زوجة «جزار ميت عقبة»: فدانا بروحه

رائحة الدخان الكثيف وآثار هدم المنزل ووجوه الأطفال والسيدات والعجائز التى يكسوها الحزن والخوف والحذر الشديد، تباغتك بمجرد أن تطأ قدمك حارة أبوالنجا بميت عقبة فى الجيزة.. هنا ستسمع مأساة أسرة عم «ناصر»، الجزار، مالك العقار المنهار جراء حريق سببه ماس كهربائى، ومصرعه أثناء محاولته إطفاء النيران بالطابق الثالث وفدائه لأفراد أسرته واستخراج جثته بعد 4 ساعات متفحمة من تحت الأنقاض، ومناشدة الأهالى توفير مساكن بديلة لهم: «البيوت هتقع علينا».
هنا بالطابق الأرضى من العقار المنكوب المبنى من الخشب، كان يشاهد عم «ناصر» وزوجته وابنتاه وثلاثة من أحفاده شاشة التليفزيون ويتناولون وجبة العشاء، ودون سابق إنذار سمعوا صوت «فرقعة» صادرًا من الطابقين «الثانى» و«الثالث»، تبين لرب الأسرة أن هناك حريقًا، ووفق زوجته: «طلع يشوف فى إيه وقاللى اخرجى إنتى والعيال برا وسبينى».
«مات وهو بيحاول يفصل الكهرباء علشان الحريق».. هكذا تكشف الزوجة المكلومة أن زوجها «فداها بروحه واتكهرب والمطافئ والإسعاف طلعوا جثته متفحمة من تحت الأنقاض»، كما تحكى أن «ناصر» صعد للطابق الثالث «علشان يفصل مفتاح التكييف اتكهرب والنار مسكت فى جسمه كله».
زوجة «ناصر» كانت تطلب من عناصر الحماية المدنية البحث عن زوجها، بينما النيران كانت قد أكلت العقار عن آخره، وحين استخرجت جثته متفحمة انهارت ووسط صراخها، كانت تقول: «هو اللى بيصرف علينا ومش عارفين هنعمل إيه من غيره.. دا بيصرف على بنته المطلقة وأحفاده كمان».
تضاعفت أحزان أسرة مالك العقار باحتراق جهاز ابنته العروس «منار»، فكانت أمها تبكى مرددةً: «بقى موت وخراب ديار.. حاجات بنتى اشتريناها ب 40 ألف جنيه بالتقسيط أبوها كان بيسدد فيهم».
لم تجد أسرة «ناصر» مأوى لهم سوى اللجوء لدى أحد أقاربهم ليعيشوا معه بعضًا من الوقت، فيما طالبت زوجته بتوفير مسكن بديل لهم: «إحنا ناس على قد حالنا».
الجيران نالهم من المأساة جانب، فأغلبهم خائف من العيش بمنازلهم، فالعقار الملاصق للمنزل المنهار أحد جدرانه أصبح مائلًا، ما يجعله آيلًا للسقوط فى أى لحظة، وبمجرد أن تمر سيدة عجوز أو طفل من أمامه يصرخ الجميع: «حاسبوا.. خدوا بالكم لحسن حاجة تقع عليكم».
سيارات الإطفاء التى حضرت للسيطرة على الحريق لم تستطع دخول الحارة لضيقها، بحسب الأهالى، فإن خراطيم المياه «مدوها لحد البيت وطفوا النار، والمنزل انهار مع عمليات الإطفاء».
الأهالى يطالبون بتوفير مساكن آمنة لهم، قائلين: «فينا ناس عمرها تجاوز ال80 سنة وخايفة.. وعيال صغيرة مرعوبة من النزول».
معاينة أجهزة الأمن كشفت ملابسات الواقعة وتبين أن مالك المنزل أصيب بحروق جراء الحريق الذى اندلع بالطابق الأرضى وامتد للثانى والثالث.
تلقى مسؤول غرفة عمليات الحماية المدنية بالجيزة إشارة من إدارة شرطة النجدة بتصاعد أدخنة وارتفاع ألسنة اللهب من منزل بمنطقة ميت عقبة بدائرة قسم العجوزة. ودفعت الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة بسيارات الإطفاء، وتبين بالفحص نشوب حريق بالطابق الأرضى لمنزل قديم من الخشب مكون من 3 طوابق، تقطنه أسرة (زوجان - الأبناء - الأحفاد) وامتداد النيران إلى الطابقين الثانى والثالث.
تزامنًا مع صعود فريق إنقاذ برى وآخر للإطفاء للطابق الثانى لإجلاء قاطنيه والسيطرة على الحريق، كانت ثمة مفاجأة غير سارة ازدادت معها الأوضاع صعوبة، إذ انهار سلم الطابق الثانى.