حتى لا ينسى الأمريكيون «2-2»

كتبت فى الأسبوع الماضى عن الرئيس الأمريكى إبراهام لينكولن كى أنعش ذاكرة أصدقائى فى الغرب خاصة الأمريكيين. لقد تحققت نبوءته فى إحدى خطبه «إذا وصل الخطر إلينا فى أى وقت، فسوف يأتى من بيننا. إذا قدر لنا الفناء فسوف نقوم به نحن وليس غيرنا».
فهل نسى الشعب الأمريكى تحذيرات رئيسهم المفضل، وأصبحوا يسعون إلى التهلكة؟ لقد دفع الأمريكان ثمنا فادحا لدرء خطر داخلى وتمسكا بحرية الشعب كله. وبعد ثلاثة أعوام من الحرب الأهلية فقد ما يقرب من سبعمائة ألف جندى ومدنى أمريكى حياتهم، وذلك العدد يفوق ما فقدته أمريكا فى الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية والحرب الكورية وحرب فيتنام مجتمعين. ورغم وحشية جيش الانفصاليين الجنوبيين وضراوة مقاومتهم فقد منيوا بالهزيمة ودُمرت العديد من المدن فى ولاياتهم تدميرا كاملا. وما إن وضعت الحرب أوزارها حتى أسسوا جماعات سرية ظلت تواصل أعمال التخريب حتى وقت قريب. فهل نسى الأمريكيون عصابات كو كلوكس كلان السرية التى أسسها المحاربون القدامى فى الجيش الكونفدرالى (الانفصالى). هل انمحت من ذاكرتهم جرائم تلك الجماعات التى كانت تتخفى تحت الطراطير والملاءات البيضاء وتقتحم بيوت المُعتقين السود وحلفائهم من البيض الشماليين وتشنقهم أو تحرقهم أحياء على الصلبان دون محاكمة. ورغم رد الحكومات بكل عنف فقد ظلت تلك الجماعات السرية تختفى وتعاود الظهور لتستأنف نشاطها من وقت لآخر ونظمت ميليشيات شبه عسكرية ارتكبوا أعمال عنف وسرقة وتفجير محطات لمعالجة الغاز الطبيعى وتفجير الكنائس الكاثوليكية والهجوم على المهاجرين من أوروبا الشرقية، وفرض الفصل العنصرى حتى صدر أخيرا عام 2004 قرار يعلن كو كلوكس كلان منظمة إرهابية، ومنعت من دخول الحرم الجامعى.
قال لينكولن «لا سلامة ولا أمن لأى شعب إلا بتقديس القانون»، فما بال حكومتهم تعترض اليوم على تنفيذ القانون فى الدول الأخرى، وما بالهم يساندون ويمولون جماعات خارجة عن القوانين؟!.. لقد فقد رئيسهم إبراهام لنكولن حياته دفاعا عن الحرية لكل الشعوب. اغتيل فى المسرح أثناء مشاهدته مسرحية أمريكية مع زوجته. وبعد مائة وخمسين عاما من وفاته أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية وحليفها الغرب يعتبرون المنشقين عن الصف الداعين للانقسام الموالين لأعداء شعوبهم أبطالا، ويصرون على دعم جماعة الإخوان الإرهابية متعامين عن جرائمها التى تخرق عين الشمس. ألا يستشعرون خطر تلك الجماعة على بلادهم؟.. ألم يتعظوا من جرائم ارتكبتها فى وضح النهار فى باريس ولندن ثم نيويورك وغيرها؟ هل يسعى الجيل الحالى من الأمريكيين والغربيين إلى فناء بلادهم ناسين تعليمات لينكولن؟!