وظائف البنك الزراعي المصري 2025 للخريجين الجدد.. سجل الآن    سعر سبيكة الذهب اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 بعد الارتفاع الكبير.. كم تبلغ قيمة السبيكة ال5 جرامات؟    سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبري في الأسواق اليوم السبت 25 أكتوبر 2025    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 25 أكتوبر 2025    الأخضر الأمريكي يخسر عالميًا.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري السبت 25-10-2025    تفاصيل بيان الفصائل الفلسطينية للتشديد على وقف إطلاق النار وبدء إعمار غزة    المبعوث الروسى ل CNN: قمة بوتين ترامب ستتم وسيوجد حل دبلوماسى لحرب أوكرانيا    ترامب: علاقاتي مع زعيم كوريا الشمالية جيدة وآمل لقاءه خلال جولتي الآسيوية    مستوطنون يهاجمون المغيّر ويحرقون 3 مركبات    شيكو بانزا يدعم محمد السيد بعد هجوم جماهير الزمالك: لا تستمع لأى شخص    «مجانًا وبجودة عالية».. القنوات الناقلة مباشر ل مباراة الأهلي وإيجل نوار في دوري أبطال أفريقيا    شاهد لاعبو بيراميدز يحتفلون بالكؤوس الثلاثة    إمام عاشور عقب أنباء تحسن حالته الصحية: اللهم لك الحمد حتى ترضى    محافظة أسوان تؤكد سلامة كوبرى كلابشة بعد اصطدام باخرة سياحية.. صور    ماذا حدث فى حريق مصنع ملابس بقليوب؟ التفاصيل الكاملة من موقع الحادث.. صور    شبورة كثيفة الآن.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم السبت 25 أكتوبر 2025    القبض على مالك المنزل المتهم بالاعتداء على مستأجر مسن بالسويس.. فيديو    مي فاروق تبدع بأغنية تاريخى فى حفل مهرجان الموسيقى العربية وتغنى أنت عمرى    فرحة حسن مالك بفوز شقيقه أحمد مالك بجائزة أفضل ممثل بمهرجان الجونة.. فيديو    أحمد فهمي وهشام ماجد إخوات رغم انفصالهما فنيا.. اعرف ماذا حدث فى فرح حاتم صلاح    رسميًا.. موعد افتتاح المتحف المصري الكبير 2025 وأسعار التذاكر لجميع الأعمار    فلكيًا.. موعد شهر رمضان 2026 وأول أيام الصيام    بالأسماء.. مصرع وإصابة 3 أشخاص إثر إصطدام سيارة ملاكي برصيف بالبحيرة    «بوابة أخبار اليوم» تكشف حقيقة تداول صور لثعبان الكوبرا بالغربية| صور    «عمود إنارة» ينهى حياة لص بالصف    القبض على المتهم بصفع مسن في السويس    الصين تعتمد يوم 25 أكتوبر ذكرى وطنية لاستعادة تايوان    تطبيق لائحة الانضباط يواجه مخاوف التسرب من التعليم.. أزمة فصل الطلاب بعد تجاوز نسب الغياب    اليوم.. محاكمة رمضان صبحي بتهمة التزوير داخل معهد بأبو النمرس    خمسة مسلسلات في عام.. محمد فراج نجم دراما 2025    الشرطة المصرية.. إنجازات أبهرت العالم    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    لماذا تتزايد حالات النوبات القلبية بين الشباب؟    عمرو أديب ساخرًا من شائعات انتقال محمد صلاح للأهلي: هنعمله الكرة الذهبية في الموسكي ولا في الصاغة؟    عبد الحميد كمال يكتب: بطولة خالدة.. المقاومة الشعبية فى السويس تنتصر على القوات الإسرائيلية    جماهير ليفربول تدعم صلاح بأرقامه القياسية أمام الانتقادات    ميلان ينجو من فخ بيزا في الدوري الإيطالي    "أسير لن يخرج إلا ميتًا".. الدويري يكشف عن لقاءه مع رئيس "الشاباك" في تل أبيب    مادورو يتهم واشنطن باختلاق حرب جديدة ضد فنزويلا بذريعة مكافحة المخدرات    أسهل وصفة للتومية في البيت.. سر القوام المثالي بدون بيض (الطريقة والخطوات)    فضائح التسريبات ل"خيري رمضان" و"غطاس" .. ومراقبون: يربطهم الهجوم على حماس والخضوع للمال الإماراتي ..    «زى النهارده».. وفاة الكاتب المسرحي محمود دياب 25 أكتوبر 1983    إطلاق سيارات فولكس فاجن تايرون لأول مرة في مصر.. أسعار ومواصفات    «زي النهارده».. «الكاميكازي» يضرب الأسطول الأمريكي 25 أكتوبر 1944    كونسيساو ينتقد لاعبي «النمور» بعد الهزيمة أمام الهلال.. ويعلق على عدم مصافحة «إنزاجي»    ضاعت في الزبالة.. قصة استعادة مصوغات ذهبية بنصف مليون جنيه ب البحيرة    إنزاجي يشيد بلاعبى الهلال بعد الفوز على اتحاد جدة    «حرام عليك يا عمو».. تفاصيل طعن طالب في فيصل أثناء محاولته إنقاذ صديقه    أسعار القهوة الأمريكية ترتفع بشكل حاد بسبب الرسوم الجمركية والطقس السيئ    عاجل | تعرف على حزمة المهل والتيسيرات الجديدة المقدمة من "الصناعة" للمشروعات المتعثرة    "الجبهة الوطنية" يكلف "الطويقي" قائما بأعمال أمين الحزب بسوهاج    بمشاركة 150 طالبًا.. جامعة قناة السويس تطلق معسكر صقل وتنمية مهارات الجوالة الجدد    26 أكتوبر، جامعة أسيوط تنظم يوما علميا عن الوقاية من الجلطات    لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت.. أزهرى يجيب عن حكم قبول الهدايا.. فيديو    مؤتمر حميات الفيوم يناقش الجديد في علاج الإيدز وفيروسات الكبد ب 12 بحثا    وزارة الصحة تعلن محاور المؤتمر العالمي للسكان والتنمية البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى رثاء رفيق وصديق وشقيق: المهندس أحمد رزق
نشر في المصري اليوم يوم 16 - 01 - 2021

فى فجر يوم الجمعة 8 يناير 2021، أيقظتنى زوجتى لتُخبرنى بأنها تلقت رسالة نصية على تليفونها المحمول، تُفيد بوفاة المهندس أحمد رزق. أردت التأكد من الخبر المُحزن، ولكن كان من غير اللائق الاتصال الهاتفى فى تلك الساعة المُبكرة، فانتظرت أربع ساعات، حيث لم أستطع استئناف النوم.
فى تلك الساعات الأربع استرجعت ما تيسر من ذكريات سبعين عامًا، عرفت فيها المهندس أحمد رزق، الذى كان يصغرنى بأربع سنوات، فقد وُلد فى فبراير 1942. لذلك تزامنت حياة المُداعبة أكثر من سبعين عامًا، فقد نشأنا سويًا فى أسرة ريفية مُمتدة، فى منزل كبير يضم سبعة من الإخوة- أربع ذكور وثلاث إناث، إلى جانب أولاد وبنات الأعمام.
ولأن جزءًا مُبكرًا من تلك الطفولة المشتركة تزامن مع السنوات الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، وإشاعة أن الألمان على حدود مصر، وأن قواتهم تستخدم غازات خانقة، فقد اشترى والدنا، رحمه الله، كمامات واقية من ذلك الغاز، وجاء بها من مدينة المنصورة، وارتدى إحداها قبل أن يدخل علينا المنزل، وكان شكله مُرعبًا، أخافنا، فبدأنا نجرى بعيدًا عنه، وهو يتعقبنا بأنه جائع ويُريد أن يأكل أحدنا، فارتمى أصغرنا، «أحمد»، بين يديه، وهو يقول كُلنى أنا، واترك إخوتى، فأخذه الوالد فى حُضنه، وخلع الكمامة، وأمطره بقُبلاته، وهو يتظاهر بأنه يأكله.
وسألت نفسى، وأنا أستعرض شريط الذكريات، لماذا كانت تلك الواقعة الطريفة هى التى ظلّت الأكثر حفرًا فى ذاكرتى؟
وجاءت إحدى الإجابات عن هذا السؤال الصامت فى عصر يوم الجمعة، ونحن نقوم بدفن جُثمان الشقيق، حيث تجمع المئات، الذين حسبتهم من أهل القرية، والذين غلبتهم مشاعرهم الحزينة، فخالفوا كلمات السُلطات، ضد التجمع والتقارب الاجتماعى. ولكن أدهشنى كثيرًا الذين تجمعوا عند مقابر الأسرة، وهم يتبادلون عبارات العزاء التقليدية، يُعلنون أنهم من قُرى أخرى مُجاورة- شُبرا بدّين، ميت على، وميت عوام، وميت مزاح، ومحلة الدمنة، وسلامون القماش.. وغيرها. وكانوا يذكرون مناقب ومآثر المهندس أحمد رزق، وأهمها أنه هو الذى عجّل بإدخال كهرباء الريف إلى قُراهم، فقد كان رحمه الله مُهندسًا فى وزارة الكهرباء فى القرن الماضى.
أما نساء قريتنا فكان نواحهن وبُكاؤهن يختلط بعبارات العرفان للشقيق الراحل، فى مساعدته لهن فى تجهيز بناتهن للزواج، أو إرسال ما تيسر من المال واللحوم إليهن فى المواسم والأعياد. وتذكرت بالفعل أن الإخوة كانوا يُضحّون فى الأعياد بكباش، ولكن المهندس أحمد تجاوزنا جميعًا فى التضحيات بعجول، ثم بأبقار، فقد كان يُكلف تلاميذ العائلة بإعداد قوائم بأسماء الفُقراء والمحتاجين فى القرية، لكى يُرسل إليهم أنصبة مُناسبة من تلك الأضاحى. ولذلك سمعت إحدى النساء، وهى تولول، تتساءل عمّن سيتذكرهم بالأضاحى فى قادم السنين؟!
كان المهندس أحمد رزق شابًا فى أوائل العشرينيات حيث وقعت نكسة 1967، فتمت إعادة استدعائه للخدمة العسكرية. ولأنه كان مُهندس كهرباء، فقد تم تعيينه فى أحد الفروع الجديدة للقوات المُسلحة، وهو سلاح الدفاع الجوى، الذى امتدت خدمته فيه إلى بداية سبعينيات القرن الماضى. ثم بعد ذلك كان ضمن الكتائب المدنية من المهندسين والفنيين الذين تمت تكلفتهم بإعمار مُدن القناة- بورسعيد والإسماعيلية والسويس. ولكنه خلال سنوات التعمير تلك، تعرف على إحدى حسناوات مدينة الإسماعيلية، والتى كانت تعمل مُعلمة للغة الفرنسية، اسمها «أميرة»، فخطبها، وتزوجها. وكُنا نُداعبه بأنه حصل على إحدى غنائم حرب أكتوبر، وظلت هى بدورها تُداعبه بمُناشدته أن يفك أسرها، إلى أن رزقهما الله بولدين، هما «حمادة» و«حاتم»، اللذان أصبحا هما نفساهما أبوين، ويُقيمان فى طوابق مختلفة فى نفس البناية فى التجمع الخامس. وفى آخر زيارة للشقيق كان الطابق الذى يُقيم فيه مليئًا بالأحفاد يجرون ويلهون، ويأكلون ويشربون، ويُطالبون جدهم «أحمد» وجدتهم «أميرة» بمزيد من الحلوى أو النقود لكى يشتروا هم ما يُريدونه من اللعب أو كُتب الأطفال. ورغم اعتراض الأمهات، فإن الجدة «أميرة» لم تستطع أن تؤخر لهم أى طلبات. وكان الشقيق «أحمد»، أبوالولدين، جد الأحفاد الخمسة، ينظر إلى ذلك المهرجان اليومى بابتسامات الرضا والقبول.
رحمة الله على الشقيق، الذى كان أكثر من ذلك رفيقًا وصديقًا لسبعين عامًا، ولن أنسى ضمن مآثره العديدة أنه ضحى بأعماله الخاصة فى المقاولات، أثناء سنوات سجنى الثلاث فى مزرعة طُرة، لكى يُدير مركز ابن خلدون، ذا النشاط البحثى والدعوى، البعيد نسبيًا عن عالم الهندسة والمقاولات، لمعرفته أن المركز كان يعنى الشىء الكثير بالنسبة لشقيقه. وكان الإبقاء على مسيرة المركز ونشاطه أحد مظاهر المُقاومة لاستبداد الرئيس الراحل حُسنى مُبارك، وأحد مصادر الإلهام والدعم المعنوى لشقيقه القابع فى السجون، ف«إنا لله وإنّا إليه راجعون».
وعلى الله قصد السبيل..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.