«تطبيق برنامج الطروحات.. طرح شركات القوات المسلحة فى البورصة.. تنشيط السوق.. جذب الشركات.. توسيع حجم التداول.. تداعيات تغيير سعر الفائدة.. الاستدامة والتمويل الأخضر.. أبرز قطاعات الاستثمار ومشتريات الأجانب.. وتأثيرات الحرب التجارية الأمريكية الصينية».. كانت أبرز محاور الندوة التى عقدتها «المصرى اليوم» مع محمد فريد، رئيس البورصة المصرية، والتى كانت أشبه بحوار شامل حول عدد من التحديات التى تواجهها سوق الأوراق المالية، والفرص المتاحة خلال العام الحالى. وشدد «فريد»، خلال الندوة، على أن طرح شركات الدولة والقوات المسلحة فى البورصة يحفز مناخ الاستثمار وينشط السوق ويرفع حجم التداولات، مشيراً إلى أن إدارة البورصة تستهدف إجراء عملية هيكلة شاملة لسوق المشروعات الصغيرة. وقال رئيس البورصة إن التشريعات الموجودة حالياً تحمى حقوق المستثمرين الأقلية، وإن السوق بدأت فى التحسن مع اتخاذ حزمة إجراءات لإعادة هيكلة الاقتصاد الكلى، مشيراً إلى وجود خطة متكاملة تشمل آليات التداول والإفصاح بمساعدة البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية». وأضاف «فريد»، خلال الندوة، أن السوق تحتاج عددا أكبر من الشركات ذات الأوزان النسبية الكبيرة، وأن صافى مشتريات الأجانب خلال 2019 بلغ 20 مليار جنيه، مشيراً إلى أن بداية التعامل بالمشتقات فى السوق ستتم العام الحالى.. وإلى نص الندوة: ■ فى البداية.. كيف تقيّم الأدوات التى اعتمدتها البورصة خلال العام الماضى 2019، وهل لاقت الإقبال المتوقع عليها؟ - مازال تقييم تلك الأدوات يحتاج مزيدا من الوقت، ومن المبكر الحكم عليه، حتى يتعرف عليه الناس ويتعلمونه ويتداولون به، وطبقنا بداية شهر ديسمبر آلية الشورت سيلينج، «بيع الأوراق المالية المقترضة»، والمستثمر يتعلم وينتظر حتى تصل الأسعار للمستويات التى تمكنه من التداول عليها، وفى هذه الآلية هناك عدة أطراف، حيث هناك العميل المقرض والعميل المقترض وما بينهما أمين الحفظ وشركة الوساطة، وبدأت تكون هناك استفسارات وأسئلة من أجانب ومصريين، وفى كل الأحوال لابد من توافر المنتج والآلية حتى يتعلم الناس. ■ ما هى مستهدفات البورصة التى تريد تحقيقها خلال العام الجديد؟ - من مستهدفات عام 2020 بالنسبة لنا إعادة الهيكلة الشاملة والكاملة لسوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة «بورصة النيل»، فالسوق الكبيرة نعمل بها بآلية الإصلاحات التدريجية الصغيرة تباعا، على أمل أن تأتى بنتيجة على المدى الطويل، أما سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة فتحتاج إعادة هيكلة بالكامل، بمعنى أنه لابد أن تكون هناك حزمة جاهزة على مستوى الفكر والتنفيذ، ولا ننتظر أن نبحث عن حل لكل مشكلة وقت ظهورها، ويساعدنا فى هذا الشأن البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية فى إعداد خطة متكاملة قد تشمل آليات التداول أو الإفصاح، بحيث إنه بعد الاتفاق والاستقرار على المحاور سنتوجه بها إلى الهيئة العامة للرقابة المالية للمطالبة بتفعيل هذه السوق، لأن الاستمرارية بهذا المنهج بها مشكلة. ■ وهل تستعدون لطرح منتجات مالية جديدة خلال 2020؟ - ستشهد السوق خلال العام الجديد بداية التعامل بالمشتقات، وسيكون عليها طلب، ففى عديد من الأوقات يكون استخدام المشتقات، وبالأخص العقود المستقبلية، أدوات للتحوط، فهذا استثمار، وهناك اعتقاد بأنه فى الفترة القصيرة القادمة فإنه من المتوقع أن تسير الأسواق فى اتجاه معاكس، وهناك بديلان، إما بيع كل ما تمتلكه بسبب القلق فيعظم من المشكلة، أو تدخل فى العقود المستقبلية لكنك تتحوط من مخاطر انخفاض السعر فى تلك اللحظة، كما أن أدوات التحوط تُستخدم من المستثمرين المؤهلين للتعامل، ومن الآليات التى نعمل على توافرها فى السوق خلال العام الجديد لأننا أصبحنا فى منافسة كبيرة مع الأسواق الناشئة. ■ ما أهم المحطات التى مرت بها البورصة المصرية منذ 2008 حتى الآن، وما الدروس المستفادة خلال تلك الفترة؟ - كانت هناك إعادة إحياء لدور أسواق المال أو دور البورصات مع الاتفاق مع صندوق النقد الدولى فى سنه 1991، وكان أحد مستهدفاته توسيع قاعدة الملكية من خلال طرح الشركات المملوكة للدولة، وتم فى ذلك الوقت إصدار قانون قطاع الأعمال العام 2003، ومن هنا بدأت عمليه إعادة تنشيط سوق الأوراق المالية، وكان فى غاية النشاط نتيجة وجود أعداد كبيرة جدا من الطروحات للشركات العامة. لكن التطور التكنولوجى لم يتواجد حينها بالدرجة الكافية، خصوصا فى عمليات التسوية، وهو ما تحسن بوجود شركة الإيداع والقيد المركزى، والتطور الذى حدث فى تعديل برنامج التداول الذى أصبح يعتمد على «ناسداك» فى هذا الوقت، وبعدها بدأت أزمة جنوب شرق آسيا وتم التعامل مع هذه المتغيرات بعدم مرونة، خاصة فى الولاياتالمتحدة على مستوى السياسة النقدية، ما نتج عنه الفقاعة السعرية الخاصة بشركات التكنولوجيا فى الولاياتالمتحدة، وكل هذا نتج عنه تراجع معدلات التداول بمصر حتى منتصف 2002 بداية 2003، مع إعادة التغيير وإعادة هيكلة القطاع المصرفى وإصدار قانون البنوك والمصارف الجديد فى 2003 مع وجود بعض من الإصلاحات على مستوى القطاع المالى غير المصرفى مع الإصلاح الاقتصادى الذى بدأ فى 2004. وكان أحد أهم ملامحه عملية إعادة هيكلة قطاع المصرفى من خلال سوق الأوراق المالية فى عملية دمج واستحواذات، وإعادة إحياء لبرنامج طروحات الشركات، وطرح الشركات المملوكة للدولة فى أسواق المال له منهج تتبعه الدول التى لديها الرغبة فى توسيع قاعدة الملكية وإعادة تنشيط سوق الأوراق المالية، ونتج نشاط ملحوظ بالفعل. ■ ماذا كانت أهم ملامحه؟ - طرح «سيدى كرير» و«أموك» و«المصرية للاتصالات»، لكن يجب أن نأخذ فى الاعتبار أنه خلال الفترة من 2002 إلى 2003، وأيضا 2008 هى فترة لم يشهدها العالم، من تحقيق نمو اقتصادى مستمر على مستوى العالم كله، كانت معدلات التداول فى أعلى مستوياتها، حتى بدأت الأزمة المالية العالمية فى سبتمبر 2008، واستمرت السوق المصرية فى التأثر وعدم الاستقرار الاقتصادى والسياسى، خاصة على مدار عام 2011 إلى 2013، حتى بدأنا عملية الاستقرار فى 2014 على المستوى السياسى. ■ وماذا تم على المستوى الاقتصادى؟ - بدأ التفكير بقوة فى الإصلاح، وفى 2016 ومع اتخاذ حزمة إجراءات تعيد هيكلة الاقتصاد الكلى أو تعيد انضباط عملية إدارة الاقتصاد فيما يتعلق بالسياسة النقدية والسياسة المالية، بدأ التحسن على مستوى السوق، والذى يمكن البناء عليه، لكن بالنظر إلى الأرقام قبل نوفمبر 2016 وما بعده فيما يتعلق بصافى مشتريات غير المصريين، على سبيل المثال، فستجد أنه خلال نفس عدد الأشهر ارتفع من 2 مليار إلى 20 مليارا فى الأسهم فقط، ونحو 43 مليارا فى السندات، بزيادة تصل إلى 10 أضعاف، لكن حدث خروج لعدد من الشركات من السوق خلال تلك الفترة ما أثر على معدلات التداول. ■ ما تفسيرك لضعف السيولة والإقبال على عمليات التداول فى السوق مؤخرا؟ - السوق تحتاج عددا أكبر من الشركات ذات أوزان نسبية وحجم كبير فى الاقتصاد، وقلة الأوراق المالية من هذا النوع هى سبب قلة أحجام التداولات فى السوق خلال الفترة الأخيرة، وأحد أهم العوامل التى تحفز الشركات للتوجه للاستثمار فى البورصة أنها ترى الشركات المملوكة للدولة تدخل السوق، وبالتالى تعطى رسائل إيجابية، فهذه العملية أحد أهم التحديات وأحد أهم المستهدفات أيضا أن ترفع عدد الشركات المقيدة ذات الوزن النسبى الكبير، وعندما أجرينا مسحا لأحجام الطروحات خلال عامى 2003- 2004 كان هناك طرح الشركة المصرية للاتصالات بقيمة 4.4 مليار جنيه فى هذا التوقيت. ■ ما الجديد فى موضوع ضريبة الأرباح الراسمالية؟ وإلى أين وصلت المناقشات بينكم وبين وزارة المالية بشأن ضريبة البورصة؟ - من الأهمية أن نستعرض تطور هذه الضريبة، فحتى عام 2014 كانت التعاملات على سوق المال بدون ضريبة، ثم حدثت تعديلات على قانون الدخل الذى استحدث نوعين من الضرائب، الأول ضريبة على توزيعات الأرباح مرتبطة بحجم الملكية فى الشركة، فمثلا لو الملكية 25% لمدة سنتين تدفع 5%، لو أقل من ذلك تدفع 10% من توزيعات الأرباح، والنوع الثانى ضريبة الأرباح الرأسمالية بنسبة 10%، وحدثت صعوبة فى تطبيقها فتم تجميد العمل بها، ثم استبدلت بضريبة الدمغة وهى تصاعدية على مدار ثلاث سنوات، من 1.25 فى الألف إلى 1.5 ثم 1.75، وتم تأجيل العمل بآخر إضافة فظلت النسبة عند 1.5 فى الألف. وتم تشكيل لجنة أعلن عنها وزير المالية تتضمن الأطراف المعنية بالسوق منها مصلحة الضرائب، والجمعية المصرية للأوراق المالية وغيرهما من الجهات المعنية بالسوق، لتناقش عملية التعامل الضريبى مع هذا الملف لإحداث التوازن المطلوب ما بين استيفاء حق الدولة فيما يتعلق بالضرائب المطلوب تحصليها، ومن جانب آخر نضمن التوازن الذى يسمح لسوق المال بأن تنشط، ونتيجة الدراسة وما استقرت عليه المناقشات على كيفيه التعامل بشأنها يتم عرضها على وزير المالية ثم البرلمان. ■ فى ظل هذه المنافسة مع الأسواق الناشئة.. ما الذى يجعل السوق المصرية جاذبة للاستثمار؟ - لدينا اقتصاد حقيقى متنوع فى السوق المصرية، وهذا لا يتوفر فى جميع الأسواق، وقواعد الشركات المقيدة قوية جدا والضوابط المرتبطة بالإفصاحات والحوكمة فى مصر متطورة إن لم تكن أكثر تطورا من الأسواق الخارجية، كما أن الشركات الممثلة فى البورصة بها تنوع كبير والقواعد بالسوق من أكثر القواعد التى تحمى المستثمرين، هذا بالإضافة إلى خطة الإصلاح الاقتصادى وإعادة ترتيب سياسات الاقتصاد الكلى من ترتيبات فيما يتعلق بسياسة مالية ونقدية ومعالجة مشكلات هيكلية لأول مرة فى التاريخ بلا رجعة، مع الأخذ فى الاعتبار الفئات الأقل حظا فيما يتعلق بوسائل الضمان أو أنظمة الضمان الاجتماعى أو الحماية الاجتماعية وبرامج تكافل وكرامة. ■ ومتى يُترجم ذلك على أرض الواقع لكى نكون داخل المنافسة ويرتفع حجم السيولة ومعدل التداولات؟ - أحد أهم المحاور الرئيسية هو وجود شركات معروضة للتداول، وهذا هو «مربط الفرس». ■ ماذا عن طرح الشركات الحكومية التى تعطلت لنحو سنتين ولم يتم التنفيذ؟ - تم بالفعل طرح ثانوى لنحو 4.5% من أسهم الشركة الشرقية للدخان، وهناك لجنة برئاسة وزير المالية، ممثلة فيها الوزارات المعنية المختلفة من النقل والتجارة والصناعة وغيرها من الوزارات التى لديها شركات، وهى التى تحدد التوقيت الأنسب والنموذج الأنسب للتعامل مع ملكيتها، لكن بصفة عامة المنهج متفق عليه ولكن التوقيت هم من يقومون بتحديده. ■ وهل يصنع طرح الشركات المملوكة للقوات المسلحة فى البورصة فارقاً؟ - طرح الشركات أيًا ما كانت الملكية حكومية أو ملكية خاصة هو أمر داعم للسوق من ناحية، وداعم للشركات المطروحة من ناحية أخرى، فهناك شق مرتبط بتوسيع قاعدة الملكية، ومعدلات النمو الاقتصادى تخلق شركات متاحة للطرح ومشاركة الربحية، وهذا لن يتأتى إلا من خلال طرح أسهم الشركات فى البورصة، والشق الإضافى أنه أيا ما كان الطرح فهناك قواعد تطبق وهو ما يعطى رسالة إيجابية بأن الدولة بصفة عامة طالما تطرح شركات مملوكة لها فإنها تتبع قواعد الشفافية، وهو المنهج الذى يتم اتباعه فى الأسواق التى تريد تنشيط السوق، والشق الأخير هو تطبيق عمليات الحكومة وهو طرح يحمل الكثير من الإيجابيات على سوق الأوراق المالية. ■ هل ترى الوقت مناسباً لطروحات عامة سواء من الجيش أو الحكومة؟ - الطرح الجيد يروج له بطريقة منضبطة من جانب المروجين، والذى يستطيع إيجاد الطلب والطرح هو الذى يستطيع خلق الحالة فيما يتعلق بنجاحه وعمليات التداول، وعندما يتم ذلك سيحدث تفاؤل بالسوق وبالتالى يحدث رواج. ■ ما مدى تأثر السوق بتغيير معدلات أسعار الفائدة؟ - لدينا ثقة فى إدارة الدولة للتعامل مع معدلات التضخم، وهو أحد أهم الأمور التى يجب أن ينظر إليها لاستقرار الاقتصاد الكلى، وعندما تم اتخاذ إجراءات إصلاحية قوية كانت هناك حاجة لتخفيض مستويات السيولة فى الأسواق لتخفيض معدلات الاستهلاك ومعدلات الاستثمار بعض الشىء. وانخفضت أسعار الفائدة تباعا، وعلى مدار الفترة الماضية فى كل مرة يتم فيها تخفيض فى أسعار الفائدة كان يؤدى ذلك إلى ارتفاع فى المؤشرات، فى 15 فبراير 2019 انخفض سعر الفائدة فصعد المؤشر 4% على مدار الأسبوع، فى 29 مارس صعد المؤشر 1.5%، 22 أغسطس ارتفع 4% على مدار الأسبوع، 26 سبتمبر ارتفع أيضا 4%، وهى علاقة ارتباطية عكسية. ■ فى ظل وجود حالة تباطؤ عالمى وصراع تجارى أمريكى صينى.. هل يمكن حدوث أزمة مشابهة للأزمة المالية فى 2008، وهل نحن متحوطون لذلك؟ - نحن فى فترة تقلبات كبيرة على مستوى الاقتصادات العالمية والسياسات التجارية، وليس هناك استقرار واضح فى تلك السياسات، فالمملكة المتحدة خرجت بالكامل من الاتحاد الأوروبى فيما يتعلق بالسوق المشتركة وغيرها، وهذا حدث جلل فى حد ذاته، فضلا عن الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدة والصين، وبالتالى لابد من تقبل التقلبات، وكيفية تعاملنا معها هى التى تحدد النتائج، لكن على مستوى تأثرنا على مستوى الانفتاح التجارى فهو محدود، لكن الاقتصاد العالمى بدأ يستوعب التقلبات ولا تزال الأسواق تستقبلها بصورة طبيعية. ■ فى 2008 هل المشتقات كانت سبب الأزمة؟ - أسباب الأزمة كانت تقييما غير حقيقى للسندات، يعنى جهات تمنح تصنيف ائتمانى AAA وهو أحسن تصنيف فى العالم، فى حين أن محفظة المؤسسة المصدرة مفلسة، والشركات تبيع للمستثمرين على أنها أوراق مالية جيدة وفى حقيقة الأمر يكون الموقف فى غاية الرداءة، ولكن ليست المشكلة فى المشتقات فى حد ذاتها. ■ كنت مسؤولاً فى شركة استشارات.. هل كنت تنصح بأشياء ترى الآن أنه ما كان يجب أن تنصح بها؟ - سؤال خارج الصندوق تماما.. حيث نعتقد دائما أثناء العمل العام أن الناس تعرف كل شىء، وعندما عملت فى القطاع أدركت أنه ليس بالضرورة أن تكون اعتقادات المسؤول واصلة للناس بنفس الشكل، كما أن التنوع فى القطاعات مهم، فعندما تعمل فى أحد الملفات يكون تركيزك كله منصبًا عليه بمعزل عن باقى الملفات، وهو ما يوسع المدارك بصورة مختلفة تماما عن التركيز فى قطاع بعينه، ولا أعتقد أنه كان هناك شىء نصحت به يمكن أن أتراجع عنه الآن.