ارتفاع صاروخي لأسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية    استهداف مجمع ستافرولين للبتروكيماويات في روسيا بمسيرات أوكرانية    الرئيس الفنزويلي: الطاقة يجب ألا تتحول إلى سلاح حرب    عمر مرموش يؤكد: فوز منتخب الفراعنة على زيمبابوي أهم من أي إنجاز فردي    أحمد التهامي يحتفل بفوز منتخب الفراعنة ويُوجه رسالة ل محمد صلاح    محدود دون إصابات.. التحقيقات تكشف تفاصيل حريق قاعة أفراح بأبو النمرس    "بسبب غاز السخان" النيابة تحقق في وفاة عروسين    إنعام محمد علي: التحضير لمسلسل أم كلثوم استغرق عامين.. واختيار صابرين كان مفاجأة للكل    أمم أفريقيا 2025| بهذه الطريقة احتفل محمد صلاح ومرموش بالفوز على زيمبابوي    صندوق النقد يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة    حددها القانون الجديد.. أماكن الحصول على شهادة قياس مستوى المهارة وترخيص مزاولة الحرفة    اليوم، بدء إعادة جثامين 14 مصريا ضحايا غرق مركب هجرة غير شرعية باليونان    حبس وغرامة ضخمة لهؤلاء.. سر المادة 70 من تعديلات قانون الكهرباء    إلهام شاهين تتصدر جوجل وتخطف قلوب جمهورها برسائل إنسانية وصور عفوية    زينة منصور تدخل سباق رمضان بدور مفصلي في «بيبو»... أمومة على حافة التشويق    هاني ميلاد: 70% زيادة في أسعار الذهب منذ بداية 2025.. والاضطرابات العالمية السبب    مواطن يستغيث من رفض المستشفي الجامعي طفل حرارته عاليه دون شهادة ميلاده بالمنوفية    أجواء شديدة البرودة والصغرى 12 درجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    بعد ارتدائها البدلة الحمراء.. محامي ضحية ابنتها ببورسعيد يكشف موعد تنفيذ حكم الإعدام في المتهمة (خاص)    استشاري تغذية علاجية بالفيوم ل"أهل مصر": دودة الطماطم خطر صحي وآفة زراعية.. ولا علاقة لها بالقيمة الغذائية    بيسكوف: لا أعرف ما الذي قصده فانس بكلمة "اختراق" في مفاوضات أوكرانيا    حين تضطر أم لعرض أطفالها للتنازل: ماذا فعلت سياسات السيسي بالمصريين؟    مشروع قومى للغة العربية    نقابة أطباء الأسنان: أعداد الخريجين ارتفعت من 45 إلى 115 ألفا في 12 عاما فقط    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    رئيس هيئة المستشفيات التعليمية يُكرّم مساعد وزير الصحة للمبادرات الرئاسية    استكمال الاختبار التجريبي لطلاب الصف الأول الثانوي على منصة كيريو في محافظات الجمهورية يوم 23 ديسمبر    المؤبد والمشدد 15 سنة ل 16 متهماً ب «خلية الهيكل الإدارى بالهرم»    حسام حسن: حدث ما توقعته «صعبنا الأمور على أنفسنا أمام زيمبابوي»    بالانتشار الميداني والربط الرقمي.. بورسعيد تنجح في إدارة انتخابات النواب    استغاثة عاجلة إلى محافظ جنوب سيناء والنائب العام    بالصور.. مدير محطة حدائق الأهرام بالخط الرابع للمترو: إنجاز 95% من الأعمال المدنية    فرقة سوهاج للفنون الشعبية تختتم فعاليات اليوم الثالث للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر    أمم إفريقيا - مؤتمر حسام حسن: كنت أحمل هم الجماهير في مصر.. وصلاح يصنع الفارق    أمم أفريقيا 2025| وائل القباني: منتخب الفراعنة قدم أداء جيدًا.. وهناك عيب وحيد    مصرع شخص صدمته سيارة نقل أثناء استقلاله دراجة نارية فى المنوفية    حماية القلب وتعزيز المناعة.. فوائد تناول السبانخ    فولر ينصح شتيجن بمغادرة برشلونة حفاظا على فرصه في مونديال 2026    فلسطين.. إصابة ثلاثة مواطنين في هجوم للمستعمرين جنوب الخليل    القانون يضع ضوابط تقديم طلب اللجوء إلى مصر.. تفاصيل    ما هي أسباب عدم قبول طلب اللجوء إلى مصر؟.. القانون يجيب    ليفربول يحتفل بأول أهداف محمد صلاح مع منتخب مصر فى كأس أمم أفريقيا    القصة الكاملة لمفاوضات برشلونة مع الأهلي لضم حمزة عبد الكريم    ليفربول يعلن نجاح جراحة ألكسندر إيزاك وتوقعات بغيابه 4 أشهر    وزير الدفاع الإيطالي: روما مستمرة في دعم استقرار لبنان وتعزيز قدرات جيشه    فرحة أبناء قرية محمد صلاح بهدف التعادل لمنتخبنا الوطني.. فيديو    هيئة الدواء: متابعة يومية لتوافر أدوية نزلات البرد والإنفلونزا خلال موسم الشتاء    ستار بوست| أحمد الفيشاوى ينهار.. ومريم سعيد صالح تتعرض لوعكة صحية    «الشيوخ» يدعم الشباب |الموافقة نهائيًا على تعديلات «نقابة المهن الرياضية»    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    جامعة قناة السويس تعتلي قمة الجامعات المصرية في التحول الرقمي لعام 2025    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف أفلتت «الشيخ زويد» من مصير «الموصل والرمادي»؟ (تحليل إخباري)

التنظيم واحد، واستراتيجية الهجوم واحدة، الفارق بين الرمادي والشيخ زويد كان: مَن يقف في المواجهة، ومساهمة السكان المحليين. «الرمادي» آخر المدن العراقية الساقطة في يد تنظيم داعش قبل أقل من 50 يومًا، مركز محافظة الأنبار وواحدة من أهم المدن العراقية التي تبعد عن بغداد نحو 110 كيلو مترات، في مواجهة 13 سيارة مفخخة واشتباكات لأقل من 48 ساعة مع جيش تم تشكيله حديثًا ويملك أسلحة أمريكية حديثة. انتهت المعركة بسقوط عاصمة المحافظة ورفع علم التوحيد الأسود على المبنى الإداري للمدينة يوم 18 مايو الماضي بعد هروب قوات الجيش.
الطريقة التي اعتمدها تنظيم ولاية سيناء الذي بايع أبوبكر البغدادي في نوفمبر 2014، في الهجوم على أكمنة القوات المسلحة بالعربات المفخخة بشكل متزامن، ليست السابقة الأولى، لكن استمرار الاشتباكات مع قوات الجيش، وعدم الانسحاب السريع هو ما كان جديداً، على عكس جميع الهجمات السابقة، كمذبحة رفح الأولى والهجوم على الكتيبة 101 في مدينة العريش، وعلى كمين كرم القواديس، وهي الهجمات التي خلّفت عشرات القتلى من قوات الجيش والشرطة.
العودة إلى تاريخ عمليات «دولة العراق الإسلامية» قبل أن تسمي نفسها «الدولة الإسلامية في العراق والشام» عقب نجاحات حققتها في الحرب السورية، توضح أن التكتيك الهجومي المعروف لمقاتلي حروب العصابات «الضرب والانسحاب بعد إلحاق خسائر موجعة بالخصم»، كان هو نقطة البداية قبل أن يتحول تدريجيًا إلى اشتباكات تمتد لساعات يعقبها انسحاب، ويتطور أكثر إلى اشتباكات تصل إلى أيام متواصلة ينجح بعدها التنظيم من فرض سيطرته على هدفه.
شهادات متعددة لسكان محليين من داخل مدينة الشيخ زويد تواصلت معهم «المصري اليوم»، تتطابق مع إحدى جُمل الفيديو التوضيحي الذي أذاعه المتحدث الرسمي للقوات المسلحة عقب الهجمات الأخيرة، إذ أكد أن الهدف منها كان إعلان سيطرة التنظيم على المدينة ورفع عَلَمه على أجهزتها الإدارية. التعليق الصوتي في الدقيقة 11:02 يقول إن «المهاجمين قاموا برفع علم التنظيم الإرهابي (ولاية سيناء) على عدد من المباني، وتصويرها لاستخدامها إعلامياً بادعاءات توحي بتمكن العناصر الإرهابية من إسقاط مدينة الشيخ زويد».
داعش الذي ورث عدة تنظيمات جهادية عراقية مثل تنظيم «التوحيد والجهاد» و«القاعدة في بلاد الرافدين» بعد مبايعة أسامة بن لادن، بجانب تنظيم «مجلس شورى المجاهدين» و«دولة العراق الإسلامية»، استطاع تكوين بذرة لإعادة تأسيس ما يسمّى بالخلافة الإسلامية- بحسب بيانها التأسيسي- ليتحول في النهاية إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف إعلاميا باسم «داعش» أو «الدولة الإسلامية».
المسار نفسه سلكه تنظيم إمارة سيناء منذ أعلن عن نفسه تحت اسم «مجلس شوري المجاهدين»، جامعاً تحت لوائه عدداً من الفصائل الجهادية التكفيرية في شمال سيناء، أبرزها «التوحيد والجهاد» و«السلفية الجهادية»، بالإضافة إلى «أنصار بيت المقدس». وكما حدث في «شورى المجاهدين» العراقي، تم تمثيل كل تنظيم ب«أمير» داخل المجلس الذي تبني عدداً من العمليات التي استهدفت قوات الجيش في سيناء ونفذت عملية وحيدة داخل الحدود الإسرائيلية، إلى جانب إطلاقها عدداً من الصواريخ باتجاه إسرائيل من داخل سيناء.
يحيل ممدوح الشيخ، الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، الإجابة على سؤال صمود «الشيخ زويد» إلى عدة أسباب منها طبيعة الجيش المصري وتركيبته المختلفة عن نظيره العراقي الذي أعيد تشكيله عقب الغزو الأمريكي، بالإضافة إلى الحاضنة الشعبية في العراق وغيابها بشكل كبير عن مثيلتها في شمال سيناء.
محمد عبادة قويدر، أحد سكان الشيخ زويد، أحد نماذج غياب الحاضنة الشعبية عن «داعش سيناء»، والذي قتله أعضاء التنظيم بسبب رفضه مساعدتهم.
حسب روايات شهود العيان التي وردت في تقارير صحفية متعددة خرج قويدر إلى عمله بعد صلاة الفجر وقبل شن الهجمات، قاصدا مزرعة الزيتون والموالح التي يملكها، وفى نحو الثامنة صباحاً اتصل به أحد جيرانه وأخبره بأن مسلحين يعتلون سطح منزله ويطلقون النار على قوات الجيش، فأسرع إلى المنزل. ونظراً لأنه لا يمتلك سلاحاً نارياً، استل سيفاً كان يحتفظ به فى منزله وصعد إلى المسلحين مطالباً إياهم بالنزول، لكنهما لم يستجيبا، فتطور الأمر إلى مناوشة دفع على إثرها أحد المسلحين، فسقط أرضاً، فقام زميله بإلقاء قنبلة يدوية على قويدر، قتلته على الفور وحوّلت جسده إلى أشلاء، فيما أصيب نجله طالب الثانوية العامة ببتر في الأطراف، ليرقد في صراع بين الحياة والموت بمستشفى العريش العسكري.
على الرغم من السلاح المتقدم في أيدي مسلحي داعش سيناء، إلا أن ممدوح الشيخ يرى أن الحدود المفتوحة في محافظتي الموصل والأنبار تجعلان الحصول على تسليح متطور أمرًا أكثر سهولة منه في حالة الشيخ زويد، وأن الحديث عن تهريب سلاح حديث عبر الأنفاق بين رفح المصرية ومقابلها في قطاع غزة غير عملي، لأن معظمها يُستخدم لتهريب البضائع في اتجاه غزة وليس العكس.
أساليب تنفيذ العمليات وتنسيق الهجمات على نقاط التأمين والأكمنة في وقت متزامن، وانتهاج نفس الاستراتيجية الإعلامية القائمة على الإبهار البصري واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي بحرفية كبيرة، أبرز ما يميز أسلوب «داعش» بفروعه المختلفة، لاسيما فرع التنظيم في سيناء. لكن تشابه الآليات لم يؤد إلى نفس النتائج، هذا ما أظهرته هجمات «الشيخ زويد» الأخيرة، التي فشل معها مسلحو «ولاية سيناء» في فرض سيطرتهم على المدينة، بعد أن هاجموا معظم المقار والأكمنة الأمنية فيها بشكل متزامن، وبكثافة عددية لم تشهدها عمليات التنظيم السابقة من قبل.
تكتيك مسلحي «ولاية سيناء» في هجمات الشيخ زويد الأخيرة يتشابه إلى حد كبير مع ذلك الذي استخدمته «داعش العراق» في إسقاط مدينة الرمادي، غربي العراق، منتصف مايو الماضي، بعد هجوم كاسح استهدف معظم مراكز الجيش العراقي في المدينة بشكل متزامن، ما أدى إلى ارتباك في صفوف القوات العراقية انتهى إلى انسحابها فاتحة الطريق أمام عناصر «داعش» لتفرض سيطرتها على عاصمة محافظة الأنبار، وواحدة من أهم وكبرى المدن العراقية، بحسب تأكيد الجنرال البريطاني كريستوفر جيكا، الضابط البارز في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد «داعش»، في تصريحات صحفية عقب سقوط الرمادي، واصفًا انسحاب القوات العراقية ب«غير المبرر» وأنه تسبب في سقوط المدينة في يد «تنظيم الدولة». وأضاف الجنرال البريطاني في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية في 18 يونيو الماضي: «الرمادي سقطت لأن القائد العراقي الميداني اختار الانسحاب. بمعنى آخر، في حال اختياره البقاء، لكان لا يزال موجوداً هناك إلى الآن».
سقوط الرمادي سبقته معارك ضارية بين عناصر داعش والقوات العراقية، بالتعاون مع أبناء بعض العشائر على مدار أكثر من عام، صدت خلاله المدينة هجمات متفرقة للتنظيم المسلح، ومنعت تحقيقه تقدما إضافياً، حتى لجوئه إلى تكتيك «الهجوم الشامل» الذي حسم المعركة لصالحه.
«هنا في المدينة المصرية التي تختلف جغرافيًا وشعبيًا عن نظيرتيها في العراق، ورغم ذلك كانت هدفًا لمحاولة احتلال وإعلان سيطرة، بالحسابات العسكرية يعرف قادة تنظيم «داعش سيناء» مسبقًا أن صمودهم في «احتلال المدينة» غير ممكن وأنهم سيتكبدون خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.. فلماذا خاطر التنظيم بذلك؟» سؤال طرحه ممدوح الشيخ، مطلقًا 3 مسارات للأحداث مستقبلًا.
يرى الشيخ أنه ليس بالضرورة أن يكون تطور العمليات باتجاه خطّي متصاعد. من الجائز أن تكون العملية الأخيرة طفرة أو «إثبات وجود» بعد ضربات موجعة تلقاها من قوات الجيش المصري. المسار الثاني متفائل أيضا كسابقه، وهو أن يأخذ «داعش سيناء» مسار «الجماعة الإسلامية» عقب تنفيذها مجزرة معبد الكرنك والتي كانت بمثابة نهاية نشاطهم العملياتي المسلح بعد اعتقادهم أن أوان «قطف الثمرة» قد حلّ. المسار الثالث متشائم، وهو أن يكون ما حدث خطوة في اتجاه تصعيدي والإعلان عن إمارة إسلامية وهو ما لا يتمناه عاقل. مستدركًا: «على العسكريين محاولة الرد والتوضيح».
يحاول مصدر في أحد الأجهزة الأمنية العاملة في سيناء، طلب عدم الإفصاح عن هويته، الإجابة على سؤال «الشيخ» قائلاً: لا أرى أن هدف مسلحي ولاية سيناء كان الاستيلاء على مدينة الشيخ زويد، أعتقد أن ما حدث كان «معركة تمهيدية» لأغراض تتراوح ما بين تحقيق انتصار إعلامي ينال من الروح المعنوية للقوات في سيناء، والتدريب على تصعيد المواجهة في منطقة الشريط الحدودي الملتهبة في محاولة لإنهاك قوات الجيش والشرطة بعمليات مماثلة تكتسب معها عناصر التنظيم خبرة أكبر في المواجهات الميدانية المباشرة».
يفسّر المصدر بكلمات أكثر تحديدًا: «أعتقد أن عملية الشيخ زويد كانت تمهيداً لمعركة مستقبلية حاسمة للتنظيم عبارة عن تنفيذ مخطط للسيطرة على الشريط الحدودي، والزحف نحو بقية مدن سيناء تدريجياً، وهو نفس التكتيك الذي تستخدمة عناصر تنظيم داعش في العراق وسوريا»، مضيفاً: «التنظيم المسلح لجأ إلى تكتيك «المواجهة المباشرة» و«الهجوم الشامل»، للمرة الأولى منذ بدء استهداف قوات الجيش والشرطة في سيناء عقب يناير 2011».
تتشابه قراءة المصدر الأمني لما حدث ومستقبل العمليات، مع رؤية الناشط السيناوي مسعد أبوفجر الذي كتب في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: «ما حدث اليوم في سيناء، هو بروفة بالحديد والنار، ومناورة في الميدان، للسيطرة على مدينة الشيخ زويد والاستيلاء عليها (مستقبلًا)»، مشيراً إلى أن داعش هدفت من خلال الهجوم إلى تحقيق عدة أهداف، أبرزها «تحقيق نصر إعلامي مدوٍ، سيدفع بأكثر من 10 آلاف مقاتل للالتحاق بصفوفها، وإعلان مدينة الشيخ زويد كقاعدة للقتال في سيناء».
سيناريو «المعركة التمهيدية» لم يغب عن قيادة القوات المسلحة أيضاً، إذ أكد الفيديو التوضيحي الذي بثه المتحدث العسكري عقب الهجمات الأخيرة، أن العناصر الإرهابية شنت هجوماً متزامناً على الكمائن والارتكازات العسكرية على الشريط الحدودي، بغرض «الإيحاء بسقوط مدينة الشيخ زويد في أيدي العناصر التكفيرية، لإعلان قيام إمارة إسلامية متطرفة لما يسمي بتنظيم ولاية سيناء، وبمساعدة وسائل إعلام مناهضة لمصر».
بحسب اللواء سلامة الجوهري، القائد السابق لوحدة مكافحة الإرهاب بالمخابرات الحربية، فإن «تكتيك هجمات الشيخ زويد الأخيرة يعكس مستوى متقدماً لا يتوافر لدى عناصر «ولاية سيناء»، رغم تطور عملياتها على مدى السنوات الماضية»، مؤكدًا أن «تطور التنظيم لا يمكن أن يرقى إلى مستوى التخطيط للهجمات الأخيرة، وهو ما يعني وجود دعم فني ولوجيستي يتلقاه المسلحون إما عن طريق تسلل عناصر أجنبية مدربة من شواطئ البحر، أو عن طريق بعض الأنفاق التي لم يتم اكتشافها حتى الآن».
وقال الجوهري: «كل اللى حصل يشير إلى تخطيط عالٍ، بداية من الرصد المسبق للنقاط التي هوجمت، وحتى وجود عمل استخباراتي قوي، تقديري إنه جاء من الخارج». وأضاف: «الهجمات تمت بأسلحة ثقيلة، والهدف الواضح كان تدمير المقار الأمنية في الشيخ زويد، والسيطرة على المنطقة». وأشار الجوهري إلى اختلاف أسلوب تعامل العناصر المسلحة مع أهالي المنطقة هذه المرة، إذ اشتبكوا مع من رفض التعاون أو حاول منعهم من استخدام منزله في الهجوم على القوات، وقام المسلحون بتصفية عدد من سكان المنطقة من غير المتعاونين. سابقًا كان التنظيم لا يستهدف من المدنيين إلا المتعاونين مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية».
وأكد القائد السابق لوحدة الإرهاب بالمخابرات الحربية أن «هدف مثل هذا النوع من العمليات خفض الروح المعنوية للقوات المسلحة، وتدريب العناصر على الاشتباكات المباشرة، مشيراً إلى أن القوات المسلحة أفشلت هذه الخطة بتصدي رجالها للهجمات الأخيرة، وتكبيدها المهاجمين خسائر فادحة».
يستبعد «الجوهري» إمكانية نجاح عناصر التنظيمات المسلحة في السيطرة على مناطق من سيناء في محاولات لاحقة، حسب تحليله لأسلوب التنظيم الرئيس «داعش» في سوريا والعراق، مؤكداً أن «الوضع في مصر مختلف، إذ إن الجيش المصري متماسك، على عكس جيشي سوريا والعراق، فأحدهما يعاني من انشقاقات متوالية، والثاني حديث التكوين».
سؤال الحاضنة الشعبية للتنظيم في العراق والتي سهّلت مهمته في اكتساح مساحات واسعة من البلاد، يقف في مواجهة حقيقة رفض معظم العراقيين السنّة، والشيعة بالطبع، وجود التنظيم ورغبتهم في نظام ديمقراطي حتى لو كان ذا عيوب، حسبما يكشف استطلاع رأي أجرته إحدى الشركات ذات السمعة الدولية، عن أسباب تمدد التنظيم.
لكن ممدوح الشيخ يرى أن رفض العراقيين "داعش" الذي يتمدد في بلادهم تجب قراءته مع أرقام أخرى ذات دلالة في نفس الاستطلاع، إذا وصلت نسبة «انعدام ثقة» العراقيين في مؤسسات الحكم مثل القضاء والحكومة مستويات غير مسبوقة، وهو ما يمكن اعتباره مدخلاً لتفسير اكتساح "داعش"، إذ إن رفضها وحده لم يصمد في مواجهة تدهور الثقة في مؤسسة الحكم.
يوضح استطلاع الرأي الذي أجرته الشركة العراقية المستقلة للبحوث، والحاصلة منذ عام 2008 على عضوية كاملة في رابطة جالوب الدولية لاستطلاعات الرأي، على عينة تصل إلى 1700 مواطن في كل العراق في مقابلات وجهًا لوجه، وعينة ثانية من 700 مواطن عراقي في المناطق السنية في الموصل، وعينة ثالثة عبر الهاتف من 300 عراقي، بالإضافة إلى مقابلات حيّة معمقة مع رؤساء جماعات مسلحة، وشيوخ عشائر، أظهرت تفضيل أبناء الطائفة السنّية للديمقراطية عما سواها من أنظمة، رغم عيوبها بنسبة 82.4%، واعتبار 77.4% من العينات الثلاث أن "داعش" له تأثير سلبي على حياتهم، في مقابل نسبة 90.8% تعتقد أن الحكومة لا تقوم بواجباتها، ونسبة 94% تنعدم ثقتهم في مؤسسات الدولة بين أبناء الطائفة السنية، و85% تنعدم ثقتهم في مؤسسة القضاء، وهي الأرقام التي اعتبرها استطلاع الرأي من بين أسباب اكتساح "داعش" للمناطق السنية في العراق.
الأرقام تقول إنه رغم رفض العراقيين وجود "داعش"، إلا أن انهيار ثقتهم في حكومتهم المركزية جعلهم يتجرعون وجود التنظيم بينهم، ويقبلون تحولهم إلى حاضنة شعبيّة. وهو ما يحذر من عواقبه سعيد أعتيق، الناشط السيناوي، متهمًا «سياسات التهميش والإفقار التي اتبعها نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك بالتسبب في تمدد الأفكار المتطرفة وانتشارها بين أبناء المنطقة الحدودية، فضلاً عن اعتقال العشرات من شبابها على مدار السنوات العشرة الأخيرة بتهم جنائية واحتجازهم مع عناصر متطرفة نقلت أفكارها إليهم، لتنتشر من خلالهم في المنطقة بعد خروجهم من السجون عقب ثورة 25 يناير».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.