حكاية العضو رقم (444) بنقابة الممثلين الألمان «10»

يعلق المخرج محمد كريم، فى نهاية حديثه عن تجربة فيلم «زينب» الصامت، بقوله: أما وقد وجد الفيلم المصرى فى زينب بعد محاولات ضئيلة تعثرت قبل ذلك، كان بعض الأجانب والمتمصرين وراءها، فقد كانت هناك عقبة أشبه بعنق الزجاجة، حالت دون استمرار هذه البداية والنجاح بخطوات أوسع. لم يكن هناك نظام لتوزيع الأفلام، ولا علم بأسرار هذه العملية التجارية المعقدة، وقد اضطر «يوسف وهبى»، ممول الفيلم، إلى أن يبيعه للمعلم «صديق أحمد»، متعهد الحفلات.. وقد نشر «المعلم صديق» إعلانات، قال فيها: «إلى حضرات أصحاب ومديرى دور السينما بالقطر: فيلم رمسيس إدارة يوسف بك وهبى- قصة زينب السينمائية، كل من أراد من أصحاب ومديرى دور السينما بالقطر المصرى استئجار هذا الفيلم المصرى، فليخابر: حضرة صديق أفندى أحمد، متعهد الحفلات المعروف.. المخابرة بمطبعة الرغائب بشارع محمد على بدار المؤيد بمصر تليفون رقم..»، ومع الإعلان صورة للمتعهد بالبدلة والطربوش، وبجانبه إناء زهور!!
مقالات متعلقة
* حكاية العضو رقم (444) بنقابة الممثلين الألمان -9
* حكاية العضو رقم (444) بنقابة الممثلين الألمان (8)
وهنا نقدم بعض ما ورد فى الصفحة الأخيرة من الكتيب الدعائى لفيلم زينب الصامت كوثيقة تاريخية: «فى يوم 18 مايو سنة 1928، تم توقيع العقد بين كل من شركة مصر للتمثيل والسينما وبين يوسف بك وهبى، مدير (فيلم رمسيس) كى تقوم الأولى بتصوير مناظر الرواية، مجموع الأيام التى دارت فيها الكاميرا لأخذ مناظر رواية زينب هو 64 يوماً فقط، أُخذت مناظر الرواية الطبيعية فى جهات مختلفة من القطر المصرى، أهمها: المرج- شبرا- قليوب- بنها- طنطا- كفر الزيات- الزقازيق- أنشاص- بلبيس- الجيزة- الفيوم- اللاهون- فيدمن- سلليين- حلوان- إمبابة- الزمالك، قيمة الأجور التى دُفعت للسيارات للانتقال إلى تلك الجهات هى 480 جنيهاً، بلغ مجموع الحوادث التى حصلت أثناء السفر بهذه السيارات 38 حادثة، الجزء الملون فى الفيلم صار تلوينه بمعرفة محلات بباريس بأجرة جنيه عن كل متر». هذا الجزء عبارة عن مشهد واحد بالفيلم طوله 400 متر.. أى تكلف 400 جنيه، وهذا مبلغ فلكى بأسعار زمان.
حصيلة الأستاذ محمد كريم كمخرج 22 فيلماً فى 50 سنة سينما، أخرج للمطرب محمد عبدالوهاب سبعة أفلام، أولها الفيلم الروائى الطويل الثالث فى تاريخه، والثانى الذى صوره فى باريس، وهو: فيلم الوردة البيضاء، وسجل أيضاً باسمه فى تاريخ السينما المصرية أنه مخرج أول فيلم مصرى ناطق، وهو فيلم «أولاد الذوات»، بطولة يوسف وهبى وأمينة رزق، والذى عُرض بسينما «رويال» عام 1932، كما كان أول مخرج لأول فيلم بالألوان والسينما سكوب، وهو فيلم «دليلة» بطولة عبدالحليم حافظ وشادية، والذى عُرض بالقاهرة فى 15 أكتوبر عام 1956، ومن مآثره المهمة جدًا أنه صاحب فكرة إنشاء معهد للسينما، وظل يسعى إلى ذلك فى ظل التقلبات السياسية المختلفة حتى نجح أخيراً، وتم افتتاح معهد السينما فى أكتوبر 1959، وعُين أول عميد له.
«ملحوظة: وجود (كريم) بألمانيا ترك فى حياته أثراً كبيراً، فبالإضافة إلى الخبرات السينمائية والصداقات التى أقامها هناك وساعدته فى مشواره كمخرج، فقد تعلم منهم الانضباط والدقة الشديدة فى العمل، وكل مَن عمل معه يشهد بذلك، وفى فترة عمادته معهد السينما، كان يُلزم طلبته باللبس الرسمى (البدلة ورابطة العنق للطلبة، والفتيات بالفساتين اللائقة التى حدها أسفل الركبة)، ومن الواضح أيضاً تحمسه لأدولف هتلر، الزعيم النازى، ويتضح ذلك عندما قابل طلعت حرب فى عام 1927، وناقشه فى السياسة، وأعطاه (كريم) مجلدات تؤرخ لمجهوده فى السينما فى الخارج، والتى تحمل عنوان (كفاحى)! على غرار كتاب هتلر الأشهر الذى يحمل نفس العنوان».
(أوراق محمد كريم- قراءة ووثائق- وجيه جورج- الهيئة العامة لقصور الثقافة- إبريل 1989).
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة