طارق الشيخ: كان الجو هادئا في صباح يوم الأحد15 سبتمبر عام.1963 وعند مدخل الكنيسة المعمدانية في برمنجهام بولاية ألاباما الأمريكية تحرك طابور من الأطفال متجها نحو الباب الخاص بحجرة القبو في الكنيسة استعدادا لأداء التراتيل. وفجأة حدث انفجار هائل قطف أرواح4 فتيات صغيرات وأصاب22 شخصا بجراح.وكشفت التحقيقات أن جماعة كو كلوكس كلان تقف وراء الهجوم. مؤخرا عادت المخاوف من خطورة هذه الجماعة علي المجتمع الامريكي تظهر في الافق بعد ان سلطت وسائل الإعلام الأمريكية الضوء علي شعار من كلمتين ورد علي لسان المرشح الجمهوري ميت رومني حينما قال لتكن أمريكا أمريكية وهو شعار كانت ترفعه جماعة كو كلوكس كلان في العشرينيات من القرن العشرين. وعلي الرغم من تأكيد ميت رومني عدم إنتمائه للجماعة وتأكيد حملته قوله: حافظوا علي أمريكا أمريكا, أي حافظوا علي طابع ووضع أمريكا, فإن الشكوك حامت لفترة حول المرشح الجمهوري فربما كان المرشح الجمهوري عضوا في الجماعة ولكن في الخفاء خاصة ان عددا كبيرا من أعضائها يميل للعمل السري. الا ان تأكيدات رومني ونفيه عضويته لها اجبرت شبكة إم أس إن بي سيعلي الاعتذار عن تسليطها الضوء علي تلك العبارة وعن ربطها شعار رومني بأحد شعارات كو كلوكس كلان. مما لا شك فيه ان تأثير تلك الجماعة الفكري سيظل مثار قلق وخوف لعقود طويلة قادمة ففي عام2008 وعقب تولي باراك أوباما مهامه كأول رئيس داكن البشرة للولايات المتحدة تم التحذير من تزايد حوادث الاعتداء والترهيب في ظل زيادة مستوي نشاط الجماعات والمنظمات اليمينية المتطرفة وفي مقدمتها كو كلوكس كلان. وتعد تلك الجماعة بمثابة إفراز منطقي للحرب الأهلية الأمريكية(1861 1865) التي نشبت للقضاء علي موجة انفصالية كبري عقب قرار تحرير العبيد السود. جاء تكوين الجماعة علي يد6 من الأفراد ممن كانوا يقاتلون في الجيش الكونفيدرالي المهزوم خلال الحرب الأهلية. وفي ظل عملها بأسلوب مجموعات الأمن الأهلي السرية, وعدم وجود قيادة مركزية وهيكل تنظيمي فوق المستوي المحلي, نشأت مجموعات مستقلة مماثلة في أنحاء الجنوب بنفس الاسم والأساليب.وبمرور الوقت تم استنساخ ما يقرب من40 منظمة محلية فرعية تضم110 فصائل تؤمن بمبادئ الجماعة ومنهجها وانتشرت في الجنوب والغرب الأوسط.وقدرت أعداد الأعضاء بالجماعة وبالجماعات المشابهة والحليفة المتفرعة منها في عام1920 ب4 ملايين شخص قبل أن يتقلص عدد الأعضاء إلي30 ألفا في عام1930 ثم إلي6 الاف شخص حاليا. ويؤمن أتباع الجماعة بتفوق البيض والمسيحيين البروتستانت فقط ويميلون إلي العنصرية ومعاداة الزنوج والملونين والشيوعيين واليهود والمسيحيين من أتباع المذاهب الأخري وخاصة الكاثوليكية بالإضافة لمعاداة المهاجرين الوافدين. ويتمثل جوهر فكرهم في الاعتقاد بحتمية قيامهم بدور من أجل تأمين وجود الشعب الأمريكي الأبيض وتأمين مستقبل الأطفال البيض في البلاد.وخلال مراحل لاحقة برزت لديهم توجهات دينية متطرفة ترتكز علي اعتقاد منهم بأن البيض ينحدر أصلهم من الأسباط المفقودة من بني إسرائيل وبالتالي فهم شعب الله المختارب. وتسعي الجماعة إلي تطبيق أفكارها وتحقيق أهدافها عبر عدة وسائل في مقدمتها العنف والإرهاب بأشكاله المباشرة(الشنق دون محاكمة)وغير المباشرة بالإضافة لنشر الفكر باستخدام مختلف وسائل الدعاية ومحاولة القيام بخدمات تطوعية محدودة لأغراض جذب الانتباه. وفي عام1915 عادت الجماعة إلي الظهور مجددا بعد أن كانت قد اخفت نشاطها لفترة وبدأت أنشطتها عام.1921 وفي تلك المرة ساعد التوتر بين أصحاب الأعمال من جانب والمهاجرين والوافدين من جانب آخر علي انتشار الجماعة استغلالا لحالة الضيق من مزاحمة المهاجرين والوافدين لسكان البلاد في فرص العمل.وبالتالي تبنت الجماعة شعار أمركة البلاد و100% أمركة. وخلال عقدي الخمسينيات والستينيات مع انتشار حركة الدفاع عن الحقوق المدنية والمطالبة بنهاية الفصل العنصري بين السود والبيض في البلاد, وفي عام1997 تم القبض علي إحدي الخلايا التابعة للجماعة والتي حملت اسم فرسان كو كلوكس كلان الحقيقيينفي دالاس بتهمة التآمر للسطو علي ونسف موقع لاستخراج الغاز الطبيعي.وفي عام1999 صنف مجلس مدينة تشارلستون بولاية جنوب كارولينا الجماعة علي أنها جماعة إرهابية. واختفي نشاط الجماعة ظاهريا إلا أن طالبت العام الحالي بتكريم أحد قادتها ودخلت في نزاعات قضائية من أجل إقامة نصب تذكاري له!!