.3) فى المائة من مجموع براءات الاختراع المقدمة من أفضل مائة تحالف عالمى. فى حين حقق «تحالف بكين» الصينى فى نفس الوقت أفضل أداء فيما يخص حجم النشر العلمى بحصده (4) فى المائة من جملة النشر العلمى للتحالفات. وأخيرًا، حصد تحالف «سان چوزية – سان فرانسيسكو» بالولايات المتحدة الأمريكية المركز الأول عالميًا فى مجال عدد صفقات راس المال الاستثمارى بنسب تصل إلى (6.9) فى المائة من الحجم الكلى للصفقات.
وبرغم أن جميع التحالفات الخمسة وعشرين الأولى تحتل مرتبة عالية من حيث كثافة الابتكار الشاملة، إلا أنها تتباين أو تختلف فى نقاط قوتها وتأثيرها المُجتمعى. إذ تتقدم تحالفات نينغدى (الصين)، وسان خوسيه - سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) وأيندهوفن (هولندا) فى نصيب الفرد من طلبات براءات الاختراع. فى حين تحتل كامبريدج (المملكة المتحدة) وأكسفورد (المملكة المتحدة) وآن أربور (الولايات المتحدة) المرتبة الأعلى فى المنشورات العلمية للفرد الواحد، وتتصدر سان خوسيه سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) كامبريدج (المملكة المتحدة) وأوستن (الولايات المتحدة) قائمة صفقات رأس المال للفرد الواحد.
وبهدف تقييم معدلات أداء تحالفات الابتكار التى ظهرت ضمن المائة مجموعة عالميًا فيما حققته على الصعيدين المعرفى والتنموى، يقيس دليل الابتكار العالمى مخرجات التحالف فى مجالات النشر العلمى وبراءات الاختراع ورأس المال الاستثمارى لكل مليون نسمة من السكان خلال الخمس سنوات الأخيرة. وتوضح النتائج توجهات عامة حاكمة لأداء التحالفات من ناحية، وبعض السمات الخاصة المرتبطة بها من ناحية أُخرى. فعلى المستوى العام، تشير النتائج إلى تركز معظم النشر العلمى بالتحالفات فى الجامعات ومراكز البحث والتطوير، فى حين اعتمدت النسبة العالية لبراءات الاختراع أساسًا على مؤسسات الأعمال المُنتجة لسلع وخدمات. وهى نتيجة هامة أكدت عليها تقارير ومؤشرات قاعدة معلومات سايماجو البحثية (SCImago ) وتعتمد عليها نسبة متزايدة من السياسات الوطنية الرامية إلى تعزيز قدرات البحث العلمى ودعم جهود الابتكار فى خدمة المُجتمع. وللحديث بقية.