الوطنية للانتخابات: بعثة لوس أنجلوس آخر مقار التصويت بالخارج في جولة الإعادة بالدوائر الملغاة    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    مشاركة رئيس جامعة قناة السويس في افتتاحات تنموية بمحافظة الإسماعيلية    بعد خفض سعر الفائدة 1%.. كيف ينعكس قرار البنك المركزي على أسعار الذهب والبورصة في مصر؟    وزير الاتصالات يبحث مع غرفة التجارة الأمريكية تسريع التحول الرقمي والتشريعات    السعودية تطالب المجلس الانتقالي في اليمن بسحب قواته من محافظتين جنوب البلاد    الكرملين: موسكو قدمت عرضا لفرنسا بخصوص مواطن فرنسي مسجون في روسيا    العنف فى الضفة الغربية بات تطبيقًا ممنهجًا لسياسة الضم    الجونة يتعادل ايجابيًا مع البنك الاهلي بكأس عاصمة مصر    ضبط 360 كيلو دجاج فاسد في حملة تموينية بدمياط    له 72 سابقة.. مصرع مسجل خطر في تبادل إطلاق نار مع قوات الشرطة ببنى سويف    بعد عام من الانفصال.. طلاق شريف سلامة وداليا مصطفى    صحة بني سويف تنظم برنامجا تدريبيا لأطباء وتمريض أقسام حضانات المبتسرين    محمد صلاح يحتفل بالكريسماس مع مكة وكيان رغم تواجده مع منتخب الفراعنة بالمغرب    تكدس مروري في الرياض بسبب حفل تامر عاشور    برلمانية: الاستحقاق البرلماني الأخير يعكس تطورًا في إدارة العملية الانتخابية    سيناريوهات التعامل الفلسطيني مع خطة ترامب وقرار مجلس الأمن بشأن مستقبل غزة    محافظ الوادى الجديد يلتقى رئيس مركز بحوث الصحراء لبحث تعزيز التنمية الزراعية    اصابة 6 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ميكروباص على طريق المنصورة - دمياط    تراجع معظم أسواق الخليج وسط ‍تداولات محدودة بسبب العُطلات    السجن المشدد 15 سنة للمتهم بخطف طفلة وهتك عرضها بالشرقية    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي بيع مصانع الغزل والنسيج ويؤكد استمرار المشروع القومي للتطوير دون المساس بالملكية    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    بعد أزمة ريهام عبدالغفور.. تصعيد جديد من المهن التمثيلية    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    معارك انتخابية ساخنة فى 7 دوائر بسوهاج    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    إيبوه نوح.. شاب غانى يدعى النبوة ويبنى سفنا لإنقاذ البشر من نهاية العالم    حسام حسن: ⁠طريقة لعب جنوب أفريقيا مثل الأندية.. وجاهزون لها ولا نخشى أحد    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    وزيرا «التضامن» و«العمل» يقرران مضاعفة المساعدات لأسر حادثتي الفيوم ووادي النطرون    سحب رعدية ونشاط رياح.. طقس السعودية اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشروع المقترح الذي أعده الكاتب الصحفي صلاح عيسي لمدونة مهنية أخلاقية لتغطية الانتخابات العامة في وسائل الإعلام
نشر في القاهرة يوم 26 - 01 - 2010

بعد أن نشرت «القاهرة» العدد الماضي نص المشروع المقترح الذي أعده الكاتب الصحفي صلاح عيسي لمدونة مهنية أخلاقية لتغطية الانتخابات العامة في وسائل الإعلام، فقد وجدت ضرورة طرح الملاحظات علي النص المقترح، إثراء للنقاش ورغبة في الوصول إلي نص متكامل، يصبح نموذجًا يتم الاحتكام إليه.
تسعة أوراق أعدها صحفيون ومعنيون بالأمر، نوقشت في مؤتمر لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يوم السبت قبل الماضي، وهي ل:خالد السرجاني ونبيل عبدالفتاح وسامح فوزي وبثينة كامل وفريدة النقاش وعصام شيحا وسيد الغضبان وأحمد سميح.
في هذا العدد تنشر «القاهرة» الورقة التي أعدها خالد السرجاني -مدير تحرير جريدة الدستور- ويؤكد في بدايتها علي حاجة الإعلام المصري إلي عدة مدونات، خاصة مع غياب الالتزام بميثاق الشرف الصحفي وغياب العديد من المعايير المهنية.
السرجاني حدد ملاحظاته علي النص المقترح في ثلاث نقاط، وهذا هو نصها:
1- الحاجة إلي مدونة أخلاقية مهنية أشمل:
مشكلة المدونة التي يقترحها الأستاذ صلاح عيسي أنها مثالية تصلح للتطبيق في الدول الديمقراطية أو تلك التي قطعت شوطاً علي طريق التحول الديمقراطي، وأنها تركز علي الجانب الحقوقي ولا تهتم كثيراً بالجانب المهني الذي لا يتطلب مدونة أخلاقية ولا مدونة مهنية مع أنهما الاثنان مطلوبان جدياً، ولكن من خلال عمليات تدريب مهنية مكثفة للكوادر الصحفية التي تغطي العملية الانتخابية خاصة المراسلين خارج القاهرة الذين تقل للأسف كفاءات معظمهم عن تلك التي تعمل في المقرات المركزية للصحف ويرجع ذلك في الأساس إلي عدم احتكاكهم المهني بالخبرات الصحفية.
وأستطيع القول إن المدونة التي يقترحها الأستاذ صلاح متماسكة ولا يوجد بها ثغرات يمكن أن نوجه لها النقد ولكن هناك أمرين لابد من الإشارة إليهما الأولي تتعلق بما ذكره حول توزيع حصص البث فيما يتعلق بالإعلام المرئي أو المسموع والحياد في وسائل الإعلام المكتوبة، لأن ميثاق الشرف الذي صدر عن المجلس الأعلي للصحافة إبان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة كان ينص علي هذين المبدأين، والتطبيق العلمي كان ملتزما إلي حد ما من حيث الشكل ولكن من حيث المضمون كانت هناك كارثة مهنية بكل المعايير. ففي الوقت الذي التزمت فيه الصحف القومية بالمبدأ، وأفردت مساحات متشابهة للمرشحين منصب رئيس الجمهورية، كانت المساحات المخصصة للرئيس مبارك عبارة عن مساحات دعائية له والمخصصة لأحمد الصباحي عوض تدعو الناخبين إلي انتخاب الرئيس حسني مبارك، أما تلك التي خصصت لكل من أيمن نور ونعمان جمعة فكانت تطعن فيهما أحياناً ترد علي ما يطرحانه من نقد لسياسات الرئيس مبارك خلال حكمه، أوتجاهل هذا الطعن وتنشر فقرات مما يقولونه في المؤتمرات الانتخابية عبارة عن أقوال محايدة وأحياناً بلا معني تماماً والمؤسف أن المجلس الأعلي للصحافة في تقاريره المتعددة حول تغطية وسائل الإعلام للانتخابات لم ينوه أو يشير إلي هذا القصور المهني لأن التقارير كانت عبارة عن رصد كمي تجاهلت المضمون تماماً ولم تتعامل مع المادة المنشورة إلا من حيث المساحة أو التغطية الزمنية فقط.
وهذه النقطة الأخيرة تجعلنا نطرح تساؤلا عن الأستاذ صلاح معد المدونة، وهو هل علي وسائل الإعلام أن تفرد نفس المساحات لكل المرشحين حتي غير الجديين منهم، أم علي المدونة أن تضع معايير للمرشح الذي علي وسائل الإعلام أن تضعه في إطار التغطيات المتوازنة مع غيره من المرشحين. وهنا لابد من الإشارة إلي أن وسائل الإعلام في الدول المتقدمة ديمقراطياً تفعل ذلك، حيث تحرم بعض المرشحين من التغطية لأنها وفقاً لمعاييرها تدرك أنهم خارج المنافسة تماماً.
وإذا كانت وسائل الإعلام المصرية تحتاج إلي مدونة أخلاقية في تغطيتها للانتخابات البرلمانية فهي في نفس الوقت تحتاج إلي مدونة أخلاقية أشمل تتعلق بكيفية تغطية العملية السياسية التي تعد الانتخابات واحدة من فعالياتها فما معني أن تظل وسائل الإعلام تشوه السياسيين طوال العام وتتعامل معهم بحيادية في فترة الانتخابات التي لا تزيد عن الشهر. وما معني أن تتجاهل وسائل الإعلام الأحزاب طوال العام اللهم إلا في حالة وجود انشقاقات أو مشكلات داخلية ثم تتذكرهم خلال شهر الانتخابات، وبالطبع فإن التغطية لن يكون لها نفس الأثر خاصة وأن القارئ بالنسبة للصحف تشبع بنقد الصحف للأحزاب ونشر مشكلاتها الداخلية علي الجانب الآخر فإن قاري نفس الصحف يظل طوال العام يقرأ عن الحزب الوطني وإنجازاته ويقرأ أخبار قياداته، ولا يقرأ أي مادة صحفية عن خلافات داخل الحزب الوطني، وهو ما يجعل ما يطالعه في الصحف في وقت الانتخابات تحصيل حاصل، حتي ولو اعطت الصحف للحزب مساحات أكبر من تلك التي تعطيها للحزب الوطني ومرشحيه.
ونقدم مثال حديث كاشف فعندما تحدث الدكتور محمد البرادعي عن إمكانية خوضه انتخابات رئاسة الجمهورية بدأت الصحف القومية في توجيه انتقادات حادة إليه بعضها غير موضوعي، مثل أنه كان قبل الأخير علي دفعته في وزارة الخارجية، ووجهت انتقادات أخري له حول إدارته للمنظمة الدولية للطاقة الذرية، وقالت بعض الصحف إنه يحمل جنسية سويدية، فإذا حدث وترشح الدكتور محمد البرادعي للانتخابات الرئاسية المقبلة، ستظل هذه انتقادات غير الموضوعية والكاذبة عالقة في أذهان القراء أو مشاهدي القنوات الفضائية. ونفس الأمر ينطبق علي عمرو موسي.
ومن يتابع تغطية الصحف المصرية لأي انتخابات برلمانية أو محلية أو غيره بعيداً عن انتخابات رئاسة الجمهورية سيجد العديد من النواقص التي تستحق البحث عن وسائل للقضاء عليها. فوسائل الإعلام تهتم فقط بالدوائر التي يوجد فيها شخصيات سياسية مشهورة أو ما يطلق عليه دوائر الأزمات وعندما تغطي هذه الدوائر لا تقدم معلومات دقيقة عنها، مثل عدد المرشحين وأهمهم، والقاعدة السياسية أو الاجتماعية التي يستند إليها كل مرشح، ولا تقدم أي معلومات حول طبيعة الدوائر الانتخابية مثل التكوين الاجتماعي والإثني ولا خريطة القوي السياسية الحقيقية للدائرة، وهذا الأمر مطلوب حتي يتوقع القراء النتائج المتوقعة أو حتي يفهموا النتائج بعد انتهاء الانتخابات، وفي مجمل التغطيات لا تستعين الصحف أو وسائل الإعلام بخبراء حقيقيين في تغطية الانتخابات سواء عبر نشر آرائهم في تحقيقات صحفية أو كتابة المقالات حول الدوائر الانتخابية التي يفهمونها.
2- مسئولية منظمات المجتمع المدني:
وأعتقد أن الخدمة الكبري التي يمكن أن تقدمها منظمات المجتمع المدني وعلي رأسها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان هو أن تعد قاعدة بيانات دقيقة أو شبه دقيقة للدوائر الانتخابية في مصر يستطيع الإعلاميون الرجوع إليها في عملية التغطية الانتخابية، بحيث تشمل جميع الدوائر. فأحيانا ما تتجاهل وسائل الإعلام دوائر كاملة لأنها ليس لديها معلومات دقيقة عنها، بل وتتجاهل النتائج بعد صدورها لأن هذه الدوائر لم تكن ساخنة، وجاءت نتائجها متوقعة، ولم تحدث فيها مشكلات في عملية التصويت. وإذا كنا نضع مدونة أخلاقية لتغطية الانتخابات بهدف تقديم مواد صحفية دقيقة ومحايدة وشاملة للقارئ فإن هذه التغطية تتنافي مع مانسعي إليه، أما إن كنا نهدف منها إلي إرضاء السياسيين وأفراد النخبة فإنها لابد وأن ترضي مجموعة كبيرة منهم.
وقاعدة البيانات هذه لا يجب أن تفيد فقط الصحفيين الذين يتولون عملية تغطية الانتخابات ولكن للعناصر التي تتولي تحرير المادة الصحفية، لأنه ومن خلال الخبرة العملية فإن الجريدة يمكن أن تكون محايدة في تغطية أخبار دائرة انتخابية محددة، ولكن انحياز المراسل المحلي قد يجعلها تقدم تغطية غير دقيقة ولا محايدة، وبالطبع فإن هذا الانحياز قد يرجع لأسباب عائلية أو قبلية أو سياسية حسب طبيعة الدائرة ذاتها، وهو الأمر الذي قد يخفي علي قيادات التحرير في الجريدة من دون وجود قاعدة البيانات التي أتحدث عنها.
وبالطبع فإن المدونة الأخلاقية التي نسعي إليها تفتقر إلي جانب مهم وهو أن تكون ملزمة لوسائل الإعلام، وهذا الجانب أي الإلزام هو أمر صعب للغاية في ظل عدم وجود مجتمع مدني قوي وضاغط يستطيع أن يجبر الصحف علي الالتزام بمدونة أخلاقية، فما يحدث في الدول المتقدمة ديمقراطياً التي تتمتع بحرية التعبير وبها قوانين لحرية تدفق المعلومات يوجد جانب أخلاقي مهم يتعلق بسعي وسائل الإعلام إلي الحفاظ علي مصداقيتها أمام الرأي العام لأن لذلك ارتباطاته بمستوي توزيعها وبحجم الإعلانات التي تذهب إليها، وهناك تصنيفات من قبل مؤسسات مستقلة لهذه الجوانب تحرص عليها الصحف وقنوات التليفزيون مهما اختلف توجهها السياسي، و لكننا في مصر نفتقد إلي هذا الجانب. فميثاق الشرف الذي أعده المجلس الأعلي للصحافة في الانتخابات الرئاسية السابقة لم يتضمن أي جزاء ولم يلزم الصحف حتي القومية التي يتمتع رؤساء تحريرها بعضوية المجلس الذي صاغ الميثاق والذين صوتوا ووافقوا عليه، وهذا الأمر يعني أن المدونة التي يقترحها الأستاذ صلاح عيسي تحتاج إلي البحث عن صيغة للصدور تعطي لها طابع المشروعية ولو حتي الأخلاقية.
3- وكالة أنباء الشرق الأوسط- المدونات- المواقع الإلكترونية:
وأري أن أي مدونة أخلاقية مهنية تتعلق بتغطية العملية السياسية بصفة عامة أو الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أو غيرها بصفة خاصة لابد وأن تفرد دورا ومحددات لوكالة أنباء الشرق الأوسط ليس لأنها وكالة الأنباء الرسمية، ولكن لأنها لو التزمت بواجبها المهني لساعدت الصحف الخاصة بالذات علي تجاوز عدد من الأعباء المهنية، وعلي الأخص فيما يتعلق بالاستعانة بالمراسلين، فالوكالة لها مراسلون في جميع المحافظات والمناطق وهم علي مستوي مهني عال، ولو قدمت الوكالة خدمتها المتكاملة للعبت دوراً مهما في تجاوز العقبات المهنية التي تقع فيها الصحف عند تغطية العملية السياسية أو الانتخابية.
وهنا تجدر الإشارة إلي أن الصحف الكبري في العالم تتجاوز هذا العامل المتعلق بعدم وجود مراسلين لها في المناطق البعيدة أو النائية عن طريق الاعتماد علي المدونات الخاصة بالسكان المحليين، وهذه المدونات أصبحت في الوقت الراهن تسبب أزمة للصحافة الورقية لأنها تسبقها في نشر الأخبار، وهناك في الدول المتقدمة مهنيا في مجال الصحافة سجلات لتقييم المدونات من حيث الدقة والمهنية من حيث الانحياز السياسي، وهذا الأمر يجعلني أطلب من الأستاذ صلاح عندما يضع النسخة النهائية من مدونته الأخلاقية أن يبحث عن وضع معايير تلتزم بها الصحف في الاعتماد علي المدونات ومواقع الإنترنت، خاصة وأن الصحف المصرية الخاصة تعتمد في جزء كبير من تغطيتها علي مواقع الإخوان المسلمين مثل «إخوان أون لاين»، المواقع المحلية للإخوان في المحافظات بما يجعل وجهة نظرهم موجودة بكثافة في التغطيات علي عكس القوي السياسية الأخري عدا الحزب الوطني بالطبع.
وهنا لابد من أن تؤكد المدونة علي أنه في حالة استعانة وسائل الإعلام سواء ورقية أم مرئية أم مسموعة بأي من المدونات أو مواقع الإنترنت أو مجموعات الفيس بوك أن تذكر ذلك، وفي حالة ما إذا كانت هذه الوسائل تخص تياراً سياسياً يتنافس في الانتخابات التي تقوم وسائل الإعلام بتغطيتها أن تشير إلي هذا الانتماء السياسي من أجل تقديم الحقيقة كاملة للقارئ أو المتلقي فضلاً عن أن المدونة التي يقترحه الأستاذ صلاح لابد وأنت تضمن أسس التغطية بالنسبة للمواقع الإلكترونية أيضاً أن يشار إليها بالتحديد.
لقد حدد الأستاذ صلاح عيسي في مدونته ضرورة حصول من يغطي الانتخابات علي مواد أساسية حددها في «كل القوانين والقرارات والتعليمات والبيانات والتقارير الصادرة عن العملية الانتخابية وتطوراتها من الجهة المشرفة التي تنظم العملية الانتخابية فور صدورها، منذ فتح باب الترشيح وحتي إعلان النتيجة» وأنا هنا أضيف إمكانية حصوله علي نسخة من كشوف الناخبين إن أراد ذلك، لأن هذا الأمر ضروري من أجل التغطية الشاملة للعملية الانتخابية. ولكنني هنا أشير إلي أمر متعلق ليس بوسيلة الإعلام التي عليها أن توفر المادة الخام المطلوبة للإعلامي خلال تغطيته للعملية السياسية أو الانتخابية، ولا إلي الجهات الرسمية التي عليها أن تمد الصحفي بما يطلبه، وإنما أشير إلي الإعلامي ذاته الذي عليه أن يسعي إلي المعرفة المعمقة في التخصص الذي يعمل فيه، فما يحدث للأسف هو أن الإعلاميين أصبحوا يستسهلون العمل ويعتمدون علي أنهم سيحصلون من المصادر علي ما يطلبون، من دون إدراك أن المصدر يقدم وجهاً واحداً من الحقيقة، وللأسف فإن هذا الأسلوب السائد حالياً في وسائلنا الإعلامية أدي إلي تراجع الأداء الإعلامي، وتميزت التغطيات الإعلامية المتعلقة بمعظم القضايا بالسطحية.
والذي أخشاه هو أن تصدر المدونة التي صاغها الأستاذ صلاح بعد التشاور عليها مع الاتجاهات الصحفية المختلفة ورؤساء تحرير الصحف وأعضاء في المجلس الأعلي للصحافة، ولكن ينتهي الأمر إلي التزام الصحف الخاصة بها وعدم التزام الصحف القومية الملتزمة بصورة واضحة وسافرة بالحزب الوطني. وهو ما يجعلني أقول في النهاية إن تغطية محايدة لأي انتخابات أو للعملية السياسية المصرية بصورة عامة وفي مقدمتها نشاط الأحزاب السياسية، يتطلب فصل المجلس الأعلي للصحافة عن الحزب الوطني، وأن تتحول الصحف القومية إلي قومية فعلا وليست صحفاً ناطقة باسم الحزب الوطني خاصة مع ضم كل رؤساء تحريرها إلي أمانة الحزب الوطني بقرار من أمين عام الحزب.
وهناك قضايا قد تكون بعيدة عن العملية الانتخابية أو السياسية لكنها تدخل في صلب الموضوع علي رأسها صدور قانون يضمن حرية الحصول علي المعلومات لأننا بدون هذا القانون لن نستطيع أن نقوم بتغطية أي حدث سواء سياسي أم اقتصادي ولو حتي خبر من أخبار الحوادث بكفاءة مهنية شاملة.
إن إصدار مدونة أخلاقية ومهنية خاصة بتغطية العملية السياسة كلها ولا تقتصر فقط علي الانتخابات بحيث تتضمن مواد تتعلق بتغطية الانتخابات ليس ترفا وإنما هو حق أصيل للمواطن في المعرفة الشاملة والدقيقة والمحايدة، وهذا الأمر يجب أن يكون هو البوصلة التي يسترشد بها من يعد المدونة في صياغته النهائية، فالأمر يتجاوز إرضاء الساسة أو المرشحين للانتخابات ليصل إلي إعطاء المواطنين المعلومات الأساسية التي تساعدهم في عملية الاختيار الديمقراطي بين عدد من المرشحين، وهذا هو أول طريق في مسيرة الديمقراطية التي نسعي جميعاً إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.