«جثة تحت الأرض منذ 40 يومًا».. حلم سائق «توك توك» بالثراء ينتهى أثناء التنقيب عن الآثار (فيديو وصور)

«غرفة بداخلها حفرة بعرض متر وعمق 13 مترًا، لا يمكن النزول إليها، فهى غير آمنة»، وكيل النائب العام يُسجّل فى معاينته أحد المنازل بمساكن سوزان مبارك فى منطقة الدويقة بالقاهرة، والذى شهد حادثة تنقيب عن الآثار، ومصرع أحد الشباب.
والدة «أحمد»، شاب ثلاثينى، ترجو خروج جثمان ابنها، الذى لقى مصرعه أسفل الحفر داخل بيت رجل وامرأة- زوجين- وابنهما، أثناء مشاركتهم التنقيب عن الآثار بحثًا عن الثراء السريع.
كانوا بيدوّرو على آثار
الضحية «أحمد»، سائق «توك توك»، الولد الوحيد لأمه «رئيسة»، عائلها، بعد وفاة زوجها وزواج ابنتها، لذا فإن أحزانها غير عادية على الابن المدفون داخل الحفرة منذ 40 يومًا، ولم يخرج جثمانه حتى الوقت الحالى، لتبكى عليه ليل نهار، وتقول: «عايزة عظامه بس أدفنها وارتاح.. أعرف له قبر أروح أزوره».
كل يوم تذهب «العجوز» إلى المنزل محل الواقعة، والكائن على مساحة نحو 300 متر، ومكون من طابق أرضى فقط، مرات شاهدت قوات الحماية المدنية تحاول انتشال جثمان «أحمد» دون جدوى، وعرفت من الجيران ما يشيب له الولدان، حسب قولها: «الناس بلغونى إن صاحب البيت (رشاد) وزوجته (ميرفت) وابنهم (يوسف) كانوا بيدوّرو على آثار، واستعانوا بابنى، وساعدهم كام يوم، وفجأة اختفوا دون الإبلاغ بوفاته، وأنهم سمعوا صوت صراخه عاليًا، فلما انتبهوا لمصدر الاستغاثة كان أمامهم بالحفرة جثمان الابن، ومالك العقار هرب».
فى بيتها، تندب «رئيسة» حظها العاثر، كون ابنها أبلغها قبل اشتراكه فى التنقيب عن الكنز: «يا أمى واحد قابلنى وقالِّى إن المعلم رشاد عايزنى أحفر معاه تحت بيته، وهيكون لى نصيب كويس من حصيلة بيع الآثار»، حينها قالت له وهى خائفة: «يا ابنى مش عايزين ولا قرش واحد حرام»، فرد عليها: «لا يا أمى، تعبت من الفقر وهنرتاح طول العمر».
لو مجيتيش هبلّغ الحكومة
كادت الأم تُبلغ ابنتها عن الكارثة لمحاولة عدول «أحمد» عما سيُقدم عليه، لكنها خافت حتى حلت المصيبة «يا ريتنى قلت لها»، تبكى وتسرد عن بداية اختفاء الابن: «(رشاد) جه له البيت، وقعدوا يتكملوا، وتانى يوم نزل ابنى له الساعة 12 نص الليل، ورجع بعد ساعة ونص وهدومه كلها تراب ورمل، فسألته: (إيه اللى حصل؟)، قالِّى لما الراجل ده جه لى امبارح قالِّى تعالى احفر عندى فى البيت.. تحته فيه آثار، وهنطلع منها بقرشين حلوين، وبعدين ابنى لما حكى لى قولتله لا يا ابنى إحنا ملناش فى الكلام ده، اوعى تروح تانى مع الراجل ده».
لم يكثرت «أحمد» بكلام والدته، التى تواصل حكيها: «اللى اكتشفته إنه كان بيروح من ورايا، وبعدين بقيت ألاقيه بينزل كل يوم الساعة 12 بالليل ويرجع متأخر قبل الفجر، وبيدخل على أوضته بسرعة عشان مشوفوش، وحكيت لأخته بعد اختفائه المريب، وروحنا ل(رشاد) لقيناه هرب».
«سماح»، شقيقة «أحمد»، توجهت إلى منزل «رشاد» لتجد بابه مغلقًا، وليس به أى أحد، لتتصل بزوجته وتسألها: «فين أخويا؟»، قالت: «مجاش عندنا، ومشوفتوش من زمان، وأنا فى المنصورة، قلتلها أنا عرفت كل حاجة، ولو مجيتيش هبلّغ الحكومة، وجت فعلًا، وسألت ابنها: فين الحفرة؟.. وابنها (يوسف) عرّفنى بوفاة أخويا تحت الحفر».
بيحفر لمدة ساعتين ل3
بحسب تحقيقات النيابة العامة، قال ابن مالك العقار: «الضحية نزل الحفرة مع أبويا، بس كان بيكون واقف فى أول الحفرة، فيما (أحمد) هو اللى بيدخل لجوة على بطنه عشان يدوّروا على آثار.. كنت كل شوية بطلع أشوف زوجة عمى صحيت ولا لأ، وأرجعلهم، أبويا اللى كان بيقوللى، وكنت بجيب لهم أكل وشرب».
«يوسف» كشف عن المدة الزمنية للحفر، وكيف كان يضع المجنى عليه الرمال الناتجة عن أعمال الحفر وطريقة تخبئتها: «بيعمل الكلام ده من ساعتين ل3، وبيحط اللى بيطلعه من رمل فى حفرة أخرى موجودة من 3 سنوات»، وأيدت والدته «ميرفت»، زوجة المتهم الهارب، عقب القبض عليها، ما قاله ابنها، وأضافت: «الحفرة التانية كان جوزى بيخفيها بالبلاط بعدما ما يخلص».
ووجهت النيابة العامة إليهما اتهامًا بقتل المجنى عليه عمدًا مع سبق الإصرار والترصد؛ بأن بيّتا النية وعقدا العزم على إزهاق روحه مع المتهم الهارب لإجراء أعمال الحفر.
أمى صوت خبط ورزع بالليل عندهم
شهود عيان تواصلت معهم «المصرى اليوم»، بينهم ابن شقيق «رشاد»، والذى حكى: «بيتنا ملاصق لبيته، ومن فترة كبيرة كنت بسمع أنا والحاجة أمى صوت خبط ورزع بالليل عندهم، وإحنا متكلمناش معاهم عشان إحنا مقاطعينهم بقالنا سنين، والنهارده، عرفت إن الحكومة جت خدت مرات عمى وابن عمى عشان فيه حفرة فى بيتهم.. الناس بتقول إنهم بيدوّروا على الآثار، ومات فيها واحد، لكن أنا مشفتش حاجة بعينى، وده كل اللى أعرفه وسمعته من الناس».