الأرض عطشانة في عيون موسى

آلاف الأفدنة الزراعية تعانى من انقطاع مياه الرى باستمرار لمدد طويلة بمنطقة الشط بعيون موسى، التى تبعد نحو 55 كيلو عن مدينة السويس، ما أدى إلى تدمير المحاصيل الزراعية، وتشقق الأراضى وبوارها، وهلاك مئات المزارع الموجودة بالمنطقة، بعد تكرار جفاف الترع الفرعية المغذية لأراضيهم من المياه، الأمر الذى ألحق خسارة فادحة بالمزارعين وأصحاب الأراضى.
ويرى المزارعون بهذه الأراضى أن نقص المياه وانقطاعها المستمر سيقللان من فرص الاستثمار بتلك الأراضى، وعزوف المزارعين عن الإقبال عليها.
واستغاث أصحاب الأراضى والمزارعون الذين أتوا من محافظات مختلفة وتجمعوا حول الترعة ب«المصرى اليوم» لتوصيل صرخاتهم واستغاثاتهم للمسؤولين، وقالوا: «حرام، عايزين ميه، الأراضى والمحاصيل اتدمرت، والأرض بتموت، ارحمونا».
أشرف السعدى قال إن أرضه تم استصلاحها وزراعتها عام 2008، وأجبروا على خلع الأشجار بالكامل بعد خمس سنوات من زراعتها، بسبب تكرار انقطاع المياه بترعة الشيخ زايد التى تروى أراضى المنطقة، وأعادوا زراعة الأرض مرة أخرى عام 2013 على أمل تنظيم عملية ضخ المياه بالترعة، ورغم استعانة مزرعتهم بخزانى مياه سعة الواحد 7500 متر مكعب، يتم استخدامه بالفترة التى تنقطع المياه عن الترعة، إلا أن المياه لا تكفى بسبب تأخر عميلة ضخ المياه بالترعة التى تنقطع عنها لمدة تصل إلى 18 يوماً، كما هو الحال الآن.
وتابع السعدى أن المستفيدين من الترعة هم المستثمرون الذين تقع أراضيهم فى بداية الترعة التى يبلغ طولها نحو 72 كيلو، بالإضافة إلى تعدى بعض الأشخاص على حصصهم من المياه بسبب تعديهم على أراضى الدولة بالمنطقة، والاستيلاء على المياه، ما يقلل فرصهم فى الحصول على المياه لمزارعهم، مؤكداً أن استمرار الوضع على هذا الحال سيؤدى إلى فرار المستثمرين الحقيقيين من أراضيهم وزيادة البطالة.
وقال سليم أبوالعزايم إنه حاصل على ليسانس شريعة وقانون، وجاء من سوهاج بعد فشله فى إيجاد فرصة عمل حكومى من أجل الاستثمار فى الأرض، إلا أن المسؤولين أفشلوا مشروعه ومشاريع غيره من أصحاب الأراضى بالمنطقة، مشيراً إلى أن أكثر من 150 مزرعة تركها أصحابها بسبب خسارتهم اليومية.
وقال ممدوح فتحى، أحد المزارعين: «جايين من محافظة الجيزة، شغالين عمال ومهندسين بمزرعة أنفقنا عليها 5 ملايين جنيه دون أى ناتج، والترعة نشفت، وباقى للعمال أسبوع واحد وهيروحوا لبيوتهم ضايعين».
من جانبه أكد أحمد كامل- مزارع- أن مشروع أرض الشط الواقع شرق قناة السويس بدأ منذ عام 1996، وتسلمه المستثمرون عام 2006، إلا أن المزارعين عندما وصلوا فوجئوا بمشاكل لا حصر لها من كهرباء وأزمة سولار وغيرهما، إلا أن كل ذلك قد يهون أمام المشكلة الكبرى التى تهدد بالقضاء على المشروع نهائياً، وهى تكرار انقطاع المياه ونقصها، خاصة بعدما جفت مياه الترعة تماماً بلا نقطة مياه منذ أكثر من 16 يوماً، وهو الأمر الذى يتكرر باستمرار منذ وطأت أقدامهم أرض المكان.
وأضاف أن المسؤولين يصمون آذانهم ولا يرون حجم الأزمة الضخمة التى يعانى منها مستثمرو ومزارعو تلك الأراضى ل8 سنوات مضت بلا حل وبلا أمل، ولا يحققون فى استيلاء متعدين على المياه لرى نحو 20 ألف فدان متعدى عليها، فى الوقت نفسه يضطر أصحاب المزارع الذين من حقهم المياه ترك مزارعهم دون مياه، وتسريح العمال الذين قد يصل عددهم إلى نحو 60 عاملاً بالمزرعة الواحدة.
وتابع كامل قائلاً: «كان يتعين على وزير الزراعة أن يأتى إلى المنطقة ويزور أراضى الشط للتعرف على مأساة المزارعين».
التقط أطراف الحديث أحد المزارعين الذى ينتمى للبدو قائلاً: «المكان بات طارداً للمستثمرين، لكننا سنقول للحكومة: نتوسل إليكم، عايزين نعمَّر البلد، ولاّ انتم عايزينا نسيبها لناس تانية وترجع جبال؟».
فى المقابل، قال اللواء العربى السروى، محافظ السويس، إنه طلب من مدير شركة توزيع الكهرباء بمنطقة القناة ألا تشمل منطقة الشط بعيون موسى عملية تخفيف الأحمال من أجل ضخ المياه عن طريق محطات الرفع فى محاولة لحل المشكلة.
فيما أرجع المهندس رضا المهدى، رئيس قطاع رى الإسماعيلية، المشكلة إلى وجود تعديات على مياه ترعة الشيخ زايد لرى 10 آلاف فدان دون وجه حق، مؤكداً أن تكرار انقطاع المياه عن الأراضى الموجودة بآخر الترعة سببه التعديات، ورغم ذلك نقوم بضخ المياه بالترعة بواسطة محطات الرفع لمدة خمسة أيام كل أسبوع.