كشفت مصادر ل«المصري اليوم» عن وجود بورصة سرية للتلاعب والسيطرة في أسعار محصول البلح بالوادي الجديد خلال الموسم الحالي، الذي بدأ منذ أيام، موضحة أن عددا من التجار المحليين وأصحاب مصانع التمور، يقودون هذه البورصة، بهدف شراء المحصول بسعر بخس، دون مراعاة للأضرار المالية الكبيرة التي قد تلحق بالمزارعين. وأضافت المصادر أن أصحاب المصلحة من التجار والمصانع عقدوا اجتماعات سرية طارئة، اتفقوا فيها على تخفيض سعر الكيلو لأدنى حد ممكن، بعدما حقق محصول البلح بداية الموسم قفزة كبيرة لم تحدث منذ 20 عاما، بلغ خلالها سعر كيلو البلح السيوي أكثر من 9 جنيهات، ليهبط لأقل من 6 جنيهات، ليواجه محصول البلح شبح الركود والخسارة. وأكد محمد سندادي، أحد منتجي البلح بالخارجة، أن تجار البلح وأصحاب المصانع لا يبحثون سوى عن مصلحتهم من الدرجة الأولى، دون النظر لمنفعة المزارع الذي يعتمد طوال العام على محصول البلح لزيادة دخل الأسرة الواحاتية وقضاء متطلبات الحياة والمعيشة، مشيرا إلى أن انفتاح سوق البلح بالوادي الجديد وإقبال تجار المحافظات الأخرى على محصول البلح يصب في مصلحة المزارع، إلا أنه لاتزال الغلبة الأخيرة لأصحاب النفوذ والمتحكمين في أسعار البلح من أبناء الواحات. وقال وائل طليب، مزارع، إن تخزين البلح أدى إلى زيادة العائد المادي للمحصول، لافتا إلى أن هناك إقبالا متزايدا من الشركات والمتعهدين لشراء أي كميات من البلح، ولكن التربيطات التي تتم بين أصحاب مجمعات تجميع البلح وأصحاب مصانع التمور تضر بأسعار البلح، متسائلا: «هل من المعقول أن يكون سعر كيلو البلح أقل من دولار واحد؟، في حين يتم تصديره للخارج بأكثر من دولارين». وحذر إيهاب عبدالحميد، أحد تجار البلح بمركز الخارجة، من مخاطر التلاعب بأسعار البلح وما قد تؤدي إليه من خسائر مالية فادحة لصغار التجار والمزارعين، خاصة أن أسعار البلح تتحرك كل ساعة وكأنها بورصة سرية تدار من الباطن لصالح مجموعات معينة، تهدف للربح السريع من خلال التحكم في سعر السوق، دون النظر لمخاطر ذلك على أهالي الواحات. وأوضح عماد بحر، مدير إنتاج مجمع التمور بالخارجة، أنه لا يوجد حل أمام المزارعين سوى تخزين كميات من البلح وبيع كميات أخرى لتحقيق أكبر استفادة اقتصادية من البلح، لافتا إلى أنه لا توجد مخاوف من تخزين البلح، وأن عملية تخزين الطن الواحد من البلح 6 شهور تتكلف ألف جنيه، مؤكدا أنه أصبح هناك وعي كبير لدى المزارعين في كيفية الاعتناء بأشجار النخيل وتحقيق أعلى عائد مادي من البلح، حيث ظهرت هذا الموسم ظاهرة الجمع المتكرر بدلا من جني البلح دفعة واحدة من النخلة، وهو الأمر الذي يسمح بنضج كل البلح وعدم الاستعجال في جني البلح، خاصة أن هناك كميات نضجت مبكرا بفعل ارتفاع درجة الحرارة فيما تظل كميات أخرى لم تنضج بعد، ما يسهم في الاستفادة بكل كميات المحصول. وأضاف الدكتور محسن عبدالوهاب، رئيس القطاع الزراعي بالوادي الجديد، أن المحافظة تمتلك أكثر من 1.6 مليون نخلة تنتج سنويا، ما يزيد على 55 ألف طن من البلح السيوي المعروف بالبلح الصعيدي، بالإضافة إلى كميات أخرى من البلح ك«الفالق والمنتور والتمر»، مشيرا إلى أن هناك طفرة كبيرة في صناعة التمور بالوادي الجديد، وتعد من الصناعات كثيفة العمالة، ومن أهم المنتجات التي تقوم بدور التسويق الإعلامي للواحات، لأن بلح الوادي الجديد تمكن من غزو مختلف الأسواق الأوربية والعربية والأسيوية، كما أن أهل الواحات نجحوا في زيادة القيمة المضافة للبلح بتخزينه، نظرا لزيادة الطلب عليه قبل شهر رمضان من كل عام، ويؤكد أن أهم ما يميز بلح الواحات هو القيمة الغذائية نظرا لارتفاع السعرات الحرارية به، بالإضافة إلى تنوع المصانع في تصنيع البلح وإنتاجه بشكل مميز كالبلح بالمكسرات وبالشيكولاتة التي بلغت 59 مصنعا ووحدة تصنيع، فضلا عن إنتاج العسل من البلح المسمى بالدبس، وأشار إلى أن هناك مخطط للتوسع في زراعة أشجار النخيل بالواحات. من جانبه، أكد اللواء محمود عشماوي، محافظ الوادي الجديد، أنه تم وضع تسعيرة للبلح بواقع 7 جنيهات للكيلو، وتم التأكيد على أصحاب المصانع والتجار على الالتزام بهذا السعر لتحقيق أعلى عائد للمزارعين، نظرا لما يمثله محصول البلح من ناحية اقتصادية كبيرة للأهالي، مشيرا إلى أن المحافظة تمكنت الموسم الماضي من إبرام عقود لتوريد كميات كبيرة من البلح مع عدد من الجمعيات الأهلية والقوات المسلحة، التي ساهمت بشكل كبير في تسويق المحصول، وأن هذا الموسم يشهد تنفيذ خطة مماثلة لفتح منافذ جديدة للتسويق.
