المستشار محمود فوزي: ليس من الدين والأخلاق ترك شقق الإيجار القديم مغلقة.. الملاك تحملوا الكثير    محمود فايز ضمن المرشحين للعمل في جهاز ريفيرو مع الأهلي    خنقه ب«كوفية».. ابن يقتل أبوه ويشعل النيران فيه ببني سويف    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بطريق فايد بالإسماعيلية    ترامب يطلق حرب نجوم جديدة ويسميها "القبة الذهبية" بتكلفة تصل إلى نحو 175 مليار دولار    ترامب يتهم مساعدي جو بايدن: سرقوا الرئاسة وعرضونا لخطر جسيم    170 مليون دولار من قادة العالم لدعم ميزانية "الصحة العالمية"    هبوط عيار 21 الآن بالمصنعية.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة    ملف يلا كورة.. جوميز يشكو الزمالك.. رفض تظلم زيزو.. وحقيقة العروض لإمام عاشور    تكريماً لمسيرته.. مانشستر سيتي يعلن تشييد تمثال لدي بروين خارج ملعب الاتحاد    أرقام مذهلة ل مانشستر يونايتد أمام توتنهام قبل نهائي الدوري الأوروبي    رسميًا الآن.. رابط تحميل كراسة شروط حجز شقق الإسكان الاجتماعي الجديدة 2025    هل تستعد إسرائيل لضرب منشآت نووية إيرانية بشكل منفرد؟    تقدر ب2.5 مليون دولار.. اليوم أولى جلسات الطعن في قضية سرقة مجوهرات زوجة خالد يوسف    أول تعليق من المخرجين الفلسطينيين التوأم على إدراج "كان يا ما كان في غزة" بمهرجان كان    بعد شهر العسل.. أجواء حافلة بالمشاعر بين أحمد زاهر وابنته ليلى في العرض الخاص ل المشروع X"    حدث في منتصف الليل| الرئيس يتلقى اتصالا من رئيس الوزراء الباكستاني.. ومواجهة ساخنة بين مستريح السيارات وضحاياه    52 مليار دولار.. متحدث الحكومة: نسعى للاستفادة من الاستثمارات الصينية الضخمة    5 بروتوكولات تعاون لاستغلال أصول غير مستغلة بشركة المياه في سوهاج (صور)    مجلس الصحفيين يجتمع اليوم لتشكيل اللجان وهيئة المكتب    غزل المحلة يوضح حقيقة تلقيه عروضًا لبيع الجزار وبن شرقي للأهلي والزمالك    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    المستشار محمود فوزي: لا يمكن تقنين الخلو.. ومقترح ربع قيمة العقار للمستأجر به مشاكل قانونية    شاب يقتل والده ويشعل النيران في جثته في بني سويف    6 إصابات في حريق شقة بالإسكندرية (صور)    عمر مرموش أفضل لاعب فى مباراة مان سيتي ضد بورنموث بالدوري الإنجليزي    اغتيال مستشارة عمدة مكسيكو سيتي في هجوم مرتبط بالجريمة المنظمة    تفسير حلم الذهاب للعمرة مع شخص أعرفه    وزارة الثقافة تحتفى بالكاتب الكبير محمد سلماوى فى عيد ميلاده الثمانين    غرق طفل أثناء الاستحمام بترعة نجع حمادي في المراغة    امتحانات الثانوية العامة السابقة pdf.. امتحان الكيمياء 2023 للصف الثالث الثانوي علمي علوم (أسئلة وأجوبة)    عاجل.. روجيرو ميكالي: أرحب بتدريب الزمالك ولكن    توقيع عقد تعاون جديد لشركة الأهلي لكرة القدم تحت سفح الأهرامات    رابطة الأندية: بيراميدز فرط في فرصة تأجيل مباراته أمام سيراميكا كليوباترا    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض في الأسواق اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    تحول في الحياة المهنية والمالية.. حظ برج الدلو اليوم 21 مايو    لميس الحديدي عن أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبدالعزيز: هناك من عايش الزيجة 20 سنة    عائلة عبدالحليم حافظ تكشف عن تسجيلات نادرة وتحضّر لبرنامج درامي عن حياته    الجمعة 6 يونيو أول أيام العيد فلكيًا.. والإجازة تمتد حتى الاثنين    إرهاق مزمن وجوع مستمر.. علامات مقاومة الأنسولين عند النساء    بمكونات سهلة وسريعة.. طريقة عمل الباستا فلورا للشيف نادية السيد    رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق: ما تفعله إسرائيل في غزة يقترب من جريمة حرب    نائبة تطالب بتوصيل الغاز الطبيعي لمنطقة «بحري البلد» بأسيوط    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    عضو مجلس يتقدم بطلب لتفعيل مكتب الاتصال الخدمي بنقابة الصحفيين (تفاصيل)    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    نص محضر أبناء شريف الدجوي ضد بنات عمتهم منى بتهمة الاستيلاء على أموال الأسرة    المجلس الوطنى الفلسطينى يرحب بإعلان بريطانيا فرض عقوبات على مستوطنين    المدرسة الرسمية الدولية بكفر الشيخ تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة    فيديو- أمين الفتوى: قوامة الرجل مرتبطة بالمسؤولية المالية حتى لو كانت الزوجة أغنى منه    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    تعرف علي موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    وفد صيني يزور مستشفى قصر العيني للتعاون في مشروعات طبية.. صور    وزير الصحة: ملتزمون بتعزيز التصنيع المحلي للمنتجات الصحية من أجل مستقبل أفضل    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعنى الحقيقى ل «كرامة مصر»

منحت قلة جزائرية جاهلة متعصبة متعطشة للدم ونازعة لممارسة سادية سافرة ممقوتة، مجموعة فى بلدنا الفرصة للمتاجرة بمشاعر وأذواق وأفكار عشرات الملايين من المصريين الأبرياء ممن تغضبهم المهانة، وتليق بهم الكرامة، ويرون أن مصر العظيمة كبيرة لا تصغر، وحاضرة لا تغيب، وعفية لا يجرحها من يقصدها بسوء، أيا كان. ولهؤلاء فقط أروى هنا مشاهد قد نفهم من خلالها معنى «كرامة مصر».
( 1 )
ما إن جاء نبأ عاجل إلى السلطات المعنية بغرق العبارة «السلام 98» حتى فزع الجميع، وتدفق دم حار إلى شرايينهم، فأطلقوا الأوامر فورا، وخرجت عشرات المروحيات تحلق فوق ماء البحر الأحمر، حتى تحولت ظلمته إلى نور مبهر، ومات صمته أمام مئات الأبواق التى تنادى على من لا يزال على قيد الحياة، فلما انبلج الصبح شهد العالم كله كيف سهرت مصر لتحرم الأسماك من التهام أجساد أبنائها.
 وعند العصر، كان مزمعا أن يحضر السيد الرئيس مباراة مصر والكونغو فى كأس الأمم الأفريقية 2006، لكنه اعتذر، ولم يكن يشغله إلا ما يدور بغرفة العمليات التى تشكلت فى الساعة الأولى لغرق العبارة. وقبل أن تنطلق صافرة البداية، وقف فريقنا القومي، دقيقة حدادا على روح مصرى واحد كانت قوات الإنقاذ قد عثرت على جثته، فيما كانت الجماهير فى المدرجات منصرفة بمشاعرها وأذهانها إلى المباراة الكبرى التى تلعبها مصر فوق المياه.
 وكلما كان المنتخب يحرز هدفا كانت الأصوات تتعالى بمحاكمة المسؤول عن الكارثة. وقبل نهاية البطولة، التى حصلت عليها مصر، كانت العدالة الناجزة قد عملت أدواتها، فسيق المجرمون لنيل عقابهم، وحصل من فقد له شهيد على تعويض مجز، ونام الناس مطمئنين إلى أن كرامتهم مصانة، وكبرياءهم محفوظ.
( 2 )
ما إن تأكد نبأ وفاة جندى مصرى آخر برصاص صهيونى على الحدود، حتى هاجت السلطات وماجت، واستدعت سفير إسرائيل بالقاهرة، وأسمعته مثلما قال مالك فى الخمر، واستدعت سفيرنا فى تل أبيب للتشاور، وخرج وزير الخارجية يقول: حتى الاعتذار لا يكفي، لقد تكرر الأمر بشكل مزعج، وكرامة مصر لا تستوجب السكوت على هذا.
وتسربت أنباء عن أن مصر تدرس إعادة النظر فى اتفاق تصدير الغاز إلى إسرائيل، ونادت أصوات فى جهات أمنية عليا بضرورة الرد بالمثل، لأن الحجج التى يسوقها الإسرائيليون كلما وقعت حادثة من هذا النوع لا تقنع أحدا، واضطربت الحكومة الإسرائيلية، فاهتزت أسلاك الهاتف وذرات الأثير بذبذبات المكالمات الساخنة.
وقبل أن يمر أسبوع فرقع الرصاص على الحدود، فقال محافظ شمال سيناء: إن جنديا مصريا أطلق النار عندما خيل له أن أشخاصا يقومون بالتهريب. وفهمت إسرائيل أن مقتل جنديين لها كان ثأرا مقصودا، وأن القاهرة تسوق حججا على غرار ما تدعيه تل أبيب،
فأيقنت الأخيرة أنها لن تفلت أبدا من الاستهتار بأرواح جنودنا، فعزمت على الإقلاع عن مثل هذا السلوك المشين. وفهم الناس فى القرى والنجوع والمدن العامرة بالزحام معنى كل هذا، وقال موظف صغير وهو يهم للجرى وراء الأتوبيس حتى يلحق بعمله: ولو، فأنا سعيد لأن مصر لا تفرط فى كرامة أبنائها.
 وقبل أن يترك مكتبه عائدا إلى بيته، سمع فى الإذاعة أن مصر شرعت فى فتح ملف أسرانا الذين قتلهم الصهاينة فى كل حروبنا ضدهم، فعاد الرجل إلى بيته جريا، وأقدامه تنهب الأرض فى عزة وإباء.
( 3 )
صدرت مؤخرا عدة تقارير دولية عن سنة 2020، حاملة مفاجأة كبرى، إذ قفزت مصر خطوات متقدمة وبدأت تزاحم العديد من دول غرب أوروبا فى مجالات التعليم والصحة والإسكان والخدمات، بعد أن هبط من يعيشون تحت خط الفقر إلى صفر فى المائة،
وأصبحت جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية وأسيوط من بين أفضل خمسمائة جامعة فى العالم، ولم يعد فى مصر أمّى واحد، وتحقق الاكتفاء الذاتى من القمح، واختفت الزوائد العشوائية التى تجرح جمال المدن وتكاد أن تزهق أرواح الملايين، وتغير شعار الداخلية إلى «الشرطة فى خدمة الشعب» كما ينص الدستور، الذى تغير بدوره فتم تحديد حكم الرئيس بمدتين كل منهما خمس سنوات، وصار للقضاء ميزانية مستقلة، وشهد العالم كله بنزاهة الانتخابات التشريعية الأخيرة التى أنتجت للبلاد برلمانا يعبر عن إرادة الأمة.
 ولم يعد آلاف الحجاج المصريين يفترشون الأرض والشوارع بين أرجل حجيج البلاد الأخرى لأن السلطات الرسمية حجزت لهم الخيام وأماكن السكن الكافية. وراحت التقارير تعدد الإنجازات، وقال باحث وهو يقرأ خلاصاتها: «آن الأوان أن نقول لمهاتير محمد: مصر أصبحت كماليزيا تكبر فى كل شىء، ولا يقلل منها أو يحزنها أن تصغر فى كرة القدم».
( 4 )
حين انتفخت أوداج علاء مبارك بجرعة كرامة زائدة وهو يصرخ فى برنامج «البيت بيتهم»، قال رجل على المقهى لصاحبه: «يعملوها ويخيلوا» فرد عليه: «يقتلوا القتيل ويمشوا فى جنازته»، فجاءهما صوت من الركن القصى: لا حرية لجائع، ولا كرامة لعريان، فقلت لهم وأنا أهمّ منصرفا: كرامتنا هنا وليست فى الخرطوم، وعلينا أن ننتزعها الآن، قبل أن نترحم عليها إلى الأبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.