حالة من الترقب تسيطر على الأوساط السياسية فى كل من واشنطنوطهران للموقف الأمريكى من الصراع، وما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستخوض الحرب بشكل رسمى. و وجه الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، رسالة شديدة اللهجة إلى طهران، داعيا إلى «استسلام غير مشروط»، ووسط تلميحات أمريكية- إسرائيلية عن احتمال استهداف المرشد الإيرانى، على خامنئى، حذر الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، من محاولة إسقاط النظام الإيرانى بالقوة، معتبرا أن «أكبر خطأ سيكون استخدام الضربات العسكرية لتغيير النظام، لأن ذلك سيقود إلى الفوضى». ورغم تصعيده حدة الخطاب تجاه طهران، لم يحسم الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، موقفه بشأن توجيه ضربة عسكرية ضد إيران، فى الوقت الذى يترقب فيه المسؤولون فى إسرائيل معرفة قراره بشأن إمكانية تدخل الولاياتالمتحدة «فى مرحلة ما» فى الحرب الدائرة. وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، نقلا عن مسؤولين فى الإدارة الأمريكية قولهم، إن «ترامب» اجتمع مع فريقه للأمن القومى فى البيت الأبيض، مساء أمس الأول، ولكن «لم يُتخذ أى قرار» بشأن المضى قدما فى تنفيذ هجوم ضد إيران، وإن الهجوم كان «مجرد أحد الخيارات التى نُوقشت». ورأت الصحيفة أن هذا التصعيد يعد خطوة لافتة فى سياسة الضغط على إيران، إذ لمّح ترامب للمرة الأولى إلى أنه يدرس استخدام القوات الأمريكية ليس فقط للحد من برنامج إيران النووى، بل ربما لاستهداف القيادة الإيرانية أيضا. وأشارت إلى أن ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض، قال مرات عدة إنه يفضل التفاوض مع طهران، التى تؤكد أن أنشطتها النووية لأغراض سلمية، لكن الرئيس الأمريكى غير مساره فجأة خلال الأيام الأخيرة، بعد أن أشار مساعدوه إلى أنه توصل إلى قناعة بأن التوصل إلى اتفاق مع إيران بات أمرا غير مرجح إلى حد كبير. بدوره، عقب نائب الرئيس الأمريكى، جيه دى فانس، على ما يدور فى ذهن ترامب فيما يتعلق بالحرب الإيرانية الإسرائيلية. وكتب «فانس» فى تدوينة عبر منصة «إكس»: «انظروا، أنا أرى هذا من الداخل، وأعترف بأننى متحيز لرئيسنا، ولكن هناك الكثير من الأمور غير المألوفة على وسائل التواصل الاجتماعى، لذا أردت التطرق إلى بعض الأمور مباشرة بشأن قضية إيران.. أولا، لطالما كان الرئيس الأمريكى ثابتا بشكل مذهل، على مدى عشر سنوات، على أن إيران لا يمكنها امتلاك سلاح نووى. خلال الأشهر القليلة الماضية، شجع فريقه للسياسة الخارجية على التوصل إلى اتفاق مع الإيرانيين لتحقيق هذا الهدف. وقد أوضح الرئيس أن إيران لا يمكنها تخصيب اليورانيوم. وقال مرارا وتكرارا إن هذا سيحدث بطريقتين - الطريقة السهلة أو الطريقة الأخرى». وأضاف: «ثانيا، لاحظت الكثير من الالتباس حول مسألة الطاقة النووية المدنية وتخصيب اليورانيوم. هاتان قضيتان مختلفتان. كان بإمكان إيران امتلاك طاقة نووية مدنية دون تخصيب، لكن إيران رفضت ذلك. فى الوقت نفسه، قاموا بتخصيب اليورانيوم بمستوى أعلى بكثير من المستوى اللازم لأى غرض مدنى. وقد تبين أن هذه الدول تنتهك التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووى من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وتابع فانس أن «الرغبة فى الحصول على طاقة نووية مدنية شىء، والمطالبة بقدرات تخصيب متطورة شىء آخر. والتمسك بالتخصيب مع انتهاك الالتزامات الأساسية بمنع الانتشار النووى، والتخصيب حتى درجة صنع الأسلحة، شيء آخر.. لم أر حتى الآن حجة واحدة مقنعة تبرر حاجة إيران إلى تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز بكثير الحد المسموح به للاستخدام المدنى. ولم أر حتى الآن حجة واحدة مقنعة تبرر انتهاك إيران لالتزاماتها بمنع الانتشار النووى. ولم أر حتى الآن أى رد فعل قوى على نتائج الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأوضح: «فى غضون ذلك، أظهر الرئيس ضبطا ملحوظا فى تركيز جيشنا على حماية قواتنا وحماية مواطنينا.. قد يقرر اتخاذ مزيد من الإجراءات لإنهاء التخصيب الإيرانى. هذا القرار فى النهاية يعود للرئيس. وبالطبع، من حق الناس أن يشعروا بالقلق إزاء التورط الخارجى بعد 25 عامًا من السياسة الخارجية الحمقاء.. لكننى أعتقد أن الرئيس قد اكتسب بعض الثقة فى هذه القضية. وبعد أن رأيت ذلك عن كثب، أؤكد لكم أنه لا يهتم إلا باستخدام الجيش الأمريكى لتحقيق أهداف الشعب الأمريكى. مهما فعل، فهذا هو محور اهتمامه». فى غضون ذلك، أشارت شبكة «سى إن إن»، إلى أنه بعد أيام من الهجمات الإسرائيلية على إيران، واستهداف برنامجها النووى، ينتظر كبار المسؤولين الإسرائيليين معرفة ما إذا كان ترامب سيساعدهم فى «إنهاء المهمة». وذكرت أن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين كانوا على اتصال متكرر بشأن سير العمليات العسكرية الإسرائيلية فى إيران، وإمكانية تدخل الولاياتالمتحدة. ونقلت عن مسؤول إسرائيلى رفيع قوله: «نحن بانتظار قرار الرئيس»، فيما قال اثنان من المسؤولين الإسرائيليين، إن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو «لا يحث ترامب صراحة» على الموافقة على الضربات الأمريكية على منشأة «فوردو» النووية الإيرانية التى تقع تحت جبل. فى حين قال مسؤول إسرائيلى ثالث إن «العملية برمتها مبنية على حقيقة أن الولاياتالمتحدة ستنضم فى مرحلة ما». وجاء هذه التطورات، بعد أن شدد ترامب، لهجته تجاه طهران إلى درجة أنه هدد باستهداف المرشد الإيرانى. وأطلق ترامب سلسلة تدوينات عبر منصته «تروث سوشيال» بشأن إيران على جاء فيها «نعرف بالتحديد أين يختبئ المرشد الأعلى (الإيراني). هو هدف سهل، لكنه فى مأمن هناك.. لن نقضى عليه (نقتله!)، على الأقل ليس فى الوقت الحالي». وأضاف: «لكننا لا نريد أن تُطلق الصواريخ على المدنيين أو الجنود الأمريكيين. صبرنا يقترب من النفاد»، قبل أن ينشر فى وقت لاحق تدوينه جديدة: «استسلام غير مشروط!». فى السياق ذاته، قال الرئيس الأمريكى، عبر «تروث سوشيال»، إن «سيطرتنا الآن كاملة وشاملة على الأجواء الإيرانية»، موضحا: «سيطرتنا الآن كاملة وشاملة على أجواء إيران. إيران كان لديها أجهزة تتبع جوية جيدة ومعدات دفاعية أخرى، بل ووفرة منها، لكنها لا تُقارن بالمعدات المصممة والمصنعة فى أمريكا، لا أحد يُجيد ذلك أكثر من الولاياتالمتحدةالأمريكية». وتأتى تصريحات الرئيس الأمريكى، بعد تصريحات مماثلة أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بأن اغتيال المرشد الأعلى الإيرانى، من شأنه أن «يضع حدا للنزاع» بين تل أبيب وطهران. فى المقابل، حذر الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، من أن أى محاولة لتغيير النظام فى طهران قد تؤدى إلى «فوضى». إلى ذلك، ذكر موقع «أكسيوس» نقلا عن مسؤول إسرائيلى لم يكشف عن هويته بأن الرئيس الأمريكى تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلى. ونقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهما إن نتنياهو والمؤسسة الإسرائيلية لا يزالان يعتقدان أن ترامب من المرجح أن يدخل الحرب فى الأيام المقبلة لقصف منشآت تخصيب اليورانيوم فى إيران. من جهته، قال سفير إيران لدى الأممالمتحدة، أمير سعيد إيروانى، أمس، إن «إسرائيل استهدفت مناطق مأهولة دون تمييز وبدون إنذار»، مشيرا إلى أنه «إذا تم التوصل لاستنتاج مفاده أن الولاياتالمتحدة متورطة بشكل مباشر فى الهجمات على إيران فسنبدأ فى الرد عليها». وأضاف السفير الإيرانى لدى الأممالمتحدة فى جنيف: «لن نبدى أى تردد فى الدفاع عن شعبنا، وأمننا، وأرضنا، وسنرد بجدية وقوة، ودون ضبط للنفس»، مضيفا أن «تل أبيب ارتكبت عملا عدوانيا وهاجمت طهران دون أى سبب». وأوضح «إيروانى» أن بلاده «وجهت رسالة إلى الولاياتالمتحدة مفادها أنها سترد بحزم شديد».