هل مازلتُ من الإخوان؟ لقد ضاق عليّ التنظيم فقررت أن أنعم باستراحة لكني مازلت مشغولا ً بالإخوان طول الوقت تغيرت أفكاري..صحيح لكني مازلت ابن هذه الجماعة الأمر ليس بيدي و لا بيدهم إن سنين عبّأوني فيها بأني ابنٌ وهم آباء بأني أخٌ و هم إخوة و بأن بيني بينهم رباطَ الحب في الله و الأخوة هذا أقوى مني و منهم كما أن لي في الإخوان محبين هناك من يرى أن الإخوان لو أبعدتْ مثلي، فالخسران ليس أنا لهذا مازلت أشعر أن الإخوان قضيتي أصدرت كتابي الأول: "من داخل الإخوان أتكلم" ضمّنتُه خواطرَ شخصية و آراءَ سياسية فعملتْ مجموعة ٌ بمنتهى الحماس و التفاني ليكون اسم الكتاب الجديد: "من الخارج أتكلم" ! لذلك قررت أن أستريح قليلا فالبعض في الداخل يدافع و لو لم يتوفر تهديد يهاجمونك قبل أن يعرفوا ماذا قلت يسمعون اسم الكتاب أو يقرءون لك حوارا صحفيا فيسيئون بك الظن أنت كنت أخاهم الأمس، لكنك اليوم شيطان معتدٍ مغرض، و غدا ً الله أعلم الغريب أن الحبال بيني و بين الكبار في الجماعة ظلت موصولة، بينما الصغار ملكيون أكثرمن الملك أستطيع أن أكلم أو ألتقي د.عبد المنعم أبوالفتوح أو د.عصام العريان أو د.إبراهيم الزعفراني أو أ.محمد عبد القدوس، بينما الأقزام فيهم حمِيّة حتى ليبدون لك أكثر وفاء للجماعة من قادتها قلت لضابط أمن الدولة: "أنا صحيح غير منتظم الآن في أسرة لكن لو قدرت أرجع هارجع فورا . أنا عارف ان ده كلام ماينفعش أقوله هنا في أمن الدولة، لكن مش عايزكم تشوفوني في يوم من الأيام في عمل إخواني فتقولوا: دا خدعنا ! .. فأنا بقول من دلوقتي أنا مستمر في الإخوان و أتبنى أفكاري دي زي ما قلتها لحضرتك" المجانين فقط هم من يقولون كلاما كهذا في مقر أمن الدولة ! لكني قلته أردت أن أفسح لنفسي، و أتركَ الأبواب مواربة فربما أعود للإخوان يوما فلن تظل الجماعة ُ جماعة َ عصبيين شاعرين دائما بالاضطهاد بل الأحرى أن العهد الجديد سيكون عهد أمثالي قال لي أ.بلال فضل يوما ً: "انت لما تسيب الإخوان هيكون ليك مستقبل مذهل في الكتابة" و أنا أريد أن أكون كاتبا مهما و سياسيا ً أباشر الشأن العام فأنا أحب السياسة، و أظن لو مارستها سأكون سعيدا، فأمثالي ما خُلقوا إلا للصراع لكني كذلك أريد أن أظل قريبا ً من الإخوان لا أريد التنظيم أن يركبني ويتحكم في حركاتي و سكناتي لكني أحب أن أظل قريبا من "خزانات النور" فيها، أعني شبابَ الجماعة فشباب الإخوان نور و نقاء وحماس دافق، و لو كانوا في نظام مفتوح لأثروُا الأرض و ملأوها جمالا و ربما يكون هذا العهدُ عهدا ً نرى فيه خزانات النور تُفتح لينتفع بها من في الأرض ثم حلت الثورة بمفاجآتها أتتنا و أنا على هذه الحال، أتقلب على حافة الإخوان لا أنا آتمر بأمر التنظيم، و لا أنا أنسى السنين التي عشتها في الداخل أشعر بالوحدة، و أشعر بالحرية الإخوان كانوا يملأون فراغات في حياتي أحتاج وقتا ً لأملأها بغيرهم أذكر الآن أن "اللقاء التربوي" كان مملا ً يحتكر "المسئول" الكلام فيه، لكني -و هذا عجيب- أفتقده لكني كذلك أستمتع بأني أذهب إلى ميدان التحرير لأني أريد ذلك، لا لأن المسئول أمر حياة الحرية هذه تناسبني أكثر و الحياة داخل التنظيمات المغلقة نصف السرية تخنق ولوكان من دعوا للتظاهر يوم 25-يناير من الإخوان لما فعلوها أبدا و لو أطلقواالدعوة بغير إذن قادتهم، فيا ويلهم ! قبل الثورة قال لي صديقي: "مش هيحصل ثورة هنا زي تونس بسبب الإخوان" صديقي مازال داخل الإخوان، و يستطيع "تسليك" أموره في مواجهة العصبيين الذين يملأون جنبات الجماعة، و ربما يساعده أنه ابن "عضو المكتب الإداري" و "مسئول اللجنة السياسية" في محافظته لفترة طويلة. الثورات عمل الأحياء ! و التجمعات المترهلة المسكونة بالتناقضات لا تثور، إنما تترجرج في مكانها فحسب قالت لي د.هبة رءوف أستاذة العلوم السياسية: "الإخوان جسم ضخم يسد الباب، لا هو قادر على الولوج، و لا هو يتركنا نحاول، لذلك لا بد أن نعلم الفيل كيف يرقص-كما يقول المثل الإنجليزي"، كان ذلك قبل الثورة بأيام لكن َّ الشباب الحر التلقائي هو الذي بدأ الرقص و قد أعجب الفيل بالرقصة فالتحق بها و الحق أنه أبدع و أمتع و لو تابع الرقص مدة أطول، إذا لأصبح رشيقا مبهجا جذابا، و لرقصنا جميعا رقصته الحق أن الإخوان كانوا طوال الأزمة قمة النبل و التجرد و الصلابة ..شبابٌ فدائي ..تصريحاتٌ رشيدة ..احترامٌ لاختيارات المجتمع تعهدوا بعدم الترشح للرئاسة، و أعلنوا زهدهم في أغلبية برلمانية، و هو ما طمأن الكل و حفظ الصف الوطني من انقسامات كان أداء الجماعة مشرفا ً حكيما ً و أقول برضا ً... كانت الرقصة مبهرة،مُحكمة، و بثباتٍ رغم الإيقاع الصاخب ---------------------------------------------- مقتطفة من كتاب: "من الإخوان..إلى ميدان التحرير"