«القومي للمرأة» ينظم لقاءً موسعًا حول استراتيجية التمكين    ارتفاع العملات الآسيوية مع تراجع الدولار وسط ضبابية سياسية ومخاوف تجارية    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة.. 15 يونيو    «اقتصادية قناة السويس» تفاوض بنك صيني للعمل في مصر    وزير التعليم العالي: شراكتنا القوية مع الاتحاد الأوروبي نموذج يحتذى به في مواجهة التحديات العالمية    أسعار الحديد والأسمنت في السوق المصرية اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    وزير الخارجية: ملتزمون بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 20 فلسطينيًا على الأقل من الضفة الغربية    ضد التهديد الفضائى وتستغرق 3 سنوات.. ماذا قال ترامب عن القبة الذهبية؟    بالفيديو والصور.. مصرع 4 أطفال وإصابة 35 اخرين اثر هجوم استهدف حافلة مدرسية في باكستان    مانشستر يونايتد يطارد رقمًا قياسيًا أمام توتنهام في نهائي الدوري الأوروبي    غزل المحلة يكشف عن تفاوض الأهلي مع نجم الفريق    «حبة الكرز».. كيف علق جوارديولا على إهدار دي بروين لأسيست مرموش أمام بورنموث؟    هارب من تنفيذ حبس 587 سنة.. القبض على صيدلي بالقاهرة لإدانته في 388 حكما    ضبط 49.9 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزارة الداخلية تعلن ضبط شركة تعمل في مجال السياحة بدون ترخيص    إحالة أوراق أحد المتهمين بقتل نجل عمهم والشروع فى قتل أبنائه بالشرقية للمفتى    تأجيل محاكمة عمر زهران فى اتهامه بسرقة مجوهرات شاليمار شربتلى ل18 يونيو    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    خلال 24 ساعة.. ضبط 49941 مخالفة مرورية متنوعة    "ميدفست مصر" يمدد موعد التقديم للمسابقة الرسمية للأفلام القصيرة حتى 30 مايو    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية تتفقد وحدة رعاية طفل وإدارة التل الكبير الصحية    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    الحل السحري لإنقاص الوزن.. طريقة الاستخدام الصحيح لخل التفاح (3 فوائد)    «المستشفيات التعليمية» تُنظم المؤتمر الدولي السنوي الرابع للمعهد القومي للكلى    طالب بجامعة الجلالة يشارك في مؤتمر دولي للأمم المتحدة حول الأمن السيبراني    وزير بريطاني: لم يعد بوسعنا تحمل الهجوم الإسرائيلي على غزة    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    ارتفاع أسعار الدواجن في الأسواق اليوم 21-5-2025 (موقع رسمي)    محمود الخطيب يرد على تساؤلات من أين يأتي الأهلي بأمواله؟    تفاصيل رحلة بيراميدز من القاهرة إلى جنوب أفريقيا لخوض نهائي دوري الأبطال    أحمد السقا يعلن انفصاله عن زوجته مها الصغير بعد 26 سنة زواج    «التضامن» تقر تعديل وقيد 6 جمعيات فى 4 محافظات    البيدوفيليا؟!    أمريكا وتركيا تؤكدان التزامهما بوحدة سوريا وتعزيز الشراكة الثنائية    مصرع 3 أطفال غرقًا فى حادثين منفصلين بترع مركز المراغة سوهاج    نادي مصري يقترب من التعاقد مع معلول.. ومفاجأة بشأن مصير رضا سليم    "جيو تيان" تبدأ تجاربها 2025.. الصين تطلق أول حاملة طائرات مسيرة فى العالم    بوتين من كورسك: المسيرات تعد واحدة من المجالات الرئيسية التى نسعى لتطويرها    سعر الريال السعودي أمام الجنيه اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    حظك اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفى والإعلامى (2)    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    محافظ الدقهلية يشهد حفل تجهيز 100 عروس وعريس (صور)    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    وزير الخارجية يلتقي رؤساء وفود الاجتماع الإفريقي الأوروبي    تقرير سعودي: نيوم يستهدف ضم إمام عاشور.. وتجهيز إغراء للأهلي    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    الألوان الثلاثة.. شاهد قميص الأهلي الجديد لبطولة كأس العالم للأندية (صور)    لميس الحديدي عن أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبدالعزيز: هناك من عايش الزيجة 20 سنة    نائبة تطالب بتوصيل الغاز الطبيعي لمنطقة «بحري البلد» بأسيوط    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    عضو مجلس يتقدم بطلب لتفعيل مكتب الاتصال الخدمي بنقابة الصحفيين (تفاصيل)    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعنى الحقيقى ل «كرامة مصر»
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 11 - 2009

منحت قلة جزائرية جاهلة متعصبة متعطشة للدم ونازعة لممارسة سادية سافرة ممقوتة، مجموعة فى بلدنا الفرصة للمتاجرة بمشاعر وأذواق وأفكار عشرات الملايين من المصريين الأبرياء ممن تغضبهم المهانة، وتليق بهم الكرامة، ويرون أن مصر العظيمة كبيرة لا تصغر، وحاضرة لا تغيب، وعفية لا يجرحها من يقصدها بسوء، أيا كان. ولهؤلاء فقط أروى هنا مشاهد قد نفهم من خلالها معنى «كرامة مصر».
( 1 )
ما إن جاء نبأ عاجل إلى السلطات المعنية بغرق العبارة «السلام 98» حتى فزع الجميع، وتدفق دم حار إلى شرايينهم، فأطلقوا الأوامر فورا، وخرجت عشرات المروحيات تحلق فوق ماء البحر الأحمر، حتى تحولت ظلمته إلى نور مبهر، ومات صمته أمام مئات الأبواق التى تنادى على من لا يزال على قيد الحياة، فلما انبلج الصبح شهد العالم كله كيف سهرت مصر لتحرم الأسماك من التهام أجساد أبنائها.
وعند العصر، كان مزمعا أن يحضر السيد الرئيس مباراة مصر والكونغو فى كأس الأمم الأفريقية 2006، لكنه اعتذر، ولم يكن يشغله إلا ما يدور بغرفة العمليات التى تشكلت فى الساعة الأولى لغرق العبارة. وقبل أن تنطلق صافرة البداية، وقف فريقنا القومي، دقيقة حدادا على روح مصرى واحد كانت قوات الإنقاذ قد عثرت على جثته، فيما كانت الجماهير فى المدرجات منصرفة بمشاعرها وأذهانها إلى المباراة الكبرى التى تلعبها مصر فوق المياه.
وكلما كان المنتخب يحرز هدفا كانت الأصوات تتعالى بمحاكمة المسؤول عن الكارثة. وقبل نهاية البطولة، التى حصلت عليها مصر، كانت العدالة الناجزة قد عملت أدواتها، فسيق المجرمون لنيل عقابهم، وحصل من فقد له شهيد على تعويض مجز، ونام الناس مطمئنين إلى أن كرامتهم مصانة، وكبرياءهم محفوظ.
( 2 )
ما إن تأكد نبأ وفاة جندى مصرى آخر برصاص صهيونى على الحدود، حتى هاجت السلطات وماجت، واستدعت سفير إسرائيل بالقاهرة، وأسمعته مثلما قال مالك فى الخمر، واستدعت سفيرنا فى تل أبيب للتشاور، وخرج وزير الخارجية يقول: حتى الاعتذار لا يكفي، لقد تكرر الأمر بشكل مزعج، وكرامة مصر لا تستوجب السكوت على هذا.
وتسربت أنباء عن أن مصر تدرس إعادة النظر فى اتفاق تصدير الغاز إلى إسرائيل، ونادت أصوات فى جهات أمنية عليا بضرورة الرد بالمثل، لأن الحجج التى يسوقها الإسرائيليون كلما وقعت حادثة من هذا النوع لا تقنع أحدا، واضطربت الحكومة الإسرائيلية، فاهتزت أسلاك الهاتف وذرات الأثير بذبذبات المكالمات الساخنة.
وقبل أن يمر أسبوع فرقع الرصاص على الحدود، فقال محافظ شمال سيناء: إن جنديا مصريا أطلق النار عندما خيل له أن أشخاصا يقومون بالتهريب. وفهمت إسرائيل أن مقتل جنديين لها كان ثأرا مقصودا، وأن القاهرة تسوق حججا على غرار ما تدعيه تل أبيب،
فأيقنت الأخيرة أنها لن تفلت أبدا من الاستهتار بأرواح جنودنا، فعزمت على الإقلاع عن مثل هذا السلوك المشين. وفهم الناس فى القرى والنجوع والمدن العامرة بالزحام معنى كل هذا، وقال موظف صغير وهو يهم للجرى وراء الأتوبيس حتى يلحق بعمله: ولو، فأنا سعيد لأن مصر لا تفرط فى كرامة أبنائها.
وقبل أن يترك مكتبه عائدا إلى بيته، سمع فى الإذاعة أن مصر شرعت فى فتح ملف أسرانا الذين قتلهم الصهاينة فى كل حروبنا ضدهم، فعاد الرجل إلى بيته جريا، وأقدامه تنهب الأرض فى عزة وإباء.
( 3 )
صدرت مؤخرا عدة تقارير دولية عن سنة 2020، حاملة مفاجأة كبرى، إذ قفزت مصر خطوات متقدمة وبدأت تزاحم العديد من دول غرب أوروبا فى مجالات التعليم والصحة والإسكان والخدمات، بعد أن هبط من يعيشون تحت خط الفقر إلى صفر فى المائة،
وأصبحت جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية وأسيوط من بين أفضل خمسمائة جامعة فى العالم، ولم يعد فى مصر أمّى واحد، وتحقق الاكتفاء الذاتى من القمح، واختفت الزوائد العشوائية التى تجرح جمال المدن وتكاد أن تزهق أرواح الملايين، وتغير شعار الداخلية إلى «الشرطة فى خدمة الشعب» كما ينص الدستور، الذى تغير بدوره فتم تحديد حكم الرئيس بمدتين كل منهما خمس سنوات، وصار للقضاء ميزانية مستقلة، وشهد العالم كله بنزاهة الانتخابات التشريعية الأخيرة التى أنتجت للبلاد برلمانا يعبر عن إرادة الأمة.
ولم يعد آلاف الحجاج المصريين يفترشون الأرض والشوارع بين أرجل حجيج البلاد الأخرى لأن السلطات الرسمية حجزت لهم الخيام وأماكن السكن الكافية. وراحت التقارير تعدد الإنجازات، وقال باحث وهو يقرأ خلاصاتها: «آن الأوان أن نقول لمهاتير محمد: مصر أصبحت كماليزيا تكبر فى كل شىء، ولا يقلل منها أو يحزنها أن تصغر فى كرة القدم».
( 4 )
حين انتفخت أوداج علاء مبارك بجرعة كرامة زائدة وهو يصرخ فى برنامج «البيت بيتهم»، قال رجل على المقهى لصاحبه: «يعملوها ويخيلوا» فرد عليه: «يقتلوا القتيل ويمشوا فى جنازته»، فجاءهما صوت من الركن القصى: لا حرية لجائع، ولا كرامة لعريان، فقلت لهم وأنا أهمّ منصرفا: كرامتنا هنا وليست فى الخرطوم، وعلينا أن ننتزعها الآن، قبل أن نترحم عليها إلى الأبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.