ليلة حزينة قضاها سكان العقار 25 بشارع سليمان القاضى، بعد واقعة قتل «زياد. س»، الطالب بالصف الثانى الثانوى، شقيقته «نوران»، بالصف الثالث الإعدادى، خنقًا ب«تى شيرت»، بعدما فشل فى قتلها طعنًا بسكين مطبخ، وذهب المتهم إلى قسم الشرطة لتسليم نفسه، بعدما حاول الانتحار وفشل. العقار الذى شهد الجريمة بدا عليه الحزن، لا أحد من قاطنيه يطل من الشرفات، أصوات الذكر الحكيم تصدح من داخل الشقق، الصدمة انتابت الجيران: «معقول اللى حصل؟!». شقة عائلة الطفلين، المتهم والمجنى عليها، بالطابق الثالث، وُجد بابها مُهشَّمًا من ناحية ال«كالون»، وداخل الشقة تجلس سيدة، تبلغ من العمر نحو 60 سنة، قالت إنها جدة الطفلين لأمهما، وكانت العجوز تردد: «آه يا عروستى!»، وكان ابن شقيقة السيدة العجوز يشير إلى أن خالته فى حالة انهيار، موضحًا: «الطفلان كانا بمثابة ولديها فكأنها أمهما ليست جدتهما.. وتعرضت لإغماءات كثيرة». الجيران، ومنهم سيد عيد، قالوا إن والدى الطفلين منذ قدومهما إلى السكن بالعقار قبل سنتين وهما «فى حالهما»، وليسا مختلطين بالآخرين. الجارة «أم محمد»، التى تمتلك محلًا لبيع الحلوى بالقرب من العقار، استمعت، صباح الخميس، لأصوات صراخ الطفلة «نوران»، فاتصلت بوالدها، وأخبرته: «ولادك شكلهم بيتخانقوا»، وباتصال الأب على نجليه، لم يجب أى منهما. الأب، وهو فى عمله بمجلس محلى حى وراق العرب، والأم «بركسان»، مُدرِّسة اللغة الإنجليزية، كانا فى عملهما، ووجّه الأب بائعة الحلوى، قائلًا: «اطلعى فوق وحطمى الباب». لفيف من الجيران صعدوا إلى الشقة، وبالفعل كسروا الباب، وجدوا جثمان «نوران» مسجى داخل الصالة، ومغطى ب«ملاءة» سرير، فأصابهم الرعب، كما وصفوا لحظة مشاهدتهم الجثة، قائلين إنهم تصوروا لوهلة أن الفتاة قتلها لص، لكن بدد رواياتهم «عم إبراهيم على»، صاحب ورشة صيانة وتصليح أدوات كهربائية، والذى شاهد المتهم «زياد» متوجهًا ناحية شارع المحطة، وذلك قبل دخول الأهالى إلى الشقة. دقائق قليلة وعاد «زياد» إلى الشقة، لكن برفقة عدد كبير من ضباط ومعاونى المباحث بقسم شرطة الجيزة، وكان يقول أمام الأهالى: «هذه جثة شقيقتى، أنا قتلتها وخنقتها ب(تى شيرت) أبيض اللون». لدى وصول والدى الطفلين وجدتهما وأقربائهما، كان الطفل المتهم قد تحفظت عليه أجهزة الأمن، واقتادته إلى النيابة. بالطابق السابع من مبنى مجمع نيابات جنوبالجيزة، وُجد والدا الطفلين فى حالة يُرْثَى لها، كان الأب يدخن بشراهة، وأحاط به صديق واحد، والأم المكلومة أحاط بها عدد من السيدات وشقيقها الوحيد. الأم رددت: «(زياد) طول عمره متفوق.. وأخته كانت الأولى على المدرسة.. عيالى متربيين كويس». أم الطفلين غابت نحو 3 ساعات داخل مكتب محمد أنس، وكيل النائب العام، وخرجت تبكى بحرقة: «وكيل النيابة قال لى:كنتى فين لما عيالِك اتخانقوا؟!». والدة «زياد» و«نوران» قالت: «ولادى نور عينى، مارزقنيش ربنا إلا بيهم، واحد ضاع واتحبس.. والتانية: ماتت.. لو كنت أعرف انهم هيتخانقو ماكنتش نزلت الشغل». والدا الطفلين احتضنا بعضهما، وبكيا، واستمعت النيابة لأقوال الأب، الذى قال: «كنت وزوجتى فى عملنا.. وفوجئنا بما حدث.. ابنى (زياد) مريض باضطرابات نفسية، وتأخرنا فى عرضه على الأطباء، وكنا ننوى ذلك». الأب، الموظف، بأسى، روى أن هناك خلافات بين نجليه: «بنتى (نوران) كانت دائمًا تُعاير أخاها برسوبه العام الماضى فى مادة دراسية، وتقول له: (يا أبومادة يا فاشل)، وكانت تنتابه حالة هستيرية». العاشرة مساءً، وصل الطفل «زياد» إلى سراى النيابة، وسط حراسات أمنية مشددة، وكان مطأطئ الرأس، واعترف تفصيلًا بارتكاب الجريمة، وقال: «الساعة الخامسة صباحًا.. طلبت من شقيقتى (نوران) أن تصحو من نومها، وقلت لها: (قومى ذاكرى يا نوران)، واستغربت طلبى، وبعد نزول (بابا وماما) للشغل، كررت الطلب حتى نشبت بيننا مشادة كلامية، تطورت إلى مشاجرة». الطفل المتهم استكمل اعترافاته، قائلًا: «أحضرت سكين المطبخ وسدّدت لشقيقتى 3 طعنات ب(البطن والذراع والجنب الأيسر)، لكنّ السكين تحطم، فأحضرت (تى شيرت) أبيض اللون، وخنقت أختى، وتركتها فى الأرض حتى لفظت أنفاسها، ثم غطيت جثمانها بملاءة سرير». «زياد»، البالغ من العمر 17 سنة، بكى وهو يقول: «أحضرت سكينًا آخر، وقطعت شرايين يدى اليمنى، فى محاولة منى للانتحار، لكننى لم أمت، فتوجهت إلى قسم الشرطة، وأبلغت بجريمتى». دافع الجريمة فسره المتهم، قائلًا: «عندى اضطرابات نفسية.. وأختى كانت تعايرنى برسوبى فى مادة، وكنت أتضايق منها عندما أراها تتحدث فى التليفون مع أولاد، وأحيانًا كانت تضع (مكياج) وهى رايحة الدروس الخصوصية، ويوم الجريمة أردت التخلص منها ومن أفعالها لأن (كل تصرفاتها بتضايقنى)، خصوصًا أنها ترتدى ملابس ضيقة، ونبهتها كثيرًا لذلك، دون جدوى». الساعة الثانية صباحًا، حضر والد المتهم، وقال، للنيابة: «عاوز أشوف ابنى واطمئن عليه»، لكن الطفل رفض رؤية والده، وقال: «مش هعرف ابص فى عين والدى». النيابة اصطحبت الطفل لتمثيل الجريمة «صوتًا وصورة»، وهناك كان جميع أفراد أسرته، ومنعتهم النيابة والشرطة من مشاهدة الطفل أو التحدث إليه. وكيل النائب العام وجّه إلى الطفل اتهامًا ب«القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد»، وأمر بحبسه 4 أيام احتياطيًا، وتبين من التحقيقات أن المتهم كان يبيت النية للتخلص من شقيقته. مصطفى إسماعيل، محامى المتهم، طلب من النيابة عرض موكله على أطباء مستشفى الأمراض النفسية والعقلية بالعباسية لتوقيع الكشف الطبى على الطفل لبيان سلامة قواه العقلية، وقررت النيابة عرض الطفل، اليوم السبت، على أطباء المستشفى.