طارق عامر.. ما النصر إلا للشجعان (بروفايل)

وسط زغاريد وابتسامات وتهليل، وقف طارق عامر، محافظ البنك المركزي، وسط موظفيه يتلقى التهاني على خبر تجديد فترة تواجده بالبنك.
«أنت محبوب أوي»، هكذا داعب «عامر» موظفيه ليرد أحدهم: «أنت قائد، هنطالب بتعديل الدستور علشان تاخد ولاية تالتة»، بينما حاوطته النساء مهللات مزغردات فرحات بالخبر.
وحسب قانون البنك المركزي، فإن محافظ البنك يُعيّن من قبل رئيس الجمهورية لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.
هذا المشهد الضاحك المهلل على بساطته، لم يكن الأكثر تعبيرًا عن سنوات شقية قضاها «عامر» في البنك المركزي، في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي عانتها البلاد في السنوات الأخيرة.
قبل 4 سنوات تولى «عامر» مهمة ولايته الأولى كمحافظ للبنك، في الوقت إلى توقع فيه أكثر المتفائلين ركود اقتصادي مقبل، وتراجع لا مجال لتجاوزه في السياسات النقدية، لكن «عامر»، الذي استند إلى تاريخ طويل من الإنجازات المهنية كتب نهاية مختلفة للسيناريو.
في وجه الدولار، تأرجح الجنيه المصري لسنوات أنهاها «عامر»، في 2016، عقب عام واحد من ولايته، بقرار تحرير سعر الصرف، الذي لم يتوقعه أحد، لكن السياسة «الجريئة» التي نادى بها «عامر» قبل توليه المنصب، كانت عنوان فترة ولايته الأولى.
بعد أشهر طويلة من الاختلال شهدها السوق الاقتصادي عقب قرار تحرير سعر الصرف، شهد الوضع الاقتصادي اتزانًا وثباتًا في سعر الصرف، حتى وصل الأمر إلى تراجع الدولار أمام الجنيه خلال الأشهر الأخيرة في ولاية «عامر» ليسجل 16 جنيهًا، متراجعًا من حدود 18 جنيها قبل عام واحد فقط.
مسترجعًا إنجازاته حين كان رئيسًا للبنك الأهلي في سنوات ما قبل -أثناء- بعد ثورة يناير 2011 (2008-2013)، إذ استطاع آنذاك، تحقيق أرباح صافية تجاوزت 2 مليار جنيه في النصف الثاني من 2012، بعد عام ونصف العام من الثورة، كما حقق صافي عوائد من أنشطته المصرفية 5 مليارات جنيه مقابل 8.4 مليار جنيه عن العام المالي 2011-2012.
لم يختلف الأمر كثيرًا حين أصبح محافظًا للبنك، إذ شهدت السياسة النقدية في عهده تطورًا، بعد تجاوز الاحتياطي النقدي حاجز ال45 مليار دولار، لأول مرة في تاريخه، بنهاية سبتمبر الماضي، كما أطلق البنك في عهده مبادرات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، كان أهمها مبادرة 200 مليار جنيه لتلك المشروعات.
تسمح المبادرة لأصحاب تلك المشروعات اقتراض أموال من البنوك بأقل عائد يبلغ 5%، كما ألزم البنوك برفع محفظة قروضهم لتلك المشروعات إلى 20% من إجمالي محفظة القروض بحلول 2020.
وبشأن أسعار الفائدة، رفعها «عامر» في عهده نحو 6 مرات، وخفضّها نحو 5 مرات، بينما ثبتها 21 مرة.
في بيان قبل 10 أيام فقط، أشار «عامر» إلى أسباب تخفيضه أسعار الفائدة، للمرة الثالثة على التوالي، مذكرًا بأسباب تحسن الاقتصاد المصري في عهده، ولخصها في استمرار انخفاض معدلات التضخم التي وصلت إلى أقل من 4% لأول مرة في تاريخ مصر، إضافة إلى تحسن المؤشرات الاقتصادية الخاصة بالنمو الاقتصادي والتشغيل، واتساق الأوضاع الحالية مع مستهدف التضخم من قبل المركزي خلال العام المقبل.
4 سنوات أخرى أمام «عامر»، لينهي ما بدأه من رحلة الإصلاح الاقتصادي، محتميًا بتاريخ من الإنجازات ومحبة موظفيه.