قوبلت «المذكرة القانونية» التي أعدها المستشار القانوني لنقابة الصحفيين محمد عباس مهران بشأن تعديل قانون النقابة رقم 76 لسنة 1970، ب «قلق وارتياب» سواء بسبب مضمونها أو بسبب «التوقيت» الذي يجده البعض «غير ملائم» في ظل «المناخ التشريعي الذي يصعب معه تمرير قانون يدافع عن الحريات».. حاتم زكريا - سكرتير عام النقابة - طالب الجماعة الصحفية بألا تعتبر هذا التصور المقترح وكأنه أمر نهائي، بل «هو مجرد فكرة مبدئية، ومن الممكن تعديلها عليه»، نفس الأمر أكده النقيب مكرم محمد أحمد الذي شدد علي أن ما أعده المستشار ليس مشروع قانون، وأن إعداد مثل هذا المشروع لابد أن يمر بعدة خطوات، فإما أن يتم إعداد مؤتمر عام يحضره الصحفيون لطرح رؤيتهم للتعديل وإما أن يتم تشكيل لجنة من كبار رجال القانون والصحافة،تقوم بإعداد المشروع ثم يعرض علي المؤتمر العام، وهو الاقتراح الذي يؤيده مكرم. بالطبع لا أحد يختلف عن أن القانون الحالي للنقابة لا يصلح لمواجهة مشاكل ومستجدات المهنة في الوقت الراهن، والتصور الذي أعده المستشار محمد عباس قد يري البعض فيه ملامح إيجابية وأخري سلبية لكن من المفترض أن يقوم الصحفيون وهم الطرف المعني بالأساس بتحديد أوجه التعديل والتغيير والإضافة، مستعينين بالقانونيين لضمان صياغة المواد بشكل سليم من الناحية القانونية. وقد بدأ البعض محاولة في هذا الصدد حيث أعلن الصحفي أيمن فاروق - المدير التنفيذي لمؤسسة صاحبة الجلالة - عن التحضير لإعداد مشروع قانون للنقابة، وهم بصدد عقد برتوكول تعاون مع المؤسسات الصحفية التي ستشارك في المشروع، فضلا عن بعض المنظمات الحقوقية والمهتمة بالدفاع عن الحريات، لكن لم يتم تحديدها بعد، ومن المخطط أن يتم الانتهاء من إعداد المشروع أكتوبر المقبل، ليعرض بعدها علي النقابة ومجلس الشعب. كان حسين عبدالرازق قد ذكر ل «القاهرة» في مرة سابقة أنه كانت هناك محاولة جادة لتعديل قانون النقابة لكنه لا يتذكر التوقيت تحديدا سوي أنها كانت في عهد فيليب جلاب سكرتيرا للنقابة، وتم تشكيل لجنة نظمت اجتماعات منتظمة في النقابة وبدأت في مراجعة مواد القانون، لكنهم قرروا فجأة التوقف وعدم الاستمرار، بعدما أصابهم القلق من عواقب عرض المشروع علي مجلس الشعب، وما قد يحدث من إدخال تعديلات علي مشروعهم لا يرضون عنها، وبالتالي يفقدون المزايا التي كانت موجودة في الأصل.. عبدالرازق لا يحتفظ بمسودات التعديل والنقاش وإن كان يعتقد بوجودها في النقابة... وأملا في تعزيز النقاش والحوار تنشر «القاهرة» نص المذكرة التي عرضت مؤخرا علي مجلس النقابة وتضمنت تسعة بنود.. لما كانت الصحافة هي مرآة المجتمع التي تعكس صورته أمام أفراده وأمام الناس عامة، وهي التي تذود عن مصالحه وتحرص علي رفعة شأنه وعلو قدره، وتسهم في حماية مكتسباته وحرياته العامة، وفي مقدمتها حرية الصحافة والرأي والتعبير والنشر والنقد ونشر الأنباء، ولا شك في أن تعزيز هذه الحريات وصيانتها ضمانة لا غني عنها لدفع المسار الديمقراطي الذي يتأكد به سلامة البناء الوطني إتساقاً مع مبادئ الدستور ونصوصه. وارتباطاً بأهداف وحقوق والتزامات رسالة الصحافة، فإنه ينبغي علي الصحفيين بذل الجهد للدفاع عن حرية الصحافة واستقلالها عن كل مصادر الوصاية والرقابة والتوجيه والاحتواء، وبلوغاً لكل ذلك يتعين علي جماعة الصحفيين العرض لكل التشريعات القانونية التي تنظم مهنة الصحافة وتحمي حقوق الصحفيين وتنقيتها من النصوص المعيبة التي تقيد ممارستها لرسالتها وإجراء التعديلات المناسبة عليها علي نحو يكفل لها الممارسة الحرة المستقلة والأداء المسئول لدورها في خدمة المجتمع، ويأتي قانون إنشاء نقابة الصحفيين رقم 76 لسنة 1970 الصادر في 17/9/1970 في مقدمة تلك التشريعات. فلقد مضي علي صدور قانون نقابة الصحفيين والعمل به نحو أربعين عاماً تغيرت خلالها أمور كثيرة في توجهات البلاد الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، إذ كان ذلك القانون يعكس عند صدوره اتجاه البلاد نحو نشر وتعميق الفكر الاشتراكي بين أعضاء النقابة وتنشيط الدعوة إليه داخل المؤسسات الصحفية وبين جمهور القراء، كما كان نشاط النقابة يجري في إطار السياسة العامة للاتحاد الاشتراكي العربي- علي ماورد بنصوصه- بما لا يتسق حالياً مع الدستور المصري الدائم الصادر عام 1971 والذي نص في مادته الأولي علي أن نظام دولة جمهورية مصر العربية نظام ديمقراطي فأضحي ذلك القانون بوضعه الحالي قاصراً عن بلوغ حد الكفاية لطموحات جماعة الصحفيين وعاجزاً عن تحقيق أهدافهم، وغير مواكب للتغيرات التي طرأت علي المجتمع في جميع نواحيه، خاصة بعد إلغاء الاتحاد الاشتراكي العربي وقيام الأحزاب وإلغاء مسمي الجمهورية العربية المتحدة ووزارة الإرشاد القومي. وفي سبيل الوصول إلي تحقيق أهداف الصحفيين تبسط الشئون القانونية بالنقابة -علي سبيل المثال لا الحصر- بعضاً من الأمور التي يتوجب أن تتناولها يد المشروع بالتعديل علي نحو ما يلي:- 1- مما لا شك فيه أن الحفاظ علي كرامة مهنة الصحافة وتراثها العريق ورفع مستواها يستوجب عدم إطلاق عملية القيد بجداول النقابة علي النحو الجاري عليه العمل حالياً بغير حد معين، وإنما يجب تحديد عدد الصحفيين الممكن قيدهم في جداول النقابة كل عام وذلك بمعرفة مجلس النقابة وحده دون غيره علي ضوء متطلبات المهنة وسوق العمل، علي أن يجتاز المتقدم المقيد اختباراً تحريرياً وشفوياً بمعرفة كلية الإعلام إضافة إلي الشروط التي يتطلبها قانون النقابة في طالب القيد، كما أن لجنة القيد المشكلة وفقاً لقانون النقابة بعد تعديله تكون هي الجهة المختصة دون غيرها إبتداء بقيد الصحفيين في جداول النقابة، التظلم من قرارها تختص بنظرة الهيئة المشكلة وفقاً لذات القانون دون غيره، وقرارها الصادر في هذا الشأن نهائي لا يقبل الطعن فيه إلا أمام المحكمة الإدارية العليا. 2- ضرورة تعزيز تشكيل لجنة قيد الصحفيين بجداول النقابة بإضافة عنصر قضائي إليها للتصدي للمسائل القانونية التي قد تعترض أداءه لعملها، بما يؤدي إلي دفع عجلة اتخاذ القرار علي نحو أسرع، كذلك تعديل تشكيل هيئة نظر التظلمات من قرارات لجنة القيد وذلك بإلغاء عضوية هيئة الاستعلامات لها لانتفاء الحكمة من هذه العضوية. 3- تعديل تشكيل لجنة التحقيق النقابية وهيئة التأديب الابتدائية علي نحو يرفع الحرج عن أعضاء مجلس النقابة اللذين يضمهم تشكيل كلي ويتيح لهم حرية إصدار القرار المناسب فيما يطرح عليهم دون أي ضغوط، فضلاً عن منح لجنة التحقيق المذكورة الحق في الطعن علي قرارات هيئة التأديب الابتدائية أسوة بحق الصحفي المقرر في هذا الشأن. 4- حفاظاً علي الثروة القومية من رواد الصحافة وشيوخهم وتكريماً لهم في خاتمة حياتهم المهنية ينبغي التصدي لنصوص المواد 32، 37، 97، 99 من قانون النقابة الحالي والمتعلقة بالصحفي الذي يصرف معاش التقاعد بإجراء تعديل عليها يكفل لذلك الصحفي الاستمرار في مزاولة أعمال المهنة وعدم حرمانه منها ما دام قادراً علي ذلك، وعدم نقل اسمه من جدول المشتغلين إلي جدول غير المشتغلين إلا إذا كان ذلك بناء علي طلب منه، وبالتالي يظل عضواً بالجمعية العمومية وله حق التصويت في الانتخابات وحق الترشيح، كما يجب أن يضم تشكيل مجلس النقابة عضواً من هؤلاء كي يعبر عن آرائهم وآمالهم أسوة بما يجري عليه العمل في نقابات أخري وفي نادي القضاة، علي أن يتم اختيار هذا العضو بطريق الانتخاب مثل باقي أعضاء مجلس النقابة، وحتي لا يكون صرف معاش التقاعد الهزيل حكماً بإعدام الصحفي وهو علي قيد الحياة وقبراً لثقافته وموهبته وإبداعاته، وحرماناً للقراء وشباب الصحفيين الواعد من خبرته، مع ملاحظة أن هناك ورقة عمل في هذا الشأن سبق للشئون القانونية بالنقابة أن قدمتها في ندوة عقدت بمقر النقابة قامت علي تنظيمها لجنة تطوير المهنة والتدريب ولجنة المعاشات بمجلس النقابة يمكن الرجوع إليها. 5- إعادة النظر في مقدار المعاش أو الإعانة التي تصرف للصحفيين في حالات الوفاة أو العجز الكامل أو الكوارث أو التعطل أو العلاج، و ذلك بتعظيم هذا المقدار إلي الحد الذي يحقق الغرض الذي شرع من أجله ويبلغ الغاية المرجوة من رصده ويواجه الظروف الاقتصادية ومصاعب الحياة. 6- بلوغاً إلي تعظيم مقدار المعاش أو الإعانة المشار إليهما بالبند السالف ينبغي زيادة الموارد النقدية الخاصة بالنظام المالي للنقابة وبالتالي زيادة رأس مال صندوق المعاشات والإعانات بتمويل ذاتي من أبناء المهنة إضافة إلي المبالغ التي ترصدها الحكومة للصحفيين والعمل علي زيادتها، وذلك عنه طريق رفع مقدار رسوم القيد في جداول النقابة ورسم الاشتراك السنوي إلي القدر الذي يتواءم مع مثيلاته بالنقابات المهنية المناظرة، وإلغاء الحد الأقصي للنسبة المئوية من حصيلة الإعلانات في الصحف والمجلات التابعة لجميع المؤسسات الصحفية القومية والحزبية والخاصة، وتعظيم مقدار الغرامة التأديبية المنصوص عليها في المادة 77 من قانون النقابة الحالي والتي قد يحكم بها علي الصحفي الذي يرتكب مخالفة تستوجب المؤاخذة التأديبية، وكذلك الغرامة الجنائية المنصوص عليها في المادة 115 من ذات القانون المقررة علي مخالفة أحكام المادتين 65، 103 منه التي تؤثم أولاهما الفرد الذي يعمل في الصحافة دون أن يكون اسمه مقيداً بجداول النقابة وتؤثم ثانيتهما تعيين أصحاب الصحف ورؤساء مجالس إدارة المؤسسات الصحفية ووكالات الأنباء في أعمال الصحافة أشخاصاً من غير أعضاء النقابة المقيدين بجداولها، وذلك علي نحو يتواءم مع مقدار الغرامات المالية المقررة عن جرائم الصحافة والنشر المنصوص عليها في قانون العقوبات، مع الوضع في الاعتبار أن هذه الغرامات بنوعيها التأديبية والجنائية تؤول حصيلتها وفق نصوص قانون النقابة إلي صندوق المعاشات والإعانات في النقابة ولا تصب في خزينة أية جهة أخري. 7- مواكبة للمسيرة التي انتهجتها النيابة العامة- في سبيل ضبط إيقاع الآداء الصحفي ومحاسبة المتجاوزين في هذا الحقل- بإحالة التحقيقات التي أجرتها مع بعض الصحفيين عن جرائم نشر من سب أو قذف أو إهانة أو غير ذلك إلي نقابة الصحفيين لتعمل قانونها وتتخذ الاجراءات التأديبية قبلهم بديلاً عن المحاكمة الجنائية، وحرصاً علي استمرار هذا النهج الحسن فإن الأمر يستوجب من مجلس النقابة التجاوب مع هذا الاتجاه وتقدير مسلك النيابة العامة وذلك بسرعة اتخاذ اجراءات المساءلة التأديبية وتطبيق أحكام القانون، كما يقتضي أيضاً ضرورة وضع نص قانوني يلزم الصحفيين بالمثول أمام لجنة التحقيق النقابية أو هيئة التأديب الابتدائية عند إخطارهم بذلك ووضع الجزاء المناسب علي التخلف عن المثول بغير عذر مقبول، وحتي لا يؤدي الإيقاع البطيء في اتخاذ الاجراءات التأديبية إلي آثار سلبية قد تدفع النيابة العامة إلي العدول عن نهجها وسحب التحقيقات التي سبق أن أحالتها إلي النقابة في هذا الشأن وتقديم الصحفيين إلي محاكم الجنح والجنايات. 8- لما كان عمل الصحفي بإحدي وسائل الإعلام غير المصرية أمراً يتعلق بممارسة النشاط الصحفي المهني، فإنه يكون من المناسب أن يتضمن قانون النقابة نصاً يجعل الاختصاص بإصدار الإذن للصحفي الذي يرغب في ذلك لنقابة الصحفيين. 9- إعمالاً للمقترحات السالفة وغيرها تري الشئون القانونية لنقابة الصحفيين ضرورة قيام مجلس النقابة بتشكيل لجنة أو عدة لجان تمثل فيها الشئون القانونية للنقابة ويضم في عضويتها أعضاء من مجلس النقابة يختارهم المجلس وأعضاء من الجمعية العمومية للصحفيين من شيوخ الصحفيين أصحاب الخبرة في المجالين الصحفي والنقابي وكذلك من شبابهم الواعد رواد المستقبل وبعضا من أعضاء المجلس الأعلي للصحافة يختارهم رئيسه «رئيس مجلس الشوري» باعتبار أن ذلك المجلس منوط به ضمن اختصاصاته وفقاً لقانون تنظيم الصحافة إبداء الرأي في جميع المشروعات المتعلقة بقوانين الصحافة، كما يضم التشكيل أعضاء من المهتمين بشئون الصحافة من أساتذة القانون والصحافة والإعلام وقسم التشريع بمجلس الدولة تكون مهمتها علي نحو عاجل إعداد مشروع قانون جديد لنقابة الصحفيين يواكب ما طرأ من تغيرات في كل نواحي العمل الصحفي ويدعم النقابة ويطورها، ويعمل علي الارتفاع بمهنة الصحافة ويحافظ علي كرامتها والمستوي العلمي والفكري لأعضاء النقابة والوقوف بحزم في مواجهة استخدام القلة من الصحفيين لغة التجريح والسب والطعن في الأعراض والتشهير والاعتداء علي حرمة الحياة الخاصة وخوض معارك الغير بالوكالة أو النيابة عنهم ونشر الأخبار المفبركة بما يسيء إلي مهنة الصحافة وإلي العاملين فيها. مع خالص تحياتي وتمنياتي الطيبة لمهنة الصحافة والصحفيين. المستشار القانوني لنقابة الصحفيين محمد عباس مهران الرئيس الأسبق بمحكمة استئناف القاهرة