أيام لا تُنسى!

بعد يومين، نحتفل بذكرى 6 أكتوبر، يوم النصر بعد الهزيمة، ويوم العزة بعد الهوان، ويوم استعاد الجيش المصرى كرامته، ويوم رفع الشعب رأسه، بعد أن نكّسها ست سنوات مُهينة!.
كانت تكاليف العبور أرخص مما توقع الخبراء، فقد كانوا يتوقعون أن تخسر مصر فى المعركة أكثر من مليون من أعز شبابها وهى تعبر وتحطم خط بارليف. وكان المصريون على استعداد لأن يشتروا النصر بذلك الثمن الباهظ، ولكن القيادة المصرية استطاعت بالدراسة والإعداد وقوة الأعصاب أن تخفض 99% مما كان يتوقعه الخبراء، ووفرت لنا حياة آلاف من شبابنا.
ولتحقيق هذا الوفر العظيم، صرفنا ألوف الملايين على شراء أسلحة حديثة. كانت بعض هذه الملايين مُخصَّصة لبناء مساكن لمحدودى الدخل، فأوقفنا عمليات البناء. كان بعضها مُخصَّصًا لشراء آلات للمصانع، فأرجأنا تجديدها، فانخفض الإنتاج. أوقفنا أيضًا بناء المستشفيات والمدارس، وامتنعنا عن استيراد بعض الأدوية حتى نوفر ثمنها لشراء السلاح. أرجأنا رصف الشوارع فتحطمت سياراتنا، ولا ننسى أن أكثرنا أكل رغيف العيش الأسود. لم نستطع أن نشترى أتوبيسات عامة، فاضطر الملايين إلى الركوب على أسقف الأتوبيسات والقطارات.. وقدمنا برضا تضحيات أخرى لاسترداد كرامة كل العرب. وقد أسهمت الدول العربية القادرة معنا فى دفع تكاليف الأجهزة الحديثة، التى كنا نحتاج إليها فى مواجهة إسرائيل.. وأسهمت فى عدة مشروعات استثمارية لا تحقق أرباحًا قبل ثلاث أو خمس سنوات. المهم أننا عشنا سنوات طوالًا فى مستوى أقل من الشعوب التى حاربنا من أجلها، ولم نشْكُ أبدًا من الحرمان!.
فى يوم النصر يجب أن نُحيِّى الرئيس السادات، الذى نعترف بأن أمجاده أكثر من أخطائه، وأن كل يوم يمر على وفاته يقل فيه عدد مخالفيه ويتضاعف عدد مؤيديه. تأكدنا أن كل شىء يقع يدل على بُعد نظره وواسع حكمته، وأنه كان سياسيًا من طراز فريد. ولولا مغامرته بزيارة القدس لكانت إسرائيل تحتل ثلث الأراضى المصرية حتى الآن. وجاءت الأيام، فإذا بنا نفعل ما لُمْناه عليه، وبعد أن كانت المفاوضات مع إسرائيل خيانة عظمى، أصبحت الدول العربية تؤيد التفاوض، وأصبحنا نسمع مَن يقول: لو وقفنا جميعًا بجوار السادات لوفرنا على بلادنا سنوات طويلة من الهوان والاحتلال.
اتهم البعض السادات بأن «مناحم بيجين»، رئيس وزراء إسرائيل، قد خدعه وضلّله، وإذا بمناحم بيجين يعتزل السياسة عقب معاهدة كامب ديفيد، ويقول إن السادات هو الذى ضحك عليه!.
وما حدث مع السادات يعطينا درسًا بألّا نظلم رجالنا، ولا نتهم وطنية أبناء وطننا لأننا اختلفنا معهم فى الرأى، ونحترم مَن يعارضنا كما نحترم مَن يصفق لنا!.
تحية لكل ضابط وجندى حارب فى معركة النصر، وللشهداء والجرحى الذين قدموا حياتهم للحلم الجميل.
تحية للشعب المصرى، الذى تحمل وصمد ووقف كرجل واحد وراء جيشه.. وتحية للدول العربية التى وقفت معنا فى معركة النصر.
Safia_mostafa_amin@yahoo.com