علي مدار التاريخ ، اعتبرت جماعة "كو كلوكس كلان" من أشهر وأكبر وأعنف الحركات العنصرية التي تشكلت في العالم أجمع..فهذه الجماعة التي نشأت في الولاياتالمتحدة بعد الحرب الأهلية الأمريكية علي يد ستة من الضباط السابقين في جيش الجنوب كانت مهمتها بالاساس معارضة حركة تحرير العبيد التي بدأت عقب الحرب، وبنت الجماعة مبادئها علي تفوق الرجل الأبيض حيث تري ان الأمريكي هو من يجمع فقط بين الثلاثة عناصر الشهيرة: أبيض- أنجلوساكسوني- بروتستانتي، وكل من دون ذلك يجب ان يغادر البلاد أو يموت. وهو ماأدي بالجماعة فيما بعد لارتكاب أعمال عنف وتخريب وقتل واضطهاد ضد السود و الكاثوليك واليهود في كافة انحاء الولاياتالمتحدة. وفي كتابه الذي حمل اسم المنظمة،كو كلوكس كلان، كعنوان له ، أكد فريد عامور الكاتب الفرنسي والمتخصص في التاريخ الأمريكي ، ان السبب الحقيقي وراء انشاء هذه المنظمة أو الجماعة يرجع إلي حالة الفراغ التي كان يعاني منها مؤسسوها بعد انتهاء الحرب، فهؤلاء الضباط السابقون كانوا في حاجة دائما إلي ان روح الجماعة والاحساس بالمغامرة وهو مايفسر حالة الغموض التي حاولوا اضفاءها علي انفسهم والزي الغريب الذي اختاروه وهو الرداء الأبيض الطويل وغطاء الرأس المدبب. ويضيف عامور ان المنظمة مرت بفترات من الصعود والهبوط ولكنها وصلت لأوج مجدها في العشرينيات من القرن العشرين حيث ضمت في هذه الفترة التي كانت تتبني فيها الشعارات الوطنية، 15٪ من التعداد الرسمي للولايات المتحدة حتي يقال ان الرئيس الأمريكي في ذلك الحين، وارن هاردينج، انضم للجماعة عام 1921 وفي عام 1924 كان اجتماع أكثر من 40 ألفا من أنصار ال"كلان" في مسيرة في شوارع واشنطن بزيهم الأبيض دليلا آخر علي الشعبية الطاغية التي وصلت لها المنظمة. لكن سرعان مابدأت المنظمة تفقد مصداقيتها لدي الرأي العام بعد سلسلة من الفضائح والقضايا والانقسامات الداخلية وخاصة بعد ان امتد اضطهادها وملاحقتها للسود لتشمل أيضا اليهود والكاثوليك والإشتراكيين والمثليين وهو ما جعل العديد من مؤيديها لإعادة التفكير مرة أخري في مبادئها العنصرية.. وفي عام 1944 ، وبينما الولاياتالمتحدة تخوض الحرب العالمية الثانية ، تم تصفية المنظمة قضائيا لكن هذا لم يمنع ظهورها مجددا مع تنامي حركات مطالبة السود بحقوقهم المدنية ، حيث اتخذت المنظمة في هذه المرحلة طابعا إرهابيا حتي ان بعض المؤرخين الأمريكان يتهمونها بأنها وراء قتل الزعيم الأسود مارتن لوثر كينج عام 1968 . وبعد سنوات طويلة من محاولات الإف بي آي لاختراق صفوف المنظمة ، والقبض علي زعمائها الرئيسيين والمعارضة الشعبية لها ، يؤكد الكاتب ان خطر الكو كلوكس كلان لازال يخيم علي الولاياتالمتحدة. "الامبراطورية الخفية" كما أطلق عليها في بداية القرن العشرين مازالت أشهر منظمات اليمين المتطرف في البلاد وقد انضمت إلي جماعات النازية الجديدة وعصابات السكين-هيد لنشر دعوتها في تفوق الجنس الأبيض ومعاداة السامية وكراهية المهاجرين.. والمنظمة في ثوبها الجديد ، والتي تضم وفقا للإحصائيات الأخيرة أكثر من 5 آلاف عضو،لاترتكب أعمال العنف الأعمي كما في السابق ، ولكنها تحاول الاستفادة من وسائل الاعلام والتكنولوجيا المتطورة لنشر أفكارها حول كل القضايا التي تطرأ علي المجتمع الأمريكي من معارضة للهجرة والإجهاض وزواج المثليين وقد كانت من أكبر المعارضين لترشيح الرئيسي الأمريكي الحالي باراك أوباما حيث نشرت التهديدات علي مواقعها الإلكترونية وصلت إلي حد إغتياله.