تصدرت نتائج الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشورى صحيفة «الأهرام» الصادرة يوم أمس. وكان أكثر ما لفت نظرى عند مطالعتى الطبعة الأولى من هذه الصحيفة «شبه الرسمية» - كما يحلو لوسائل الإعلام الأجنبية أن تصفها - طريقة معالجتها ل«الخبر» وليس الخبر نفسه، أى أسلوب تقديم نتائج هذه الانتخابات للقارئ وليس مضمون النتائج نفسها. فقد جاء المانشيت الرئيسى للصحيفة على النحو التالى: «أحزاب المعارضة تحقق المفاجأة وتفوز ب4 مقاعد فى مجلس الشورى»، كما جاء أحد المانشيتات الفرعية على النحو التالى: «الوطنى يرحب بفوز أحزاب المعارضة المؤهلة لخوض انتخابات مجلس الشعب». ولأن الصحيفة بدت شديدة الحرص على إبراز فوز عدد من الأقباط بمقاعد فى المجلس، وإخفاق جميع مرشحى الإخوان فى الحصول على أى مقعد، فقد أكدت الخبرين بعنوانين بارزين جاءا على النحو التالى: «فوز الأقباط الثلاثة»، و«الإخوان.. لم ينجح أحد!». بوسع أى طالب مبتدئ فى العلوم السياسية أن يقرأ فى هذه العناوين طبيعة الأهداف التى سعت الحكومة لتحقيقها، وذلك على النحو التالى: 1- ضمان عدم نجاح أحزاب المعارضة مجتمعة، أيا كانت، فى الحصول على عدد من مقاعد مجلس الشورى يتيح لها كسر القيود المفروضة على ترشح المستقلين فى الانتخابات الرئاسية أو، بعبارة أخرى، ضمان أن يقل مجموع ما تحصل عليه جميع أحزاب المعارضة فى جميع الأحوال عن 25 مقعدا، مهما كان الثمن. 2- ضمان حصول كل من أحزاب المعارضة الرسمية، التى لها حق التقدم بمرشح فى الانتخابات الرئاسية، بمقعد واحد على الأقل كى يتأكد من الآن انطباق شروط المادة 76 عليه ويبدأ فى الاستعداد لتقديم مرشحه فى الانتخابات الرئاسية. 3- تقديم دعم انتخابى للأجنحة المنشقة الموالية للحكومة فى أحزاب المعارضة، بدليل حصول الجناح المنشق على أيمن نور فى حزب الغد على مقعد. 4- إقصاء جماعة الإخوان كليا، على الأقل فى الجولة الأولى، والسعى لإضعاف تمثيلهم إلى أدنى حد ممكن فى الجولة الثانية، أو حتى إقصائهم تماما من التمثيل فى المجلس، كوسيلة لإجبارهم على إعادة حساباتهم فيما يتعلق بانتخابات مجلس الشعب والانصياع لحدود التمثيل التى يحاول الحزب الوطنى فرضها عليهم. 5- تمكين «الأقباط» و«النساء» من تمثيل معقول فى مجلس الشورى لضمان الحصول على أكبر نسبة من أصواتهم فى انتخابات مجلس الشعب القادم. والسؤال: كيف تمكن الحزب من تحقيق كامل أهدافه على هذا النحو؟ لا يخرج التفسير عن أحد أمرين، الأول: التزوير، وهو الأرجح، والثانى: اكتشاف لجنة السياسات علماً جديداً اسمه «الهندسة الانتخابية». ولأننا مللنا اتهامات التزوير، نأمل من لجنة السياسات أن تكشف لنا أسرار العلم الجديد كى ندرسه لطلابنا فى الجامعة!.