بين الكتب والأوراق، جلس نجل وائل مرزوق (موظف بسنترال رمسيس) يستعد لامتحانه المقبل بشهادة الثانوية العامة، غير مدرك أن ساعات قليلة فقط تفصله عن واحدة من أبشع الصدمات التي قد تهز قلب أي شاب في عمره. يقول الابن، وهو لا يزال تحت تأثير الصدمة: «كنت بذاكر للامتحان، وبابا كان على تواصل معانا من وقت للتاني، وطمني إنه كويس، ومافيش أي حاجة كانت توحي إن في خطر». ويتابع: «انقطع الاتصال بينا حوالي الساعة 6 المغرب، كان عندنا أمل إنه يكون دا من توابع الحريق ويكون هو بخير، لكن فجأة، الساعة 3 الفجر، رن عليا واحد من صحابه، وقال لي بصوت هادي: أنا عارف إنك راجل وقد المسؤولية، بس لازم أبلغك، أبوك لقيناه متوفي في الحريق». الخبر نزل عليه كالصاعقة، ليقلب ليله الهادئ إلى كابوس حيّ، «أمي دخلت في حالة صدمة، وأخويا الصغير منهار، مش مصدق إن بابا مشي ومش هيرجع». يختتم الشاب حديثه بصوت يملؤه الألم: «بابا كان دايمًا معايا في كل امتحان، يوديني ويستناني على باب اللجنة، أول ما أطلع يطمني، كان حلمه يدخلني الجامعة ويأمن لي مستقبل أحسن، وسابني فجأة، في عز ما أنا محتاجه». يُعد سنترال رمسيس، الكائن بشارع الجمهورية في حي الأزبكية، أحد أهم أعمدة البنية التحتية لقطاع الاتصالات في مصر، وقد تم افتتاح المبنى التاريخي عام 1927 تحت اسم "دار التليفونات الجديدة"، ليؤدي دورًا محوريًا في تجميع وتوزيع خدمات الاتصالات المحلية والدولية. ويرتبط السنترال بشبكة الكابلات الأرضية والبحرية التي تغذي خدمات الإنترنت والهاتف الأرضي في مناطق متعددة، مما جعله مركزًا استراتيجيًا في منظومة الاتصالات القومية. فرق الحماية المدنية نجحت في السيطرة على النيران بعد ساعات من الجهود، فيما تتواصل عمليات التبريد وتمشيط الموقع، وتباشر النيابة العامة تحقيقاتها للوقوف على أسباب الحريق.